الحلابسة مشروب شعبي مصري ذو دلالات إثنوغرافية! 

حمص الشام بالطريقة المصرية - من سيدتى
حمص الشام بالطريقة المصرية - من سيدتى
حمص الشام بالطريقة المصرية - من سيدتى
حمص الشام بالطريقة المصرية - من سيدتى
حمص الشام بالطريقة المصرية - من سيدتى
حمص الشام بالطريقة المصرية - من سيدتى
2 صور

الحلابسة.. كلمة متعددة المعاني متعددة الدلالات متلونة الإشارات، قد تكون سبباً ملتوياً لبلوغ الغايات، أو سبباً مكرساً للارتباطات، أو صديقاً صدوقاً للفنانين والشغوفين مفترشي الساحات، وهؤلاء من مدعي التحرر، وراكبي الصرعات الفنية في المساحات الفنية المستقلة والموائد الأدبية الثقافية، أو عنصراً مهماً على موائد الفقراء في الليالي الباردة. 

المصريون جعلوا للحلابسة معنى شديد الخصوصية  

على الرغم من عدم وجود معنى واضح لهذه الكلمة بالقواميس العربية، إلا أن المصريين استطاعوا أن يجعلوا لها معنى شديد الخصوصية في واقع حياتهم يرتبط فلكلورياً بالتراث المصري، وأيقونياً بالتراث الاجتماعي وإثنوغرافيا بموجات التحول الثقافي والأخلاقي.. 

الحلابسة بالقاموس الشعبي المصري تعني استخدام الحيلة والطرق الملتفة، ولها عدد من المترادفات؛ كاللعب بالثلاث ورقات و"الفهلوة" والذكاء الاجتماعي، كما ظهرت كصفات للشخصية المصرية فيما بعد نكسة عام 1967، والذي تلاه الانفتاح الاقتصادي بعهد السادات، حيث يستخدم "الفهلوي" طريقة الحلابسة، وهي تتعلق بالخداع والمناورة وخفة الظل، وكل عقدة ولها ألف حل وغالباً ما تكون هذه الحلول خلفية وسريعة بغض النظر عن مدى مشروعيتها وأخلاقية استخدامها وقيمية عدالتها الاجتماعية. 

 

مشروب شعبي أم أيقونة إثنوغرافية؟ 

بينما الحلابسة الأخرى، هذا المشروب الشعبي المصري الأصيل الحار (المشطشط)، المصنوع من حبيبات الحمص الذهبية الذي تكاد كل حبة تحكي حكاية من حكايات مصر الأبية، مصر الشارع، والميدان، ورائحة التوابل الزكية اللاذعة، التي تكاد جزيئاتها الحارة تخترق أنفك لتداعب شعيراته الدقيقة، فتبعث الدفء في أوصاله.. هذا المشروب صديق الطبقة المتوسطة والشعبيين والفقراء مدفئهم بالشتاء ومرطبهم بالصيف، وفتيل إشعال مناقشاتهم؛ حيث تلعب المشروبات بمصر دوراً ثقافياً اجتماعياً، قد يتجاوز دورها الحقيقي في تدفئة ليالي الشتاء الباردة في المقهى أو تلطيف ليالي الصيف الحارة على الكورنيش.. 

 

الحلابسة صديق الفقراء 

حمص الشام - سيدتى
حمص الشام - سيدتى

عرفت أهمية هذا المشروب المدهش الذى يجمع بين خصائص المشروب والوجبة الخفيفة (ما يعرف بالتصبيرة في مصر) وسط أشد ليالي الشتاء المصرية برودة، فكانت الحلابسة مصدر الطاقة المتجددة لخلايا الفقراء محدودي الدخل ورقيقي الحال المتجمدة أوصالهم، وكانت حبيباتها الذهبية اللامعة تملأ أفواههم وتسد جوعهم وشربها الساخن الحار يروي ظمأهم ويدفء قلوبهم.. 

يقول عم نبيل إسكندر، أشهر بائع حلابسة على الكورنيش: الحلابسة هو مشروب حمص الشام وهو يدفئ القلب ويجلي الدم، وهو غني بالبروتين، حتى إن الفقراء يستخدمونه مع طبق الفول بالزيت الحار كوجبة متكاملة.. وكما يقول المثل: "إذا غاب عنك الضاني فعليك بالحمصاني (أكلة الحمص).  

 

الوصفة السحرية لصناعة للحلابسة 

وعن طريقة صناعة الحلابسة، يقول الشيخ السبعيني: ينقع حمص الشام حتى يطرى، ويوضع فوقه عصير الطماطم والصلصة والبصل والثوم المهروس والملح والكمون والفلفل الأسود والتوابل الحارة، حتى ينضج ويقدم مع عصيره الساخن بأكواب مع الليمون والشطة. 

وعن سبب تسمية حمص الشام بالحلابسة، يوضح عم إسكندر (بناء على رواية والده) أنها مشتقة من كلمة فرعونية، تتعلق بالشجاعة، فشراب حمص الشام صعب الهضم لاذع حار، وكان يوضع به كميات ضخمة من الشطة، وتقام له مسابقات، ولذلك أطلق على من يشربه اسم "حلابسي"، ومنها أتت كلمة حلابسة. 

 

الحلابسة كلمة فرعونية 

أمين ربيع عبد الباقي، باحث أثري ويعمل بوزارة الآثار المصرية، يقول: الحلابسة كلمة مرادفة لمعنى الشجاعة والإقدام عند الفراعنة، واستخدمت كذلك بمعنى "حلا" بمعنى "جميل"، و"بسّ" وتعني قطة، ودلالاتها إثنوغرافيا تتعلق بالمراوغة والحيلة، فالقطة معروف عنها المراوغة، فهي بسبع أرواح، ومن هنا جاء معنى ألاعيب الحلابسة أو ألاعيب المكر والخداع. 

أما مشروب الحلابسة (حمص الشام) معروف بمصر كشراب منذ عهد الفراعنة، وتطور بشكل طبيعي، وأضيفت له توابل ونكهات عربية عقب الفتح الإسلامي لمصر والمشروب يحتل موائد جميع بلاد حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث يزرع في حوض المتوسط، وعلاوة على كونه شراباً فهو طبق شعبي شائع، يؤكل نيئاً ومطبوخاً ومسلوقاً ومسحوقاً (كسلطة وفتة)، واتخذ اسم حمص الشام بمصر؛ لأن صنّاعه كانوا من الشوام المقيمين بمصر، وهم أول من ابتكروا طريقة بيعه على عربة متجولة، حيث توضع بقدر يظل ساخناً بواسطة الحطب المشتعل. 

تابعوا المزيد: لمتنا سعودية: أطباق شهية لمحبي الأكلات الشعبية السعودية