المحامية العمانية ريم الزدجالي: يشرفني أن أكمل مسيرة والدي في المهمة العظيمة لنصرة المظلوم

المحامية العمانية ريم الزدجالي
المحامية العمانية ريم الزدجالي

دخلت ريم الزدجالي مجال المحاماة بدافعٍ من الحب والشغف، للوصول إلى الحقيقة، ونصرة المظلوم، وتحقق حلمها بدعم من والدها بافتتاح مكتبها الخاص. حالياً، هي عضوةٌ في اللجنة الدولية لاتحاد المحامين الخليجيين، وتسهم في وضع بصمتها إلى جانب المحاميات العُمانيات في جميع المؤسسات التي تُعنى بالقانون. حظيت بالتكريم من السيدة الجليلة، حرم سلطان عمان هيثم بن طارق، وترى أن جودة العمل المقدَّم هو الفارق بين المحامي والمحامية، وسر الاستعانة بأحدهما.
ريم بنت نور الزدجالي، حلَّت ضيفةً على "سيدتي"، كاشفةً عن محطاتٍ من مهنتها في المحاماة، مثنيةً على المرأة في بلادها والإنجازات التي حققتها.


 

تنسيق | عتاب نور Etab Nour
حوار | زكية البلوشي Zakiah Albalushe
تصوير | طلال عبد الله Talal Abdullah
أزياء | المصممة أمل الرئيسي Amal Alraisi
المجوهرات | براند مجلية Majliya

 

 

تصفحوا النسخة الرقمية العدد 2170  من مجلة سيدتي

 

 

 

المرأة العُمانية، اليوم، تضع بصمتها في جميع المؤسسات التي تُعنى بالقانون

 


بدايةً، ما الذي جذبك لمجال القانون والمحاكم؟
دخلت المجال لشغفي بالقانون منذ كنت في المرحلة الابتدائية؛ إذ تأثَّرت كثيراً بوالدي، رحمه الله، الذي حصل على شهادة الدكتورة في القانون، وشجعني، ودعمني لإكمال مشوار نجاحه في المهنة، والحمد لله استطعت تحقيق حلمي وحلمه، وصرت محاميةً. والدي دائماً ما كان يوجِّهني لدراسة القانون، ووفَّر لي كل فرص النجاح، وأتاح لي دراسة التخصُّص في أي جامعةٍ أختارها، ليقع اختياري في النهاية على جامعة مانشستر في بريطانيا، ويشرِّفني أن أكون محاميةً، تعمل في هذه المهنة العظيمة، وتسعى إلى الوصول إلى الحقيقة، وتعمل على نصرة المظلوم.
كيف ساعدتكِ هذه النشأة في تشكيل وعيكِ اليوم؟
والدي، رحمه الله، كان دائماً الداعم الأول لي منذ طفولتي، ولم يفرِّق يوماً بيني وبين إخوتي، وتعلَّمت المثابرة، والثقة بالنفس، والتطلُّع إلى الأفضل، وحُسن التعامل مع الناس، والاجتهاد في العمل، واعتبار العقبات سلَّماً، أصعد به إلى الأعلى.
كان حريصاً على تعليمنا المبادئ الإنسانية والأمانة، وهذا كله أسهم في تشكيل وعيي اليوم، وأذكر من مواقفه الأبوية معي، أنني عانيت خلال فترة دراستي من ظروفٍ صعبة، وشعرت بالخوف قبل دخول اختبارٍ نهائي في أحد المقرَّرات، حتى إنني فضَّلت عدم إجرائه على الرغم من أنه كان مصيرياً، ويرتبط باستمراري في الدراسة بالجامعة، وهنا تحدَّث معي والدي، ودعمني نفسياً ومعنوياً، وأقنعني بضرورة دخول الاختبار، وحقاً تمالكت نفسي، وفعلت ما طلبه مني، وكانت النتيجة نجاحي في المقرَّر، واجتيازي تلك المرحلة الصعبة بفضل الله أولاً، ثم بدعمه لي. باختصار، والدي هو أنا الآن بكل شيءٍ فيه.
الدّراسةُ في الخارج
ماذا أضافت إليكِ دراستكِ القانون في بريطانيا؟

بشكلٍ عامٍّ، الدراسة في الخارج، وما توفره من اختلاطٍ بطلابٍ وطالباتٍ من دولٍ مختلفة، تغرس في شخصيتنا سمة الانفتاح، وتسهم في توسيع مداركنا، وتتيح لنا الاطلاع على عادات وتقاليد المجتمعات الأخرى. وخلال دراستي في مانشستر، تعرَّفت إلى كثيرٍ من الطلبة من دولٍ وأعراقٍ ودياناتٍ مختلفة، واخترت هذه الجامعة تحديداً بعد أن سكنت في لندن مع إخوتي وأمي لمدة سنتين، وهناك تعلَّمت أن أكون مستقلةً، وأن أعتمد على نفسي، وهذه الأشياء التي كنت أراها بسيطةً في الماضي، غيَّرت شخصيتي كثيراً، وأكسبتني القوة.
مكتبُ محاماة
افتتاحك لمكتب محاماة خاصٍّ بكِ، ما أهمية هذه الخطوة في مسيرتك المهنية؟

هذا الأمر حلمٌ وتحقَّق. لطالما تمنَّيت أن يكون لي مكتبٌ خاصٌّ بي؛ إذ إنَّ التركيز على عملٍ واحدٍ، وتخصُّصٍ معيَّنٍ يشعرني بالملل، وينسيني ما تعلَّمته في القانون. في مجال المحاماة، القضايا تتنوَّع، وهذا ما يدفعنا إلى البحث عن حلولٍ لها، أو إيجاد طريقةٍ للدفاع عن الموكلين، وتحدي النفس للوصول إلى النتيجة المرجوَّة.
فتح المكتب جاء بعد أن وصلت إلى مرحلة الثقة التامة بنفسي، وتمكُّني من مهنتي، وتيقُّني من قدرتي على الدفاع عن الموكلين. الثقة بالنفس تأتي من التمكُّن من أدوات المهنة، وكنت وما زلت حريصةً على اختيار زملائي في فريق العمل.
المرأةُ العُمانيةُ
تقلَّدت المرأةُ العمانيةُ مناصبَ مهمةً في الدولة، كيف تقيِّمين الخطوة؟

هذا ما أراد الوصول إليه السلطان قابوس، رحمه الله، فالمرأة والرجل جناحا الوطن، وهذا ما أكده في خطابه عام 2009 بالقول: «إن الوطن يحتاج إلى كلٍّ من الرجل والمرأة، فهو بلا ريب كالطائر الذي يعتمد على جناحيه في التحليق». وهذا ما يسير عليه السلطان هيثم بن طارق المعظَّم مع السيدة الجليلة، حفظها الله، استكمالاً لمسيرة النهضة المتجدِّدة للمرأة العمانية.
هل تجدين في المحاماة مجالاً واعداً للمرأة العُمانية؟
نعم، بدليل أن هناك نماذجَ كثيرةً لنساءٍ عُمانيات، يعملن محامياتٍ، ويحققن نجاحاتٍ كبيرة، ويبرزن في مجالاتٍ عدة قضائية وقانونية. فالمرأة ركيزةٌ أساسيةٌ في المجتمع، فهي نصفه، ولها دورٌ قيادي وريادي مهمٌّ في كافة مفاصله. والمرأة العُمانية اليوم تضع بصمتها في جميع المؤسسات التي تُعنى بالقانون، فنجدها مستشارةً قانونيةً في القطاعَيْن الخاص والحكومي، وأكاديميةً في الكليات والجامعات، ووكيلةً وعضوةً في الادعاء العام، كما نشاهدها في المحاكم محاميةً. أما تقدير الحاجة إلى المحامين والمحاميات، فيرجع إلى ذوي الاختصاص. ربما زادت الحاجة إليهم أخيراً بحكم ازدياد أعداد الناس، والتطور الذي يشهده المجتمع؛ إذ بات من الضروري استحداث قوانين جديدة، كما نلمس تطوراً في وعي الناس باللجوء إلى محامٍ في قضايا عدة؛ إذ إنَّ مهمة المحامي لا تقتصر فقط على الترافع في القضايا الجنائية وغيرها، بل يقدم الاستشارات وينشر الوعي القانوني في المجتمع أيضاً.
المحاماةُ مهنةٌ شاقةٌ ومتنوعة الاختصاصات، كيف يمكن للمرأة تغطية الجانب القانوني في المجال الحكومي، خاصةً القيادي؟
يعتمد هذا الأمر على شخصية المرأة نفسها، وطموحاتها المستقبلية. بالفعل، المحاماة مهنةٌ شاقةٌ، وتتضمَّن عديداً من الاختصاصات، والمسائل التي تتطلَّب المعرفة بها، وامتلاك الخبرة الكافية لحلها، ويرتبط دور المرأة القيادي في المجال القانوي بشخصيتها، وهذا الأمر ينطبق على الرجل أيضاً.
النساء بطبعهن عاطفياتٌ، كيف استطعتِ الفصل بين هذه الصفة ومهنتكِ؟
العاطفة فطرةٌ موجودةٌ في كل إنسانٍ، رجلاً كان أم امرأة، لكنَّ التحكُّم فيها هو العنصر الفارق، فلا يوجد فرقٌ بين المحامي والمحامية، وأفضلية أحدهما على الآخر تأتي بالخبرة وسعة الاطلاع. المجتمع العُماني لا يفرِّق بين المحامي والمحامية، ويهتمُّ بجودة العمل والخبرة الطويلة بالدرجة الأولى، ولكل مجتهدٍ نصيب.

تابعي المزيد: لمناسبة اليوم الوطني السعودي 92 ..سعوديات تألقن على درب النجاح

 

 

 

بات من الضروري استحداث قوانين جديدة تواكب تغيُّر الأحوال والأزمان

 

الأحوالُ الشخصيّةُ
هل ينصف التدرُّج القضائي، حالياً، في محاكم الأحوال الشخصية المرأة؟

التدرُّج القضائي بالنسبة إلى مسائل الأحوال الشخصية سليمٌ، لكن قد تكون هناك إشكالياتٌ، تتعلَّق بطبيعة الدعوى الشرعية؛ إذ يتخللها كثيرٌ من الخصوصية، وهذا الأمر ينطبق على الزواج، والميراث.
هل أنت مع تغيير بعض القوانين، مثل الأحوال الشخصية، لتواكب التغييرات في المجتمع؟
أنا حالياً عضوةٌ في اللجنة الدولية لاتحاد المحامين الخليجيين، وانطلاقاً من الغايات والأهداف التي وضعتها الجمعية؛ أرى أنه من الواجب علينا العمل على تحقيق نتائج إيجابية وهادفة، تعود بالنفع على المجتمع كله. ننتظر الآن الحصول على دعمٍ من الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي للتوقيع على بعض الاتفاقيات الدولية، منها موضوع الزواج من الخارج الذي ازداد بشكلٍ ملحوظٍ مع الانفتاح والتطور في التقنيات، وهذا يتطلَّب تعديل بعض القوانين بما يحقق مصلحة كل المجتمعات، كما نسعى إلى وضع بصمتنا في اتفاقية لاهاي المتعلقة بالجوانب المدنية للاختطاف الدولي للأطفال. وفيما يخصُّ التغيير في القوانين الحالية، فإننا نتعامل مع هذا الأمر على أنه ضرورةٌ ملحَّة، فالقانون يجب أن يتغيَّر حتى يواكب تغيُّر الأحوال والأزمان، فقانون الأحوال الشخصية مثلاً معظمه مأخوذٌ من شريعتنا، وهذا لا جدال فيه، لكن توجد مواد تحتاج إلى التعديل والإضافة لتواكب هذا الزمن، ويجب دائماً أن نقارن بين القوانين والتجديد فيها بالدول الأخرى، مع الأخذ في الاعتبار ألَّا يتعارض ذلك مع شريعتنا.
قضايا المحاكم
ما أشهر القضايا التي ترافعتِ فيها؟

أتحفَّظ على الإجابة عن هذا السؤال بحكم واجبي المهني، لكنني أذكر قضيةً لاقت صدى واسعاً في الصحف البريطانية، وهي قضيةٌ جنائية، تتعلَّق بالتهديد بالقتل ومحاولة سرقة حيوانات بغرض حمايتها.
هل هناك قضيةٌ اضطررتِ إلى الانسحاب منها؟
هناك قضايا عدة، وما يخطر في بالي حالياً قضيةٌ تتعلَّق بحرمان أمٍّ من رؤية ابنها؛ إذ رفضت الترافع فيها تماماً، وقضيةٌ أخرى، طُلِبَ مني فيها الترافع على الرغم من تقديم معلوماتٍ ووقائع غير صحيحة، وكان المطلوب اتهام شخصٍ بالتحرش من دون تقديم دليلٍ حقيقي، وهذا ما دفعني إلى الانسحاب وفسخ العقد.
ما الصعاب التي واجهتكِ في مهنتكِ؟
من التحديات التي واجهتني أن معظم دراستي في الخارج كانت باللغة الإنجليزية، لذا عانيت عند عملي بمهنتي في بلادي من قراءة القوانين والمراجع والمرافعات باللغة العربية.
شخصٌ مظلوم، لكنَّ فرص تبرئته ضعيفةٌ جداً، هل تقبلين الترافع عنه؟
بالتأكيد أقبل ذلك، وأعمل كل ما في وسعي لتبرئته.

تابعي المزيد: خلال عام.. سعوديات يتقلدن هذه المناصب القيادية

 

ريم
 


النجاحُ والتكريمُ
كيف تصفين لقاءكِ بالسيدة الجليلة، حرم السلطان هيثم بن طارق، وتكريمها لك؟

تشرَّفت بتكريمي من قِبل السيدة الجليلة، وأرى أن هذا التكريم هو تكريمٌ للمرأة العمانية بشكلٍ عام، والمحاميات والقانونيات خاصةً، وحافزٌ لي لخدمة وطني الغالي بصورةٍ أكبر، وأفتخر بأن والدي شهد هذا الإنجاز، الذي أعدُّه ثمرة عمل سنواتٍ طويلة، وجهدٍ كبير، شاركني فيه رحمه الله خلال مسيرتي الدراسية والعملية.
النجاح والشهرة دائماً ما يكون لهما ضريبة، هل دفعتِ هذه الضريبة؟
في رأيي محبة الناس ليست ضريبةً، بل أكبر نعمة.
يقال إن نجاح المرأة يقاس بعملها، هل أخذكِ العمل من أسرتكِ؟
التقصير تجاه الأسرة واردٌ، سواءً من قِبل الرجل الناجح، أو المرأة الناجحة، لذا يجب الاهتمام بكيفية إدارة الحياة، وتقديم التضحيات من كل الأطراف لتستمر بنجاحٍ.
قد تجعلنا تحديات العمل نقصِّر نوعاً ما في جانبٍ معيَّن، لكنه تقصيرٌ غير متعمَّد، وأرى أن تفهُّم أفراد الأسرة طبيعة عملنا يصنع الفارق للأفضل، ففي مجتمعاتنا الخليجية الجميع مسؤولٌ عن الجميع في إطار الأسرة.


كم ابناً لديكِ، وكيف تعتنين بأسرتكِ؟
رزقني الله تعالى سامي وحمد، وقد حرصت على أن يكون مكان عملي قريباً من منزلي حتى أشعر بأني قريبةٌ من أسرتي، فهي مصدر طاقتي، وأخصِّص إجازة نهاية الأسبوع لقضاء وقتي معهم.
بعيداً عن العمل
ما هواياتكِ اليومية؟
أحب القراءة كثيراً، والسفر، وممارسة الباليه.
أين تفضِّلين قضاء إجازتكِ؟
في دولةٍ لم أزرها من قبل مع أولادي، وهذا ما نفعله كل عامٍ، وعادةً ما نقضي إجازةً قصيرةً في إمارة دبي.
صفةٌ تحبينها في نفسكِ؟
أحبُّ كوني إنسانةً طموحة.
وصفة تحاولين الابتعاد عنها؟
التكبُّر، فالإنسان يزداد عزاً بالتواضع.
ما مشروعاتكِ المقبلة؟
بإذن الله سأعمل على تأليف كتابٍ جديد.
رسالةٌ توجِّهينها إلى المرأة العمانية؟
افهمي القانون؛ لأنكِ في أمانٍ به.
كلمة لوطنك؟
وطني الغالي عُمان، أدعو الله أن يحفظك، وأن يحفظ سلطاننا المفدى وشعبنا الوفي.

 

تابعي المزيد:حوار خصت به «سيدتي» من مؤتمر دور القيادات النسائية العربية والإفريقية في نشر ثقافة السلام.. الأميرة دعاء بنت محمد: المرأة السعودية أبدعت في مختلف المجالات