في اليوم العالمي للطفل ..كَيفَ نَحميْ أجْيالَ المُستَقبَلْ؟

في اليوم العالمي للطفل كَيفَ نَحميْ أجْيالَ المُستَقبَلْ؟
في اليوم العالمي للطفل كَيفَ نَحميْ أجْيالَ المُستَقبَلْ؟

تحتفل دول العالم منذ عام 1954 باليوم العالمي للطفل، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، كان غرض هذا اليوم فيما مضى، هو تحقيق نسبة عالية من الرفاهية يعيش بها أطفالنا بسلام، هذا الغرض ما زال همّ كل الدول التي شاركت في توقيع وثيقة حقوق الطفل عام 1989، لكنّ عبئاً ليس بجديد تماماً تزداد وطأته وضرره على أطفالنا يوماً بعد يوم، في ظل انتشار مفاهيم العصر الغريبة التي تغزو مجتمعاتنا بشدة، فيقلدها أطفالنا من دون أن يميزوا بين الجيد والسيئ منها... هذه المفاهيم اقتبسوها من متابعاتهم لمواقع التواصل الاجتماعي، التي تتم غالباً من دون رقابة الأهل. مجموعة من الاختصاصيين يقترحون حلولاً لتربية أطفال يمثلون قوة وسنداً في المستقبل على أسس عصرية لا تخرج عن المفاهيم الإنسانية الإيجابية.



أعدّت الملف | لينا الحوراني Lina Alhorani
الرّياض | عبير بو حمدان Abeer Bu Hamdan
تصوير | عدنان مهدلي Adnan Mahdaly
جدّة | يسرا فيصل Yosra Faisal
المغرب | سميرة مغداد Samira Maghdad
القاهرة | أيمن خطّاب Ayman Khattab
بيروت | عفّت شهاب الدّين Ifate Shehabdine
تونس | مُنية كوّاش Monia Kaouch

 


من الرياض
نجلاء الساعاتي:

 

نجلاء الساعاتي



درّبوا الطفل على الأعمال التطوعية


تؤكد نجلاء الساعاتي، مستشارةٌ تربويةٌ واجتماعيةٌ، أن 95% من سلوكياتنا نأخذها من آبائنا وأمهاتنا، عن طريق المحاكاة أو التقليد أو المعايشة، فتترجم كل قيمة إلى سلوك. الأم والأب هما اللذان يزرعان المفاهيم لدى الطفل؛ لذلك يفترض أن تكون إيجابية، ويكسبانها له إما من خلال التوجيه أو ممارستها أمامه، تتابع نجلاء: «عندما يعتاد على رؤيتهما يعتدان بكرامتهما ولا يسمحان لأحد بإذلالهما فهذا سيرسخ القيمة نفسها لدى الطفل، وكذلك قيمة حب الوطن، وتبدأ من الأسرة، والمدرسة، التي تكمل دور الأهل. كما لا بد من التركيز على تكوين شخصية معطاءة تتفاعل إيجابياً مع المجتمع، من خلال الأعمال التطوعية والمشاركات الاجتماعية ومساعدة الآخرين، بدءاً من أفراد الأسرة، إلى الجيران والأقارب، وصولاً إلى المجتمع الأكبر».


المحكات الأساسية


تلقي نجلاء على عاتق المدرسة، تربية الطفل من خلال الأنشطة المدرسية الإنسانية، مثل زيارة دور الأيتام والمسنين، والتطوع لمساعدة الجمعيات الخيرية. تضيف قائلة: «تعويد الأطفال على الحوار الجيد، يعرفهم إلى أي مفهوم غريب أو غير واضح له، ولا يترددون بمناقشته مع الأهل، والاستفسار حول إيجابياته وسلبياته». دعت الساعاتي إلي تدريب الطفل على سلوك هذه المحكات الأساسية، وعليه أن يبدأ في اتخاذ القرارات بناء على تقييمه لهذا المفهوم وفلترته من خلال قنوات تصفية ليصبح الطفل قائداً وصاحب قرار وليس فقط شخصاً ينفذ الأوامر.


من جدة
شيماء جيلاني:

 

شيماء جيلاني



علّموا أطفالكم الرقابة الذاتية


في ظل الانفتاح والمتغيرات الحالية، أصبحت التربية أمراً معقداً جداً، برأي شيماء جيلاني، ماجستير توجيه وإصلاح أسري، فبعد أن كان الوالدان والأسرة هم الذين يربون أصبحوا مجرد شركاء!

تسهم في التربية الحقيقية للطفل مواقع التواصل الاجتماعي، أو الأصدقاء الافتراضيين على الشبكة العنكبوتية، وما يتم الترويج له من أفكار، تتابع شيماء: «الخطير في الموضوع هو التأثير الكبير والعميق في مستوى الثقافة والسلوك والذوق العام والمفاهيم والتفضيلات والمعتقدات، والحل الأفضل يكمن في مشاركة الآباء للأبناء ومتابعتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، للتعرف إلى المحتوى الذي يتابعونه، والصداقات التي يعقدونها، ومحاولة إبعاد الطفل عن الاعتماد على الألعاب الإلكترونية، وإكسابه مهارات اجتماعية، عن طريق اللعب مع أفراد الأسرة والأصدقاء».


الصبرُ والمثابرةُ


الرقابة الذاتية في نفس الطفل عند استخدام مواقع التواصل والألعاب الإلكترونية هي الحل الأمثل للتعرف إلى المسموح والممنوع، تستدرك شيماء: «لا يمكن مراقبته خارج البيت تماماً، فتوجيهه للاستفادة من التطبيقات التعليمية، التي تكسبه المهارات الحياتية، مثل مهارة اتخاذ القرار، ومهارة حل المشكلات، وإدارة الأولويات وغيرها من المهارات هو الذي يصقل شخصيته».

تثمن جيلان التربية في الوقت الحالي التي تحتاج إلى مجهود مضاعف من الوالدين تعلّق قائلة: «الصبر والمثابرة هو ما يعلم أبناءنا المفاهيم الإنسانية الإيجابية».

تابعي المزيد: في يوم الطفل العالمي.. أمنيات الآباء والمعلمين للأطفال


من الإمارات
موزة السويدي:

 

موزة السويدي



أكسبوه مَلكة الأسلوب التشاوري


يمتلئ عالم الطفل بالبهجة العارمة وينضح بالبراءة، ويضيف إلى الحياة حياة، ومن أهم حقوقه علينا المحافظة على كرامته وتنمية شخصيته، كما تنادي موزة سيف محمد الشحي السويدي، مديرة إدارة الإرشاد الأسري، في إحدى مؤسسات المجلس الأعلى بالشارقة. كل العلاقات في حياة الإنسان تبدأ من أسرته، من هنا تجد موزة أهمية تقبل الطفل كما هو، وعلى كل والدين أن يتعلما فن مهارات التعامل معه، من خلال الحوار الإيجابي معه وتفهم سلوكياته، والإنصات لحديثه؛ لنشعره بأهميته ومعرفة ما يفكر به، تتابع موزة: «اسمحوا له بالمشاركة الفعلية في اتخاذ القرارات المناسبة لعمره، وتعزيز الإيجابيات في شخصيته من خلال الدعم والمدح، فهذا يصل به إلى طريق النضج الاجتماعي، ويكسبه الذكاء العاطفي، ومَلكة الأسلوب التشاوري».


توظيفها بشكل صحيح


سواء كانت مواقع التواصل الاجتماعي إخبارية، أو إعلانية، أو حتى ألعاب، أو مشاهد، فهي تؤثر في طريقة تفكيره وتهدد قيمه وأمنه، برأي موزة؛ ذلك أنها تفقده القدرة على التواصل الاجتماعي مع أسرته ومجتمعه، تستدرك قائلة: «قد يكون لها تأثير إيجابي إذا وُظّفت بطريقة صحيحة، فهي تمدّ الطفل بالمعلومات، وتفسح له مجالاً للتعبير عن نفسه، والاستماع للرأي الآخر، أو حتى تكوين مجموعات لها الهوايات والميول نفسها».

تضع موزة على عاتق الوالدين مهمة تثقيف الطفل بأضرار هذه المواقع، وكيفية التعامل معها للاستفادة منها، وتحديد الوقت المناسب للتواصل والبحث واللعب، وكذلك الأشخاص الذين يتابعهم، تعلّق قائلة: «لا بدّ من إدراج البرامج الآمنة له على الأجهزة التي يستخدمها».

تابعي المزيد: في يوم الطفل العالمي.. عادات صحية يجب تعليمها لطفلك


من المغرب
ابتسام بويا:

 

ابتسام بويا



لن يمنحنا الطفل أشياء نفتقدها نحن أصلاً


ابتسام بويا، مدربة حياة متخصصة في العلاج بالطاقة الحيوية، تهتم بمعالجة حالات الأطفال وتوجههم ليكونوا رسالة في الحياة من خلال تنمية قدراتهم. ملامح من اليأس تعلو وجوه الأهالي، الذين يصطحبون أطفالهم للعلاج بالطاقة، وليتعرفوا إلى أسباب اضطرابهم، فيما تركز ابتسام على المساعدة والثقة، تتابع قائلة: «أغلب الآباء الذين يرافقون أبناءهم للعلاج النفسي منفصلون عاطفياً، فإذا لم تمنحوا أطفالكم الثقة بأنفسهم، ولم تدعموا قدراتهم التعبيرية عنها، فلا تنتظروا منهم شيئاً في المستقبل. القائد يُصنع منذ السنوات الأولى من العمر، فكونوا إلى جانب أطفالكم قبل أن تطفو مشاكلهم على السطح».


علامةٌ فارقةٌ


تشترط ابتسام توافر البيئة الصحية المليئة بالمحبة والتقدير لنمكّن الطفل من الوصول إلى هدفه، تستدرك قائلة: «لا يمكن أن ننتظر من طفل لم نعلمه أصلاً معنى احترام الذات، ونطلب منه أن يحترم الآخر. ولا تتوقعوا من طفل يتعرض للعنف، وسماع الألفاظ القبيحة، أن يمنحنا أشياء يفتقدها أصلاً، فالقسوة والمشاكل المادية والمعاملة السيئة، لا توفر لأطفالنا شخصيات نموذجية».
تشترط ابتسام أهمية دعم الطفل لاتخاذ القرار، في أجواء من حرية التعبير وغرس القيم النبيلة والسلوكيات الراقية، تعلّق قائلة: «90% من شخصية الطفل تتشكل في سن السابعة من عمره، فإكسابهم مهارات الاتصال في هذا العمر، سيكون علامة فارقة في تكوين شخصياتهم بعيداً عن الانعزال والخوف».


من القاهرة
د. حسام قطب:

 

د. حسام قطب



اسألوهم عن يومهم وما حققوه، والصعوبات التي واجهتهم


لا بد من أن نغرس في أطفالنا فكرة أن كل شخص يرتكب أخطاء، بما في ذلك الأهالي. ويحتاج الأطفال والمراهقون لتعلم أن الأخطاء تحدث، وأنه يجب تحمل المسؤولية بالاعتراف بالأخطاء لتجنب تكرارها، برأي د. حسام قطب، الباحث في دراسات الإعلام وثقافة الأطفال في جامعة عين شمس. على أسس عصرية، وعن كيفية تأهيلهم ليكونوا قادة المستقبل، لا بد من الأهالي التأكيد على أن الأطفال ولدوا مختلفين في شخصياتهم وقدراتهم. يتابع د. حسام: «كلما فهمنا تفرد أطفالنا، أصبحنا قادرين على مساعدتهم واختيار الوسيلة الأنسب للتعامل معهم. إن التربية على أسس المفاهيم الإنسانية الإيجابية تُعلّم الأطفالَ والمراهقين أن يكونوا مسؤولين عن خياراتهم وأفعالهم من دون استخدام العنف النفسي والجسدي الذي يؤثر سلباً في صحتهم».


عواقبُ مخالفة القواعد


يفترض د. قطب، الحوار المفتوح يومياً بين الأهالي والأطفال، وسؤالهم عن يومهم وما حققوه، والصعوبات التي واجهتهم، ويجب الاستماع لهم، يتابع قائلاً: «حين تفقد أعصابك، وتنفجر غاضباً في وجههم لأي سبب كان، تأكد من أن تعتذر عن ذلك، وشاركهم في وضع القواعد والتوقعات المرجوة، على أن تكون واقعية وقابلة للتحقيق، وحملّهم مسؤولية عواقب مخالفة القواعد التي وضعتها بدلاً من معاقبتهم».


عانقوا أطفالكم


يدعو د. قطب، الرجال إلى احترام النساء، فيما يدعو المرأة لتقوية كيانها، بما هي جزء أساسي لا غنى عنه في الأسرة والمجتمع، يعلّق قائلاً: «حين لا يشعر الأطفال بأنهم محبوبون أو ينتمون إلى أسرة، يفقدون الثقة بالنفس والإحساس بالاستحقاق تدريجياً، كما أن للمواقف الصغيرة مثل العناق وكلمة «أحبك» من دون مناسبة تقطع شوطاً طويلاً في تحسين العلاقات مع الأطفال».

تابعي المزيد: في اليوم العالمي للطفل الخليجي 2022 تعرفوا على حقوقه


من لبنان
فرح بربر:

 

فرح بربر



حذّروا أطفالكم من مشاركة أي معلومات شخصية


تعد فرح بربر، متخصّصة في حماية الأطفال في جمعية Save The Children، أن تعرّض الأطفال للمخاطر على وسائل التواصل الاجتماعي، ما زالت مقلقة، لذلك يفترض على الأهالي إحاطة الطفل بالأمان، ومعالجة مخاوفهم. إن ضمان عدم مشاركة الأطفال لأي معلومات شخصية، مع من يتعرفون إليهم على مواقع التواصل الاجتماعي أمر ضروري، تتابع قائلة: «الرقابة الأبوية على الأجهزة والتطبيقات المستخدمة من شأنها أن تساعد في الحدّ من المخاطر، مع تزويدهم بنظرة عامة على ما يتعرض له أطفالهم، ويجب أن تسمح بالتطبيقات أو المواقع التي يصل إليها أطفالهم ضمان الإبلاغ عن محتوى أو مواقع غير مناسبة وفقاً لذلك؛ للحدّ من التعرّض للمخاطر للأطفال الآخرين أيضاً».

تنصح فرح الآباء ومقدّمي الرعاية الانتباه إلى أي تغييرات في المواقف أو السلوكيات، وبالتالي التواصل مع أطفالهم لتشجيعهم على مناقشة مخاوفهم، وفهم كيفية دعمهم بشكل أفضل.


من تونس
جيهان عسكري:

 

جيهان عسكري



لا بد من تحصين الطفل بالمبادئ والقيم


ترى جيهان عسكري، مدرّبة في البيداغوجية الحديثة، ومديرة مركز تربوي، أنّ التطوّر التّكنولوجي السّريع ونسق الحياة العصريّة سمح للطّفل بهامش كبير من الحرّية، بعيداً عن مشاغل الأبوين. تؤكّد جيهان المخاطر المتأتّية، خاصّة من استخدام الطفل لبعض التّطبيقات الإلكترونيّة التي تعرض عليه مقاطع فيديو تحتوي على تصرّفات غريبة وسلوكيّات عنيفة، يقلدها في غرفته المغلقة، أو بين أصدقائه، تتابع جيهان: «في المدرسة يتسابق الأطفال فيما بينهم لركل رجلي أحد أصدقائهم أثناء سيره أو قفزه، ويشرعون في ضحك وتنمّر جماعي».


لست مع الحرمان بل الترشيد


تثمن جيهان دور الوالدين في تحصين طفلهما بالمبادئ والقيم منذ سنواته الأولى، فلا يستعملان العنف في تربيته، ويحترمان وجوده، ويشرّكانه في الأعمال المنزليّة؛ ما يكسبه ثقة في نفسه، تعلق جيهان: «من واجب الوالدين تدريب طفلهما على ثقافة الاعتذار واحترام الآخر». على الطفل أن يرى الصّدق في تصرفات والديه، فلا ينهيانه مثلاً عن الاستخدام المطوّل لمواقع التّواصل الاجتماعي، في حين يستخدمانها هما بشكل مفرط، تستطرد جيهان: «يحتاج الطّفل إلى الإنترنت لاكتساب المعرفة، لست مع الحرمان، لكن مع الترشيد والمتابعة، والتوعية بما يحدث على الشبكة العنكبوتيّة من تحايّل وتلاعب وخديعة، ثم تحفيزه على ممارسة أنشطة علميّة وثقافيّة ورياضيّة في فضاءات عامّة وبرفقة أصدقاء واقعيين».

تابعي المزيد: بمناسبة اليوم العالمي للطفل.. عززي مهارات طفلك الاجتماعية