وسائل التواصل الاجتماعي.. آثارها النفسية على الراشدين والأطفال 

لمواقع التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) نفوذ على الفرد والمجتمع، خصوصاً أن نمو هذه المنصات يتعاظم في الأعوام الأخيرة، إذ يبلغ مجموع مستخدمي وسائط التواصل في العالم، حتى يناير 2023، بحسب موقع «ستاتيستا»، الشركة الألمانية المتخصصة في بيانات السوق والمستهلكين، 4.76 مليار مستخدم، الرقم الذي يوازي 59.4 % من عدد سكان العالم. لذا، تكثر البحوث العلمية التي تتناول دور هذه الوسائط في الحياة المعاصرة، مع ملاحظة أن غالبية الأفراد والجماعات والشركات والمؤسسات تحرص على الظهور في عالم «السوشيال ميديا»، الذي لا يمكن الاختباء من سطوته الكبيرة. في هذا التحقيق، تتناول «سيدتي» النتائج النفسية والاجتماعية للاعتمادية على «السوشيال ميديا»، في صفوف الراشدين والأطفال.





أعدت الملف وشاركت فيه | نسرين حمود Nisrine Hammoud

بيروت | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine | تصوير: محمد رحمة Mohamad Rahme

الرياض | يارا طاهر Yara Taher | تصوير: بشير صالح Basheer Saleh

جدة | أماني السراج Amani AL Sarraj | تصوير: عدنان مهدلي Adnan Mohadali





تسهّل وسائط التواصل الاجتماعي المحادثات بين البشر، أينما كانوا في أي بقعة من الأرض، كما تسمح بمشاركة الأفكار والمعلومات، في كل الميادين. كان الهدف من هذه القنوات نسج طريقة للتواصل مع الأصدقاء والعائلة، ثمّ دخل «البزنس» على هذا الخط، للإفادة من طريقة الاتصال الجديدة سريعة الشيوع للوصول إلى العملاء. كثيرة هي الطرق التي يتواصل عبرها «سكّان عالم التواصل»، منها: الكتابة والصور والرسائل الصوتية والفيديوهات؛ إذ لكل منصة واسطة تميزها، مع الإشارة إلى أن منصات التواصل السبع الأكثر استخداماً في العالم، بالترتيب، بحسب موقع «ستاتيستا»، المذكور آنفاً، هي: «فيسبوك»، و«يوتيوب»، و«واتساب»، و«إنستغرام»، و«وي تشات»، و«تيكتوك»، و«فيسبوك ماسنجر». مهما كانت هوية المرء وثقافته وهواياته وغاياته، فسيجد من يشاطره إياها من مليارات مستخدمي وسائط التواصل. وإذا أحسن المستخدم ولوج هذا العالم، قد يستطيع أن يعمّق معلوماته، وأن يرفه عن ذاته، وأن يكسب علاقات جديدة، وحتى أن يسوق لمشروعه الناشئ. خلال دقائق منقضية على موقع «إنستغرام» مثلاً، أثناء كتابة هذه السطور، تعرفنا عبر ريلز (مقاطع فيديو قصيرة مسلية وجذابة من إعداد المستخدمين، أفراداً كانوا أم شركات)، إلى جدوى الاستثمار في شراء الشنط النسائية ذات العلامات الفاخرة المربحة أكثر مع مرور الوقت مقارنة بالاستثمار في الأسهم، وإلى أهمية تدليك الوجه وكيفية فعل ذلك، وإلى معلومة مفادها أن العرب كانت تعتقد أن ذكر الرجل اسم حبيبته إذا شعر بخدر في قدمه كفيل بجعل الدم يضخ في العروق، ما يخلص من الخدر، واستمعنا إلى أغنية «فلاورز» للأميركية مايلي سايروس، مع ترجمة عربية للكلمات التي يشاع أن سايروس كتبتها للانتقام من طليقها ليام هيمسورث، وإلى طريقة صنع «البرغر» باستخدام لحم الكفتة خطوة خطوة. «قل لي من تعاشر؟ أقل لك من أنت»، مثال شائع يصح في وصف العلاقة بـ«السوشيال ميديا»، إذ كلما تحلى المرء بوعي كاف، وأحسن اختيار الحسابات التي يتابعها، هو سيفيد بالطبع من بعض المضامين التي تقدمها وسائل التواصل، أو أقله سيقضي بعض الوقت «اللطيف» في الترويح عن الذات بجرعات من الكوميديا أو الموسيقى.


طائفة المؤثرين

الدكتورة راما كنج

 


أفرزت «السوشيال ميديا» طائفة المؤثرين، وهؤلاء هم أشخاص بنوا سمعة طيبة لمعرفتهم وخبراتهم في موضوع معين. مع تكثيف النشر حول هذا الأخير، على قنوات التواصل الاجتماعي، كبر عدد المتابعين والمهتمين بآراء هؤلاء. «تصطاد» العلامات التجارية المؤثرين؛ لأنهم يمتلكون القدرة على توجيه قرارات الشراء الخاصة بالآخرين، مع ملاحظة أن هؤلاء المؤثرين ليسوا مجرد أدوات تسويقية! يتابع حساب «ذا ماما راما» على إنستغرام، الخاص بالدكتورة راما كنج، الباحثة والاختصاصية النفسية والتربوية أكثر من 12 ألف مستخدم، جلهم من الأمهات؛ إذ تقدم الدكتورة راما نصائح نفسية وتربوية للجمهور عن العلاقة بـ«السوشيال ميديا»، تقول المؤثرة لـ«سيدتي»، إن عدد متابعي الحساب يضع عليها مسؤولية البقاء ناشطة؛ أي نشر المحتوى بحسب وتيرة ثابتة مع كل ما يتطلب ذلك من تخصيص وقت في كل يوم، كما التأكد من موثوقية المحتوى المقدم؛ لأن المؤثر يتحول إلى مرجع لعدد كبير من الناس، وهؤلاء يتفاعلون مع النصائح المقدمة، بعضهم يؤكد الإفادة منها، وبعضهم الآخر يقول إن الإرشادات لم تنفع في حالته.

هدف الاختصاصية هو تثقيف المجتمع عن طريق معلوماتها ومعرفتها؛ عن ذلك، تقول إن «النصائح المتوافرة على صفحتها على «إنستغرام» كانت محدّدة في إطار عيادتها، قبل أن تنتشر بصورة سريعة وفعالة وبالمجان، لتطال شرائح أكبر من الناس».

وتثير الدكتورة أن صفحات المؤثرين تكون هدفاً لشركات تجارية ترغب في الإفادة من جمهور المتابعين للمؤثرين، لكن في بعض الأحيان يحصل تضارب في المصالح بين المعلن ومنتجه أو خدمته وأهداف المؤثرين. في حال كان يمتلك الأخيرون ثقافة تتعارض مع خدمات المعلنين ومنتجاتهم، عليهم رفض الإعلان عنها، مهما كان المقابل المادي مغرياً للحفاظ على السمعة والموثوقية. لكن، هذا النحو ليس عاماً.

 


آثار نفسية


عن آثار السوشيال ميديا الأبرز على الراشدين، تعدّد الدكتورة راما كنج، الآتي:

اضطرابات المزاج والقلق: يُشعر الاستخدام الكثيف لوسائل التواصل الاجتماعي المرء بالقلق، بطريقة ملحوظة. مع مرور الوقت، قد يتحوّل اضطراب القلق، في حال عدم العلاج، إلى إصابة بعوارض اكتئابية تجعل المرء غير فعال في المجتمع، مع الانعزال وغياب الدافعية إلى الحياة والشعور بالعجز عن القيام بالواجبات.

سوء العلاقات الزوجية: قد يصبح أحد طرفي العلاقة أو كلاهما كثير التدقيق في تفاعلات الغير مع حساب شريكه (شريكته)، خصوصاً مع طول الوقت المنقضي في هذا العالم، وازدياد النشاط على هذه المنصات. مع قيام أحد الطرفين بتهويل الأمر، ينتج الاحتكاك، الذي قد يتطور إلى انفصال أو خيانة العهد الزوجي.

الأرق: تؤثر كثرة استخدام الموبايل، خصوصاً في الليل، بالسلب، على جودة النوم، ما يتسبّب بالإرهاق (السترس) ويجهد في اليوم التالي. مع ليال بلا نوم متواصلة، يصبح المرء عصبيّاً وعكر المزاج، ما يؤدي إلى توتر العلاقات مع الغير.

الخصوصية: هناك منصات تسمح بنشر المعلومات والصور عن الغير من دون إذنه أو موافقته، سواء كان هذا الغير واحداً من الناس العاديين أو مشهوراً؛ الأمر الذي يهدّد الخصوصية.


اقتحام السوشيال ميديا حياة البشر


مع اقتحام «السوشيال ميديا» أجزاء عدة من حياة ناس كثيرين، تقول الدكتورة راما إن بعض الناس يحاول التخفيف من آثار هذا العالم النفسية عبر فعل ما يسمى «الديجيتال ديتوكس»؛ أي قطع الصلة بهذه المنصات بطريقة تامّة أو تجنّب بعض المنصات والاكتفاء بمتابعة أخرى، للوقاية من أعراض القلق والاكتئاب وتحسين المزاج والعلاقة الاجتماعية. لكن، إذا كان «الديتوكس الشامل» تدبير متطرف لا يقوى عليه البعض راهناً، يفيد التقنين في ساعات مراجعة هذه المنصات، مع القيام بنشاطات أخرى خلال اليوميات لتحسين المزاج، كما التقرب الحقيقي من العائلة والأصدقاء.

تابعي المزيد: نصائح لعلاقة ناجحة وآمنة خلال التعارف عبر الإنترنت


«الامتنان نعمة»

بيان الجفري

 


ترى بيان الجفري، المديرة العامة لمركز «كن فيوتشر» والمدربة المتخصصة في الذات والعلاقات، أن مواقع التواصل الاجتماعي جزء لا يتجزأ من واقعنا، والتأثيرات السلبية أو الإيجابية المصاحبة لها تعود بشكل مباشر إلى منظور المرء وطريقة الاستخدام.

تقول الجفري لـ«سيدتي» إن «برامج التواصل ساندت الأسر في التواصل، لا سيما خلال جائحة »كورونا»، كما شكلت مساحات لكثيرين جمعتهم بغيرهم، لمشاركة أحداث أيامهم وتبادل التحايا والأخبار. في المقابل، هناك الكثير من الآثار السلبية لهذه القنوات، مثل: إدمان استخدامها، وفقد المهارات الاجتماعية، إضافة إلى زيادة معدلات السمنة، والتنمر، وانتهاك الخصوصية، والاكتئاب الناتج من التأثر بالصورة غير الحقيقية للواقع الأسري الناجح المبثوث بشكل يومي عبر حسابات بالجملة. في هذا الإطار، تشرح الجفري إن «الشعور بالضغط والقلق يرجع إلى داخل النفس، وينشأ من خلال المتابعة المستمرة لمحتوى مطروح قد لا يطابق قيم الإنسان، أو حتى يشابه طموحاته التي لم يستطع تحقيقها؛ ليتولد لديه شعور بالألم من عدم الإنجاز». مهما كان السبب، تدعو الجفري كل شخص تنتابه هذه المشاعر إلى أن يدرك أن الأخيرة تؤشر إلى وجود فكرة داخلية تستدعي التغيير، وتذكّر أن مستخدم وسائل التواصل هو صاحب الاختيار والقرار في متابعة الأشخاص الذين سيساهمون في تطويره وتحسين واقعه الشخصي والأسري من دون الحاجة إلى التعدي على خيارات الآخرين غير المطابقة له. وتضيف أن «المخرج من تلك المقارنة مع الغير هو الوعي بوجود ذلك، وبكيفية تأثيره في الحياة، فالمرء هو من يخلق هذه المقارنة بالدرجة الأولى، فمن خلال رفض وجود حياة المشاهير أو إطلاق الأحكام عليهم يزيد تركيز العقل اللاواعي على تلك الصور وربطها بالندرة والحرمان في حياة المتابع، وذلك إشارة قوية وواضحة إلى انفصال الشخص عما هو حاضر في حياته وبحثه عن المفقود». وأفضل الطرق لتغيير ذلك، بحسب الجفري، هو عدم المتابعة المستمرة وانتقاء الأفضل، تلي ذلك العودة والاتصال من جديد بحياتنا الشخصية واكتشاف مكنوناتها والامتنان لها ولما يقدمه كل فرد فيها. كذلك، عندما يبدأ الآباء بممارسة الامتنان لأبسط التفاصيل، سيتبع الأبناء ذلك، لتتسع قدراتهم على اختيار الأفضل واستبدال حسابات أفضل بكل مؤثر يعطل تناغمهم وتطورهم.

 

 

السوشيال ميديا تجعل أحد طرفي العلاقة الزوجية كثير التدقيق في تفاعل الغير مع حساب شريكه (شريكته)

 


غياب الحدود

الدكتورة علا خضر

 


تثير الدكتورة علا خضر، الاختصاصية في علم نفس الأطفال العيادي والمعالجة النفسية, أمر تلاشي الحدود بين جدران غرفة كل طفل وطفلة راهناً والعالم الافتراضي، لذا تعوّل أهمية على النقاشات بين الأهل والأطفال وعلى إعلاء ثقة الأخيرين بالأول؛ إذ لا يمكن إبعاد الصغار عن «السوشيال ميديا»، بل ترشيد استخدامات وسائطها. ساعة ونصف الساعة للأطفال بين 6 و10 أعوام، هو الوقت المسموح لاستخدام الشاشات بحسب «منظمة الصحة العالمية» و«الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال»، مع حسن مراقبة الأهل المضامين المشاهدة، التي قد تسمح بتطوير المهارات أو اللعب، على ألا يقضم الوقت المذكور التفاعل الحقيقي مع العائلة والعائلة الأكبر والأصدقاء. في أعمار الطفولة الأكبر؛ أي بين 11 و13 عاماً، يتزايد الوقت المسوح لاستخدام الشاشات في العموم إلى ساعتين.


الخوف


في الجانب السلبي، لوسائل التواصل على الأطفال، تثير الاختصاصية أمر مراجعات عيادية تردها عن أطفال يشعرون بالخوف الليلي أو يعيشون الكوابيس أثناء النوم جراء الإعلانات غير المناسبة، التي تتخلل المضمون الذي يشاهده هؤلاء من خلال وسائط منصات التواصل، أو الألعاب التي تنشر عبرها. ولعدم الوقوع في فخّ المشاهد غير المناسبة المبثوثة بحسب خوارزميات وسائل التواصل، تدعو الاختصاصية إلى الرقابة الأبوية المباشرة، كما تنزيل أي لعبة أو فيديو أو مسلسل على الجهاز الخاص. في العموم، على الأهل مسؤولية تأمين البيئة السليمة لينمو الأطفال ويتطوروا ويشعروا بالأمان. لذا، لا يجدر بأن يظل الأهل منشغلين، لتصبح وسائل التواصل ملجأ إلى الأطفال، مع ضرورة محاولة الأبوين تأجيل أمر اقتناء الشاشات من الأبناء والبنات.

تابعي المزيد: ما هي فوائد القراءة؟ وما هو أثرها على زيادة الصحة العقلية؟


إيجابيات وسلبيات

الدكتورة نيكول هاني

 


إلى ذلك، عن تأثيرات التواصل الاجتماعي على فئة المراهقين، تذكر الدكتورة نيكول هاني، المعالجة النفسية العيادية، لـ«سيدتي» أن «التواصل الاجتماعي هو نمط حياة صحي له إيجابياته وسلبياته؛ فمن الناحية الإيجابية، لا يمكن الإغفال عن دور هذه الوسائط خلال فترة الحجر المنزلي نتيجة لانتشار وباء كورونا، على صعيد تواصل المراهقين على سبيل المثال مع أصدقائهم، كما متابعة الدراسة أو التعلّم عن بعد». وتضيف المعالجة أن «المراهقين يفيدون من وسائل التواصل لتطوير المهارات الاجتماعية، ليصبحوا أقلّ عزلة، كما هم يزيدون معارفهم بالأفكار والقضايا الثقافية والأحداث العالمية والشؤون الجارية خارج البيئات التي يعيشون فيها، ليصبحوا أكثر استقلالية». ولناحية السلبيات، في المقابل، ليس خافياً على أحد طول الساعات التي يقضيها المراهقون والمراهقات في استخدام وسائل التواصل، إضافة إلى الانفصال عن العالم الحقيقي، والتعرّض للتنمّر أو المضايقة أو الابتزاز، الذي يقع البعض فريسته والبعد عن الأجواء الأسرية والانزواء، كما مشاركة معلومات شخصية أو بعض الصور الحميمة أو الشخصية... كما قد يستخدم البعض وسائل التواصل الاجتماعي للترفيه والتعبير عن الذات في المنصات الوافرة واللحاق بـ«الترندات»؛ ما قد يشتّت الانتباه. إلى ذلك، قد ينتحل المراهق هوية شخص آخر، ويتواصل عبر هذه الهوية المبتدعة مع آخرين. في الفئة العمرية من 13 الى 17 عاماً، التي تقضي وقتاً طويلاً على وسائل التواصل الاجتماعي، تكثر المشكلات الصحية، وصولاً إلى القلق والاكتئاب، خصوصاً مع تصديق الشائعات، أو تكوين وجهات نظر غير واقعية عن حياة الآخرين، ومقارنة المراهقين أنفسهم بهم، من الناحيتين المادية والحياتية، ليظنّ المراهقون أن غيرهم أكثر سعادة منهم. للحدّ من بعض هذه الآثار السلبية، تدعو المعالجة الأهل إلى جعل المناقشات مفتوحة بينهم وبين الأبناء المراهقين، مع النصح بكيفية تجنّب قضاء وقت طويل على وسائل التواصل الاجتماعي حتى لا تؤثر الأخيرة في الأنشطة الحياتية والواجبات المدرسية ومواعيد النوم. في هذا الإطار، لا بدّ أن يمثّل الأهل قدوة، من خلال القيام، من ناحيتهم، بالتخفيف من استخدام الوسائل الإلكترونية قبل النوم، ودعوة المراهقين إلى ذلك، كما إبعاد الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية عن غرف النوم، إضافة إلى التوعية حول مضار نشر النميمة والشائعات أو التنمّر أو الإضرار بسمعة أي شخص. إلى ذلك، يصحّ تشجيع المراهقين على الاتصال الحقيقي بالأصدقاء والزملاء لممارسة الرياضة مثلاً للترفيه، أو الاستماع للموسيقى. على الأهل أيضاً، مناقشة المراهقين في الصور التي يقومون بنشرها على صفحاتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، والنصح بعدم قبول طلبات الصداقة من أفراد لا يعرفونهم في الواقع، كما بالحفاظ على كلمة المرور، مع المتابعة والمراقبة المستمرين... كل هذه الأمور تساهم في التخفيف من سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي، ولا تعرّض المراهق إلى أي مشكلة، على صعيد الصحة الجسدية والنفسية... في حال شعور الأهل بأن المراهق يعاني من اضطرابات أو عوارض جسدية ونفسية، فلا بدّ من اللجوء إلى الاختصاصي لطلب المساعدة والتوجيه نحو الطريق الصحيح.

 


«أيقونة» سعودية للعمل الخيري

رند بن علي

عن المؤثرين في السوشيال ميديا من الصغار، تبرز الطالبة في المرحلة الثانوية رند بن علي (16 عاماً)، التي تمثّل جانباً مشرقاً «للسوشيال ميديا» بعد أن أصبحت »أيقونة» للعمل الخيري في السعودية. كانت رند متطوعة في «مبادرات الخير»، وذلك في الخامسة من عمرها؛ إذ هي ساعدت والدتها في مد يد العون للمحتاجين. وبعدها، أطلقت مبادراتٍ شخصية مع جمعياتٍ خيرية ولجانٍ حكومية، مثل: »سلة الغذاء بثلاثة أجزاءٍ»، ومبادرة «شتاء أدفأ»، إضافة إلى مبادرة التبرع بالدم... لذا، سرعان ما صارت رند نموذجاً في المجتمع للمحتوى الهادف في الـ«سوشيال ميديا». نشر الخير وجعله أسلوب حياةٍ وإسعاد النفوس المحتاجة هو هدف الشابة من الحضور على منصات التواصل، مع الإشارة إلى أن أعمال رند الخيرية جعلتها تنال العضوية في جمعيات عدة، وتشارك في مبادرات خيرية عدة، وتحصد ألقاباً بالجملة، من جهات سعودية وخليجية وأوروبية وأممية، من بينها ألقاب: سفيرة السلام، وسفيرة التطوع، وأصغر سفيرةٍ للنوايا الحسنة في العالم، وسفيرة الطفولة والسلام. عن النشاط على «السوشيال ميديا»، تقول رند لـ«سيدتي»: «أنشر يومياً صورةً على الأقل عن التطوع، لذا صرت بحمد لله نموذجاً يحتذى به عند الصغير والكبير في مجال الخير، مع التركيز في الوقت نفسه على دراستي، فالجميع يشهد بأنني طالبة متميزة». وفي الإجابة عن سؤال «سيدتي» عن أهمية منصّات الـ«سوشيال ميديا»، في رفع الوعي بالأعمال الخيرية، تقول رند، منطلقة من تجربتها: «استغللت شهرتي، التي حصلتها من السوشيال ميديا، بمساعدة الناس والجمعيات الخيرية، على الرغم من عدم تقبل بعض الفئات لذلك؛ إذ واجهت في البدايات معارضةً لعملي أثناء تصوير المحتوى، ونشر ما أقدمه من مساعداتٍ ومبادراتٍ خيرية لفئاتٍ عدة في المجتمع تحتاج إلى من يمدّ لها يد العون، وعدّوا ذلك رياءً. لكن شيئاً فشيئاً، بدأ الجمهور يغيّر رأيه، ويثني على الفرق التطوعية. وهناك من صار يشارك في هذه الأعمال؛ الأمر الذي أدّى إلى توسّع نطاقها». وتضيف أن «هذا الأمر يسهم في تحقيق رؤية السعودية 2030 بالوصول إلى مليون متطوعٍ». تحرص رند على تقديم يد العون لذوي الاحتياجات الخاصة والأسر المحتاجة والأسر المنتجة، وتحثّ الجميع على التطوع. وهي توصل السلال الغذائية إلى الأسر المحتاجة بسيارتها، كما تصلها طلبات من هذه الأسر عبر هاتف والدتها. كما تركز على العناية بذوي الاحتياجات الخاصة، وجعلهم فاعلين في المجتمع. تستمد الشابة من والدتها، مثلها الأعلى، حب الخير ومساعدة المحتاجين، مؤكدةً أن الأعمال التطوعية لم تمنعها من ممارسة موهبتها الأساسية في الإنشاد والتعليق الصوتي.

 

 

غيَّرتني للأفضل

من بين متابعي رند الذين يعدون 589 ألف شخصٍ، الشاب عبد الحكيم علي العودة؛ في التعليق عن تأثير الشابة عليه، يقول لـ«سيدتي»: «وجود رند في الفعاليات، يمنحها روحاً جميلة، فهي تشارك الصغير والكبير أنشطتهم، وتتعاون مع فئات المجتمع، لا سيما ذوي الاحتياجات الخاصة. هي قدوة حسنة في الحياة؛ أستمدُّ منها القوة لإثبات نفسي، وتجاوز إعاقتي، وتحقيق النجاح». ويضيف: «مبادرات رند الجميلة تُشعر المعوقين بأهميتهم في المجتمع، وتؤكد لهم أننهم يتساوون مع الأسوياء، وأنه لا فرق بيننا في إفادة وطننا وبنائه».

تابعي المزيد: تأثير السوشيال ميديا على الصحة النفسية لا يُستهان به