هناك العديد من المفاهيم والمصطلحات الإدارية التي يتداولها الموظفون وروّاد الأعمال؛ "البجعة السوداء" من النظريات الحديثة التي انتشرت في الأعوام الأخيرة، وباتت تطبق على بعض الجوانب الإدارية للأعمال.. فما هي؟ وكيف يتجنب المرء الوقوع في فخ "البجعة السوداء"، أثناء إدارة مشروعه التجاري؟
السطور التالية تحمل إجابات وافية.
ما هي نظرية البجعة السوداء؟
يروي الدكتور فارس بن عزيز، الخبير الإداري والمتخصّص في التخطيط الإستراتيجي، لـ"سيدتي. نت" المروية الآتية: "في القرن السابع عشر، ساد في أوروبا افتراض راسخ مفاده أن البجع أبيض، إلا أن المكتشف الهولندي فيليم دي فلامين شاهد في رحلته إلى غرب أُستراليا، للمرّة الأولى، بجعة سوداء. بذا، دحض الافتراض السابق". ويضيف الخبير أنه "في السياق الإداري، يُطلق مفهوم البجعة السوداء على أي شيء لا يمكن التنبؤ به ويظهر فجأة، وهذا المفهوم يمتد لجميع جوانب الحياة الإيجابية او السلبية. ويمتاز هذا المفهوم بثلاث سمات أساسية:
- الندرة: لا احتماليّة للتنبؤ بالأمر (أو الظاهرة)، التي لم تُدرك أو يُعلم عن حدوثها.
- التأثير الكبير: على الرغم من عدم إدراك وجود الظاهرة، فإن آثار حدوثها واسعة.
- الإدراك المتأخر: الإدراك المتأخر لاحتمالية التنبؤ بالظاهرة ومعالمها التي لم تُدرك إلا بعد وجودها.
حسب الخبير، تظهر "البجعة السوداء" لأسباب منها:
- وهم المعرفة: لا يمكن إدراك المعارف بشكل تام لنقص المعلومات والعوامل المؤثرة الأخرى.
- وهم التنبؤ بالمستقبل: بسبب الطبيعة البشرية وما يعتريها من التحيز الإدراكي و الاعتماد على نماذج تنبؤية تعتمد على الماضي.
نصائح لتجنب آثار "البجعة السوداء"
يذكر الخبير بعض الخطوات التي تساعد في تجنب الوقوع في فخ "البجعة السوداء"، هي:
- التخطيط للمدى القريب، وذلك من خلال التركيز على المعلومات والنماذج التنبؤية والإفادة منها في التخطيط للحاضر والمستقبل القريب.
- اقتناص الفرص الإيجابية من خلال استراتيجية تنطوي على تطوير العلاقات الاجتماعية والمبادرات الاستباقية.
- تبنّي استراتيجيّة استثمار حتى 85% أو 90% من الموارد في المخاطر المنخفضة، ومن 10% إلى 15% من الموارد في المخاطر العالية.
- التركيز على المجالات التي تُسهم في ظهور بجعات سود إيجابية، ما يساعد في النجاح، ويقلل من ظهور بجعات سود سلبية.
تشير شركة Alloy الاستشارية الأميركية، بدورها، إلى نقطتين جوهريتين لتجنب الوقوع في فخ "البجعة السوداء"، هما:
- الاعتراف بالتحيز: أفضل رادع عن الوقوع في الفخاخ والمغالطات المعرفية هو اعتراف القائد أنه يخضع للتحيز المعرفي في بعض الأحيان، ما يُساعده في عمليات البحث عن المعلومات بغرض التأكد والحصول على رؤية وصورة أفضل وأكبر وتحقيق التطوير الإداري.
- النطاق الأوسع للتفكير: يتمّ ذلك من خلال التفكير في عدد من الاحتمالات، من دون الالتزام بإطار عملي واحد، فهذا الأمر يساعد في حل المشكلات التي تشجع على بروز وجهات النظر المتعددة عوضًا عن المنطق التقليدي، ويساهم في استخدام أطر عمل متعددة كمحفزات لمستوى أوسع بكثير من الإبداع في جهة واحدة، ما يمنع التحيز غير الواعي ويحد من الوقوع في نظرية "البجعة السوداء".
أضيفي إلى ذلك، توضّح شبكة "لينكدإن" النقطتين الآتيتين المتعلقتين:
- التخطيط للمستقبل: مع حفاظ القائد على ديناميكية جهوده والجهوزية لإعادة صياغة الاستراتيجيات، يجب أن تكون عملية التخطيط سريعة. تقود الإدارة هذه الأخيرة، وذلك لتجنب الوقوع في عمليات التنسيق الداخلية المعقدة والبطء في الاستجابة للظروف المتغيرة، إذ يجب أن تكون الإدارة مستعدّة لاعتماد نماذج مكان العمل على المدى القصير والمتوسط، مثل: مكان العمل السريع ومراكز التسليم المتعددة والعمل من المنزل للحصول على الموارد الهامة. ففي الصين، مثلًا، نظرت بعض الشركات الأسرع تعافيًا بشكل استباقي إلى الأمام وتوقعت بعض التحولات التجارية في المراحل الأولى من الوباء.
- التأكد من توافر السيولة الكافية: من أجل الصمود في وجه الأزمات، تحتاج الشركات إلى تحديد سيناريوهات مصممة خصيصًا لسياق الشركة، واحتساب الإيرادات والتكاليف وتحليل متغيرات السوق ومدخلات الخبراء من
أجل معرفة المحفزات التي قد تضعف السيولة بشكل كبير ومن ثم رسم الخطط بموازاتها.
توافر السيولة الكافية ضروري من أجل الصمود في وجه الأزمات 
الخبير الإداري والمتخصص في التخطيط الإستراتيجي الدكتور فارس بن عزيز
