العمارة الإيطالية في الإسكندرية تزاوج بين الطرز الإسلامية والأوروبية

العمارة الإيطالية في الإسكندرية تزاوج بين الطرزالإسلامية والأوروبية
مسجد المرسي أبو العباس - من تصميم المعماري الإيطالي ماريو روسي - الصورة من أليكس ميد أحد منشورات مركز دراسات الإسكندرية وحضارات البحر المتوسط "أليكس ميد" التابع لمكتبة الإسكندرية
العمارة الإيطالية في الإسكندرية تزاوج بين الطرزالإسلامية والأوروبية
قصر السكاكيني باشا من تصميم المعماري الإيطالي المعماري الإيطالي Pietro Avoscani - الصورة من الصفحة الرسمية لموقع الملك فاروق الأول - فاروق مصر عبر الفيس بوك
العمارة الإيطالية في الإسكندرية تزاوج بين الطرزالإسلامية والأوروبية
مبنى على الطراز الإيطالي {فيلا أجيون} تقاطع شارع النبي دانيال وشارع فؤاد الأول بالإسكندرية «مبنى جريدة الأهرام حالياً» عام ١٨٨٧ - الصورة من الصفحة الرسمية لموقع الملك فاروق الأول - فاروق مصر عبر الفيس بوك
العمارة الإيطالية في الإسكندرية تزاوج بين الطرزالإسلامية والأوروبية
العمارة الإيطالية بالإسكندرية - الصورة من أليكس ميد أحد منشورات مركز دراسات الإسكندرية وحضارات البحر المتوسط "أليكس ميد" التابع لمكتبة الإسكندرية
العمارة الإيطالية في الإسكندرية تزاوج بين الطرزالإسلامية والأوروبية
مبنى محطة مصر بالإسكندرية - من تصميم المعماري الإيطالي أنطونيو لاشياك - الصورة من أليكس ميد أحد منشورات مركز دراسات الإسكندرية وحضارات البحر المتوسط "أليكس ميد" التابع لمكتبة الإسكندرية
العمارة الإيطالية في الإسكندرية تزاوج بين الطرزالإسلامية والأوروبية
قصر المنتزه - من تصميم المعماري الإيطالي أرنستو فروتشي - الصورة من أليكس ميد أحد منشورات مركز دراسات الإسكندرية وحضارات البحر المتوسط "أليكس ميد" التابع لمكتبة الإسكندرية
العمارة الإيطالية في الإسكندرية تزاوج بين الطرزالإسلامية والأوروبية
العمارة الإيطالية في الإسكندرية تزاوج بين الطرزالإسلامية والأوروبية
العمارة الإيطالية في الإسكندرية تزاوج بين الطرزالإسلامية والأوروبية
العمارة الإيطالية في الإسكندرية تزاوج بين الطرزالإسلامية والأوروبية
العمارة الإيطالية في الإسكندرية تزاوج بين الطرزالإسلامية والأوروبية
العمارة الإيطالية في الإسكندرية تزاوج بين الطرزالإسلامية والأوروبية
6 صور

تأثرت مدينة الإسكندرية بشكل عام بالفنون والثقافة والعمارة الإيطالية، فالإسكندرية مدينة مصرية الهوية إيطالية الهوى، والجالية الإيطالية لعبت دوراً محورياً فى نطاق الاقتصاد والثقافة، خاصة فى مدينة الإسكندرية عبر خمسين مبنى أثرياً وتراثياً، شاهداً على هذه البصمة الأكبر في تطور البناء العمراني، والتي أضفت بدورها رونقاً فريداً على المباني في مصر كلها.
فكثير من المهندسين المعماريين، الذين وفدوا إلى مصر منذ أواخر القرن الـ18 وحتى منتصف القرن العشرين الميلادي، ضمن جالية إيطالية كبيرة ليشكلوا مع أوروبيين آخرين ملامح عمارة مصر الحديثة، انبهروا بكنوزها المعمارية التي جمعتها على مر العصور المختلفة.
يقول الباحث في الآثار الإسلامية بكلية الآداب د. سمير عبد الباري لسيدتي: الإسكندرية اكتسبت صفة المدينة متعددة الجنسيات "كوزموبوليتانية"، ولم يكن لها طابع محلي في العمارة تتسم به، فالإنجليز بنوا في ضاحية الرمل لهم منازل خاصة على الطراز الإنجليزي تحوطها مساحات خضراء، والإيطاليون قد زينوا منازلهم بشرفات على الطراز الفلورنسي، وشيد اليونانيون والمعجبون بالفن الإغريقي المدارس والعمائر، وقد جعلت وجهتها على الطراز الأثيني، والإيطاليون في مصر بعقولهم وأيديهم العاملة قد تنافسوا في بناء مصر أكثر من اهتمامهم بالحصول على مزايا جماعية لهم، وكان من شعرائهم جوسيبي أو نجاريتي الذي ولد في الإسكندرية وتأثر بها وأصبح شاعراً عالمياً، وقد بدأت اللمسة الإيطالية على العمارة في مصر منذ عام 1885 وحتى 1950.

- معماريون إيطاليون تركوا بصمة في التطور العمراني في مصر

يقول عبد الباري لسيدتي: أنطونيو لاشياك، وماريو روسي، وأرنستو فروتشي، ثلاثة معماريين إيطاليين كانوا أصحاب البصمة الأكبر في تطور البناء العمراني في مصر وغيرهم الكثير، أمثال ألفونسو مانسيكالكو الذي صمم متحف الفن الإسلامي بداية من 1893 وحتى 1899 على الطراز المملوكي، كما صمم بيترو أفوسكاني مبنى الأوبرا الخديوية بالقاهرة التي تحاكي «لاسكالا تياترو» الشهيرة في ميلانو، والتي تعرضت للاحتراق فيما بعد، على أن المعماريين الإيطاليين استطاعوا المزاوجة ببراعة بين العمارة الإيطالية وجنوحها الأوروبي والعمارة الإسلامية وهندسيتها المحددة المرتبطة بالموروث الشرقي والذائقة العربية والإسلامية، والتي كانت سائدة بتلك الفترة.

1- ماريو روسي.. اعتنق الإسلام في درة أعماله المعمارية

مسجد المرسي أبو العباس - من تصميم المعماري الإيطالي ماريو روسي - الصورة من أليكس ميد أحد منشورات مركز دراسات الإسكندرية وحضارات البحر المتوسط "أليكس ميد" التابع لمكتبة الإسكندرية


المهندس الإيطالي ماريو روسي، شخصية معمارية بارزة، وعلى الرغم من كونه معمارياً إيطالياً، إلا أنه يُعتبر مؤسس فن العمارة الإسلامية الحديثة، والتي زواج بينها وبين روح العمارة الإيطالية، وبعد قدومه إلى مصر مع مجموعة من المهندسين المعماريين الأوروبيين الذين استقدمهم الملك فؤاد ملك مصر، اندمج روسي في المجتمع المصري، وبدأ يتحول تدريجياً إلى مواطن مصري، وأصبح يعشق العمارة الإسلامية ويسعى لتطويرها وإحيائها من جديد، وقد انبهر روسي بجمال العمارة الإسلامية وبدأ في دراسة عناصرها بتمعن وبحث وراء أساليب صناعة الزخارف المميزة للمساجد والمباني الدينية، وبسبب عشقه للعمارة الإسلامية، تميز فيها وانهالت عليه الطلبات الرسمية لوضع تصاميم العديد من المساجد التي أصبحت الآن من كنوز العمارة الإسلامية الحديثة، ومن أهم المباني التي قام بتصميمها مسجد المرسي أبو العباس بالإسكندرية، الذي بدأ في بنائه عام 1933 وأقيمت فيه أول صلاة عام 1945، حيث اختار له شكلاً متعدد الأضلاع شبيهاً بمسجد قبة الصخرة، ومزج فيه بين العديد من عناصر العمارة الإسلامية الفريدة، حتى أصبح نموذجاً لفن العمارة الحديثة الذي يتعلم منه المهندسون المعماريون حتى الآن، كما قام بتشييد مسجد القائد إبراهيم بمحطة الرمل في الإسكندرية، وهو من المباني الإسلامية النادرة التي مزجت بين تقاليد العمارة المملوكية وبعض العناصر الشهيرة في العمارة الأندلسية، وتجلت عبقرية هذا المعماري بعد سنوات قضاها في استيعاب تراث العمارة الإسلامية وإعادة تأسيس هذا الفن بروح عصرية جديدة تتناسب مع الاحتياجات الحديثة والابتكارات العصرية في مواد وطرق التشييد والبناء، ومن أعماله المهمة مشاركته في استكمال تشييد مسجد الرفاعي بميدان القلعة، حيث استطاعت اللمسات التي وضعها روسي في هذا المسجد أن تساعده على أن ينافس مسجد السلطان حسن المقابل له في الضخامة والأبهة، وبعدما انتهى من بناء مسجد المرسي أبو العباس بالإسكندرية، درة أعماله المعمارية، أعلن إسلامه عام 1946 من داخل مسجد المرسي أبو العباس، وبعد سنوات طوال، شاءت الأقدار أن يتوفى أثناء زيارته للأراضي الحجازية ويدفن هناك.

2- أنطونيو لاشياك.. مهندس القصور الرئاسية


يعد المهندس الإيطالى أنطونيو لاشياك هو الأشهر بين المهندسين الذين حملت القصور الملكية بصمتهم الفنية المبدعة، كقصور: الطاهرة وعابدين ويوسف كمال وشويكار وعمارة سوارس، التي شيدها لاشياك عام 1897 على غرار طراز النهضة الإيطالية، وهي مجرد أمثلة من قصور وأبنية كثيرة تحمل بصمة وإبداع لاشياك بالعمارة الإيطالية بكل من القاهرة والإسكندرية.. وإن كانت أكثر مبانيه من القصور الملكية استخدمت كمقرات للحكم فى فترات مختلفة، حتى إنه كان يسمى "مهندس القصور الرئاسية"، وقد وصل لدرجة كبير مهندسين ومدير القصور الخديوية في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، كما أنشأ مبنى محطة الرمل بالإسكندرية، وقصر أغيون في شارع النبي دانيال في سنة 1887 بناه على الطراز الفيكتوري، كما صمم لاشياك قصر الأمير يوسف كمال عام 1909 وجمع في تصميمه بين طراز النهضتين الفرنسية والإيطالية، وقام بتصميم قصر الزعفران بالقاهرة، وقصر عدلي يكن، كما أعاد تصميم قصر عابدين بعد تعرضه للحريق، ولقد تنوعت طرز مباني لاشياك وأنماطها، ودارت حول 4 أنواع هي: الكلاسيكي المستحدث، والباروك المستحدث، والنهضة المستحدثة، والإسلامي المستحدث. والطراز الكلاسيكي المستحدث يتميز بالأعمدة بأنواعها المختلفة الآيونية والكورانثية والتوسكانية والمركبة، وظهور العديد من العناصر الزخرفية الأخرى؛ كعقود الأزهار والأكاليل ومناظر الأساطير، أما طراز الباروك المستحدث فتميز بالثراء الزخرفي، واكتسبت فيه المبانى نوعاً من الفخامة، فقد اتجهت مباني الباروك إلى الخطوط المنحنية الكثيرة الالتواء والتشابك والانكسار على الواجهات، ووجود عمودين على جانبي فتحات النوافذ على الواجهات.

3- أرنستو فروتشي.. دخل التاريخ لتصميمه قصر المنتزه بالإسكندرية

+
قرر الملك فؤاد إعادة بناء قصر المنتزه بالإسكندرية على غرار القصور الملكية الإيطالية، فأسند عملية بناء القصر إلى مهندس القصور الملكية، أرنستو فيروتشي، الذي صممه على غرار قصر ماكينزي في فلورنسا، عام 1927، وفيروتشي معماري إيطالي مخضرم عشق الإسكندرية واستقر بها وعُين مديراً للمتحف اليوناني الروماني، وطلب منه الملك فؤاد تصميم قصر الحرملك بالإسكندرية، وقصر رأس التين بالإسكندرية، وكان من المعروف أن فروتشي يقدر الوقت كثيراً، ويلتزم بمواعيده، لذلك نال رضا الملك، فأنعم عليه بدرجة البكاوية وجعله رئيساً للحاشية الإيطالية، وقد قام بتصميم العديد من المباني على الطراز الإيطالي ممزوجاً بالإسلامي، ومن إعجابه بالعمارة العربية والإسلامية، قرر أن ينشئ معهد الموسيقي العربية بالقاهرة، واشترك معه المعماري بول كونين باستير، ففكروا في بناء مبنى على الطراز الإسلامي، يعبر عن الهُوية والثقافة العربية الإسلامية؛ ليكون مقراً لناديهم، ويكون أول معهد للموسيقى الشرقية، وتفخر مصر بأن تكون السباقة في إنشائه، وقد كان يعتمد فروتشي على مجموعة عمال مهرة، وهم سبب إنجازه لواجهة قصر القبة في 6 أشهر فقط، وإنجاز بناء خمسة متاحف بالقاهرة في فترة إعجازية 4 سنوات.
بالنهاية، يؤكد عبد الباري لسيدتي أنه اعترافاً بفضل الإيطاليين بتحديث مدينة الإسكندرية وتطويرها في جعلها مدينة عصرية، فقد أطلق السكندريون أسماء كثير من الأعلام الإيطاليين على بعض شوارع المدينة وميادينها، أمثال جاريبالدي على شارع بقسم الرمل، ودروفيتي ودنتمارو الذي كان مهندساً إيطالياً، وساعد على إنشاء ورصف كورنيش الإسكندرية عام 1930، وكلوتشي باشا وكان عمدة الإسكندرية في عهد الخديوي إسماعيل، وفيكتور إيمانويل ملك إيطاليا عام 1803، وغيرها الكثير والكثير.