الإكتئاب مرض خطير تعاملوا معه بجدّية

تشير التقارير الى تزايد مضطرد لعدد المصابين بالإكتئاب في دول العالم أجمع. حيث تسجل نحو 6 ملايين حالة في الدول العربية مجتمعة من بين 140 مليون حالة في العالم.
وفي ظل عدم فهم ماهية هذا المرض من قبل الكثيرين، ومن أجل إدارة المرض والتعاطي معه بمستوى خطورته، كان لـ "سيدتي نت" حوار مع البروفسور أحمد عكاشة، مؤسس ومدير WHO مركز التعاون والتدريب والابحاث في الصحة العقلية وعضو جمعية الأمراض النفسية في مصر، هنا نصه:

ما هي أعراض الإصابة بمرض الإكتئاب؟
كلمة "إكتئاب" لا تعني تلك المشاعر التي يحسها من يمر بظروف صعبة مؤقتة في أي من مجالات الحياة أو من يتألم أو يشعر بإعتلال مؤقت في المزاج خلال جزء من يومه لا يلبث بعده أن يستعيد تكيفه مع من حوله. إنما الإكتئاب هو مجموعة متزاملة من الأعراض و السمات يعاني منها الشخص، فيشعر بالتشاؤم والعجز والحزن واليأس وهي المشاعر التي تندرج تحت إسم "الكآبة". وتتجمع مع هذه المشاعر، عادة، بعض الأعراض الجسدية المرضية والأعراض الفزيولوجية مثل الأرق أو كثرة النوم، ونقص في الوزن أو زيادته مع فقدان الرغبة الجنسية، وربما إضطراب في الدورة الشهرية عند الإناث.
يصحب ذلك بعض الأعراض النفسية مثل فقدان الطاقة، الإنطواء، سهولة الإستثارة، عدم القدرة على إتخاذ القرارات المعتادة وصعوبة التركيز وكذلك فتور العلاقات الاجتماعية ومواطن الاهتمامات السابقة، وربما وجود الأفكار الإنتحارية ومن أهم أعراض الاكتئاب الآم متعددة في الجسم.

ما هي الأسباب التي تفضي الى الاكتئاب النفسي؟
تتعدد النظريات في تفسير الإضطرابات الإكتئابية وأهمها:
العامل الوراثي: يتفق العلماء على وجود مورثات سائدة لها تأثير غير كامل تظهر بوضوح تحت تأثير العوامل البيئية.
العوامل النفسية: الحرمان الأسري والتفاعل الأسري بين الوالدين والطفل، وعوامل أخرى كفقدان الحب أو الإحباط للدوافع اللاشعورية وعدم القدرة على التوافق بين قدرات هؤلاء الأشخاص وما يطلب منهم وسن الأبوين وترتيب المريض بالنسبة لأخوته والتحرش الجنسي أثناء الطفولة وغيرها.
العوامل الجسدية: هناك علاقة بين الإضطرابات الوجدانية وأمراض الغدد الصماء والجهاز العصبي وعمليات التمثيل الغذائي المختلفة بالجسم ونسبة المعادن في الجسم وإختلال بعض الهرمونات العصبية بالمخ.

هل يمر المريض بمراحل معينة من الضغط النفسي قبل الوصول إلى مرحلة الاكتئاب؟
عادة ما يتعرض مريض الاكتئاب في النوبة الأولى لضغوط حياتية ، أو لفقدان عزيز أو لضغوط عامه، ولكن تأتي النوبة التي تليها دون التعرّض لأي من الضغوط النفسية.

كيف يمكن تدارك الإصابة به؟
يعتبر النسيج الاجتماعي من الأصدقاء، العائلة، المجموعات الإجتماعية أو الثقافية أو
الرياضية أو الدينية عاملاً وقائياً للقلق والإكتئاب.

ما هي العلاجات المثلى والأكثر تطوراً، وما هو نوعها؟
العلاج النفسي والمعرفي والعلاج النفسي عبر الشخصية له فاعليته التي تنسجم مع مضادات الإكتئاب (مفرحات النفوس) خاصة في الاكتئاب البسيط والمتوسط. أما علاج الاكتئاب الجسيم المصحوب بأعراض عقلية أو إنتحارية فيجب علاجه بمضادات الاكتئاب ومضادات الذهان و أحيانا جلسات تنظيم إيقاع المخ.
يتميز الاكتئاب والاضطرابات ثنائي القطب بنكسات المرض. لذا يجب الإعتماد هنا على معدلات المزاج من عقار الليثيوم ومضادات الصرع الحديثة ومضادات الذهان الحديثة والتي يصل التحسن ومنع النكسات مع إستخدامها إلى نحو 70-80%.
فالاكتئاب من أكثر الأمراض الطبية ألما وإعاقة لحياة الإنسان ولكن، الحمد لله، تتوافر حالياً العلاجات المختلفة التي تؤدي إلى تحسن المرضى في معظم الحالات.

كم تستغرق هذه العلاجات؟
من الصعب تحديد الفترة التي يتطلبها العلاج، ولكنها عادة تبدأ من أسبوعين وحتى ستة أسابيع. غير أن هناك بعض الحالات التي سجلت شعوراً بالتحسن من بعد 3-4 أشهر، وحالات أخرى قد حصلت على نفس النتيجة بعد بضع ساعات. ولكن يجب علاج النوبة الأولى لمدة عام حتى وإن تم الشفاء بعد أسابيع وذلك منعاً للنكسات.
ثمانون بالمائة من مرضى الاكتئاب يشفون تماماً بإستعمال الأدوية المضادة للاكتئاب، وتبقى فئة تتعرض لتكرر النوبات، فتحتاج إلى علاج لفترات أطول أو إضافة أدوية أخرى منعاً لحدوث انتكاسة.

ما هي مخاطر الاكتئاب على المريض وعلى المجتمع، إذا لم تتم معالجته بالطرق السليمة؟
قد يؤدي مرض الاكتئاب إذا لم يتم تداركه وعلاجه مبكراً إلى تدهور الوضع النفسي والاجتماعي للشخص مما قد يؤدي به إلى إيذاء نفسه أو إيذاء أحد أفراد الأسرة أو الطلاق والتفكك الأسري كما إن مرض الاكتئاب يستنزف الطاقة الروحية للإنسان.
ويعتبر الانتحار من أكثر أعراض الاكتئاب خطورة، فالفرد هنا ينهى حياته. لكن ولحسن الحظ، نسبة الانتحار في البلاد العربية تقل نسبتها عن العديد من بلدان العالم بفضل الإحتضان الأسري للمريض والإيمان بالله.