mena-gmtdmp

العلاقات المرهقة: أنواعها وتأثيرها في الصحة النفسية

العلاقة التي تقوم على التلاعب العاطفي تؤذي نفسياً -المصدر freepik
العلاقة التي تقوم على التلاعب العاطفي تؤذي نفسياً -المصدر freepik

تلعب العلاقات الإنسانية دوراً كبيراً في حياة الفرد؛ إذ يرى الخبراء بعد دراسة طويلة امتدت ثمانين عاماً أن سر السعادة الحقيقية يكمن في علاقات صحية ومستقرة. وعلى الجانب الآخر، يمكن للعلاقات المرهقة أو السامة أن تؤثر بشكل خطير في الصحة النفسية والعاطفية، حيث تتسم هذه العلاقات بأنماط سلوكية تستنزف طاقة الشخص، تقلل من ثقته بنفسه، وتزيد من شعوره بالتوتر والقلق.

إعداد: إيمان محمد

أنواع العلاقات السامة

بحسب ما نشره موقع Psychology Today، تتطور العلاقات السامة في الغالب بشكل تدريجي. يبدأ الشخص المسيء بتصرفات ودودة وداعمة، ثم شيئاً فشيئاً يفرض سيطرته وينتقد الطرف الآخر ويعزله عن المقربين. ومن بين أنواع الشخصيات السامة :

علاقات سامة
                                هناك بعض العلاقات المسيطرة التي يسيطر فيها شخص على الطرف الآخر 

العلاقة المسيطرة والمتحكمة

هذا النوع من العلاقات يقوم فيه طرف واحد بمحاولة السيطرة على الطرف الآخر بشكل كامل. يتخذ القرارات عنه، يقلل من قيمته، أو يعزله عن دائرة أصدقائه وعائلته.

العلاقة التي تقوم على التلاعب العاطفي

هنا، يستخدم الشخص المسيء أساليب مثل "التلاعب العاطفي" أو "الابتزاز العاطفي" لإجبار الطرف الآخر على تلبية مطالبه. يُطلق على هذا الأسلوب أحياناً "FOG"، وهي اختصار لـ"الخوف، الالتزام، الذنب"، وهو مصطلح يعبر عن الأساليب المستخدمة للتلاعب بالعاطفة.

العلاقة النرجسية

يركز الشخص النرجسي في هذه العلاقة على تلبية احتياجاته الخاصة فقط، متجاهلاً احتياجات الطرف الآخر. عادةً ما يبدأ بسلوكيات مفرطة في المودة، ثم يتغير لاحقاً إلى شخص ينتقد ويقلل من شأن شريكه. هذه الديناميكية قد تظهر كذلك في أماكن العمل، حيث قد يستخدم المدير أساليب نرجسية للسيطرة على فريقه.

العلاقة القائمة على التعلق المرضي

في هذا النوع من العلاقات، يعتمد أحد الأطراف بشدة على الآخر لتلبية حاجاته العاطفية؛ ما يؤدي إلى تلاشي شخصيته الخاصة وإهمال احتياجاته. هذا النمط من العلاقات شائع بين الأزواج أو الأصدقاء المقربين.

العلاقة السريعة بعد الصدمات العاطفية

يحدث هذا النمط عندما يتعرض أحد الأطراف لسلوكيات مسيئة بشكل متكرر، في حين تمر العلاقة بفترات قصيرة من الهدوء واللطف. هذا التذبذب يؤدي إلى رابطة عاطفية قوية تجعل من الصعب على الضحية الانفصال. يُعرف هذا النوع بـ"Trauma Bonding"، ويُعَدُّ من أكثر الأنماط تعقيداً.

العلاقات المرهقة في العمل والعائلة

علاقات مرهقة
                                     موظفة تواجه علاقة مرهقة مع رئيستها في العمل

ليست العلاقات المرهقة حكراً على العاطفة فقط، بل تظهر كذلك في محيط العمل أو داخل الأسرة. مثلاً، قد يواجه الموظف علاقة مرهقة مع رئيسه الذي يفرض عليه ضغوطاً مستمرة، أو مع زميل يفتقر للدعم ويُشعره بالإحباط. وفي البيت، قد يظهر هذا النوع من العلاقات من خلال أحد الوالدين أو الإخوة الذين يبالغون في النقد والسيطرة؛ ما يؤدي في النهاية إلى تراجع الثقة بالنفس والشعور المستمر بالإرهاق.

تأثير العلاقات المرهقة في الصحة النفسية للشباب

توضح أبحاث Mayo Clinic أن العلاقات المرهقة لها تأثيرات مباشرة في الصحة النفسية للشباب، ومنها:

  • ارتفاع مستويات القلق والتوتر بسبب الأجواء السلبية المستمرة.
  • ضعف الثقة بالنفس نتيجة النقد الدائم ومحاولات التقليل من شأن الشخص.
  • العزلة الاجتماعية بسبب العزل الذي يفرضه الشريك المسيء.
  • زيادة احتمالية الاكتئاب والأرق جراء شعور الضحية بالعجز وفقدان الأمل.
  • مشاكل جسدية مثل الصداع، اضطرابات المعدة، وضعف المناعة، وهي تأثيرات مرتبطة بشكل وثيق بالتوتر المزمن.
علاقات سامة مع الاصدقاء
يواجه البعض ضعف الثقة بالنفس نتيجة النقد الدائم ومحاولات التقليل من شأنهم
 

كيفية التعامل مع العلاقات المرهقة

ينصح الخبراء باتباع خطوات واضحة للتعامل مع هذه العلاقات وحماية النفس من أضرارها، منها:

  • الوعي بالمشكلة: أولى الخطوات هي الاعتراف بأن العلاقة سامة؛ ما يفتح المجال للتعامل معها بفاعلية.
  • البحث عن دعم: مشاركة المشكلة مع الأصدقاء، العائلة، أو متخصص نفسي يمكن أن يساعد في تجاوزها.
  • وضع حدود واضحة: من الضروري تحديد ما يمكن قبوله وما لا يمكن التسامح معه.
  • التفكير في بدائل: في أحيانٍ كثيرة، الانفصال عن هذه العلاقة قد يكون هو الحل الأمثل للحفاظ على سلامتك النفسية.
  • تسجيل الملاحظات: كتابة ما يحدث في العلاقة يساعد في كشف النمط المرهق بشكل أوضح.
  • العناية بالنفس: الانشغال بأنشطة مثل التمارين الرياضية أو جلسات الاسترخاء والتأمل يمكن أن يساهم في تخفيف الضغط.
  • التمسك بحقك في الرفض: لا تتردد في قول "لا" عندما تشعر بأن الأمر يتعارض مع مبادئك أو يؤذيك.

علينا أن ندرك أهمية التمييز بين العلاقات الصحية وتلك المرهقة. تجاهل المشكلة لا يؤدي إلا لمزيد من الأذى النفسي والجسدي. بالتوعية والدعم المناسب، يمكن لأي شخص استعادة توازنه ومواجهة هذا النوع من العلاقات بثقة وهدوء، ليستعيد الشعور بالسلام الداخلي.
اقرأ أيضاً: أسباب الرغبة في الانعزال عن الناس