المرحلة الجامعية من أكثر المراحل حساسية في حياة كل طالب، حيث تتشكل فيها ملامح الشخصية، وتتبلور الطموحات، وتُبنى العلاقات الاجتماعية والعاطفية. وفي خضم هذا التفاعل النفسي والاجتماعي، تبرز العلاقات العاطفية كعامل مؤثر قد يحمل في طياته جوانب إيجابية محفزة، أو انعكاسات سلبية تعيق التقدم الأكاديمي.
أصبحت العلاقات العاطفية ظاهرة شائعة بين طلاب الجامعات، لا سيما في ظل الانفتاح الاجتماعي والتطور التكنولوجي الذي سهّل التواصل والتقارب بين الأفراد. ومع هذا الانتشار، بدأ الباحثون يهتمون بدراسة مدى تأثير هذه العلاقات على التحصيل الدراسي، باعتباره أحد المؤشرات الأساسية لنجاح الطالب في مسيرته التعليمية.
وتشير الدراسات الحديثة إلى وجود علاقة ارتباطية بين العلاقات العاطفية ومستوى التحصيل الدراسي، حيث يمكن أن تؤدي هذه العلاقات إلى تعزيز الدافعية والانضباط الأكاديمي إذا كانت قائمة على الدعم والتفاهم. في المقابل، قد تتحول إلى مصدر للتشتت والضغط النفسي، مما ينعكس سلبًا على التركيز، الحضور، والإنجاز العلمي.
هنا، تبرز أهمية هذا الموضوع في تسليط الضوء على التحديات التي يواجهها الطلاب، وتقديم رؤى تساعدهم على اتخاذ قرارات أكثر وعيًا في حياتهم الشخصية والأكاديمية.
التأثيرات السلبية والإيجابية

تُعتبر العلاقات العاطفية جزءًا لا يتجزأ من حياة الإنسان، خصوصًا في مرحلة الشباب والجامعة، حيث تتشكل الميول العاطفية وتُبنى الروابط الشخصية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تؤثر هذه العلاقات على التحصيل الدراسي؟ وهل يكون هذا التأثير إيجابيًا أم سلبيًا؟
ما رأيك الاطلاع على الفرق بين الدراسة المدرسية و الجامعية
أولًا: التأثير الإيجابي للعلاقات العاطفية
في بعض الحالات، يمكن للعلاقة العاطفية أن تكون دافعًا نحو النجاح الأكاديمي، وذلك عندما:
- يكون الطرفان داعمين لبعضهما البعض في الدراسة.
- يتشاركان الأهداف والطموحات التعليمية.
- يتبادلان المساعدة في إنجاز المهام والواجبات.
- يشكلان بيئة محفزة على التركيز والانضباط.
هذا النوع من العلاقات قد يعزز الثقة بالنفس ويقلل من التوتر، مما ينعكس إيجابًا على الأداء الدراسي.
ثانيًا: التأثير السلبي للعلاقات العاطفية
في المقابل، قد تؤدي العلاقات العاطفية إلى تراجع في التحصيل الدراسي عندما:
- تصبح العلاقة مصدرًا للقلق أو التوتر.
- يطغى الانشغال العاطفي على الاهتمام بالدراسة.
- تحدث خلافات تؤثر على التركيز والمزاج.
- يُهمل أحد الطرفين أو كلاهما واجباته الأكاديمية بسبب الانغماس في العلاقة.
وقد كشفت دراسة منشورة في مجلة المنارة العلمية أن هناك علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين العلاقات العاطفية ومستوى التحصيل الدراسي، حيث أظهرت النتائج أن بعض الطلاب الذين يعيشون علاقات عاطفية يعانون من الإهمال والغياب وضعف التركيز.
عوامل تحدد نوع التأثير على التحصيل الدراسي
يتوقف تأثير العلاقة العاطفية على التحصيل الدراسي على عدة عوامل، منها:
- نضج الطرفين العاطفي والفكري.
- مدى توافق العلاقة مع أهداف الدراسة.
- طبيعة العلاقة (داعمة أم مشتتة).
- قدرة الطالب على تنظيم وقته وتحديد أولوياته.
العلاقات العاطفية ليست بالضرورة عائقًا أمام النجاح الأكاديمي، لكنها قد تتحول إلى ذلك إذا لم تُدر بحكمة. لذا، من المهم أن يوازن الطالب بين حياته العاطفية ومسؤولياته الدراسية، وأن يختار شريكًا يشاركه الطموح ويحفزه على التقدم.
وجهة نظر مختصة حول تأثير العلاقات على التحصيل الدراسي

إيمانويل عوض أستاذة جامعية وخبيرة في علم النفس تشرح لـ"سيدتي" وجهة نظرها حول موضوع تأثير العلاقات العاطفية على التحصيل الدراسي.
تأثير الصحبة على سلوكنا وتفكيرنا
إن للرفقة تأثيرًا بالغًا في حياتنا، وقد يكون هذا التأثير إيجابيًا أو سلبيًا، وهو يختلف تمامًا عن تأثير العلاقات العاطفية. فوجود أشخاص محددين من حولنا ينعكس بشكل كبير على طريقة تصرفنا وتفكيرنا.
العلاقات العاطفية وتأثيرها على الأداء الدراسي
هناك بعض الأشخاص، رغم كونهم في المرحلة الجامعية، يبالغون في التركيز على العلاقات العاطفية. فتدور معظم اهتماماتهم وعلاقاتهم حول هذا الجانب، ويقضون وقتهم في الحديث عنه، مما يجعل تفكيرهم منصبًا بالكامل عليه. وهذا بدوره يؤثر سلبًا على أدائهم الأكاديمي وعلى ترتيب أولوياتهم.
التشابه بين الشريكين في العلاقة أثناء الدراسة
بشكل عام، عندما يكون هناك شخصان في علاقة خلال فترة الدراسة، فإنهما غالبًا ما يكونان من نفس النمط أو الطبع. فإما أن يكون كلاهما جادًا في الدراسة، يحرصان على التحصيل العلمي ويحققان نتائج جيدة، أو على العكس تمامًا، يكونان غير مهتمين، كسولين، ومقصرين في واجباتهما الدراسية، مما ينعكس على أدائهما بشكل متشابه، سواء كان ذلك إيجابيًا أو سلبيًا.
قد يهمك متابعة أسرار التوازن بين الدراسة والعمل والحياة
اختيار الشريك بناءً على التشابه في الاهتمامات
غالبًا ما نميل إلى اختيار أشخاص يشبهوننا في العديد من الأمور، ومن بينها طريقة تعاملنا مع الدراسة. فإذا كنا مهتمين بالتحصيل العلمي، فإن احتمال اختيار شريك يشاركنا هذا الاهتمام يكون أعلى. وبالمثل، إذا كنا غير مبالين بالدراسة، فقد ننجذب إلى أشخاص يتبنون نفس الأسلوب.