تشكو معظم الأمهات من ظاهرة منتشرة بين الأطفال الذين تقل أعمارهم عن العامين، وهي ظاهرة الطفل الذي يقوم بعض وضرب وصفع الأم؛ فهي تتعرض لهذه الظاهرة دومًا حيث تجد طفلها يقوم بعضها أو يصفعها على غفلة منها، أو يشد شعرها خصوصًا حين يكون متدليًا أو يركلها بقدمه الصغيرة. وتستغرب الأم هذه التصرفات وخصوصًا ظاهرة شد الشعر المؤلمة وتعتقد أن طفلها سوف يكون سيّئ التربية والخلف وتكون هذه المواقف والتصرفات محرجة لها كثيرًا أمام الآخرين.
تعَد مرحلة الإيذاء التي يقوم بها الطفل وفي عمر معين هي مرحلة حرجة ومؤذية، ولذلك فهي تبحث عن حلول لها، وقبل ذلك تبحث عن طرق التوصل إلى أسبابها، ولذلك فقد التقت «سيدتي وطفلك» وفي حديث خاص بها، باستشارية تربوية هي الدكتورة وجيدة عبد السلام حيث أشارت إلى وبوجه خاص ما الخطأ الذي تقع به الأم في التعامل مع الطفل الذي يشد شعرها خصوصًا تحت سن عام ونصف وأسباب قيامه بهذا السلوك وطرق علاجه في الآتي:
هل شد الشعر والضرب تصرفات طبيعية عند الطفل تحت سن سنة ونصف؟

- اعلمي أن الطفل في سن أقل من ثلاث سنوات عمومًا وفي سن أقل من عامين خصوصًا هو كائن أناني ومحب لنفسه وبامتياز؛ فهو يعتقد أنه محور الكون، ويجب أن يكون الجميع متفرغاً تمامًا له ولطلباته، وخاصة إذا ما كان المولود الأول للعائلة أو الأخير غالباً، ولذلك فهو لا يدرك أن الأم قد تكون مشغولة أو لديها شعور بالتعب والإرهاق، ويريد منها أن تهتم به وعلى مدار الساعة أي طيلة الوقت وحين يراها مشغولة عنه خصوصاً مع طفل آخر؛ فهو يقوم بصفعها أو يشد شعرها؛ لأنه الأقرب إليه، أو يعَضّها لكي تعود للتفرُّغ والانتباه له.
- لاحظي أن طفلكِ الصغير في سن أقل من ثلاث سنوات، يكون مرهف الحس وليس كما تتصورين، أيْ أنه يكون حساساً، ومشاعر الطفل في هذا العمر تكون سريعة التأثر بما يبدر عنك؛ فلذلك فهو حين يراك حزينة، لا يعرف كيف يترككِ أو يبتعد عنكِ، وفي نفس الوقت فهو يبحث عن حقه الأكيد في أن تكوني مِلكاً له. وقد تلاحظ الأم فعلاً أنها حين تبكي أو تبدو حزينة، يقوم الطفل بعضّها أو شد شعرها بطريقة لا إرادية، كنوع من أنواع التضامن معها.
- لاحظي أنه بالنسبة لقدرة الطفل في سن أقل من عامين خصوصًا على التعبير عن مشاعره ورغباته وطلباته تكون قدرةً محدودة، ولذلك فهو لا يستطيع الكلام مثلًا، وربما يكون كلامه غيرَ مفهوم لو حاول ذلك، وتقوم الأم بمحاولة أن تفهم ما يريده الطفل الصغير، وحين لا تفهم ذلك؛ فهو يشعر بالغضب بشدة ويقوم بعضّها أو شد شعرها، وقد يشدها من ملابسها بكل قوته لكي تتجه نحو الشيء الذي يريده ويكون دورها في هذه الحالة هو كيفية تعليم الأطفال التعبير عن مشاعرهم بطريقة صحيحة وهادئة من خلال الكثير من التحلي بالصبر والتروّي، وعدم العصبية معهم وتفهُّم طبيعة هذه المرحلة.
- توقّعي أن يقوم طفلكِ بضربكِ وأن يشد شعرك المتدلي نحو وجهك حين يراكِ تمسكين بالهاتف، أو حين يزور الجَد أو الجدة أحفادهما فأول تصرُّف في هذا العمر يقوم به الطفل، أنه يقوم بإهداء جَدته عضة من أسنانه الصغيرة، وقد يشد شعر الجد العجوز وهو يريد أن يعبّر عن فرحته بقدومهما ولا يجيد الكلام للتعبير فيستخدم معهما هذه الأساليب الطفولية.
الخطأ الذي تقع فيه الأم في التعامل مع ظاهرة شد الطفل لشعرها

لاحظي أن الخطأ الذي تقعين به حين يقوم طفلك بشد شعرك هو أنك تقومين بشد شعره، كما أنه حين يقوم بضربك فأنت تقومين بضربه بالمثل على اعتقاد منك أن الطفل وتحت عمر السنة والنصف خصوصًا سوف يتوقف عن هذه التصرفات المؤذية حين يتعرض لنفس التصرفات ولكن الحقيقة هي ليست كذلك على الإطلاق؛ لأن الطفل سوف يستمر بهذا العمل بل قد يتطور معه بشكل غير طبيعي.
توقعي أن التعامل بالمثل مع الطفل سوف يثبت لديه السلوك السيئ ولا يمكن أن يكون سببًا في تقويم تصرفات الطفل والذي يجب أن تتعاملي معه بطريقة أفضل مثل أن تمشطي شعرك أمامه لكي يكتشف جمال الشعر وتدعيه يلمس شعرك لكي يشعر بالسعادة وتملسي أيضًا على شعره وتخبريه بهدوء أن الشعر قد خلق لكي يزين الإنسان وأنه سيكون جميلًا بشعره الجميل والمرتب وهكذا.
نصائح هامة للتعامل مع ظاهرة شد الأطفال لشعر الكبار عمومًا

- احرصي على تفهُّم دوافع طفلك عند ضربه لك أو شد شعرك وسوف تلاحظين مثلاً أنه يقوم بعضك وشد شعرك ثم يبكي، ويجب أن تعرفي أن أهم دافع لهذا التصرف هو نقص الاهتمام به، ولذلك يجب ألّا تتجاهلي طفلك أبدًا وبمجرد أن يدخل إلى المكان الذي تكونين فيه، قومي بإفلات أيّ شيء بين يديك، وانظري نحوه مباشرة وبسرعة واحتضنيه وتفرّغي له تمامًا لكي يشعر باهتمامك ومن الممكن أن تستأذني منه في حال كان قادراً على تفهم و استيعاب سبب انشغالكِ القصير عنه.
- ساعدي طفلك لكي يعبّر عن مشاعر يشعر بها نحوك أو نحو أي موقف؛ فعندما يشد شعركِ؛ فقولي له: هل أنت فعلت ذلك لأنك غضبت من تركي لك؟ أو اسأليه إن كان يرغب في أن يلعب معك واهتمي فعلاً باللعب معه ووحدكما؛ لكي يشعر بالأمان وستقلّ هذه التصرفات تدريجياً.
- أمسكي يد طفلك قبل أن ينهال بها ضرباً، أو أن يمدها لشد الشعر سواء عليك أو على الآخرين، وانظري في عينيه بدقة وحزم جيداً وقولي له: إن الضرب ممنوع تمامًا، ثم قومي بالمقابل وبكل حنان بتقبيل يده الصغيرة.
- واظبي على الإشراف على الأطفال الصغار عند لعبهم مع بعضهم البعض؛ ولا تتركيهم لوحدهم مدة طويلة لأنه قد يتعرض للضرب من طفل آخر وقد يقوم طفلك بضرب أحدهم فيجب أن تلاحظي ما يتعرض له الطفل من مواقف تؤدي لرد فعل منه اتجاهها.
- توقفي تماماً عن عقاب الطفل بالضرب وهو وسيلة تربية فاشلة؛ لأنك لو قمتِ في سن مبكر بضرب الطفل أي أقل من عمر 3 سنوات؛ فسوف يتعلم أن يضرب ولذلك يجب أن تعرفي كيف تعاقبين طفلك بطريقة صحيحة حسب عمره، وألّا يكون الضرب تحديدًا هو أحد هذه الطرق.
- ابحثي عن سبب قيام طفلك تحت سن عام ونصف بضربكِ أو صفعكِ أو شد شعرك؛ فقد يكون جائعاً أو مرهقاً أو يشعر بالنعاس؛ فهذه الأحاسيس والمشاعر هي السبب لأن يقوم الطفل بتصرفات مؤذية وسيئة لكي يستحوذ على انتباهكِ، ولذلك يجب أن تسأليه ولو بالإشارة وتتفقدي أحواله دوماً.
- قللي من تناوُل الطفل للسكريات والحلوى عموماً؛ لأنها تؤثر بشكل سيئ على كيمياء مخ الطفل، وتؤدي به إلى القيام بتصرفات عدوانية وسلوكيات سلبية وفقدان السيطرة التامة على تصرفاته.
- لا تسمحي لطفلكِ أبدًا بمشاهدة الشاشات أو استخدام الأجهزة اللوحية قبل عمر ثلاث سنوات؛ لأنها من أسباب ظاهرة العنف والأذى للآخرين عند الأطفال. وبعد سن ثلاث سنوات، اسمحي له أن يشاهدها لمدة ساعة واحدة يومياً فقط.
- احرصي على أن ينشأ طفلك الصغير في جوٍّ أسري متحابّ ومتعاون يقوم على المودّة والرحمة ويظلله الهدوء؛ لكيلا يكون طفلك ضحيةً من ضحايا العنف الأسري الذي شاع انتشاره، وما ينتج عنه من تصرُّفات وسلوكيات عنيفة يصعُب علاجها عند الأطفال وهم الضحايا لها لاحقاً.
قد يهمك أيضًا: كيف تساعدين طفلك على تجاوز مرحلة الاستكشاف خلال نموّه من دون مخاطر؟