mena-gmtdmp

هل يقوّي البرد مناعة الطفل؟ الجواب بين الحقيقة وكلام الجدات!

صورة لطفلة مريضة
طفلة صغيرة تعاني من نزلة برد

كثيراً ما تردد الجدات عبارة شهيرة تقول: التعرض للبرد يقوّي المناعة، والطفل الذي يخرج في الجو البارد سيتعوّد جسده، ويصبح أكثر مقاومة للأمراض. بينما نسمع على لسان إحدى الأمهات الجدد تقول: أولادي يتدربون سباحة صيفاً وشتاءً بحمام سباحة مفتوح -لا غطاء له- ورغم هذا لا يتعرضون لأي من نزلات البرد حتى في الشتاء البارد، وربما حدث العكس لو توقفوا عن التدريب لسبب ما أيام البرد وسقوط المطر! هنا يطل السؤال: هل هذا صحيح علمياً؟ وهل فعلاً البرد يقوي مناعة الطفل؟
في هذا التقرير يكشف لنا الدكتور محمود نصار أستاذ طب الأطفال من خلال استعراض عشر أفكار، حقيقة العلاقة بين الطقس البارد وجهاز المناعة، وكيف يمكن حماية الصغار من أمراض الشتاء من دون حرمانهم من اللعب في الهواء النقي؟

بالحب يكتسب طفلك المناعة

أم تحتضن طفلتها

سيدتي الأم: بداية وبعيداً عن الطب والعلم، تؤكد الدراسات النفسية أن الحب والاحتواء الأسري عاملان أساسيان في رفع المناعة، والطفل الذي يشعر بالأمان والحنان أقل عرضة للأمراض؛ لأن هرمونات التوتر في جسده تكون منخفضة، وكل حضن دافئ وكلمة طيبة من الأم تُرسل إشارة للجسم بأن العالم آمن، فيرتاح الجهاز العصبي ويعمل جهاز المناعة بكفاءة أعلى.

أولى الأفكار: خرافة البرد والمناعة

طفل يتعرض لسيلان بالأنف

الاعتقاد بأن البرد يقوّي الجسم حديث انتقل بين الأجيال من خلال التجربة وليس العلم؛ حيث إن الأمهات في الماضي كن يعتقدن أن الطفل سيعتاد على الجو وأن الهواء البارد يفتح الصدر. بينما الحقيقة العلمية وراء هذا أن الأطفال كانوا يتمتعون بصحة أفضل، بسبب النظام الغذائي المتوازن وحركتهم النشيطة اليومية، وتعرضهم للهواء الطبيعي بشكل متجدد، وليس لأنهم تعرّضوا للبرد نفسه. إذن، المصدر الحقيقي للمناعة ليس درجة الحرارة، بل نمط الحياة والغذاء والنظافة والنوم الجيد.

ثاني الأفكار: تعرّفي إلى ما يحدث عندما يتعرض جسم طفلك للبرد

طفل صغير يسبح في الشتاء

علمياً: عندما يواجه جسم الطفل برودة شديدة- في حمام السباحة مثلاً- تبدأ آلية دفاع طبيعية لحماية الأعضاء الحيوية؛ مثل القلب والدماغ ؛ حيث تنقبض الأوعية الدموية في الأطراف لتقليل فقدان الحرارة.
وهذا بدوره يقلل من تدفق الدم إلى الأنف والحلق، وهي المناطق المسؤولة عن صد الفيروسات والبكتيريا في هذه اللحظة، فيصبح الطفل أكثر عرضة لالتقاط العدوى.
البرودة نفسها لا تُسبب المرض، لكنها تخلق بيئة مثالية لنشاط الفيروسات، خاصة فيروسات الإنفلونزا والبرد، والتي تزدهر في الأجواء الباردة والجافة، ما يجعل العدوى أسرع انتشاراً في الشتاء.

سباحة الرضع والأطفال حديثي الولادة .. تابعي التفاصيل داخل التقرير.

ثالث الأفكار: طالعي سر زيادة نزلات البرد في الشتاء

قلة التهوية
بحثاً عن الدفء يقضي الأطفال وقتاً أطول في الأماكن المغلقة؛ وفيها يتراكم الهواء الملوث بالفيروسات من دون تجدد، مما يسهل انتقال العدوى.
جفاف الهواء
انخفاض الرطوبة يجعل الأغشية المخاطية في الأنف والفم أكثر جفافاً، فتفقد قدرتها على التقاط الجراثيم ومنعها من دخول الجسم.
نقص أشعة الشمس
قلة التعرض للشمس تقلل إنتاج فيتامين د، وهو عنصر أساسي لدعم المناعة، بمعنى آخر، الشتاء لا يسبب المرض مباشرة، لكنه يهيئ البيئة التي تسمح للفيروسات بالانتشار بسهولة.

رابع الأفكار: المناعة تقوّى بالغذاء وليس من الجو

يتفق خبراء التغذية والمناعة على أن المناعة الحقيقية تبدأ من داخل الجسم لا من خارجه، والطفل الذي يحصل على غذاء متوازن غني بالفيتامينات والمعادن هو الأكثر قدرة على مقاومة الأمراض مهما تغيّر الطقس.

خامس الأفكار: تعرّفي إلى العناصر التي تدعم جهاز المناعة

أطعمة تحوي معادن وفيتامينات

فيتامين سي
موجود في البرتقال والجوافة والفراولة ويقوي خلايا الدم البيضاء.
الزنك
يوجد في المكسرات والبقوليات ويحفّز تكوين الأجسام المضادة.
الحديد
يمنع فقر الدم ويعزز قدرة الخلايا المناعية على نقل الأكسجين.
البروتين
أساسي لبناء الخلايا والأنسجة والدفاعات المناعية، الطعام الصحي لا يحمي الطفل من الفيروسات فحسب، بل يساعده على التعافي بسرعة إذا أُصيب بها.
النوم الهادئ
النوم الجيد يعادل في أهميته الغذاء المتوازن، فخلال النوم العميق، ينتج الجسم البروتينات المناعية التي تحارب العدوى وتساعد على التئام الأنسجة.
الأطفال الذين ينامون ساعات كافية يتمتعون بجهاز مناعي نشط، بينما قلة النوم تُضعف قدرتهم على مقاومة الفيروسات.
ينصح الأطباء بأن ينام الأطفال: من 10 إلى 12 ساعة يومياً في السنوات الأولى، ومن 8 إلى 10 ساعات بعد سن المدرسة.
كما يجب أن تكون الغرفة معتدلة الحرارة وجيدة التهوية؛ لتجنب جفاف الأنف والحلق أثناء النوم.

سادس الأفكار: التهوية ليست خطراً بل وقاية

تخلط بعض الأمهات بين التهوية والتعرض للبرد، وتغلق النوافذ خوفاً من المرض، لكن الحقيقة أن تجديد الهواء داخل الغرف ضروري جداً، لأنه يقلل تركيز الفيروسات المنتشرة في الجو. ينصح الأطباء بفتح النوافذ من 10 إلى 15 دقيقة يومياً حتى في الشتاء، بشرط ألا يكون الطفل قريباً من تيار الهواء مباشرة، والهواء النقي يساعد على تنشيط الرئتين ويمنح الجسم جرعة من الأكسجين تحفّز الدورة الدموية والمناعة.

سابع الأفكار: التدفئة الزائدة خطر خفي

لا تكثري على طفلك من الملابس الثقيلة وقت البرد

كما أن البرد المفرط يضعف المناعة، فإن التدفئة الزائدة ليست حلاً صحياً أيضاً، فالطفل الذي يعيش في بيئة شديدة الحرارة يفقد توازنه الحراري بسرعة، وعندما يخرج إلى الجو البارد، يتعرض جسمه لصدمة مفاجئة تجعله أكثر عرضة للعدوى. الحل هو الاعتدال؛ بمعنى ارتداء طبقات خفيفة يسهل نزعها أو ارتداؤها حسب الحاجة مع الحفاظ على درجة حرارة الغرفة
مابين 20 إلى 22.

ثامن الأفكار: أهمية الماء في الشتاء

الكثير من الأطفال يقلّ شربهم للماء في الجو البارد، وهذا خطأ كبير؛ فقلة السوائل تجعل الأغشية المخاطية في الأنف والفم جافة، مما يسهل اختراق الجراثيم للجسم. ينبغي أن يشرب الطفل الماء بانتظام حتى لو لم يشعر بالعطش، ويمكن تعويض جزء من السوائل عبر الحساء الدافئ أو العصائر الطبيعية غير المحلاة، فهي تساعد أيضاً على تدفئة الجسم بشكل صحي.

تاسع الأفكار: التطعيمات والوقاية الذكية

لقاح الإنفلونزا الموسمية من أهم الوسائل الوقائية في الشتاء، رغم أن بعض الأهالي يترددون في إعطائه لأطفالهم ظنًاً أنه قد يسبب المرض، فإن الأطباء يؤكدون أن اللقاح لا يسبب العدوى، بل يساعد الجسم على إنتاج أجسام مضادة تحارب الفيروس الحقيقي إن تعرّض له الطفل لاحقاً، كما أن الوقاية تشمل أيضاً غسل اليدين بانتظام، وتعليم الطفل تجنب لمس وجهه كثيراً، والابتعاد عن المصابين قدر الإمكان.

آخر الأفكار: اللعب في الهواء الطلق أفضل من البقاء في المنزل

طفلة سعيدة تلعب في الهواء الطلق

قد تظن بعض الأمهات أن إبقاء الطفل في المنزل طوال الشتاء هو الحل الآمن، لكن العكس صحيح؛ فالخروج إلى الهواء الطلق في أوقات النهار المعتدلة يقوّي المناعة لأنه يمنح الطفل فيتامين د من أشعة الشمس.
كما أنه ينشّط الدورة الدموية، ويحسّن الحالة النفسية ويقلل التوتر؛ فالطفل الذي يتحرك ويلعب ويتعرض لأشعة الشمس أفضل بكثير من طفل يقضي وقته بين الأجهزة والشاشات في غرفة مغلقة.
*ملاحظة من " سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.