mena-gmtdmp

8 علامات تشير إلى عدم ثقة الطفل بنفسه.. وكلمات وأفعال لتنميتها 

صورة لطفل قلق يشعر بالوحدة
طفل يشعر بالقلق والخوف وعدم الثقة
الثقة بالنفس ليست صفة يولد بها الإنسان، بل تُبنى يوماً بعد يوم من خلال تجارب الطفل الصغيرة، وطريقة تعامل والديه معه، والكلمات التي يسمعها في بيته، وفي المقابل فإن ضعفها لا يعني فشل الطفل أو تقصير الأهل، بل هو إشارة تحتاج إلى انتباه ورعاية؛ لأن كل طفل يملك القدرة على استعادة ثقته إذا وجد البيئة الصحيحة التي تحتضنه وتفهمه.
بعض الأمهات يلاحظن أن الطفل يبدو هادئاً، مهذباً، أو خجولاً بطبعه، والحقيقة أن خلف هذا الهدوء قد تكمن مشاعر أعمق؛ إذ كثير من الأطفال يعانون من ضعف الثقة بالنفس، حتى لو بدوا سعداء أو متوازنين في نظر الآخرين، وهذا الضعف لا يظهر دائماً بوضوح، ولكنه يتسلل بهدوء إلى سلوكهم اليومي وطريقة رؤيتهم لأنفسهم.

هنا يؤكد الدكتور ياسر الشامي أستاذ علم نفس الطفل أن ثقة الطفل بنفسه ليست رفاهية تربوية، بل حاجة أساسية تنعكس على علاقاته بأصدقائه وأدائه في المدرسة، وحتى على قدرته في اتخاذ قراراته في المستقبل، وتنمية الثقة بالنفس تحتاج لكلمات دافئة وأفعال داعمة، وبيئة آمنة تحترم الطفل كما هو.

أولاً: علامات تشير لاحتياج طفلك لدعم نفسي وعاطفي

طفلة تشعر بالقلق والتوتر

خوف الطفل من تجربة شيء جديد: وتجنّب التحديات أو الانسحاب من الأنشطة الجديدة بسرعة، وذلك لا يعني بالضرورة أنه غير مهتم، بل قد يكون قلقاً من الفشل أو من نظرة الآخرين إليه. بينما الطفل الواثق يجرب، حتى إن لم ينجح من المرة الأولى، ومنْ يفتقر إلى الثقة فيفضّل الانسحاب على أن يُخفق أمام الآخرين.

طرق لتقوية ثقة طفلك بنفسه هل تودين التعرف إليها؟

طلب المساعدة في أمور يستطيع إنجازها بنفسه: هذا السلوك يعكس خوفاً داخلياً من الخطأ أو من تحمّل المسؤولية، يحتاج الطفل أن يشعر بأن لديه القدرة على المحاولة، حتى لو أخطأ، وأن والديه يقدّران الجهد لا النتيجة.
تكرار الاعتذار: أو استخدام عبارات سلبية عن الذات؛ حين يقول الطفل أنا غبي أو لا أستطيع عمل شيء، فهذه ليست مجرد كلمات عابرة إنها طريقة للتعبير عن إحباطه أو عن إحساسه بأنه أقل من الآخرين، وتكرار هذه العبارات يستدعي تدخلاً لطيفاً من الوالدين، يُعيد تعريف معنى الخطأ للطفل؛ بأن الخطأ فرصة للتعلّم وليس دليلاً على الضعف.
تكرار المقارنة السلبية بالآخرين: سواء بدأها الطفل بنفسه أو سمعها من الكبار، ما يُضعف إحساسه بقيمته، نجده يقول مثلاً: زميلي أحسن مني، هو في الحقيقة يقول: أنا لا أستحق التقدير، لذلك من المهم تحويل المقارنة إلى حافز إيجابي بدل أن تكون مصدراً للضغط من جانب الآباء.
توتر مفرط: عند التحدث أمام الآخرين أو عند ارتكاب خطأ، الأطفال الذين يعانون من ضعف الثقة يتعاملون مع المواقف الاجتماعية بخوف شديد من النقد أو السخرية، ويحتاجون إلى تشجيع، الواجب التركيز على الشجاعة في المحاولة، وليس على الكمال في الأداء.
ردود فعل مبالغ فيها تجاه النقد: حتى الملاحظات البسيطة قد تُشعر الطفل بأنه فشل بالكامل. هنا، يحتاج الأهل إلى لغة نقد بنّاءة تشجّع ولا تجرح، وتفصل بين الخطأ والسلوك، من دون المساس بقيمة الطفل كشخص.
يختار الطفل الوحدة: وتفضيل العزلة أو اللعب بمفرده أحياناً؛ لأنه يخشى ألا يكون مقبولاً بينهم، هنا هو يحتاج إلى تجارب اجتماعية تدريجية مع دعم لطيف من والديه.
تردد كبير قبل اتخاذ أي قرار: ضعف الثقة يجعل الطفل خائفاً من عواقب اختياره، حتى في أبسط الأمور، وتشجيعه على اتخاذ قرارات صغيرة يومية يعزز إحساسه بالاستقلالية والقدرة.

ثانياً: كلمات وأفعال تبني الثقة وتغذي روح المحاولة

كلمات تشجيعية يومية
أب يدعم ابنه ويشجعه

الكلمات التي يسمعها الطفل يومياً تشكّل صورته الداخلية عن نفسه، لذلك فإن تغيير أسلوب الخطاب داخل البيت يمكن أن يصنع فرقاً كبيراً في شعوره بالثقة والقدرة.
"أنا فخور بك لأنك حاولت"، ليس من الضروري أن تكون النتيجة مثالية، فالتركيز على المحاولة يعزز قيمة الجهد وليس الكمال، ويخفف الخوف من الفشل.
"كلنا نغلط، المهم نتعلم من الغلط"، بهذه الجملة، نعلّم الطفل أن الخطأ ليس تهديداً بل فرصة للتطور.
"رأيك مهم، ما رأيك نعمل.. أو..؟"، هيّا امنحي طفلك مساحة لإبداء الرأي، ما يعلمه أن صوته مسموع وأن أفكاره لها وزن.
"أنا واثق إنك تقدر، حتى لو احتجت وقتاً"، الثقة التي يسمعها من والديه تترجم داخلياً إلى إيمان بقدرته الذاتية.
"عرفتك شجاعاً عندما جرّبت شيئاً جديداً؟، هنا تسليط الضوء على الشجاعة يربط المحاولة بالإيجابية بدل الخوف.
"أنت مميز بطريقتك، ليس من الضروري أن تكون مثل أي أحد"؛ ترسيخ فكرة التفرّد يحمي الطفل من المقارنة ويغذي احترام الذات.
أفعال غير مباشرة تعزز الثقة
تخصيص وقت للعب مع الأطفال
  • إشراك الطفل في قرارات بسيطة مثل اختيار وجبة الغداء أو النشاط العائلي، يمنحه إحساساً بالمسؤولية، ويعزز قدرته على اتخاذ القرار.
  • مدحه أمام الآخرين بشكل معتدل أمام الأقارب أو الأصدقاء، يرفع ثقته من دون أن يولّد ضغطاً.
  • مشاركة قصص شخصية عن الأخطاء، والتعلّم منها عندما يسمع الطفل من والده أو والدته عن تجارب فشل ثم نجاح، يدرك أن الخطأ طبيعي وأن الكبار أيضاً يتعلمون.
  • تخصيص وقت للعب أو الحديث من دون مقاطعة أو انشغال بالهاتف، هذا الوقت الصافي يُشعر الطفل بأنه أولوية حقيقية في حياة والديه.
  • منحه مسؤوليات صغيرة مناسبة لعمره مثل؛ ترتيب ألعابه أو سقي النباتات؛ الثقة بقدرته تعزز ثقته بنفسه.
  • عدم مقاطعته أثناء الحديث والاستماع الكامل الفعّال، تعد رسالة احترام تجعل الطفل يشعر بأن أفكاره تستحق الإصغاء.
  • الاحتفال بالجهد وليس بالنتائج فقط مثل؛ الإشادة بإنهائه واجباً أو الثناء لمحاولته تعلم مهارة جديدة، بغضّ النظر عن النتيجة.
بيئة داعمة تنمي الثقة بالنفس
طفلة تتمتع بالحب والاحتواء من والديها

الثقة بالنفس لا تنمو من فراغ، إنها تحتاج إلى بيئة تُشعر الطفل بالأمان والقبول، وتمنحه الفرصة ليخطئ ويتعلم، إليكِ أبرز عناصر هذه البيئة:
  • المقارنة بين الإخوة أو الأصدقاء تزرع المنافسة السلبية. بدلاً من ذلك، ركّزي على تطور كل طفل وفق قدراته الخاصة.
  • الابتعاد عن الإهانة أو السخرية حتى في المزاح، الكلمات الجارحة تبقى في ذاكرة الطفل طويلاً، وتضعف صورته عن نفسه، بينما المزاح الإيجابي أفضل من أي انتقاد ساخر.
  • تعليمه أن الفشل جزء طبيعي من التعلم عبر مواقف يومية بسيطة، يمكن إظهار أن كل إنجاز سبقه فشل أو محاولة غير ناجحة، وهذا ما يصنع النجاح الحقيقي.
  • توفير فرص للتعبير عن الذات من خلال الرسم، الكتابة، التمثيل، أو أي نشاط إبداعي آخر، هذه المساحات تتيح للطفل أن يعبّر عن ذاته بحرية من دون خوف من الحكم عليه.
  • أن يكون الأهل قدوة في احترام الذات، الطفل يراقب أكثر مما يسمع؛ عندما يرى والديه يتحدثان عن نفسيهما باحترام، ويواجهان الصعوبات بثقة، سيتعلم بالملاحظة لا بالتلقين.
  • توازن بين الحب والانضباط، الثقة بالنفس لا تنمو في بيئة متساهلة تماماً أو صارمة جداً، بل في بيت يعرف فيه الطفل أن الحب غير مشروط، وأن هناك حدوداً لحمايته لا لعقابه.
  • الاحتواء عند الفشل عندما يخفق الطفل، احضنه بدل أن توبخه، ضمة من القلب تساوي دعماً نفسياً لا تقدّره الكلمات.
  • التركيز على نقاط القوة بدل الضعف تساعده على اكتشاف ما يُجيده، واسمحي له بتطويره، النجاح في مجال واحد يُعيد بناء ثقته في المجالات الأخرى.

ثالثاً: دور الأهل في ترميم الصورة الداخلية للطفل

أمّ تحتضن طفلتها
  1. الأطفال الذين يعانون من ضعف الثقة بالنفس لا يحتاجون إلى مديح مبالغ فيه أو حماسة مؤقتة، بل إلى حضور صادق ومستمر من الأهل.
  2. يحتاجون إلى منْ يرى ما وراء السلوك، ويفهم أن الغضب أو الانسحاب ليسا عناداً بل خوف من الفشل.
  3. من المهم أن يتحدث الأهل مع الطفل بلغة هادئة، تحترم مشاعره وتساعده على تسميتها، فيتعلم فهم عواطفه والتعبير عنها بثقة.
  4. بناء الثقة ليس مشروعاً قصير الأمد، بل رحلة تنمو ببطء مع الصبر والتكرار، كل مرة يُسمح له فيها بالمحاولة، ويُحتفى بجهده، يُضاف في بناء شخصيته المستقرة والواثقة.
  5. التقدير الذاتي الذي يحمله الطفل لنفسه اليوم سيشكّل صورته كبالغ في المستقبل، وعندما يشعر منذ الصغر أنه مقبول كما هو، وأن أخطاءه لا تقلل من قيمته، فإنه سيكبر وهو يعرف كيف يواجه الحياة بشجاعة.
*ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليكِ استشارة طبيب متخصص.