حنان كمال فنَّانةٌ سعوديَّةٌ متعدِّدةُ المواهب، فهي تمزجُ بين الفنِّ والموسيقى، لتخلقَ لغةً بصريَّةً وصوتيَّةً، تنبعُ من الصدقِ، والبحثِ عن الجمالِ في الفوضى. ترى أن الفنَّ، ليس مهنةً، وإنما طريقةٌ للبقاء، وتُؤكِّد أن جدة بالنسبةِ لها، لا تقتصرُ على كونها مدينةً فقط، بل هي أيضاً أغنيةٌ جميلةٌ لا تنتهي، ومصدرُ إلهامٍ دائم، يُعلِّمها كيف تُحوِّل الإحساسَ إلى لونٍ، والصوتَ إلى حكايةٍ.. هذا وأكثر ما أفصحت عنه لـ «سيدتي» خلال هذا اللقاء.
حنان كمال

بدايةً، كيف تُقدِّمين نفسكِ لجمهورِ «سيدتي»؟
أقدِّمُ نفسي بوصفي صوتاً، يبحثُ عن الصدقِ أكثر من الكمال. بوصفي شخصاً يحاولُ أن يُحوِّل الفوضى التي في داخله إلى شيءٍ جميلٍ، يمكن للعالمِ أن يراه، أو يسمعه. أحاولُ أن أكون صادقةً في إحساسي، وفي اختلافِ موضوعاتي التي تستمدُّ من تجاربي وتجاربِ الآخرين، وأطمحُ إلى أن أكون صوتَ الجمهور، وصوتَ نفسي في الوقتِ نفسه. الفنُّ بالنسبةِ لي، ليس مهنةً، إنه طريقةٌ للبقاء، ووسيلةٌ لفهمِ ما لا يمكن تفسيره بالكلمات.
ما الشرارةُ الأولى التي جمعت بين الفنِّ والموسيقى في مسيرتكِ؟
لم تكن لحظةً واحدةً، بل كانت رحلةَ وعي. منذ طفولتي، وأنا أرى اللونَ، وأسمعُ الصوتَ بالإحساسِ ذاته، ثم إن هناك انسجاماً طبيعياً بين ما أراه وما أسمعه. ومع مرورِ الوقت، أدركتُ أن كلَّ ما أفعله، هو محاولةٌ لترجمةِ هذه العلاقةِ بين السمعِ والبصرِ إلى عملٍ، يمكن للآخرين رؤيته، أو سماعه.
ما الدورُ الذي لعبته مدينةُ جدة في تشكيلِ رؤيتكِ الفنيَّةِ والموسيقيَّة؟
جدة كانت دائماً تُشبه أغنيةً جميلةً لا تنتهي. هي المدينةُ التي علَّمتني أن أتنفَّسَ الفن. فيها البحرُ الذي لا يهدأ، والأحياءُ القديمةُ الزاخرةُ بالقصص. فيها الأصالةُ والانفتاح، وهذه الثنائيَّةُ، انعكست في أعمالي بوصفها مزيجاً من التراثِ والحداثة، ومن العفويَّةِ والتأمُّل. لقد تعلَّمتُ منها أن الفنَّ، لا يُولَدُ من الكمالِ، بل من الصدق.
كيف تصفين علاقتكِ بالفنِّ البصري والموسيقي، وهل هناك خيطٌ خفي، يربطُ بينهما؟
الخيطُ بينهما، يكمنُ في الروح. حين أرسمُ، أشعرُ وكأنَّ صوتاً داخلياً يعزفني، وحين أعزفُ، أو أكتب، أرى الألوانَ تتحرَّك داخلي. الفنُّ بالنسبةِ لي، ليس شيئاً أفعله، بل هو شيءٌ، يمرُّ من خلالي.
عندما تعزفين، أو تُصمِّمين عملاً بصرياً، أيهما يقودُ الآخر: الإحساسُ، أم الفكرة؟
الإحساسُ. دائماً الإحساس. الفكرةُ تأتي مثل ظلٍّ بعد أن يُولَدَ الضوء. أحياناً تبدأ النغمةُ، فتخلقُ مشهداً بصرياً، وأحياناً تبدأ ضربةُ لونٍ، فتفتحُ لحناً، لم أسمعه من قبل.
ما رأيك بالتعرف على الفنانة عبير عبدالله
جدة تعلّمني الإصغاء

كيف تختارين الألوانَ، أو الألحانَ التي تُعبِّرين بها عن نفسكِ، وهل هناك نغمةٌ خاصَّةٌ لأسلوبكِ؟
الألوانُ تختارني قبل أن أختارها. أشعرُ بها كما يشعرُ المرءُ بالذكرياتِ قبل أن يعيشها. ربما نغمةُ أسلوبي، هي الحنينُ والعمق، مزيجٌ من الضوءِ والظلِّ، من الفرحِ والحزنِ، من الإنسانيَّةِ والضعفِ الصادق. أؤمنُ بأن الجمالَ الحقيقي، يكمنُ في العفويَّةِ، لا في التصنُّع.
هل ساعدَ المشهدُ الثقافي في جدة في بروزِ فنَّانين، يجمعون بين أكثر من نوعٍ فنِّي؟
نعم. جدة تُشبه مساحةً مفتوحةً للطبيعةِ الإنسانيَّةِ نفسها. فيها مزيجٌ من الحداثةِ والروحِ القديمة، ما يخلقُ بيئةً، تحتضنُ التجريبَ والدمج. إنها مدينةٌ، تتقبَّلُ الغرابةَ، وتحتفي بالاختلافِ، وهذا ما يجعلها خصبةً للإبداع.
ما الرسالةُ التي تسعين إلى توصيلها من خلال أعمالكِ؟
بأن الجمالَ لا يعني الكمال. بأننا قادرون على إيجادِ النورِ حتى في أحلك اللحظات إذا تجرَّأنا على النظرِ بصدقٍ. الفنُّ بالنسبةِ لي محاولةٌ لجعلِ الألمِ جميلاً، لا بإنكاره، بل بالتصالحِ معه. أحبُّ إضافةَ لمستي الشعريَّة، وأحياناً المبالغةَ في وصفِ الإحساسِ بوصفي فنَّانةً تحبُ التشبيه والعاطفة.
هل الفنُّ بالنسبةِ لكِ وسيلةٌ للتعبيرِ الشخصي، أم جسرٌ للتأثيرِ في المجتمع؟
الفنُّ يبدأ من الذات، لكنَّه لا يتوقَّفُ عندها. هو رسالةٌ، تخرجُ من القلب، لتصلَ إلى قلوبٍ أخرى دون الحاجةِ إلى تفسيرٍ. حينما تكون صادقاً في تعبيرك، ستُغيِّر شيئاً في العالم حتى لو بصمتٍ.
ومن عالم الفن يمكنك أيضًا التعرف على الفنانة الدكتورة هبة القواس
«أتُمنى التعاونَ مع فنانين يؤمنونَ بـ «الجنونَ الجميلِ»
ما اللحظةُ التي شعرتِ فيها بأن الجمهورَ فهمَ ما تريدين قوله عبر فنِّكِ؟
حين يغمضُ أحدهم عينَيه أثناء استماعه، أو يبتسمُ أمامَ لوحةٍ دون أن يتكلَّم. الفهمُ الحقيقي، لا يحدثُ بالكلمات، بل عندما يلتقي إحساسُ الفنَّانِ بإحساسِ المتلقي دون أن يحتاجا إلى شرحٍ.
هل هناك تعاوناتٌ فنيَّةٌ، أو موسيقيَّةٌ تحلمين بها؟
أحلمُ بتجاربَ، تمزجُ الأداءَ الحي بالفنِّ البصري حيث تتحوَّلُ الحفلةُ إلى طقسٍ روحي لا مجرَّد عرضٍ. أتمنَّى التعاونَ مع فنَّانين يؤمنون بـ «الجنونِ الجميل»، ولا يخافون من التجاوزِ، ولا يهابون الصمت مثل فلورانس ويلش Florence Welch، شادي Sade، كريس مارتين Chris Martin، فيروز Fairuz، برونو مارس Bruno Mars، فينياس Finneas، وغيرهم من الفنانين الذين شكَّلوا وعيي الموسيقي والإبداعي.
ما الذي تنتظرينه من الجيلِ الجديدِ من الفنَّانين في السعوديَّة؟
- أن يكونوا صادقين، لا لامعين فقط.
- ألَّا يخافوا من العمقِ، وألَّا يبحثوا عن الجمالِ السهل.
- الفنُّ الحقيقي، يُولَدُ من الشكِّ والبحثِ، لا من الراحة.
ما الجملةُ التي تُلخِّص فلسفتكِ في الحياةِ والفنِّ؟
الفنُّ، هو الطريقةُ التي أتعلَّمُ بها كيف أكون حيَّةً. كيف أسمعُ ما لا يُقال، وأرى ما لا يُرى، وأجدُ السلامَ وسطَ الضوضاء.
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط





