متلازمة موت الرضيع المفاجئ:

تهدّد بعض المخاطر الصحيّة حياة الطفل منذ ولادته وحتى عمر السنة، وتحديداً "متلازمة موت الرضيع المفاجئ"Sudden infant death syndrome  والتي تعرف لدى البعض باسم "موت المهد"، وهي حالة نادرة يعجز الأطباء عن تفسير سبب حدوثها. وتبيّن إحصائية صادرة حديثاً عن مستشفى بوسطن للأطفال، في هذا الإطار، أن معدّل حدوث هذه المتلازمة يبلغ 5,000 حالة سنوياً في الولايات المتحدة الأميركية، وذلك نتيجة خلل في جزء من الدماغ مسؤول عن عمليات التنفس والإستجابة بالاستيقاظ عند تعرّض الطفل للاختناق.

وتفيد الإحصائيات الصادرة عن "منظمة الصحة العالمية" زيادة نسبة الإصابة في صفوف الذكور أكثر من الإناث، كما ارتفاع عامل الخطورة بين العائلات التي يقضي فيها أكثر من رضيع بصورة غير مفسّرة.

"سيدتي" تسأل الاستشاري في طب وأمراض صدر الأطفال في مستشفى الدكتور سليمان فقيه بجدة الدكتور صلاح الحربي عن طبيعة "موت المهد" و العوامل المسؤولة عن حدوثه والنصائح التي تساعد الأم على حماية رضيعها خلال أشهر حياته الأولى.

 

يربط أطباء في "مؤسسة مايو للتعليم الطبي والبحث"Mayo Foundation for Medical Education and Research بين "متلازمة موت الرضيع المفاجئ" ووجود خلل بجذع المخ لديه وخصوصاً في منطقة الضبط القلبي التنفسي، علماً أن جذع المخ مسؤول عن التحكّم في عملية التنفس والإستجابة العصبية عند الاستيقاظ، ما يزيد من حدوث الوفاة أثناء النوم بفعل الاختناق. كما قد تصاب أجهزة الضبط الذاتية (أجهزة تنظيم ضغط الدم وتنظيم النوم واليقظة)  لدى الرضيع بالاضطراب أيضاً أو بقصور في أداء وظائفها الحيويّة، ما يزيد الحالة سوءاً. ويرى الأطباء أنّه يصاحب هذه المتلازمة حدوث نقص فى حساسية المستقبلات الكيميائية، ما ينتج ضعفاً في استجابة الطفل عند تعرضّه إلى نقص في الأوكسجين أو زيادة في ثاني أكسيد الكربون بالجسم. ورغم غياب الأسباب الواضحة المسؤولة عن هذه المتلازمة، يتّفق العلماء على بعض عوامل الخطورة المسؤولة عنها: 

 

1- عوامل ترتبط بالرضيع

- النقص في وزن الوليد: يزيد كلّ من الولادات المبكرة أو تعدّد الأجنة من احتمالية نقص النضج الكامل لدماغ المولود الجديد، بما في ذلك المراكز المسؤولة عن ضبط النظم القلبية والتنفسية، علماً أن بعض الباحثين يجد علاقة عكسية بين خطورة حدوث هذه المتلازمة وبين وزن المولود عند الولادة نسبة إلى عمر الحمل.

- العدوى في الجهاز التنفسي: تبيّن مراجعة التاريخ المرضي لضحايا هذه المتلازمة إصابة بعضهم بأمراض تنفسية وأزمات صدرية وعدوى في الجهاز التنفسي.

 

2- عوامل ترتبط بالأم

- صغر سنّ الأم والنقص في ثقافتها، خصوصاً مع الحالة الإجتماعية والإقتصادية المحدودة وضعف الحالة الصحية.

- زيادة عدد الولادات وتقارب فتراتها.

- التدخين، خصوصاً أثناء الحمل وبعد الولادة.

- تناول بعض العقاقير أثناء الحمل.

- إصابة الحامل بفقر الدم وسوء التغذية والنقص في الأوكسجين والنقص في الرعاية قبل الولادة، ما ينتج تأخّر نموّ الجنين.

 

3- عوامل بيئية ترتبط بنوم الرضيع

- استلقاء الرضيع على بطنه أثناء النوم: تفيد دراسة  صادرة عن جامعة أوكسفورد إلى أن خطر تعرّض الرضيع إلى هذه المتلازمة يزداد من 5 إلى 10 أضعاف في وضعية النوم على البطن، وتوصي "الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال" بضرورة نوم الرضيع مستلقياً على ظهره.

- يسبّب وضع الطفل على وجهه أثناء النوم  نوبات من انسداد الممرّات الهوائية والاختناق، ويعزو  الأطباء السبب إلى أنه في حالات الطفل حديث الولادة مكتمل الحمل، يستيقظ هذا الأخير قبل أن تصبح هذه الوضعية مهدّدة للحياة، بينما عند الرضيع الذين يعاني من قصور في الإستجابة بالاستيقاظ فإنه غالباً ما يتعرّض إلى اختناق قاتل!

- تفيد دراسة صادرة عن جامعة أكسفورد الطبية أن نوم الرضيع في غرفة مستقلّة عن والديه قد يزيد من معدّل خطر هذه المتلازمة بنسبة 17 مرّة. لذا، ينصح الأطباء بنوم الطفل في سريره الخاص داخل غرفة والديه.        

- يزيد النوم على سطح شديد الليونة أو استخدام الأغطية المخملية وتغطية الرضيع إلى أعلى رأسه من خطورة الاختناق، خصوصاً مع وضعية النوم فيما الوجه إلى الأسفل.

- التدفئة الزائدة: تترافق زيادة درجة حرارة الجسم أو المحيط مع هذه المتلازمة، علماً أن هنالك عدداً من التداخلات المعقّدة بين تنظيم الحرارة وبين الضبط القلبي الرئوي للجسم.

 

9 نصائح تحمي الرضيع من متلازمة الموت المفاجئ

1- وضعه مستلقياً على ظهره (ما لم يكن هنالك مانع صحي لذلك) عند النوم. وإذ كان البعض يعتقد بأن وضع الطفل على ظهره بصورة مستمرة قد يؤدّي إلى حدوث تشوّهات خفيفة في عموده الفقري، ينصح الأطباء بتغيير وضعية الطفل حال الاستيقاظ، وذلك بوضعه أحياناً على بطنه وفي أحيانٍ أخرى على ظهره أو على جانبه، شريطة أن يكون مستيقظاً.

2- عدم وضعه على وسائد أو مراتب ليّنة أثناء النوم، بل اختيار مرتبة قوية من القطن مناسبة لحجم السرير الخاص به، مع استبعاد الوسائد أو الألعاب المحشوّة التي قد تؤذيه خلال النوم على سريره.

3- التأكّد من أن رأسه وخصوصاً منطقة الوجه غير مغطّاة بأي أغطية قد تمنع أو تعوق عملية التنفس خلال النوم، مع مراعاة تقليل عدد هذه الأغطية قدر المستطاع والحفاظ على درجة حرارة الغرفة معتدلة.

4- ينصح بعض الأطباء بوضعه في سرير خاص به بجوار الأم أو قريباً منها أثناء النوم، إذ يفضّل عدم نومه مع الوالدين في الفراش عينه.

5- تثبت الدراسات الصادرة حديثاً عن "منظّمة الصحة العالمية" أن الرضاعة الطبيعية تقلّل من خطر هذه المتلازمة لأنها تحمي الوليد من الالتهابات. لذا، ينصح الباحثون الأمهات بالاستمرار في إرضاع صغارهن حتى سنّ ستة أشهر أو أكثر، ما يقلّل من حدوث التهابات في الجهاز التنفسي لديهم ويزيد مناعتهم، وبالتالي يحدّ من حدوث هذه المتلازمة.

6- تجنّب التدخين بجوار الطفل حديث الولادة، إذ يؤدّي دخان السيجارة والنارجيلة إلى صعوبة تنفسه، كما ينصح بإبعاده عن أي مصدر من مصادر الغازات المتطايرة كالمبيدات المكافحة للحشرات...  

7- التهوئة الجيّدة لغرفته، مع إبقاء الهواء نقياً ومتجدّداً حوله باستمرار.

9- التأكد من أنه تجشّأ، قبل نومه.

10- يعتقد في الآونة الأخيرة أن الماصّة المطّاطية التى يستخدمها الرضيع أثناء نومه تساهم في تقليل احتمالية الإصابة بمتلازمة الموت المفاجئ، إذ تعمل على إبقاء مجرى التنفس مفتوحاً وتبقى على مسافة بين الرضيع وغطائه، كما يعتقد أن الطفل الذي لا يستخدم الماصّة يجد صعوبةً أكبر في الاستيقاظ.