اليوم العالمي للسعادة.. ما هو سر سعادة الدانمركيين؟

الشرفة عنصر رئيسي لا غنى عنه في منازل الدنماركيين للاسترخاء مع العائلة والأصدقاء
سر سعادة الدانمركيين
الدنماركيون يعشقون العيش في الهواء الطلق
قطة دنماركية تحظى هي الأخرى بلحظات استرخاء خاصة بها على الكنبة
زوجان دنماركيان سعيدان ببيتهما الصغير الدافئ
رئيسة
شقة رومانسية صغيرة لنادلة دنماركية
8 صور

باتت كثير من دول العالم تنتظر بشغف واهتمام صدور التقرير السنوي للأمم المتحدة عن «أسعد دول العالم والأماكن» التي يشعر شعوبها والمقيمون فيها بالسعادة والرخاء الاقتصادي والأمن والسلام، وسر تميز هذا التقرير دقته، واختلاف مراتب الدول فيه من عام لآخر، ويعود له الفضل في تغيير بعض الدول لسياساتها الاقتصادية والتنموية؛ لتطور نفسها بهدف أن تحظى بمرتبة متقدمة في تقارير الأمم المتحدة في السنوات القادمة.
واحتلت فنلندا هذا العام المركز الأول كأسعد مكان على الأرض، وفقاً لتقرير سنوي للأمم المتحدة، متفوقة بذلك على النرويج التي تصدرت قائمة العام الماضي.

وقد احتلت الدول الإسكندنافية (فنلندا والنرويج والدنمرك وأيسلندا وسويسرا) المراكز الخمسة الأولى، وكانت الفروق بينها ضئيلة لدرجة أن أي واحدة منها كان بوسعها احتلال المركز الأول، كما أن السويد جاءت في المركز العاشر في القائمة.

ما علاقة الطموح بسعادة الدانمركيين؟
تشير التقارير إلى أن هذه الدول صنفت في قائمة أكبر 20 دولة في العالم من حيث الدخل، ومتوسط الأعمار فيها مرتفع، ولكن الضرائب فيها أيضا مرتفعة، وتقول دراسة أمريكية إنه بعد تجاوز الدخل مبلغ 75 ألف دولار سنوياً فإن أي زيادة على هذا المبلغ ليس لها تأثير يذكر على الإحساس بالسعادة.

ويقول مايك ويكينغ مدير معهد بحوث السعادة في الدنمرك: «نحن لا ندفع ضرائب، نحن نستثمر في بلدنا ونشتري مستوى حياة مرتفع».
وكان نجاح الدانمركيين في مجال «السعادة» والذي يعود إلى سبعينيات القرن العشرين الماضي قد لفت النظر إلى ثقافتهم الخاصة بالاسترخاء المعروفة بالهايجي، مثل الجلوس أمام المدفئة في الليالي الباردة مرتدياً «بلوفر» من الصوف بينما تحتسي المشروبات الدافئة، وتداعب كلبك، وربما تكون محاطاً بالشموع، أو ربما تجلس في الفراش متدثراً باللحاف بينما تشاهد التليفزيون وتحتسي الشاي، أو اجتماع الأسرة في الكريسماس والمناسبات العائلية الهامة كل ذلك هايجي. وهناك ممارسات مشابهة في الدول المجاورة.

ويقول باحثان من جامعة فارفيك: إن الموضوع يتجاوز الاشتراكية والاسترخاء. ويوضح الباحثان أندرو أوزوالد وأوغونيو بروتو الأمر قائلين إنهما وجدا الإجابة في جينات الدنمركيين: «وكلما كانت جينات أي أمة أقرب للدنمركيين كانت أكثر سعادة».
وأشار الباحثان إلى أن الدنمركيين يحملون جيناً له علاقة بالمزاج الطيب ومقاوم للاكتئاب.

ولكن مايكل بوث مؤلف كتاب: The Almost Nearly Perfect People: Behind the Myth of the Scandinavian Utopia يعتقد أن سبب سعادة الدنمركيين راجع إلى انخفاض سقف طموحاتهم.
وكتب بوث يقول: «إن طموحات الدنمركيين أقل منا، وعندما يكون سقف طموحاتك منخفضاً تشعر بالرضا، لذلك فهم سعداء».
وتصدر التقرير العالمي للسعادة، سنوياً، شبكة حلول التنمية المستدامة، وهي مبادرة أطلقتها الأمم المتحدة إثر حصول مملكة بوتان، في 2012، على تأييد لمقترحها باعتبار السعادة هدفاً عالمياً وعنصراً استرشادياً للسياسات الحكومية.
وتعتمد الدراسة عوامل رئيسية عديدة للسعادة، حسب ما جاء في التقرير، مثل الحرية والصحة والرخاء والسخاء والتكافل الاجتماعي.

هكذا يعيش الدنمركيون
ويهتم الدنمركيون بإسعاد أنفسهم والاحتفال بأعيادهم برومانسية، فيقدمون الأزهار والحلويات لأمهاتهم في «عيد الأم» الموافق عندهم في الثاني من أيار- مايو، وفي اليوم الأول من أيار تمنح الشركات موظفيها إجازة خاصة لممارسة الرياضة والتنزه في الحدائق العامة مع عائلاتهم، ويشعل معظم الدنمركيين مساء كل يوم 5 أيار- مايو الشموع ويضعونها على نوافذهم احتفالاً بذكرى تحرير بلادهم من الاحتلال الألماني الذي تم عام 1945 وأصبحت طقساً سنوياً لا يمكن لدنمركي وطني نسيانه، ولديهم العديد من المهرجانات المخصصة للأطفال والنساء التي تبعث البهجة في قلوبهم وتنسيهم ما يجري من حروب ومشاكل في أماكن بعيدة عن محيطهم السعيد والهادئ.

ورغم أن معظم الدنمركيين يعيشون في منازل صغيرة لا تتجاوز الـ «110» متر مربع فإنهم راضون بها كل الرضا لحسن استغلالهم المساحة، وتزيينها بالديكور والألوان المبهجة والأثاث الملون الحديث والقديم، والشموع، ويصرون على أن يكون فيها شرفة مطلة تساعدهم على الاسترخاء نفسياً والاستمتاع بأشعة الشمس نهاراً، وبهدوء الليل ونسيمه ليلاً، فهم يعشقون جداً العيش في الهواء الطلق.