هل تعانين الاكتئاب المبتسم ؟!

"الاكتئاب المبتسم" ليس جديداً

إذا كنتِ تعانين أعراض الاكتئاب، وفي الوقت ذاته تبدين سعيدة، فهذه ستكون علامات الاكتئاب المبتسم، والذي وصفته العديد من الدراسات أخيرًا، بأنه يفتقد إلى المظاهر أو الأعراض الظاهرة. ولكن ما هو الاكتئاب المبتسم فعليًّا؟

في بداية العام 2019، لا بد وأنكِ تصفحتِ العديد من المقالات على الإنترنت، تتحدث عن الموضوع الغامض "الاكتئاب المبتسم". ويتميز هذا الاكتئاب بأنّ الشخص يبدو سعيدًا وتبدو طريقة حياته عادية، ولكنه يعاني داخليًّا أعراض الاكتئاب (فقدان الطاقة، واللامبالاة، والتهيج، وغيرها من الأعراض)... وعلى الرغم من أنه من السهل تحديد هذه الأعراض الأخيرة لدى الأشخاص المصابين بالاكتئاب التقليدي، إلا أنّ المصابين بالاكتئاب المبتسم تحديدًا، لديهم القدرة على إخفاء الحالة السيئة التي يشعرون بها، عن الأشخاص من حولهم . ولكن لماذا ظهر هذا الموضوع فجأة على الشبكة، وهل هو بالفعل حالة مرضية؟


تحت حالة الانكسار


جميع ما تمَّ نشره حديثًا حول الاكتئاب المبتسم، جاء في الواقع في أعقاب مقال نشره باللغة الإنكليزية الموقع الإلكتروني The Conversation وذلك بتاريخ 18 شباط/فبراير الماضي، وكاتبة المقال أوليفيا ريميز هي طالبة دكتوراه في جامعة كامبردج في الولايات المتحدة الأمريكية، وأجرت أبحاثًا حول القلق والاكتئاب. ووفقًا لطالبة الدكتوراه، فإنَّ "الاكتئاب المبتسم" يدخل ضمن إطار معين من حالات "الاكتئاب غير النموذجي". ولكن إذا ظهر هذا المصطلح هذا العام، فلا يعني أنها المرة الأولى التي يُذكر فيها في وسائل الإعلام.
ظهرت كلمة "الاكتئاب المبتسم" تحديدًا في العام 2014، في مقال كتبته عالمة النفس السريري ريتا لابوني، ونُشر في الموقع الإلكتروني Psychology Today. وكتبت لابوني في المقال قائلة: "العدد الأكبر من الناس لم يسمعوا مطلقًا بهذا المصطلح. والاكتئاب المبتسم يمر من دون ملاحظة. ويتجاهل أولئك المصابون به مشاعرهم الخاصة ويصرفون النظر عنها. كما قد لا يكونون مدركين لاكتئابهم هذا، ولا يعترفون بأعراضه، خوفًا من أن يعتبرهم الآخرون ضعفاء".

 

 


رأي خبير


وفقًا لـ د. أنطوان بيليسولو، الطبيب النفسي في المستشفى الجامعي في كريتيل، فقد استُخدم المصطلح بفعالية في الطب النفسي. ويعتبر رغم ذلك أنّ جميع المقالات التي نُشرت حول هذا الموضوع وكأنها "تواصل أو اتصالات". وفي الواقع، يميل بعض الأشخاص إلى إخفاء حالتهم والظهور بمظهر جيد، ولكنّ هذا أيضًا جزء من المرض نفسه، وليس منفصلًا عنه. ويؤكد قائلًا: "إنّ ذلك يتعارض مع ما نفكر به بشأن الاكتئاب، ولكنه أمر شائع ولا يتطلب علاجًا محددًا. وهذا التصنيف "للشكل المبتسم" من الاكتئاب، ضمن فئة الاكتئاب غير النموذجي، هو "مسيء".
يوضح هذا التناقض اهتمام وسائل الإعلام. ولكن "هناك تباين في تمثيل المرض، إذ لا تتسم جميع حالات الاكتئاب بالدلالات نفسها " كما يضيف بيليسولو. وإذا كانت العلامتان الرئيسيتان لهذا المرض هما الحزن وفقدان الاهتمام، فإنه قد يظهر كذلك عبر 8 إلى 9 أعراض مختلفة. وهذا المزيج من أعراض عدة متداخلة، هو الذي يؤدي إلى التشخيص. وقد تعلم كل من أطباء النفس والمعالجين النفسيين عدم الالتزام بالمظاهر، والبحث عن تجليات مختلفة للمرض من خلال جلسات عدة.
تسلط هذه المقالات الضوء على الإجحاف الذي يحيط بمرض الاكتئاب. ويوضح الطبيب قائلًا: "يشبه ذلك إلى حد ما، فكرة أنّ الحزن ذو صلة بالبكاء. فالمكتئبون يبكون عادة قليلًا لأنهم يُبعدون أنفسهم تمامًا عن انفعالاتهم". وقد يكون هذا كارثيًّا بالنسبة إلى المقربين منهم، الذين لا يرون إشارات واضحة على اكتئاب المقربين منهم. ويختتم الطبيب قائلًا: "هذه فرصة لكي نتذكر أنّ حالات الاكتئاب أكثر من مجرد علامات أو إشارات مهمة، أو شخصيات مختلفة".