يتعرض الجميع لضغوط، وخاصة الشباب الذين يعانون في العالم الافتراضي من تسارع المتغيرات، وضغوط المقارنات، وصعوبة اللحاق بالجديد والمتطور. وفي هذه الحالة فإن معدل الشعور بالسلام الداخلي قد ينخفض؛ ما يعني أننا بحاجة ملحة لتعزيز الشعر بالسلام، وإلا تصاعد الإحباط وتأثرت الطموحات.
السلام الداخلي ليس رفاهية، ولا يعني غياب التوتر، بل هو القدرة على مواجهة ضغوط الحياة من دون أن يفقد الشباب أنفسهم الحقيقية. وفي حوار لـ"سيدتي"، تضع لنا المدربة هدى زين، المدربة المختصة باللياقة العاطفية والإرشاد الأسري، مجموعة من المفاتيح العملية للحفاظ على هذا السلام وسط العواصف اليومية.
إعداد: إيمان محمد
نصائح لتحقيق السلام الداخلي
حددت المدربة هدى من جانبها خطوات محددة يمكن من خلال الاستمرار على ممارستها أن نصل إلى السلام الداخلي، وجاءت كالتالي:
البداية من الداخل
تؤكد المدربة هدى أن السلام الداخلي يبدأ من لحظة وعي بسيطة، وتقول "درب نفسك على الوعي الذاتي. خصص وقتاً كل يوم لتسأل نفسك: كيف أشعر؟ ما الذي يزعجني؟ لا تهرب من مشاعرك ولا تقمعها، بل راقبها وتقبَّلها كما هي. عندما ترى نفسك بوضوح، يمكنك أن تتصالح معها".
وتؤكد "هذا الوعي هو حجر الأساس لأي توازن نفسي، وهو ما يفتح الباب لتجارب أكثر هدوءاً في مواجهة التوتر".
خمس دقائق من الصمت
وتضيف زين "في عالم يضج بالأصوات، يصبح الصمت غذاءً للروح. امنح نفسك خمس دقائق يومياً من دون موسيقى أو محادثات أو أفكار متسارعة. اجلس في صمت، تنفس بعمق، واستمع لصوت أنفاسك ودقات قلبك. لا تبحث عن شيء". وتؤكد أن الهدوء الخارجي يساعد على تهدئة الداخل، ولو لبرهة قصيرة، وهو تمرين بسيط لكنه فعَّال في إعادة شحن الذهن.

حماية النفس من مصادر التوتر
السلام لا يُبنى وسط بيئة تستنزفك. ولهذا تشير المدربة: "اسأل نفسك: هل تتابع أخباراً تزيد قلقك؟ هل تُحيط نفسك بأشخاص يستنزفون طاقتك؟ ليس من الأنانية أن تختار بيئة أكثر هدوءاً أو تقلل من العلاقات التي تُربكك. احترم حدودك النفسية، وامنح نفسك الإذن بالانسحاب عندما تحتاج".
الامتنان ممارسة يومية
وتؤكد هدى أن الامتنان ليس شعوراً عابراً: "مارس الامتنان يومياً. قبل النوم أو عند الاستيقاظ، اكتب أو فكر بثلاثة أشياء جميلة حدثت لك، مهما كانت بسيطة، مثلاً كوب شاي، نسمة هواء، أو ابتسامة عابرة. التفاصيل الصغيرة هي التي تبني حياة ممتلئة بالمعنى".
من المفيد التعرف إلى: تجربتي بالتغلب على القلق في مرحلة انقطاع الطمث.. فرصة للفهم والتقبُّل
بهذه العادة، يتحول الذهن إلى التقاط الجمال بدلاً من مطاردة القلق. والأجمل أن الامتنان يرفع من مستوى الرضا الشخصي ويزيد من قوة العلاقات الإنسانية.
حركة الجسد غذاء العقل
الجسد والعقل، بحسب المدربة هدى، لا ينفصلان، وتشير: "لا يمكن لعقل مثقل أن يستريح في جسد خامد. تحرك يومياً، ولو بخطوات خفيفة. امشِ في الهواء الطلق، تمدد، مارس تمارين بسيطة. المهم أن تتحرك بنية الراحة، لا الإجبار. السلام يتغذى من الحركة اللطيفة". وهكذا يصبح النشاط الجسدي جسراً نحو صفاء الذهن، ويمنح الإنسان شعوراً بالتحكم والمرونة في مواجهة الضغوط.

البيئة تعكس الداخل
وتوضح هدى: "الفوضى الخارجية تغذي الفوضى الداخلية. نظم غرفتك، مكتبك، أو حتى حقيبتك. اجعل محيطك يعكس التوازن: زوايا مرتبة، إضاءة هادئة، ومساحات نظيفة تساعد على تهدئة الذهن". وتؤكد أن المكان المنظم لا يُريح العين فقط، بل يرسل للعقل رسالة بالاستقرار؛ ما ينعكس على حالتك المزاجية.
قوة كلمة "لا"
وتختم الكوتش بقاعدة جوهرية: "جزء كبير من التوتر يأتي من شعورنا بالالتزام تجاه كل شيء وكل أحد. تعلَّم أن تقول "لا" من دون أن تشعر بالذنب. حين تحمي وقتك وطاقتك؛ فأنت لا تهرب من الحياة، بل تتقن فن العيش بوعي".
ترى زين أن السلام الداخلي ليس حالة مثالية نصل إليها، بل رحلة يومية قد تتعثر، تغضب، تحزن، وهذا طبيعي. لكن الأهم أن تعود إلى نفسك دائماً، أن تخلق لنفسك مساحتك الخاصة، وأن تختار السلام حتى في قلب العاصفة. وتقول من جانبها للشباب: "تذكر أنه لا يمكنك التحكم بكل ما يدور حولك، لكن يمكنك دائماً أن تختار كيف تتعامل معه".