تمرّ العديد من النساء بتجارب مختلفة خلال مرحلة انقطاع الطمث، والتي غالباً ما تكون مليئة بالتغيّرات الجسدية والنفسية. بالنسبة لجنى (48 عاماً) كانت هذه المرحلة تحدياً كبيراً بسبب ظهور مشاعر القلق المستمرة التي أثّرت على حياتها اليومية وعلاقاتها. لكن مع الوقت، تعلمت كيفية التعامل مع هذه المشاعر والتغلب عليها بطرق مختلفة.
فلنتعرّف إلى تجربتها من خلال هذا الموضوع وكيف تمكّنت من التغلب على القلق في مرحلة انقطاع الطمث.
بداية المعاناة مع القلق
"في بداية مرحلة انقطاع الطمث، لاحظت تغييراً في حالتي النفسية وأصبحت أشعر بقلق دائم دون سبب واضح، كان قلقي يتصاعد في أوقات غير متوقعة، مما أثر على نومي وتركيزي. كان من الصعب عليّ تفسير هذه المشاعر أو السيطرة عليها، مما زاد من شعوري بالإحباط" توضح السيدة جنى بداية.
وتضيف: "بدأت بالبحث عن الأسباب التي قد تكون وراء هذا القلق، واكتشفت أن التغيّرات الهرمونية التي تحدث في جسمي تلعب دوراً كبيراً في التأثير على مزاجي وحالتي النفسية. هرمون الإستروجين الذي كان يساعد على تنظيم المشاعر بدأ ينخفض بشكل ملحوظ، مما أدى إلى تقلبات مزاجية وارتفاع مستوى القلق. لم أستسلم لهذه المشاعر، بل قررت أن أتحكم فيها بدلاً من أن تتحكم بي. كانت هناك عدة خطوات ساعدتني كثيراً بالطبع مع استشارة طبية.
قرأت كثيراً عن مرحلة انقطاع الطمث وتأثيرها على الصحة النفسية، مما جعلني أشعر بأنني لست وحدي في هذه التجربة. كما أنني بدأت بممارسة الرياضة بانتظام، مثل المشي واليوغا، لأنها تساعد على إفراز هرمونات السعادة وتقليل التوتر، تعلمت تمارين التنفس العميق وتقنيات الاسترخاء مثل التأمل، والتي كانت فعّالة جداً في تهدئة ذهني أثناء نوبات القلق. كما أن التواصل والدعم من خلال التحدّث مع صديقاتي وعائلتي عن مشاعري ساعدني كثيراً، كما استشرت طبيبة نفسية فحددت لي خطة للتعامل مع القلق".
وتشير جنى في حديثها عن تجربتها الى أهمية تعديل نمط الحياة من خلال تحسين نظامها الغذائي، وتجنّب الكافيين والحرص على النوم المنتظم، ومع مرور الوقت تقول: "بدأت ألحظ تحسّناً في حالتي النفسية. القلق لم يختفِ تماماً، لكنه أصبح أقل حدّة وتكراراً، وصرت أكثر قدرة على التعامل معه بشكل إيجابي. شعرت بالقوة والقدرة على التحكم في حياتي، وهذا ما منحني شعوراً بالراحة والسلام الداخلي.
أنصح كل امرأة تمر بمرحلة انقطاع الطمث أن تعطي نفسها فرصة للفهم والتقبّل، وأن تبحث عن الدعم سواء من الأصدقاء أو المختصين. القلق هو جزء طبيعي من هذه المرحلة، لكن يمكن السيطرة عليه والتغلب عليه بالوعي والاهتمام بالصحة النفسية والجسدية".
تحديات يومية صعبة واجهتني في بداية انقطاع الطمث

تعاني العديد من النساء وتحديداً بعد سن الأربعين من أعراض عدة تتراوح ما بين الشعور بالضيق والانزعاج والتعرّق والتعب. وعادةً لا تأخذ النساء هذه الأعراض بشكل جدّي وتصنّفها في خانة تلك الروتينية التي يشعر بها الجميع، لتكتشف بعد فترة أنها ترتبط بانقطاع الطمث، الأمر الذي يجعلها تعيش تحديات يومية صعبة. في هذا الإطار، قد تكون المساعدة الطبية أو النفسية حاجةً ملحةً. وإذا كانت الأعراض لدى بعض النساء قاسية، فإن أخريات لا يتأثرن بشكل كبير سواء نفسياً أو جسدياً كما جاء في موقع Sage Women's Health الطبي.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، تصل معظم النساء إلى سن اليأس في عمر يتراوح ما بين 45 و55 عاماً في مرحلة طبيعية من مراحل التقدّم البيولوجي في العمر. يحدث سن اليأس نتيجة لتوقف وظيفة المبيض وتراجع مستويات الإستروجين في الدم. قد تكون المرحلة الانتقالية لليأس تدريجية، وتبدأ عادة بتغيّرات في الدورة الشهرية. وتستمر الأعراض حوالي 7 سنوات وقد تصل لدى البعض إلى 14 عاماً، بحسب تقرير أعده موقع الجمعية الأميركية لطب الشيخوخة. وتعتمد هذه الفترة على نمط الحياة.
إن انقطاع الدورة الشهرية لدى النساء يعود إلى حصول تغيّرات في توازن الهورمونات، إذ يتوقف المبيضان عن إنتاج الهرمونات، وبالتالي يقل إنتاج البويضات. هذه الدورة طبيعية في جسم المرأة، لكنها تختلف من امرأة إلى أخرى نظراً إلى عوامل عدة. من بين هذه العوامل البيئة المناخية، فعادة ما تبدأ الدورة الشهرية لدى الفتيات في الدول الاستوائية أو حتى الدول الواقعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ما بين التاسعة و12 عاماً، وتبدأ بالانقطاع مع سن 45 عاماً و50 عاماً. أما في المناطق الباردة، فتبدأ الدورة الشهرية في عمر 14 إلى 15 عاماً، وتنقطع عند سن الأربعين.
بالإضافة إلى العوامل المناخية، هناك عوامل وراثية تلعب دوراً في تحديد سن البلوغ واليأس، عدا عن عدد الأطفال وحالة المرأة الجسدية. إن كانت تعاني من أمراض، من المرجح أن ينقطع الطمث في سن مبكرة. وبحسب منظمة الصحة العالمية، تصل بعض النساء إلى اليأس في سن مبكرة (قبل 40 سنة من العمر)، وقد ينتج هذا اليأس المبكر عن اضطرابات المناعة الذاتية أو عن أسباب أخرى غير معروفة. ولا يمكن التنبؤ بموعد وصول أي امرأة لمرحلة اليأس على الرغم من وجود ارتباط بينه وبين بعض العوامل الديمغرافية والصحية والجينية. وقد يحدث اليأس أيضاً نتيجة للعمليات الجراحية التي تنطوي على إزالة المبيضين أو التدخلات الطبية التي تسبب توقف وظيفة المبيض (مثل العلاج الإشعاعي أو العلاج الكيميائي).
من المفيد التعرف إلى نصائح صحية تحتاجها المرأة بدءاً من سن الأربعين.
أعراض انقطاع الطمث
تختلف أعراض انقطاع الطمث من امرأة إلى أخرى نظراً إلى طبيعتها. هناك مجموعة من الأعراض التي تشير إلى اقتراب انقطاع الطمث، أولها عدم انتظام الدورة الشهرية، أي تغيّر أوقات الحيض أو انقطاعها لأشهر، الهبات الساخنة، التعرّق أثناء الليل، بالإضافة إلى تغيّرات مفاجئة في الحالة المزاجية.
وعادة ما تبدأ هذه الأعراض بالاختفاء بعد مرور عام تقريباً على انقطاع الدورة الشهرية، مع الإشارة إلى أن انقطاعها يؤثر على صحة المرأة الجسدية. وبحسب الجمعية الأميركية لطب الشيخوخة، فإن النساء يصبحن أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب بعد انقطاع الطمث، كما أنهن يعانين من ضعف عام في الجسم وتحديداً في العظام، ما يؤدي لاحقاً إلى إصابة النساء بهشاشة العظام كما ورد في موقع My Menopause Centre.
بالإضافة إلى ما سبق، تصيب أمراض أخرى النساء ترتبط بنقص الفيتامينات والمعادن، وهو ما يؤدي إلى ضعف في البنية الجسدية ويؤثر على مناعة الجسم.
نصائح وإرشادات عامة لتخطي سن اليأس
تختلف تجارب النساء مع انقطاع الطمث. تجتاز بعضهن هذه المرحلة بسهولة، فيما تعاني أخريات بسبب التغيّرات الجسمانية والهرمونية. وتحتاج نساء إلى دعم صحي ونفسي لاجتياز هذه المرحلة. وينصح الأطباء بتأمين الدعم النفسي، وتغيير أسلوب الحياة، وممارسة الرياضة، بالإضافة إلى تناول أطعمة متوازنة:
الدعم النفسي
تحتاج النساء إلى دعم نفسي خلال هذه الفترة سواء كن عاملات أو ربات بيوت. الدعم النفسي الذي تحتاجه المرأة، وتحديداً من محيطها الاجتماعي وعائلتها له تأثير كبير على صحتها العقلية. عادة ما يؤدي انقطاع الطمث إلى شعور المرأة بنوبات غضب متكرّرة، بالإضافة إلى شعورها الدائم بالقلق، وضعف الثقة بالنفس، حتى أن بعض النساء يفقدن تقديرهن لذواتهن. لذلك، يعتبر الدعم النفسي ركيزة أساسية في هذه الفترة التي تمر بها المرأة. بالإضافة إلى ما سبق، فقد تتعرّض بعض النساء لنوبات اكتئاب شديدة، تزامناً مع مشاكل في النوم وتعب شديد، ما يتطلب من المرأة طلب المساعدة من متخصصين. لذلك تحتاج بعض النساء إلى دعم من المحيط الاجتماعي والعائلي لتخفيف نسبة التوتر، فيما تحتاج اللواتي تعانين من الاكتئاب والقلق إلى طبيب نفسي.
النمط الصحي
يمكن أن تؤثر التغييرات الهرمونية أثناء انقطاع الطمث على الصحة الجسدية. لذلك، من المهم بحسب مركز الشيخوخة الأسترالي أن تسعى النساء إلى اتباع نظام صحي متوازن قائم بشكل أساسي على ممارسة الرياضة، حيث تؤدي ممارسة الرياضة إلى إفراز هرمون الإندورفين الذي يمنح النساء شعوراً بالراحة ويمكن أن يقلل من الإجهاد. لذلك، من الضروري جداً ممارسة الرياضة كالمشي على سبيل المثال لمدة نصف ساعة يومياً.
بالإضافة إلى الرياضة، تعدّ ممارسة اليوغا مفيدة أيضاً، وتساعد في إدارة الأعراض الجسدية والنفسية التي تعاني منها النساء في هذه المرحلة. كما يمكن أن تحّسن اليوغا من صحة النساء الجسدية والعقلية على المدى الطويل في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث، إذ يؤدي تراجع مستويات الأستروجين إلى هشاشة العظام وخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. ويمكن أن تساعد اليوغا في الحفاظ على مرونة العضلات والحركة والتوازن وتهدئة الأعصاب والحد من التوتر والقلق المزمنين من جراء انقطاع الطمث.
النظام الغذائي الصحي
يعدّ النظام الغذائي الصحي والمتوازن أساساً لوقاية المرأة من تأثيرات انقطاع الطمث، وتحديداً هشاشة العظام وغيرها. وبحسب موقع Everyday Health الطبي يساعد تناول السمك بشكل كبير في الحفاظ على الصحة الجسدية للمرأة بعد انقطاع الطمث.
وأظهرت الدراسات الصادرة عن مجلة Harvard Health Publishing أن تناول الأوميغا 3 يساعد في تعزيز صحة القلب، وخصوصاً أن النساء معرّضات للإصابة بأمراض القلب بسبب انقطاع الطمث، كما يساعد في تحسين اضطرابات المزاج.
بالإضافة إلى ما سبق، فإن تناول اللبن (الزبادي) قليل الدسم والحليب والجبن، بالإضافة إلى الخضار الداكنة والورقية والمنتجات المدعمة بالكالسيوم مثل حليب اللوز والحبوب وعصير البرتقال، في الوقاية من تأثيرات انقطاع الطمث، ودعم صحة المرأة الجسدية.
وبحسب جمعية سن اليأس في أميركا الشمالية، تُصاب امرأة من امرأتين فوق سن الخمسين بكسر مرتبط بهشاشة العظام. لذلك، لا بد من تناول كميات جيدة من الكالسيوم. وبحسب تقارير طبية يجب على النساء اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 19 و50 عاماً الحصول على نحو 1000 مليغرام يومياً من منتجات الكالسيوم، بينما يجب أن تحصل النساء البالغات من العمر 51 عاماً وما فوق على 1200 مليغرام يومياً.
ينصح بمتابعة أكثر أعراض سن اليأس انتشاراً وكيفية التعامل معها
*ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج تجب استشارة طبيب مختص.