mena-gmtdmp

كل ما تريد معرفته عن الكسل الرقمي ومخاطره على المدى البعيد وفق اختصاصية

الكسل الرقمي- مصدر الصورة freepik
الكسل الرقمي- مصدر الصورة freepik

بما أننا بتنا نعيش في عالمٍ تحكمه الشاشات، وتتصدر فيه التكنولوجيا كل تفاصيل حياتنا، بدأ مصطلح جديد يطفو على السطح؛ وهو "الكسل الرقمي"، الذي يعتبر ظاهرة آخذة في الانتشار بين الشباب والمراهقين، وحتى البالغين. فما هو هذا الكسل؟ ولماذا أصبح يشكّل خطراً حقيقياً على الإنتاجية والصحة النفسية والجسدية؟ أسئلة كثيرة حوله، حملتها "سيّدتي" إلى اختصاصية علم النفس "فانيسا حداد"، وعادت بالإجابات العلمية.

اختصاصية علم النفس فانيسا حداد


ما هو الكسل الرقمي؟

الكسل الرقمي هو حالة من الخمول الذهني والجسدي، الناتجة عن الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية؛ مثل الهواتف الذكية والحواسيب.
والكسل الرقمي لا يعني أن الشخص لا يعمل أو لا يدرس، بل يعني أنه أصبح يعتمد على التكنولوجيا لأبسط المهام، فيفقد قدرته تدريجياً على التفكير، التحليل، أو حتى اتخاذ القرارات من دون الرجوع إلى الشاشة.
بعبارة أخرى، هو تبلد في الحافز والإبداع؛ بسبب الاستهلاك المفرط للمحتوى الرقمي، مما يجعل العقل في حالة استقبال مستمر بدلاً من الإنتاج والمبادرة.
قد تهمك قراءة التفكير الزائد يسرق لحظات الصفاء ويؤثر سلباً في رفاهية المرء

أسباب انتشار الكسل الرقمي بين الشباب

الكسل الرقمي
إدمان الشاشات يؤدي إلى الكسل الرقمي


هناك عدة أسباب جعلت الكسل الرقمي ظاهرة متفشية في المجتمع، خصوصاً بين الشباب، لعل أبرزها الآتي:

  • الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، التي تقدم المتعة السريعة والمكافآت الفورية، مما يقلل الرغبة في بذل جهد حقيقي.
  • سهولة الوصول إلى المعلومات من دون الحاجة للبحث أو التفكير، فيتحول العقل إلى متلقٍ فقط.
  • الألعاب الإلكترونية والمحتوى القصير الذي يشتت الانتباه ويُضعِف التركيز.
  • نقص النشاط البدني؛ بسبب قضاء ساعات طويلة أمام الشاشة.
  • ضغط الحياة الحديثة الذي يدفع الناس للهروب من الواقع عبر التكنولوجيا.

تأثير الكسل الرقمي على الإنتاجية والحياة اليومية

يتسلل تأثير الكسل الرقمي ببطء، لكنه يمس كل جوانب الحياة. في العمل، يؤدي إلى تراجع في الأداء والإبداع؛ لأن الشخص يفقد قدرته على التركيز لفترات طويلة.
وفي الحياة الشخصية، يُضعف العلاقات الاجتماعية؛ لأن التواصل الافتراضي يحل مكان اللقاء الحقيقي.
حتى في الأمور البسيطة، مثل اتخاذ قرار أو البدء بمهمة، يصبح الشخص يعتمد على تطبيق أو رأي الآخرين عبر الإنترنت، مما يقلل من استقلاليته وقدرته على الإنجاز. ومع الوقت، يتحول ذلك إلى روتين خفي من التأجيل واللامبالاة.


علامات تدل على أنك تعاني من الكسل الرقمي


قد لا يلاحظ الإنسان أنه يعاني من الكسل الرقمي إلا عندما تظهر بعض العلامات الواضحة، مثل:

  1. فقدان الرغبة في القراءة أو التعلم من دون شاشة.
  2. صعوبة التركيز لفترة تتجاوز بضع دقائق.
  3. تأجيل المهام البسيطة واستبدالها بتصفح الهاتف.
  4. الشعور بالإرهاق الذهني رغم قلة المجهود.
  5. قلة التواصل الواقعي مع الآخرين.
  6. البحث المفرط عن التحفيز الخارجي عبر الإعجابات والمحتوى الجديد.

الكسل الرقمي وصحة الإنسان النفسية والجسدية

الكسل الرقمي لا يؤثر فقط على التفكير والسلوك، بل يمتد إلى الصحة النفسية والجسدية.
نفسياً، يؤدي إلى القلق، الاكتئاب، وتدني الدافع؛ بسبب الاعتماد المفرط على التحفيز الخارجي. يصبح الدماغ أقل حساسية للمكافآت الواقعية، ما يجعل الشخص يشعر بالملل بسهولة.
أما جسدياً، فإن الجلوس الطويل أمام الشاشات يسبب مشكلات في العمود الفقري، ضعف البصر، اضطراب النوم، وزيادة الوزن. كما أن قلة الحركة تقلل من تدفق الدم إلى الدماغ، ما يُضعِف الذاكرة والانتباه على المدى الطويل.

علاقة الكسل الرقمي بالتعفن الدماغي

يُستخدم مصطلح "التعفن الدماغي" أو Brain Rot؛ لوصف الحالة التي يصبح فيها الدماغ "خاملاً"؛ نتيجة الاستهلاك المفرط للمحتوى السطحي والسريع. هذه الحالة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالكسل الرقمي؛ إذ إن الدماغ يعتاد على المعلومات السريعة والمحفزات الفورية، فيفقد قدرته على التركيز العميق والتفكير النقدي.
بمرور الوقت، يصبح الشخص أسيراً لدورة من التشتت الذهني والكسل العقلي، مما يقلل من طاقته الإبداعية ويُضعف قدرته على اتخاذ قرارات منطقية أو عيش لحظته بوعي.

طرق فعالة للتغلب على الكسل الرقمي

التغلب على الكسل الرقمي لا يعني الابتعاد الكامل عن التكنولوجيا، بل استخدامها بوعي. إليك بعض الخطوات الفعالة:

  • تحديد وقت محدد لاستخدام الأجهزة يومياً، خصوصاً قبل النوم.
  • ممارسة نشاط بدني يومي لتحفيز الجسم والعقل.
  • تخصيص وقت للقراءة الورقية أو الكتابة اليدوية.
  • إيقاف الإشعارات غير الضرورية لتقليل المشتتات.
  • تدريب الدماغ على الصبر والتركيز؛ عبر التأمل أو تمارين التنفس.
  • القيام بتحديات رقمية؛ مثل "يوم بلا هاتف"، أو "ساعة صمت رقمية" أسبوعياً.
  • العودة للتواصل الواقعي؛ عبر لقاءات حقيقية مع الأصدقاء والعائلة.

الكسل الرقمي: خاتمة

ختمت الاختصاصية في علم النفس فانيسا حداد، حديثها لـ"سيّدتي"، قائلة: "في النهاية، الكسل الرقمي ليس قدراً محتوماً، بل تنبيه من العقل بأن الوقت قد حان لاستعادة التوازن بين العالم الحقيقي والعالم الافتراضي، فحين نستخدم التكنولوجيا بوعي، يمكننا تحويلها من مصدر خمول إلى أداة للنمو والتطور".

* ملاحظة من "سيّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، تجب استشارة طبيب مختص.