كم مرة شعرتِ أنكِ تقفين ضد نفسكِ بدل أن تكوني في صفّها؟، كم مرة كنتِ قاسية في حواركِ الداخلي، توبّخين نفسك على الأخطاء، أو تقللين من إنجازاتك؟.. الحقيقة أن أغلبيتنا تعلّم كيف تكون لطيفة مع الآخرين، لكن لم تتعلم كيف تكون رحيمة مع نفسها.
أن تصبحي صديقة نفسكِ الأولى لا يعني الأنانية، بل يعني أن تتصالحي مع ذاتك وتمنحيها الأمان الذي طالما بحثتِ عنه في الخارج.
اختصاصية علم النفس فانيسا حداد، تقول لـ"سيّدتي" إن "العافية النفسية تبدأ من الصداقة العميقة مع النفس؛ علاقة تقوم على الفهم، القبول، والاحترام". وتقدم لك بعض النصائح لتحقيق ذلك.

افهمي نفسك كما تفهمين صديقة عزيزة
إن كل علاقة صحية تبدأ بالفهم. فكما تحاولين معرفة ما تحبه صديقتك وما يزعجها، ابدئي بمعرفة نفسك من جديد.
اسألي نفسك بصدق: "ما الذي يسعدني؟ ما الذي يؤذيني؟ ما الذي أحتاجه فعلاً الآن؟
توقفي عن معاقبة نفسك لأنها تشعر أو تتصرف بطريقة معينة. فالفهم لا يعني الموافقة، بل الوعي.
عندما تفهمين دوافعكِ ومخاوفك، يصبح من الأسهل التعامل مع نفسك بلطف بدلاً من جلد الذات.
غيّري لغتك الداخلية
الحديث الداخلي هو أكثر ما يؤثر على حالتك النفسية. راقبي كيف تخاطبين نفسك: هل تستخدمين كلمات قاسية مثل "فاشلة، ضعيفة، تافهة"؟، هل تقللين من قيمة إنجازاتك؟. ابدئي بتبديل هذه اللغة.
بدل أن تقولي: "ما قدرت أن أفعل شيئاً"، قولي: "أنا حاولت اليوم، وغداً سأحاول بطريقة أفضل".
الطفولة الداخلية فيكِ لا تزال تسمعكِ، فلا تكوني الأم التي تجرح، بل تلك التي تحتوي.
الكلمات ليست مجرد جمل؛ هي طاقة تُغذّي أو تُرهق. فاختاري أن تكوني مصدر دعم لنفسك لا مصدر خوفها.
ضعي حدوداً تحمي سلامتك
الصديقة الجيدة تعرف متى تقول "لا". كذلك أنتِ. لستِ مطالبة بإرضاء الجميع على حساب نفسك. تعلمي أن ترفضي من دون شعور بالذنب، وأن تنسحبي من العلاقات أو المواقف التي تستنزفك.
الحدود ليست جدراناً تعزلك عن الآخرين، بل أسوار أمان تحفظ قلبك وطاقتك. حين تحمين نفسك، فأنتِ تمارسين أعلى درجات الصداقة مع ذاتك.
قد تودين قراءة الصحة النفسية بعد التقاعد: كيف تبقين نشيطة ومتفائلة؟
دلّلي نفسك من دون انتظار مناسبة

كم مرة قدمتِ الاهتمام والدعم لمن تحبين بينما تجاهلتِ نفسك؟
دلّلي نفسك كما تفعلين مع صديقتك المقربة: اشتري لنفسك وردة، اكتبي رسالة حب لنفسك، خصصي وقتاً لفعل شيء بسيط يسعدك.
هذه التفاصيل الصغيرة ليست ترفاً، بل غذاءً للعافية النفسية.
فالعقل لا يُشفى من الإرهاق بالكلام فقط، بل بالمشاعر الجميلة التي تختبرينها حين تمنحين نفسك قيمة.
سامحي نفسك
كلنا نخطئ، لكن الفرق بين من يعيش بسلام ومن يعيش في جلدٍ مستمر هو القدرة على الغفران. تذكّري أن الخطأ لا يُلغي قيمتك، وأن التجربة ليست فشلاً بل درساً.
اكتبي لنفسك رسالة تبدأ بـ: "أغفر لكِ لأنك كنتِ تتصرفين بما كنتِ تعرفينه وقتها."؛ هذه الجملة البسيطة تُحرّر القلب من عبءٍ ثقيل وتحول الألم إلى وعي.
احضني ضعفك بدل مقاومته
أن تكوني صديقة لنفسكِ يعني أن تحبي نفسك في كل حالاتها، لا فقط عندما تكون قوية.
الدموع، التعب، الخوف، ليست عيوباً بل إشارات تحتاج إلى رعاية. كلما سمحتِ لنفسك بالشعور من دون خوف من الحكم، اقتربتِ من السلام الداخلي.
الصداقة مع الذات ليست "كمالاً"، بل صدقاً: أن تكوني على حقيقتك من دون تنكر أو تمثيل.
تذكّري أنكِ لستِ مشروعاً للإصلاح
أحياناً نظن أن حب الذات يعني تطويرها المستمر، لكن الصداقة مع النفس أعمق من ذلك. هي أن تدركي أنكِ تستحقين الحب الآن، في هذه اللحظة، قبل أي إنجاز، قبل أي تغيير.
النمو جميل، لكنه لا يجب أن يكون شرطاً للحب.
فكما لا تشترطين على صديقتك أن تكون "مثالية" لتحبينها، لا تشترطي على نفسك ذلك أيضاً.
الصداقة مع النفس: خلاصة
تختم الاختصاصية فانيسا حداد، حديثها عن الصداقة مع النفس قائلة: "أن تصبحي صديقة نفسك الأولى لا يعني أن تنعزلي، بل أن تبني في داخلك بيتاً من الطمأنينة. بيتاً تلجئين إليه حين يرهقكِ العالم، فتجدين فيه حضناً من القبول بدل النقد، وفهماً بدل الخوف.
ابدئي بخطوة صغيرة اليوم: انظري إلى المرآة وابتسمي، قولي لنفسك (أنا هنا معك، لن أتركك)، ومن تلك اللحظة، ستبدئين رحلة العافية الحقيقية، رحلة أن تكوني صديقة نفسك قبل أي أحد".
*ملاحظة من "سيّدتي" : قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج استشارة طبيب مختص.





