في عالمِ الأزياءِ السعودي، تبرزُ المصمِّمةُ ريم الكنهل بوصفها أحدَ الأصواتِ الأكثر تميُّزاً وجرأةً في صياغةِ هويَّةٍ فنيَّةٍ أصيلةٍ ومعاصرةٍ في آنٍ واحدٍ. منذ تأسيسِ علامتها التجاريَّةِ عامَ 2010، استطاعت أن تترك بصمةً فريدةً، تمزجُ بين الإرثِ السعودي العريق، والرؤيةِ الحديثةِ للمرأة، لتصنعَ من تصاميمها لغةً خاصَّةً، تعكسُ قوَّةَ الأنوثةِ وحريَّةَ التعبير. وبأسلوبٍ يتَّسمُ بالبساطةِ الأنيقة، والقصَّاتِ الواضحة، تواصلُ ريم رحلتها في تقديمِ أزياءٍ تُعبِّر عن الاستقلاليَّة، وتحتفي بالهويَّة، وتمنحُ المرأةَ أدواتٍ لقولِ حكايتها الخاصَّة. في هذه المقابلة، تأخذنا ريم في جولةٍ داخل فلسفتها، ومصدرِ إلهامها، وتأمُّلاتها في المشهدِ الإبداعي المتغيِّرِ بالسعوديَّة.
ريم الكنهل

عند النظرِ إلى رحلتكِ منذ تأسيسِ العلامةِ في 2010، كيف تصفين تحوُّلَ هويَّتكِ التصميميَّة، وما الذي بقي ثابتاً في فلسفتكِ الإبداعيَّة؟
منذ عامِ 2010، تطوَّرت هويَّتي التصميميَّة، لتعكسَ نموِّي الشخصي، والتغيُّراتِ الديناميكيَّةَ في المجتمعِ السعودي. تطوَّرت القصَّاتُ والتقنيَّاتُ، لكنَّ الجوهرَ بقي ثابتاً: تقديمُ قطعٍ خالدةٍ، تحتفي بالفرديَّةِ والثقةِ بالنفس. ما لم يتغيَّر، هو إيماني بالبساطةِ، وحريَّةِ التعبير، وقدرةِ الموضة على تمكينِ المرأةِ من روايةِ قِصَّتها الخاصَّة.
لطالما صمَّمتِ للمرأةِ المستقلَّةِ والمبدعة، كيف تطوَّرت رؤيتكِ للأنوثةِ والتمكينِ على مرِّ السنين، لا سيما ضمن السياقِ السعودي؟
الأنوثةُ، بالنسبةِ لي، كانت دائماً قوَّةً واستقلالاً ورُقياً. في السعوديَّة، المرأةُ تعيشُ اليوم واقعاً جديداً، وتُعيد تعريفَ أدوارها، وهذا يُلهمني بعمقٍ. التمكينُ لم يعد مجرَّد مفهومٍ، بل أصبح واقعاً نعيشه ونحتفي به.

يُقال إن الإرثَ السعودي جزءٌ من الحمضِ الإبداعي لتصاميمكِ، كيف توازنين بين الحفاظِ على العناصرِ التقليديَّةِ ودفعِ حدودِ الحداثةِ في مجموعاتكِ؟
لا أرى الإرثَ بوصفه قيداً، فهو في نظري الأساس. على سبيلِ المثال، الزي الرجالي التقليدي في السعوديَّة، كان مصدرَ إلهامٍ قوياً لي. لقد ألهمني في قصَّاتٍ أندروجينيَّةٍ، تمزجُ بين الأصالةِ والحداثة. أنا أعيدُ تفسيرَ التراثِ بخطوطٍ نظيفةٍ، وأشكالٍ معاصرةٍ، ليبقى مرتبطاً بهويَّتنا، لكنَّه يتحدَّثُ بلغةٍ عالميَّةٍ.
هل لديكِ مصدرُ إلهامٍ، أو شخصيَّةٌ معيَّنةٌ تستلهمين منها باستمرارٍ؟
مصدرُ إلهامي، ليس شخصاً واحداً، وإنما المرأةُ السعوديَّة. هي تُجسِّد الصمودَ، والرقي، والإبداع. كلُّ مجموعةٍ مستوحاةٌ من رحلتها، ومن توازنها بين التقاليدِ والتقدُّم.
ومن عالم التصميم والأزياء يمكنك التعرف على مصممة الأزياء السعودية أضوى عدنان أكبر

حدِّثينا أكثر عن مجموعتكِ الأخيرة؟
مجموعتي الأخيرةُ بعنوان «السيف»، وهي مستوحاةٌ من قوَّةِ وأناقةِ السيفِ السعودي التقليدي. أعادت المجموعةُ تجسيدَ هذا الرمزِ عبر قصَّاتٍ حادةٍ، وأقمشةٍ انسيابيَّةٍ، وقطعٍ متعدِّدةِ الاستخدامات. كلُّ إطلالةٍ، تقفُ بذاتها، أو تتكاملُ مع غيرها، لتعكسَ الحريَّةَ، والتفرُّدَ، بالثقافة.
كيف أثَّر المشهدُ الثقافي والاجتماعي المتغيِّرُ في السعوديَّةِ في دوركِ بوصفكِ مصمِّمةً وامرأةً في المجالِ الإبداعي؟
التحوُّلُ في السعوديَّةِ منحنا نحن المصمِّمين إحساساً جديداً بالحريَّةِ والمسؤوليَّة. بوصفي امرأةً، أشعرُ بتمكينٍ، يسمحُ لي بالتعبيرِ بلا حدودٍ، أمَّا بوصفي مصمِّمةً، فأفتخرُ بأن أكون جزءاً من روايةِ السعوديَّةِ الحديثةِ والواثقة. هذا التغييرُ ملهمٌ ومحفِّزٌ، وفتح أبواباً للعالم، لكنَّه في الوقتِ نفسه، عزَّز هويَّتنا المحليَّة.

بمناسبةِ اليومِ الوطني، ما الرسالةُ التي تودِّين توجيهها للجيلِ الجديدِ من المصمِّمين والفنَّانين السعوديين؟
رسالتي، هي: تمسَّكوا بجذوركم، لكنْ لا تخافوا من كسرِ القوالبِ والتجريب. الإبداعُ السعودي فريدٌ، والعالمُ يتطلَّعُ لرؤيته. آمنوا برؤيتكم، واحتفوا بإرثكم، وتذكَّروا أن عملكم جزءٌ من بناءِ الإرثِ الثقافي لبلادكم.
شاركتِ في معرضِ «100 براند سعودي» بباريس، صِفي لنا التجربة، وما الذي أضافته لرؤيتكِ العالميَّة؟
كانت لحظةً تاريخيَّةً، ومصدرَ فخرٍ. عرضُ التصاميمِ السعوديَّةِ في باريس، وضعنا على الخارطةِ العالميَّة، وأثبت أن إبداعنا له لغةٌ كونيَّةٌ. بالنسبةِ لي، التجربةُ أكَّدت أن الموضةَ جسرٌ بين الثقافات، وبين الماضي والمستقبل، وأن المصمِّمَ السعودي له مكانه الطبيعي في الحوارِ العالمي.
نقترح عليك قراءة اللقاء الخاص مع المصممة السعودية فداء القعود

عملكِ مع «إثراء» فتحَ حواراتٍ جديدةً بين الموضةِ والثقافة، ما الذي خرجتِ به من هذه التجربة؟
هذا المشروعُ، كشفَ لي قوَّةَ الدبلوماسيَّةِ الثقافيَّة. الموضةُ، ليست ملابسَ فقط، إنها أيضاً وسيلةٌ للحوارِ، وسردِ القصص، والتبادلِ الثقافي. من خلال «إثراء»، أدركتُ كيف يمكن للموضةِ أن تحملَ السرديَّةَ السعوديَّةَ إلى العالمِ بطريقةٍ أصيلةٍ، وهادئةٍ، وعميقةٍ.
بوصفكِ امرأةً، أسهمت في بناءِ مشهدِ الموضةِ السعودي الحديث، ما الإرثُ الذي تأملين تركه؟
آملُ أن يكون إرثي، هو الشجاعةُ، والصدقُ، والإسهاماتُ الحقيقيَّة. أريدُ أن يذكروني كمَن أعطت للموضةِ السعوديَّةِ صوتها الخاص، ودمجت بين التراثِ والحداثة، وألهمت النساءَ ليحتضن تفرُّدهن.
ما المقبلُ لريم الكنهل؟
العقدُ المقبلُ سيكون عن التوسُّعِ والتعاون. أطمحُ لدخولِ أسواقٍ جديدةٍ، وخوضِ مشروعاتٍ عابرةٍ للتخصُّصات، والاستمرارِ في ابتكارِ مجموعاتٍ، تخاطبُ المحلي والعالمي. الموضةُ وسيلتي، لكنَّ الرسالةَ واحدةٌ دائماً: الحريَّةُ، والهويَّةُ، والجمالُ الخالد.
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط