كلما زادت الخيارات المتاحة للشخص، استغرق وقتًا أطول لاتخاذ قرار، هذا بالتحديد ما ينص عليه "قانون هيك Hick’s Law" الشهير. هذا القانون الذي يعرف أيضاً بقانون هيك - هايمان، سُمي تيمنًا بعالمي النفس ويليام إدموند هيك وراي هايمان، ويُستخدم بكثرة في تصميم تجربة المستخدم أو العميل، وذلك لتجنب إغراقه بخيارات كثيرة جدًا، وبالتالي الحفاظ على تفاعله. هذا القانون مهم جداً لرواد الأعمال، لذا ما هو هذا القانون بالتحديد؟ وكيف يمكن إسقاطه على أنظمة العمل للاستفادة من قوته..
لأعمال تنمو وتتوسع

رائدة الأعمال والمستشارة التنموية ميرنا العلي تحدثت لنا عن القوة التي ينتجها استخدام هذا القانون في عالم الأعمال، فقالت: "هذا المبدأ النفسي يمكن استخدامه في جوانب عدة من الحياة، لكن في عالم الأعمال تحديداً، غالباً ما يكون استخدام هذا القانون مصدر قوة وثبات وتحقيق نتائج إيجابية ملموسة، فأي شركة أو مؤسسة يمكن أن تلجأ لهذا القانون لتنظيم علاقتها مع العملاء، فعندما تقدم هذه الجهة حزمة من المنتجات أو الخدمات المحددة للعملاء فهي بذلك تضعهم أمام خيارات واضحة وتمنع دخولهم في دوامة من التفكير المفرط وبالتالي تسهل عليهم اتخاذ القرارات بشكل أسرع. لذا فإن تجربة العميل تكون أسهل وأكثر فاعلية من خلال استخدام هذا القانون، ويشعر العميل كما لو أن الجهة قامت بتصميم الخيارات بناء على احتياجاته، وهذا يجعله أكثر ارتياحاً وتفاعلاً معها".
في عالم المبيعات
موقع Business Insight يقول إن "قانون هيك Hick’s Law" ، يلعب دورًا مهمًا في فهم كيفية تأثير عمليات اتخاذ القرار على نتائج المبيعات، إذ أنه في عالم المبيعات السريع الخطى، تعد القدرة على اتخاذ قرارات سريعة أمرًا بالغ الأهمية.
وتكمن أهمية استخدام هذا القانون في:
- تحسين معدلات التحويل من خلال تقليل عدد الخيارات المقدمة للعملاء المحتملين
- تعزيز تجربة العملاء من خلال تقليل إحباط العملاء وزيادة مستوى الرضا لديهم بفعل عملية الاختيار المبسطة
- تعزيز الكفاءة من خلال التركيز على العروض الرئيسية بدلاً من إرهاق العملاء بالعديد من الخيارات
ويقدم الموقع مثالاً عن ذلك: إذا قدم مندوب المبيعات ثلاث حزم منتجات مختلفة للعميل لا يجدر به تقديم العديد من الاختلافات داخل كل حزمة لأن ذلك يرهق العميل ويؤخر قراره، بل يجب التركيز على الحزم الثلاث الأساسية وشرحها للعميل بشكل واضح ومحدد مما يساعد على اتخاذ خيار أسرع وأكثر ثقة.
إليكم أيضاً كيفية صناعة القيمة للعملاء: أدوات وخطوات هامة
للاحتمالات المتساوية

وفق الشرح الذي أورده موقع Interaction Design فإن الوقت اللازم لاتخاذ قرار يزداد مع عدد الخيارات. ويقول الموقع أن أهمية "قانون هيك Hick’s Law" تقل عند تصميم قوائم طويلة (مثل قائمة جهات اتصال أو قائمة مواضيع تصميم تجربة المستخدم)، ولكنه بالغ الأهمية عند تصميم قوائم قصيرة (مثل قائمة التنقل أو أزرار الإجراءات في موقع ويب أو تطبيق).
لذلك هناك استثناءات لـ "قانون هيك Hick’s Law" ، إذ ينطبق فقط على الخيارات ذات الاحتمالية المتساوية، حيث يكون احتمال اختيار المستخدم لأي من الخيارات متساويًا. هذا يعني أنه إذا كان المستخدمون يعرفون بالفعل ما يريدون فعله قبل رؤية قائمة الخيارات، فمن المرجح أن يكون الوقت الذي يستغرقونه للتصرف أقل مما يصفه "قانون هيك Hick’s Law" ، ومع ذلك، فإن القاعدة العامة لـ "قانون هيك Hick’s Law" لا تزال قيّمة.
من المهم أيضًا فهم متى لا يمكن استخدام هذا القانون، إذ لا ينبغي أن يمتد قانون هيك ليشمل القرارات الصعبة، فإذا تطلب القرار قراءةً أو دراسةً أو تفكيرًا مُعمّقًا، فلن يكون "قانون هيك Hick’s Law" قادرًا على التنبؤ بالوقت المُناسب لاتخاذ القرار.
تعزيز التفاعل

يقول أنكيت تيواري، مهندس الأنظمة والخبير في الخدمات المصغرة القابلة للتطوير والأتمتة أن "قانون هيك Hick’s Law" ، يدور بشكل أساسي حول مفهوم اتخاذ القرار والعبء المعرفي. ويجيب تيواري عن سؤال: لماذا يُعد قانون هيك بالغ الأهمية؟ فيقول: "يُذكرنا قانون هيك بأن كثرة الخيارات قد تُربك المستخدمين، مما يؤدي إلى شلل في اتخاذ القرار وإحباط. من خلال تقليل الخيارات، يُمكننا تبسيط تجربة المستخدم وتعزيز التفاعل". ويعطي مهندس الأنظمة أمثلة واقعية عن تطبيق هذا القانون والقوة التي تنتج عنه، ومن هذه الأمثلة:
- نتفليكس Netflix : عند تسجيل الدخول إلى نتفليكس Netflix، نجد أن هناك تحديد لعدد البرامج التلفزيونية والأفلام المعروضة على الصفحة الرئيسية، وهذا التقليل من الفوضى البصرية وكثرة الخيارات مُتعمد. فهو يضمن للمستخدمين تحديد المحتوى الذي يهتمون به بسرعة، مما يؤدي إلى زيادة التفاعل وجلسات مشاهدة أطول.
- آبلApple : تشتهر آبل Apple بتقديم عدد محدود من خيارات المنتجات ضمن مجموعتها. تساعد هذه البساطة العملاء على اختيار الجهاز المناسب دون الشعور بالحيرة. على سبيل المثال، عند البحث عن هاتف آيفون جديد، تُعرض عليك مجموعة مختارة من الطرازات بميزات واضحة. هذا لا يُبسّط عملية اتخاذ القرار فحسب، بل يُعزز أيضًا هوية آبل كشركة تُقدّر الأناقة وسهولة الاستخدام.
- جوجل Google: تُعد صفحة البحث الرئيسية البسيطة في جوجل Google مثالًا كلاسيكيًا على تطبيق "قانون هيك Hick’s Law". فهي توفر شريط بحث واحدًا وعوامل تشتيت قليلة، مما يضمن للمستخدمين إجراء بحثهم بسرعة دون التعرض لوابل من الخيارات. هذه البساطة ساهمت في هيمنة جوجل على سوق محركات البحث.
نصائح لاستخدام قانون هيك
هناك بعض النصائح العملية التي تتعلق باستخدام "قانون هيك Hick’s Law" في تصميم تجربة المستخدم يتحدث عنها أنكيت تيواري في مقاله، ومنها:
- تحديد الأولويات: من المهم وضع الخيارات الأكثر أهمية في مكان بارز، وتقليل ظهور الخيارات الأقل أهمية. على سبيل المثال، إذا كنت تصمم موقعًا للتجارة الإلكترونية، فاعرض المنتجات الأكثر مبيعًا أو المنتجات الجديدة بشكل بارز على الصفحة الرئيسية، بينما يمكن الوصول إلى المنتجات الأقل شيوعًا من خلال الفئات أو البحث.
- الإفصاح التدريجي: هذا يعني الكشف التدريجي عن خيارات إضافية، مع الحفاظ على الحد الأدنى من الخيارات الأولية. هذا يمنع المستخدمين من الشعور بالإرهاق في البداية، ويسمح لهم بالتركيز على الخيارات الأكثر صلة.
- التجميع والتصنيف: جمع الخيارات ذات الصلة معًا يخلق شعوراً بالترتيب وتقليل العبء المعرفي. على سبيل المثال، قد تُجمّع منصة حجز السفر الخيارات ضمن فئات مثل الرحلات الجوية والفنادق وتأجير السيارات، مما يُبسّط عملية اتخاذ القرار للمستخدمين.
- اختبار التقسيم أو اختبار الفئة A/B: لا بد من تجريب تخطيطات مختلفة وخيارات مُخفّضة لتحديد ما يُناسب جمهورك المُستهدف. يُمكن أن يُساعدك اختبار A/B في جمع البيانات حول تفضيلات المستخدمين وسلوكياتهم، مما يُتيح لك ضبط القرارات الخاصة بك بمرور الوقت.
اقرأوا أيضاً: كيف تحول إستراتيجية الطريق إلى السوق RTM إلى خارطة نجاح لمشروعك؟