لأنهم قادة التغيير ووقود مسيرة النمو الاجتماعي والاقتصادي، خصصت مناسبة عالمية للاحتفاء بمهاراتهم الخامس عشر من يوليو من كل عام، تاريخ أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة يوماً عالمياً لمهارات الشباب، اعترافاً منها بالقوة التي يمثلونها وبأهمية تمكينهم وتزويدهم بالأدوات اللازمة ليكونوا شركاء في بناء مستقبل أفضل.
تمكين الشباب من خلال الذكاء الاصطناعي والمهارات الرقمية، هو الموضوع الذي ركزت عليه الاحتفالية هذا العام، والتي تعد الذكرى السنوية العاشرة لليوم العالمي لمهارات الشباب، ويأتي الموضوع المختار استناداً إلى توسع تأثير التكنولوجيا على حياتنا، واتجاه معظم القطاعات نحو الرقمنة واستخدام الذكاء الاصطناعي.
بهذه المناسبة كان لنا حوار خاص مع رائدة الأعمال ومستشارة إدارة المشاريع رنا سامي، التي تحدثت عن أهمية الدور الذي يلعبه الشباب في المسار التنموي، وتميز الشباب السعودي الذي وصفته بأنه "ريادي بالفطرة"، لا سيما في ظل "رؤية 2030" وما فتحته من أبواب أمام شباب المملكة.
الاحتفاء بالطاقات العالية

برأيك ما أهمية هذه المناسبة، أي "اليوم العالمي لمهارات الشباب"؟
هذه المناسبة هي محطة دعم وتحفيز للشباب لمساعدتهم على التمسك بأحلامهم وطموحاتهم، ورغم أن البعض يميل للظن أن فئة الشباب تنحصر في مرحلة ما بعد المراهقة مباشرة إلا أنني أعتقد أن الفئة التي يجب أن نسلط الضوء عليها هي الفئة العمرية ما بين 20 و40 عاماً، فهذه الفئة الشبابية تمتاز بأنها تتمتع بالوعي والإدراك والخبرة في أساسيات الأعمال، وفي الوقت نفسه هي فئة لا تزال تتمتع بطاقة عالية وحماس وإقبال على تعلم مهارات جديدة وتطبيقها بشكل واع ومثمر، وحتى لو أخطأوا أو فشلوا في تأدية عمل ما، فهم لا يستسلمون بل يكون لديهم إصرار على الانطلاق من جديد، عكس الفئة ما بعد الأربعينات، حيث يفقد الشخص الشغف والجرأة وحب الاستكشاف والتجربة والبحث عن الفرص الجديدة.
ملاحقة الأحلام

رؤية 2030 شددت على تعزيز ريادة الأعمال في المملكة، كيف ساهم التمكين في تقوية الحس الريادي لدى الشباب السعودي؟
برأيي، الشباب السعودي رياديون بالفطرة، لكن أتت رؤية 2030 لتمنحهم آفاقاً أوسع، وتقوي عزيمتهم وتزودهم بالمهارات والدعم اللازم لتحقيق الإنجازات، رؤية 2030 ساهمت في أن نتمكن كشباب وشابات المملكة من ملاحقة أحلامنا وطموحاتنا، وكانت هناك تغييرات كثيرة أتت بصالحنا، منها قيادة المرأة للسيارة، وإصدار الكثير من القوانين الداعمة لنا وتعزيز نمو القطاعات المليئة بالفرص والتي تمكنّا من إظهار قدراتنا وأفكارنا المميزة وإتاحة المجال لتأسيس مشاريع جديدة ومبتكرة.
مشاريع جديدة من نوعها...


كرائدة أعمال، ما المجالات التي اخترت العمل فيها وهل مشاريعك تنمو بالشكل الذي تطمحين إليه؟
على المستوى الشخصي، الظروف التي هيأتها الرؤية ساعدتني في تحقيق العديد من الإنجازات، فتمكنت من تأسيس مشاريع خاصة بي، ومساعدة العديد من رواد الأعمال على تأسيس وتطوير مشاريع خاصة بهم وفي مجالات متنوعة، كوني مختصة بإدارة وتطوير المشاريع، أما مشاريعي الخاصة فكانت مرتبطة بالمهارات التي أتمتع بها كالتصوير والمونتاج والتسويق، كذلك ساعدني عملي في التصوير على التعرف إلى قطاع المطاعم عن كثب، لذا تعمقت أكثر في هذا المجال، وتمكنت من تأسيس مشروع شاحنة طعام متنقلة (فود تراك food truck) وهو مشروع جديد من نوعه بالنسبة لنا كشابات سعوديات، وأسعى لتوسعته من خلال فروع جديدة في جدة والرياض ومناطق أخرى من المملكة.
أحد مشاريعك أيضاً هو وكالة تسويقية للمشاريع الريادية، كيف تشعرين بكونك جزءاً من نجاح الآخرين؟
من خلال الوكالة التسويقية التي قمت بتأسيسها عملت على تطوير عمل أكثر من 500 علامة تجارية، وهذا يجعلني فخورة جداً أنني أساهم في نجاح الآخرين من أصحاب الأفكار المبتكرة والمميزة والتي تخدم الوطن بشكل أو بآخر، وأشعر بسعادة غامرة حين أرى هذه العلامات تنمو أمامي وتكبر، وتصبح قادرة على المنافسة محلياً وعالمياً.
اقرؤوا أيضاً: جيل زد يقتحم سوق ريادة الأعمال ويغير قواعد اللعبة
التكنولوجيا تحكم العالم

ما أهم المشاريع الريادية الشبابية التي يجب التركيز عليها اليوم؟
في كل عام يتم اختيار موضوع محدد للاحتفاء به ضمن المناسبة نفسها، وموضوع هذا العام ركز على تمكين الشباب من خلال الذكاء الاصطناعي والمهارات الرقمية، وهذا مهم جداً، لأن التكنولوجيا اليوم تحكم العالم، لذلك فالمشاريع التقنية هي الأكثر نمواً وطلباً وتأثيراً، ومن المهم جداً أن يعزز الشباب مهاراتهم في المجال التقني لمواكبة تغيرات العصر والتوجهات الجديدة للأعمال. هذا إلى جانب المشاريع الصناعية غير المستهلكة والمتكررة، أي المشاريع التي تحمل أفكاراً جديدة تلبي احتياجات غير ملحوظة بشكل كبير لكنها تكون مهمة فعلاً.
ما أهم الصفات التي يجب أن يتمتع بها رائد الأعمال الشاب؟
ليصبح الشاب رائد أعمال ناجحاً، يجب أن يصلح ما في داخله قبل الخارج، أي أن يعمل على تمكين وتطوير شخصيته لتكون شخصية ريادية فعلاً، فالمال وحده لا يكفي، وهناك الكثير من الأشخاص الذين يملكون المال الكافي لتأسيس المشاريع، ولكن لا يملكون شخصية ريادية. ودائماً أقول إن التغيير يبدأ من الداخل، يجب إصلاح الشخصية أولاً ثم ترتيب نمط الحياة، ثم استخدام المال لتأسيس المشروع، ومن أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها رواد الأعمال، الرضا والقناعة، فمن يرضَ بالقليل يأتِهِ الكثير.
مستقبل رقمي أكثر عدالة

7 من كل 10 شباب يعانون من الانفصال الاقتصادي (عدم المشاركة الاقتصادية بشكل كاف)، وفق ما أورده الموقع الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة، وذلك بسبب افتقارهم إلى المهارات الكافية للنجاح في سوق العمل، هذا التحدي المعقد يتطلب الاستثمار أكثر بتنمية القوى البشرية ونهجاً مستداماً يقدم سلسلة من الحلول والتدخلات التي تراعي مستوى مشاركة الشباب ومهاراتهم وفق السياقات المحلية.
ولأن السوق بات اليوم قائماً بشكل رئيسي على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، فهذا حتم على المنظمة اختيار المهارات الرقمية كموضوع للاحتفالية هذا العام، والتي تصادف الذكرى السنوية العاشرة لهذه المناسبة، ففي عام 2014، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 15 يوليو/تموز يوماً عالمياً لمهارات الشباب، للاحتفال بالأهمية الاستراتيجية لتزويد الشباب بالمهارات اللازمة للتوظيف والعمل اللائق وريادة الأعمال، وفي كل عام تختار الجمعية موضوعاً جديداً للاحتفالية تتم محاكاته بفعاليات متنوعة حول العالم، هذه الفعاليات تتيح فرصةً فريدةً للحوار بين الشباب ومؤسسات التعليم والتدريب التقني والمهني والشركات ومنظمات أصحاب العمل والعمال وصانعي السياسات وشركاء التنمية.
وعن موضوع هذا العام ينقل موقع منظمة الأمم المتحدة عن الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش قوله: "مع إعادة تشكيل الذكاء الاصطناعي لعالمنا، يجب أن ننظر إلى الشباب ليس فقط كمتعلمين، ولكن كمشاركين في خلق مستقبل رقمي أكثر عدالة".
مواجهة الانفصال الاقتصادي

تذكر مدونة تابعة لموقع مجموعة البنك الدولي في موضوع مفصل حول أهمية مناسبة اليوم العالمي لمهارات الشباب بعض النقاط التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار لمواجهة تحدي الانفصال الاقتصادي لدى الشباب حول العالم، يتطرق ضمنها إلى ريادة الأعمال إلى جانب الانخراط في سوق العمل كموظفين، ومن هذه النقاط:
- تعزيز المهارات الأساسية للشباب عبر برامج تنمية القوى العاملة، مثل مهارات القراءة والكتابة والحساب والمهارات الاجتماعية والرقمية، هذه المهارات شاملة وطويلة الأمد، وتساعد الشباب على التكيف مع التقنيات الجديدة وتغيرات سوق العمل.
- "إعادة تنشيط" الشباب المنعزلين: تستهدف سياسات التنشيط الشباب ذوي المهارات المنخفضة أو العالية، وتهدف إلى مساعدتهم على الانتقال من الخمول إلى التدريب أو التوظيف أو العمل التطوعي. غالباً ما تتضمن هذه السياسات تقديم مساعدات اجتماعية (أو حوافز نقدية) لإعادة انخراط الشباب في الفرص الاقتصادية أو فرص اكتساب المهارات.
- التركيز على الشباب العاطلين عن العمل لفترات طويلة، وتشمل سياسات مساعدة الشباب العاطلين عن العمل (وهم عادةً من ذوي المهارات المتوسطة) التدريب وتطوير المهارات، بما في ذلك المهارات المهنية ومهارات التأهيل الأساسية، والمساعدة في البحث عن عمل، وتوفير فرص للأفراد لاكتساب خبرة عملية من خلال التدريب الداخلي أو برامج التوظيف المدعومة.
- مساعدة الشباب العاملين في القطاع غير الرسمي على زيادة إنتاجيتهم: حيث يمكن لبرامج مثل التدريب على ريادة الأعمال، والحصول على التمويل، والتدريب على المهارات الرقمية أن تُساعد الشباب العاملين في القطاع غير الرسمي على تبني التكنولوجيا، والوصول إلى منصات التجارة الإلكترونية، وتوسيع قاعدة عملائهم، وتبسيط عملياتهم، وزيادة إنتاجيتهم.
- توسيع نطاق الوصول إلى برامج دعم التعليم الرسمي وتوفير مسارات مرنة بين برامج تنمية القوى العاملة والتعليم العام، وتوسعة نطاق التعلم القائم على العمل من خلال برامج التلمذة الصناعية والتدريب الداخلي والبرامج المزدوجة المُصمّمة والمُنفّذة بالتعاون الوثيق مع أصحاب العمل.
وبعد حوارنا مع رائدة الأعمال رنا سامي نذكركم بأن المرأة السعودية تتخطى مستهدفات الرؤية: مشاركة قياسية في سوق العمل والمناصب