هبة دندشلي، رائدةُ أعمالٍ اجتماعيَّة، وراويةُ قصصٍ رقميَّة، وأمٌّ. نشأت في مجتمعاتٍ نادراً ما تحتضنُ الفرديَّةَ، وحريَّةَ التعبير، لكنْ مع نموِّها، أدركت أنّ القدرةَ على التعبيرِ والتغييرِ تأتي من التصالحِ مع النفسِ، وكسرِ حدودِ الخوفِ، والصمتِ والذنب. حصلت على درجاتٍ علميَّةٍ في علمِ التغذيةِ، والتسويق والأزياءِ، وتمرَّست في مجالِ التواصلِ والخطابةِ حول جوانب متعدِّدةِ الأبعادِ للحياةِ، منها التواصل الفعّال للأفرادِ والشركاتِ، رواية القصصِ، وتطوير الذات.
اعداد: عفت شهاب الدين
تغيير الصورة النمطية

تعرَّضت خلال عمر صغير من مسيرتها لضغوطٍ اجتماعيَّةٍ كبيرةٍ، أثَّرت في حالتها النفسيَّة، وغيَّرت مسارَ حياتِها. لكنّها لم تستسلمْ، بل اتَّخذت طريقَ كسرِ هذه القوالبِ، وعزمَت على تغييرِ الصورةِ النمطيَّة للمرأة، وللانسان ككلّ، ونجحَت في مسعاها. كسرتها جميعَها، و حتى لو شعرت في وقتٍ ما بالتعبِ، لكنّها لم تنكسرْ. انتصرَت لنفسها، ولكلِّ امرأةٍ عربيَّةٍ. قالت لها: أحبِّي نفسكِ كما أنتِ، وعيشي حقيقتَكِ حتى تكون لديكِ مساحةُ حبٍّ وأمانٍ.
تشيرُ هبة دندشلي، أم ومستشارةُ ومدرِّبةُ تواصلِ وتطوير ذاتي، في حديثها لنا أنها تخصَّصت بالتغذيَّةِ في الجامعةِ الأمريكيَّة في بيروت وعملت بها فترةً زمنيَّةً معيَّنةً، ونالت الماجستير في إدارةِ الأعمال من الجامعةِ اللبنانية الأمريكيَّة. وبعد أن أمضت 7 سنوات في الرياض وعملت فيها، عادت إلى لبنان سنة 2015، لتسعى وراءَ شغفِها بالموضةِ والأزياء، لذا انتسبَت إلى معهد «إسمود» في بيروت، وخضعَت لموادَّ مكثَّفةٍ للتخصُّص في النمذجةِ والتصميمِ. بعد ذلك، انضمَّت إلى فريقِ إدارة مصمِّمي الأزياء قزي وأسطا Azzi & Osta، وما زالت حتى اليوم تحلمُ بمتابعةِ هذه المسيرة في عالمِ الأزياء، في التوقيت الصحيح، وضمن خطٍّ فريدٍ ونهجٍٍ له قصّةٌ وعبرةٌ اجتماعية.
الحب والحرية والحياة
هذا، وقد أسَّست هبة (والدة رواد، 12 عاماً) في 2018، منصَّةً شخصيةً واجتماعيةُ، أطلقت عليها اسم What works for Hiba، إذ تؤمنُ أوّلاٌ بأهمّيةِ التغييرِ وتطويرِ التواصلِ والذاتِ، «خاصَّةً بعدما أدركنا مدى حجمِ الأفكارِ المسبقةِ التي تلقَّيناها عن الحياةِ، والعاداتِ والتقاليد، مع المفاهيمِ المكتسبةِ حول ما هو الصوابُ والخطأ، الطبيعيُ وغيرُ الطبيعيِ، الجميلُ وغير الجميلِ. وكم يمكنُ أن يجعلَنا هذا، نشعرُ بالاستبعادِ، وقلَّةِ الثقة، ونرى الحياةَ بالأبيضِ والأسود. فالحياةُ بإمكانِها أن تكونَ جميلةً ومليئةً بالتجاربِ الغنيّةِ إذا عشناها وفقاً لشروطنا». وتواصلُ هبة: «عملي في تلك الفترة جاء في إطارِ منصّتي What works for Hiba، وهو إسهامي الشخصي، وتفسيري للحبِّ والحياةِ والحريَّة. بهذه الكلماتِ الثلاث، شرعتُ في مهمَّةِ احتضانِ كلِّ شيءٍ من حولي، ومشاركةِ أفكاري، وعواطفي، وتجاربي مع الناس، وهذا يتخلّلَه مضمونٌ شخصيٌ وغنيٌّ عن تجربةِ الأمومةِ والعنايةِ الذاتيَّة، وأسلوبِ الحياة، والتواصلِ، وتطويرِ الذات. كما أنّني شخصياً في تطوّرٍ دائمٍ، فالمشاريع والأفكارُ المستقبليَّة لا تعدُّ ولا تحصى، وكلُّها تخدمُ المجتمعَ وتطلُّعاتي ونظرتي للمستقبل».
ينصح بمتابعة من القطب الجنوبي ند قطان لـ"سيدتي": أحلم ببصمة مستدامة في العالم.
تخطي العوائق والصعاب

تخوضُ هبة معاركَ من أجل حقوقِ المرأة في المجتمع لإيجاد قوّتِها وتخطّي العوائقِ والصعابِ، والسعي لتحقيقِ أحلامِها.
وحول هذا الموضوعِ، تقولُ: «في زمنٍ، باتت الأحكامُ المسبقةُ، تطالُ كلَّ جانبٍ من جوانبِ حياتنا، وأصبحت تصرُّفاتُنا محدودةً في أغلبها بآراءِ الناس، تجرَّأت على كسرِ الصورةِ التقليديَّة، ورفعِ الصوتِ عن نظرتي لنفسي، وتحدَّيتُ كلَّ مخاوفي أولاً، من ثم أفكارَ وآراءَ الآخرين، وانتفضتُ على التنمُّرِ من خلال حلقِ شعري بالكاملِ، مع العلم أنّني أتمتَّعُ بصحَّةٍ سليمةٍ، ولست مصابةً بداءِ السرطان كما ظنَّ بعضهم. أخبرت قصّتي بشفافيةٍ وعفويةٍ، وأردت من خلال هذه الخطوة لنفسي أولاً، والعالمِ ثانياً، أن أقول: إنّ في إمكانِ السيِّدةِ أن تكونَ، وأن تكون كما هي، قويةً وجميلةً، وتسعى وراءَ طموحاتِها خارج أي قوالب تقليدية».
منصات التواصل الاجتماعي
تضيفُ: «بالرغم من أنني أتمتَّع بالقوَّةِ، والتحدّي، والإصرار، وجودي وتجربتي على منصَّاتِ التواصلِ الاجتماعي، لم يكن ذلك سهلاً. ففي فتراتٍ عدةٍ، شعرْت بتقلّباتٍ نتيجةَ المقارنةِ بأصحابِ الصفحاتِ الأخرى، وبضغوطٍ نفسيةٍ حاربَت ثقتي بالنفسِ وقدرتي على الاستمرارِ في رسالتي... لكنّني لم أخضعْ. أصرّيت أن أعكسَ للناسِ الواقعَ الحقيقيَّ للإنسانِ، وآمنتُ أنّ مشاركتي حقيقتي ستكون هي مصدرَ قوّتي، وسبباً رئيسيّاً لإلهام الناسِ. فهم يرون أنفسَهم في مضمونِ صفحتي. أؤكّد أنه في وسعِِ ظاهرةِ المؤثِّرات على «السوشال ميديا» أن تكون إيجابيَّةً إذا كانت هادفةً، ونشرت الوعي بين المتابعين. أنا لا أعرِّفُ بنفسي كمؤثِّرةً، فأفضِّلُ الإلهامَ على التأثيرِ، وهذا لأنني أفسِّرُ الإلهامَ بوصفِه عمليَّةً، يلعبُ فيها المتلقّي دوراً فاعلاً في اختيارِ ما يريد تبنِّيه من مواقفَ وأساليبَ، عكسَ التأثيرِ الذي يُسقِطُ معاييرَ وقيَماً على المتلقي».
استشارات التواصل وتطوير الذات
أما عن تجربتِها وعملِها في مجالِ استشاراتِ التواصلِ وتطويرِ القدراتِ، تستطردُ هبة: «بصفتي مستشارةُ ومدرِّبةُ تواصلِ وتطويرٍ ذاتي، أسعى دائماً لتطويرِ طرقٍ فريدةٍ لاستخدامِ صوتي، والسماحِِ لنفسي لمخاطبةِ جمهورٍ متنوِّعٍٍ من أجل تحفيزهم و إلهامهم التغييرَ الإيجابي، من خلال المحتوى المكتوبِ والمرئي الذي أقدِّمه، ومن خلال ورشِ العملِ والتدريبِ التي أقوم بها للأفرادِ والشركاتِ».
وتتابع: «على مرّ السنوات، وقفَت عقباتٌ عدّةٌ في طريقِ حريَّتي، خاصَّةً أنني أمٌّ وسيدةُ أعمالٍ، فلم أتخلَّ إطلاقاً عن رسالتي، وهي أن أكونَ نفسي، وأن أحبَّها، وأن أهتمَّ بها، فالجمالُ الخارجي، لا يظهرُ سوى مع وجودِ الجمالِ الداخلي الذي ينعكسُ بأحلى صورةٍ للخارج. في إمكانِ المتابعين الاستفادةُ من منشوراتي وورشِ عملي التي أتحدَّثُ فيها عن مبادئي وإلهامهم بأسلوب حياةٍ أفضل، وهكذا أساعدُهم بتطويرِ قدراتهم على التواصل».
وحول هواياتها، تجيبُ، في ختام حديثها: « الموسيقى هي جزء اساسي من حياتي اليومية وبكافةِ أنغامها، كما أني لطالما أحببت الأعمالِ اليدويَّة لأن مهما ينتج عنها يكون له خاصيته وروحه المميزة. وأمارسُ رياضاتٍ عدة، تساعدُ في تحسينِ الحالةِ النفسيَّة و الجسدية ».
ما رأيكِ بالاطلاع الى في اليوم العالمي للتوحد : تعرفوا لقصص أبطال التوحد الذين كسروا القيود وحققوا المستحيل