نقلت «سيدتي» في عددها الماضي (1544) الندوة الأولى من مؤتمر «كوني جميلة بعد الأربعين» والذي رعته «سيدتي» إعلامياً في «فندق مونرو» ببيروت والمتعلّقة بداء ترقّق العظام. وفي هذا العدد، تتابع الندوة الثانية المتعلّقة بالتغيّرات التي تواجه المرأة في سنّ انقطاع الطمث وكيفية مواجهتها، والتي حاضر خلالها الإختصاصي في الجراحة النسائية والتوليد والعقم الدكتور جوني بركات والمعالج النفسي إيلي غزال. 

يشرح الدكتور جوني بركات «أن المرأة تولد مع كميّة معيّنة من البويضات، سرعان ما تتناقص هذه الأخيرة نتيجة الإستهلاك الشهري لها عبر العادة الشهرية أو التلقيح الصناعي أو الإصابة ببعض الأمراض الفيروسية للمبيض، وذلك حتى تبلغ سن انقطاع الطمث وتختفي هذه البويضات»، مضيفاً «أنّه في حالات معيّنة، يكون عدد البويضات لدى المرأة قليلاً منذ البداية نتيجةً لتكوين جيني معيّن».

وبصورة عامّة، يبدأ عدد البويضات بالتناقص ابتداءً من سن السابعة والثلاثين، إلى أن ينتهي في سن الثالثة والخمسين. وعندما تبدأ الدورة الشهرية بالإنقطاع لمدّة شهر أو شهرين متتاليين، تكون المرأة قد وصلت المرحلة التي تسبق سن اليأس، إلا أنّه عندما يبلغ هذا الإنقطاع مدّة عام فيعني أن مرحلة سن اليأس قد بدأت فعلياً.

 

عوارض...

يترافق انقطاع الطمث مع عوارض مختلفة تنتج عن التراجع في كميّة هرمون «الاستروجين» الذي تفرزه المبايض بأمر من الغدّة الدماغية، ما يؤدّي إلى الشعور بالإنفعال والعصبية، الهبّات الساخنة Hot Flashes وهي حرارة قوية تبدأ من الرقبة وترتفع إلى الرأس لمرّات ثلاث في اليوم، وقد تصل إلى عشر مرّات أيضاً، وذلك حسب الوزن، مع الإشارة إلى أن المرأة النحيلة تصاب بالهبّات أكثر من المرأة التي تتمتّع بوزن أكبر، فضلاً عن القلق النفسي وقلّة ساعات النوم والضعف في التركيز والتراجع في الذاكرة والتبدّل في المزاج والألم والإضطراب في العلاقة الزوجية والخسارة السريعة لمادة «الكولاجين» المتواجدة في الجلد، وتحديداً في الثدي والمهبل. وقد يقود التبدّل في معدل «الإستروجين» في الجسم الى احتمالية الإصابة بمرض السكري لأن هذا الهرمون يعمل على تعديل معدلات السكر في الدم.

 

العلاجات الناجعة

وإذا كانت العلاجات التقليدية منذ خمسين عاماً تقضي بإعطاء المرأة هرمون «الإستروجين» التعويضي الذي لم تعد تنتجه المبايض، وذلك بهدف تعويض خسارة الجسم له، أشارت دراسة أميركية صدرت في العام 2002 إلى أن «الإستروجين» الذي تتناوله المرأة بعد سن اليأس يعمل على زيادة احتمالية الإصابة بالذبحات القلبية والسكتات الدماغية وسرطان الثدي، كما يرفع من معدل «الكوليسترول» في الدم. لذا، وجد الأطباء صعوبةً كبيرةً في وصف هرمون «الإستروجين» للنساء لمدّة، لذا بدأ البحث في فحوى الدراسة الأميركية جيداً بغية إيجاد الثغرات فيها. وفعلاً، تبيّن أن النساء اللواتي شملتهن هذه الدراسة كنّ يتجاوزن السبعين من أعمارهن، فأجريت دراسات أخرى وبدأت تظهر معلومات تفيد أنه في خلال السنوات الخمس الأولى التي تتناول فيها النساء هرمون «الإستروجين» التعويضي، لن يصبن بأي من العوارض الآنفة الذكر. وتمّ التأكيد أن هرمون «الإستروجين» لا يتسبّب بالإصابة بسرطان الثدي، إنما يكشف هذا السرطان باكراً في حال وجود ورم صغير ويسرّع انتشاره في الجسم.

لذا، من الهام أن تخضع كل امرأة إلى فحص يشمل وظائف الكبد للتأكّد من سلامتها وأن تقوم بصورة شعاعية للثدي للتأكّد من عدم وجود أي ورم سرطاني وصورة صوتية للرحم للتأكّد من أن سماكة الرحم لم تتغيّر، ما ينذر باحتمال قريب للإصابة بسرطان الرحم.

وإذا اكتشف الطبيب وجود مانع واحد من هرمون «الإستروجين»، فإنه يذهب في اتجاه آخر أي وصف علاجات بديلة خاصّة بالهبّات الساخنة وأخرى خاصّة بترقّق العظام وبجفاف الأعضاء التناسلية...     

 

المشكلات النفسية

بدوره، يشرح المعالج النفسي إيلي غزال التغيّرات النفسيّة التي ترافق التغيّرات الجسدية لدى النساء في هذه المرحلة، وتشمل: التقلّبات والعصبية في المزاج والغضب وفقد أو تراجع الثقة بالنفس والتراجع في قدرات الذاكرة والقلق والإكتئاب وما يصاحبهما من اضطرابات جسدية والصعوبة في التركيز والتغيّر في القابلية على تناول الطعام سواء عبر الزيادة أو النقص والإضطرابات في النوم وتراجع الرغبة في العلاقة الزوجية والإحساس بالألم في أثنائها، وصولاً إلى الأفكار الإنتحارية!

ويضيف: «إن القلق والهبّات الساخنة قد تجعل النساء عرضة للشعور بآلام في الصدر ودقّات متسارعة في القلب والتعرّق والدوار والرجفة والجفاف في الفم والتنميل في الفم، بالإضافة إلى الإحساس السيّئ بأن الموت قد بات قريباً». ويؤكّد «رغم تناول بعض النساء لعلاج الهرمون التعويضي، إلا أن البعض منهن قد يعانين من الإكتئاب نتيجة عدم تقبّلهن للمرحلة التي يمررن بها».

وعن إمكانية الخروج من الأزمات النفسية التي تصاحب فترة سن اليأس، يقول «إن تأثيرات سن اليأس النفسية تختلف بين امرأة وأخرى، وذلك حسب مدى وسرعة تقبّلها لهذه المرحلة. ولكن، يجدر النظر بإيجابية إلى هذه المرحلة والتفتيش عن تجارب جديدة، مع محاولة إيجاد نشاطات مسلّية وممارسة بعض الهوايات والرياضة بانتظام، وكذلك الإستمرار بالعلاقة الزوجية بدلاً من الإنقطاع عنها لأنها تمكّن المرأة من اجتياز هذه المرحلة الصعبة والحساسة من حياتها، بدون أن ننسى أهمية الدعم العائلي والمجتمعي للمرأة».