وسائل علاج الحمل خارج الرحم

ما تزال وفيات الحوامل من المشكلات الصحية الرئيسية في العالم، إذ تقضي سنوياً نحو 600 ألف امرأة بسبب مضاعفات متعلّقة بالحمل والولادة، ما يدعو إلى متابعة دقيقة ومنتظمة للحمل. وقد تمّ أخيراً في بعض الدول تعميم الإلتزام بإجراء الحامل لصورة صوتية مرّتين خلال الحمل لأهميتها في التأكّد من سلامة الحمل والجنين والأم، وخصوصاً تفادي مشكلة الحمل خارج الرحم.

وفي هذا الإطار، «سيدتي» حاورت الإختصاصي في الجراحة النسائية والتوليد الدكتور فيصل القاق.

- ما هي استعمالات الصورة الصوتية؟

للصورة الصوتية المعروفة بـ «الإيكو» استعمالات عدّة خلال الحمل، أبرزها: التأكّد من وجود الحمل في داخل الرحم، مراقبة نموّ الجنين، وجود توأم، سلامة تكوين الجنين والتأكّد من غياب التشوّهات، معرفة كمية السائل «الأمنيوني» المحيط بالجنين، معرفة وضع الخلاص وجنس الجنين.

- ماذا عن وجود الحمل خارج الرحم؟

هناك نسبة تتراوح من 2 إلى 4 في الألف من المخاطر لوجود حمل منتبذ خصوصاً في الأنبوب، حيث ينمو الحمل لنحو 6 إلى 8 أسابيع قبل أن يسبّب تمزّقاً في الأنبوب. وتشكّل هذه الحالة خطورةً بالغةً من جرّاء النزف الحاد والآلام المبرّحة في الحوض، والتي تؤدّي بالحامل إلى فقدان الوعي في بعض الأحيان، ممّا يستدعي دخولها إلى المستشفى للخضوع إلى عملية جراحية لإزالة رواسب الحمل والأنبوب. ويشار إلى أن تمزّق الأنبوب يحدث على جهة واحدة، ولا يمنع حدوث الحمل في المرّة اللاحقة لوجود أنبوب سليم في الجهة الأخرى.

- ما هي الأسباب المسؤولة عن حصول الحمل خارج الرحم؟

تعتبر التهابات الحوض من أبرز الأسباب المؤدّية إلى هذه الحالة، نظراً إلى أن هذه الإلتهابات تعطّل حركة الأنبوب، ما يبقي الحمل في داخل الأنبوب ويمنعه من النزول إلى الرحم. ويؤدّي وجود التصاقات في الحوض والأنابيب، ناتجة عن عمليات جراحية سابقة وتدخّلات علاجية، إلى كسل الأنابيب وشلّ حركتها.

ومن بين الأسباب الأخرى المسؤولة: وجود إفرازات مخاطية سميكة داخل الأنابيب نتيجةًً للإضطرابات الهرمونية التي تشكّل حاجزاً في وجه البويضة الملقّحة في الأنبوب لتمنعها من السير نحو الرحم، إضافة إلى وجود تشوّهات تكوينية في الأنابيب تؤدّي هي أيضاً إلى هذه الحالة. كما يشار إلى العامل الحاسم الذي يلعبه سنّ المرأة، إذ إن التقّدم بالسن الإنجابية قد يساهم بشكل أو بآخر في حدوث هذه الحالة الخطرة.

 

هرمون الحمل

- ما هي الوسائل التشخيصية لتفادي هذه المشكلة؟

من الهام للغاية التأكّد باكراً من وجود الحمل في داخل الرحم. وفي هذا الإطار، لا تكفي الصورة الصوتية وحدها لرؤية الحمل في داخل الأنبوب، بل على العكس تماماً، فإن إجراء الصورة الصوتية وعدم رؤيتنا للحمل في داخل الرحم، مع وجود فحص حمل إيجابي، يرفع عالياً درجة الشك في وجود حمل خارج الرحم. ويستدعي ذلك تدقيقاً لما لهذه الحالة من مخاطر واشتراكات طبية.

يبدأ ذلك بإجراء فحوصات دم دورية لهرمون الحمل، بهدف التأكّد من وتيرة نموّه كونه خارج الرحم ينمو بوتيرة أقل من الحمل داخله. وهنا، يجب التمييز بين هذه الحالة وبين حالات أخرى كالإجهاض العفوي أو سقوط الحمل أو وجود بويضة غير ملقّحة. فضلاً عن الفحوص، هنالك الأعراض الدالّة على خطورة هذه الحالة، كالآلام الحادّة والمفاجئة في الحوض والنزف المتقطّع أو الحاد أو الغزير، مع الدوار والغثيان الشديد وحالات من الإغماء.

- ما هي الوسائل العلاجية الحديثة؟

تأتي المراقبة الطبية الدقيقة في مقدّمة هذه الوسائل، إذ يطلب من الحامل الراحة التامة في السرير وتناول كميات من السوائل، بهدف زوال الحمل في الأنبوب، بدون أن يسبّب مضاعفات خطيرة لجهة النزف أو تمزّق الأنبوب.

وقد يلجأ بعض الأطباء إلى إعطاء المريضة حقنة أو دواء من «الميثوتريكسات» الذي يؤدّي إلى ضمور الحمل ويساعد على التخلّص منه. وقد تعطى هذه الحقنة أكثر من مرّة لإتمام المعالجة السريرية ولتفادي إجراء عملية جراحية.

 

تأثير على الخصوبة

- متى تخضع الحامل لهذه العملية الجراحية؟ ولماذا لا يتمّ إجراؤها مباشرة؟

إن من دواعي إجراء العملية الجراحية الحالات الطارئة الناتجة عن تمزّق الأنبوب والنزيف الحاد الذي يصاحب هذه الحالة. وحينها، يجب التدخّل بسرعة لإجراء العملية بواسطة المنظار، حيث يتمّ استئصال الأنبوب المصاب وترسّبات الحمل. ولدى تعذّر استعمال المنظار لأسباب أبرزها وجود كمية كبيرة من الدم داخل البطن وعدم رؤية الأنبوب والحاجة إلى التدخّل السريع، تجرى العملية بعد فتح البطن وإتمام العمل الجراحي المذكور. وقد يفضّل البعض إجراء الجراحة التنظيرية لدى التأكّد من تشخيص الحالة، علماً أن نوعية الجراحة ومهارات الجرّاح كلّها عوامل تحدّد نتائج العملية في ما بعد وتفضيل الوسيلة الواجب اتّباعها. 

ولا يتمّ اللجوء إلى الجراحة مباشرة، خصوصاً إذا لم تكن الحالة خطيرة وتستدعي ذلك، لأن الجراحة قد تؤثّر بشكل جزئي أو شامل على الخصوبة المستقبلية، كونها تستوجب استئصال الأنبوب، ممّا يدع المرأة بأنبوب واحد له كل القدرات على تأمين مقوّمات الخصوبة! ولكن في حال تعرّضه للإصابة أو الإلتصاقات أو الإلتهابات، نكون قد قضينا على الإنجاب بالشكل الطبيعي.

- ماذا عن معرفة وضع الجنين من خلال الصورة الصوتية؟

في حال سلامة الحمل داخل الرحم، تساعد الصورة الصوتية على التأكّد من سلامة الجنين لجهة التشوّهات، إذ تمكّن هذه الصور من رؤية تشوّهات بارزة، ابتداءً من الشهر الثالث في الرأس والعنق والصدر والبطن والأطراف، وخلال الأشهر اللاحقة القلب. وتمكّن هذه الصورة أيضاً من رؤية بعض العلامات الدالّة على وجود تشوّهات دقيقة أو صغيرة أو أخرى قد توحي بوجود «متلازمة داون» أو مثلثة 21. ويكون الشهر الخامس المحطّة الأبرز لإجراء ما يسمى بفحص التشخيص الجنيني، إذ يتمّ التعرّف على غالبية التشوّهات أو الإعاقات، إضافة إلى مراقبة النمو والحركة والسائل والخلاص وغيرها.

- وإلى ماذا تؤدّي المراقبة والتشخيص في الصورة الصوتية؟

كما ذكرنا سابقاً، إن التعرّف إلى أي تشوّه أو علامة في الشهر الثالث، خصوصاً سماكة العنق التي قد تدلّ على وجود «متلازمة داون» تستدعي إجراء فحص السائل «الأمنيوني» في الشهر الرابع للتأكّد من التشخيص المذكور.

أما لدى وجود بعض التشوّهات التكوينية الأخرى، فيمكن عندها اللجوء إلى جراحات محدّدة للجنين في مراكز معيّنة، وذلك بهدف العمل على إصلاح التشوّه أو تبعاته، كالإنسداد في المجاري البولية أو الفتق في حجاب الحاجز وغيرها.

- ماذا عن وضع الخلاص؟

يتكوّن الخلاص في الشهر الثالث من الحمل حيث يبدأ بتغذية الجنين، وعادةً ما يتمركز في القسم الأول من الرحم أو عند جوانبه. أما في حالات قليلة، فيقع الخلاص في أسفل الرحم وفوق عنق الرحم وهو ما يسمى «بريفيا». وعن استمرار «البريفيا»، لا بدّ من إجراء الولادة فقط بالطريقة الجراحية القيصرية، بهدف تفادي تمزّق الخلاص والنزف الحاد الذي يؤدّي إلى وفاة المرأة.