من المعتقدات الشعبية التي توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة، والتصقت بأذهان كثير من النساء أن الرضاعة الطبيعية وسيلة طبيعية ومضمونة لمنع الحمل، وقد تناقلت الجدات هذه المعلومة جيلاً بعد جيل، مؤكدات أن الرضاعة كافية.
بينما يؤكد فريق من الأطباء أن الرضاعة الطبيعية قد تمنع الحمل فعلياً، لكنها ليست وسيلة مضمونة 100%؛ إذ تعتمد فعاليتها على مدة الرضاعة الطبيعية، وعدد مرات الرضاعة، ومدى اعتماد الطفل على الرضاعة الطبيعية، بجانب خفايا طبية لا تعرفها الكثيرات من الأمهات المرضعات،
اللقاء والدكتورة نهال العمروسي أستاذة النساء والولادة للتعرف إلى: متى تكون الرضاعة الطبيعية وسيلة فعالة لمنع الحمل؟ ومتى تصبح سبباً في حدوثه دون تخطيط؟ وما الشروط؟
حمل بعد الولادة!

وفقاً للمعتقدات الشعبية يحدث أن يُفاجأ العديد من الأمهات بحدوث حمل بعد الولادة بفترة قصيرة جداً، ومن دون أن يعرفن، معتقدات -كما أخبرتهن الأمهات والجدات- أن الرضاعة الطبيعية كافية لمنع الحمل، وأن تأخر نزول الدورة الشهرية يعني أن التبويض لم يحدث بعد، وفي الحقيقة هن يغفلن أن الحمل في أثناء الرضاعة ممكن بل شائع، خصوصاً إذا لم تُتبع الشروط الطبية بدقة.
نوم الأم في أثناء الرضاعة يزيد من خطر متلازمة الموت المفاجئ للرضيع؟ تعرفي إلى التفاصيل داخل التقرير.
كيف تمنع الرضاعة الطبيعية الحمل من الناحية الطبية؟
عند الرضاعة الطبيعية يفرز جسم الأم هرموناً يُدعى "البرولاكتين"، وهو المسؤول عن إنتاج الحليب، وهذا الهرمون له تأثير مباشر في منع خروج البويضة من المبيض.
وهي الخطوة الأولى في حدوث الحمل، والقاعدة النظرية تقول: ما دامت الإباضة لا تحدث؛ فلا يمكن للمرأة أن تحمل، الأطباء يطلقون على هذه الحالة اسم "وسيلة منع الحمل الطبيعية المرتبطة بالرضاعة".
بمعنى أن المرأة لا تأتيها الدورة الشهرية لأنها ترضع، وبالتالي فإن احتمالية الحمل تكون ضعيفة.
شروط عدم حدوث حمل
لكي يتحقق عدم حصول حمل مع الرضاعة الطبيعية، وتكون الطريقة فعَّالة؛ هناك شروط دقيقة، وإذا لم تُطبق كما يجب؛ فإن فرصة حدوث حمل تظل قائمة، وأحياناً من أول علاقة زوجية بعد الولادة.
- أولاً: أن تكون الأم ترضع طفلها رضاعة طبيعية كاملة؛ أي أن حليب ثديها يكون الوحيد الذي يتناوله الطفل، وألا تستخدم الحليب الصناعي أو حتى شرب الماء أو تناول الأطعمة التكميلية.
- ثانياً: أن تكون الرضاعة بشكل متكرر، كل ثلاث إلى أربع ساعات نهاراً، ومرة على الأقل ليلاً.
- ثالثاً: ألا تكون الأم قد بدأت في نزول الدورة الشهرية بعد الولادة؛ لأن نزول الدورة يعني ببساطة عودة التبويض، وبالتالي يصبح احتمال الحمل وارداً جداً.
- رابعاً: يجب ألَّا يتجاوز عمر الطفل ستة أشهر؛ فبعد هذه المرحلة، يقل تأثير الرضاعة على منع التبويض، ويبدأ الحليب وحده في فقدان قدرته على تأخير الحمل.
شروط الرضاعة التي تمنع الحمل:
- أن ترضع الأم طفلها من الثدي فقط، بشكل منتظم وكافٍ، لم تأتها الدورة بعد، عمر طفلها أقل من ستة أشهر، هنا تكون احتمالية الحمل قليلة جداً، وتقدرها بعض الدراسات بأنها أقل من 2%.
- أن تدرك الأم -علمياً- أن الإباضة تحدث قبل نزول الدورة الشهرية، وهذا ما لا تعرفه الكثير من الأمهات؛ أي أنكِ قد تكونين قد بدأت التبويض قبل أن تلاحظي أول دورة بعد الولادة.
- أن تعي الأم المرضعة بأن الحمل قد يحدث حتى لو لم تأتِ الدورة الشهرية بعد؛ وذلك لأن التبويض عاد بصمت، وهذه النقطة تحديداً هي السبب في حدوث العديد من حالات الحمل في أثناء فترة الرضاعة.
أسباب الحمل على الرغم من الرضاعة الطبيعية

- بعض النساء قد يعانين من قلة إنتاج الحليب؛ فيبدأن بإدخال الحليب الصناعي مبكراً، وبالتالي يقل عدد مرات الرضاعة الطبيعية، ويقل معها إفراز هرمون البرولاكتين، وهذا يسمح للجسم باستئناف التبويض والدورة.
- النوم لفترات طويلة ليلاً من دون رضاعة الطفل؛ يضعف تأثير الهرمونات المانعة للإباضة، ما يجعل جسم الأم مهيأً لحدوث حمل ومن دون أن تدرك الأم ذلك.
- اختلاف استجابة كل امرأة عن الأخرى؛ فبعض النساء قد تبقى الدورة الشهرية غائبة لديهن طيلة فترة الرضاعة، وقد تصل إلى عام كامل، بينما أخريات تعود لديهن الدورة بعد شهرين أو ثلاثة من الولادة، حتى مع وجود الرضاعة.
إذن الرضاعة ليست وسيلة مضمونة للجميع، والاعتماد عليها وحدها بوصفها مانعاً للحمل يُعَدُّ نوعاً من المجازفة.
ما طرق منع الحمل وقت الرضاعة؟

الجواب:
- ضرورة بحث المرأة المرضعة عن وسيلة آمنة ومناسبة لمنع الحمل تتوافق مع حالتها الصحية، وهناك وسائل متعددة يمكن استخدامها بأمان مع الرضاعة، مثل حبوب منع الحمل الخاصة بالرضاعة، وهي لا تقلل من إدرار الحليب.
- يُفضَّل تجنب حبوب منع الحمل المركبة، التي تحتوي على هرموني الإستروجين والبروجستيرون معاً، خاصة في فترة الرضاعة لأنها قد تقلل كمية الحليب.
- يمكن استخدام اللولب الرحمي، وهو من أكثر الوسائل أماناً وفاعلية على المدى الطويل، ويمكن تركيبه بعد الولادة بشهر ونصف الشهر إلى شهرين.
- استشارة طبيب النساء بعد الولادة لتحديد الوسيلة الأنسب، وفقاً لرغبتك في المباعدة بين الحمل والرضاعة، وحالتك الصحية.
ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج؛ عليك استشارة طبيب متخصص.