mena-gmtdmp

تجربتي مع الخوف من الولادة..تصالحت مع نفسي فمرت التجربة بلا ألم!

صورة لحامل تشعر بالتعب
حامل تعيش تجربة الخوف من الولادة

في هذا الشأن تقول ميساء" أم أحمد" : (لم يخطر ببالي يوماً أن كلمة “أمومة” ستزرع في داخلي خوفاً بدل الطمأنينة، كنت أظن أن الحمل والولادة مشهد طبيعي ومتكرر، تمر به النساء جيلاً بعد جيل، وتخرج منه بابتسامة وهي تحمل طفلها، لكن حين اقتربت من هذه المرحلة، اكتشفت أن داخلي يخفي فزعاً لم أتوقعه.
وتتابع: منذ سنوات المراهقة، كانت تصلني حكايات نساء حول الولادة، أغلبها محاط بالصراخ والألم وفقدان السيطرة، كن يروين قصصاً لا تخلو من المبالغة، لكنها حفرت في قلبي صوراً مرعبة: نساء يتألمن لساعات، ونساء يفقدن حياتهن فجأة في غرفة الولادة. ومع مرور الوقت صارت هذه القصص أشباحاً تلاحقني، وكثيراً ما كنت أتساءل بداخلي: هل سأكون التالية؟)
"سيدتي وطفلك" تركت للأم مساحة لتحكي بالتفصيل عن تجربتها الأولى، والتي نراها مفيدة لكل أم لم يسبق لها الولادة، لتكون لها عبرة ويمكنها الاستفادة منها. ومعنا قامت الدكتورة سعدية عبد الرحمن أستاذة النساء والولادة بالتقييم وإضافة الكثير من النصائح والتوجيهات.لتجربتي مع الخوف من الولادة.

متى بدأ الخوف من الولادة؟

امرأة قلقة حائرة

بداية: أنا أحكي لكُنّ قصتي؛ لأقول لكل امرأة تخاف الولادة: لستِ وحدك، الخوف ليس عيباً، بل تجربة إنسانية، يمكن التغلب عليه بالحديث، بالدعم، وبالثقة بقدرة الجسد على تخطي وصنع المعجزات.
حين تزوجت، بدأ الحديث عن الحمل يطرق بابي يومياً، لكني لم أكن أرى في الأمر بشرى سعيدة، بل بداية كابوس يقترب، فكنت أتظاهر بالابتسامة، بينما يدي ترتجف كلما فكرت أن جسدي قد يحتضن حياة صغيرة.
لم يكن خوفي مجرد قلق عابر؛ بل كان عاصفة حقيقية؛ كنت أشعر بالدوار حين أسمع كلمة "ولادة"، تخيلت وكأنني سأفقد السيطرة على جسدي، أو أنني لن أخرج من غرفة العمليات أو قد لا ينجو طفلي! حقيقة كنت أستيقظ أحياناً من النوم على كوابيس تجعلني أبكي لساعات.
قد يبدو هذا غريباً، لكن قرأت إحصاءات تؤكد أنني لست وحدي؛ ملايين النساء حول العالم يعشن قلقاً مشابهاً، وحوالي 14% من الحوامل يصبن باضطرابات نفسية مرتبطة بهذا الخوف من الولادة، واتضح أنني كنت واحدة من هؤلاء النساء، ولكنني لا أملك الجرأة لقول ذلك علناً.

الانهيار والصمت

حامل في الشهور الأولى

والآن هل ترجعن معي إلى الوراء قليلاً؛ مرت الأشهر الأولى من زواجي بسلام ظاهري، وكلما اقترح زوجي أن نبدأ رحلة الإنجاب، كنت أختنق أو أغير الموضوع سريعاً، ولم أجرؤ أن أخبره بالحقيقة.
في أحد الأيام، كنت في زيارة لصديقة أنجبت حديثاً، جلست بجوار سريرها، أراقب مولودها ينام بسلام، كان المشهد جميلاً، لكنه أثار داخلي سؤالاً: كيف استطاعت أن تمر من تلك التجربة؟ شعرت للحظة بغرابتي عن هذا العالم الأنثوي الذي يفترض أن يكون طبيعياً.
ذلك المساء عدت إلى المنزل منهارة، بكيت أمام زوجي واعترفت له للمرة الأولى بخوفي من فكرة من الولادة، وحكيت له عن خوفي لدرجة أنني لا أريد الحمل أصلاً، وكنت أتوقع أن يسخر من مخاوفي، لكنه أمسك بيدي وقال بهدوء: ما رأيك أن أشاركك هذا الخوف ونواجهه معاً؟

نقطة التحول والبحث عن علاج

بتلك الكلمات الطيبة الحنونة كانت نقطة التحول؛ للمرة الأولى شعرت أنني لست وحدي، بدأنا معاً نبحث ونقرأ عن تجارب نساء عشن مثل حالتي، واكتشفت أن الأمر يتلخص في فكرة "الخوف من الولادة" ، مجرد معرفة أن هذه الحالة حقيقية وليست ضعفاً شخصياً منحني شيئاً من الراحة.
بدأت رحلتي مع العلاج بالحديث؛ تحدثت مع طبيبتي النسائية، ورويت لها مخاوفي بلا خجل، والجميل أنها لم تسخر مني، بل استمعت بإنصات، شرحت لي أن خوفي عادي ومفهوم ويحدث لكثيرات، وأن هناك طرقاً عديدة لتجاوزه، ثم أحالتني إلى معالِجة نفسية متخصصة.

العلاج بالفضفضة والحكي

هل تشدكّن التفاصيل؟ هيا تعالين معي: في أول جلسة جلست على المقعد وأنا أرتجف، من أين أبدأ؟ لكن شيئاً فشيئاً، بدأت الكلمات تخرج، حكيت عن قصص الطفولة التي سمعتها وعن الكوابيس، شرحت لها قدر خوفي من الألم والموت، وكانت تستمع بهدوء.
تعلمت أن عقلي يضخم الصور السلبية ويخزنها كحقائق، بينما يتجاهل آلاف القصص الإيجابية التي تحدث يومياً، وخطوة من بعد خطوة استبدلتها بأفكار أكثر واقعية، وعرفت بل تيقنت أن الولادة تجربة متنوعة، وأن الألم يمكن السيطرة عليه، وأنني لست مضطرة لمواجهته وحدي.

التواصل مع أخريات ودعم زوجي كان له تأثير

إلى جانب العلاج النفسي، جربت العلاج بالاسترخاء، بدأت أمارس التنفس العميق قبل النوم، التحقت بدروس يوغا مخصصة للنساء، كنت أضحك أحياناً لكني لاحظت أن جسدي بدأ يلين وقلبي يهدأ، كما ساعدني التواصل مع أمهات أخريات بشكل مفيد.
أخبرتهن بقصتي بخجل، وفجأة وجدت عشرات النساء يرددن: "نحن مثلك"، وحكين كيف تجاوزن الخوف بفضل خطط ولادة واضحة، أو دعم الزوج خاصة أثناء الولادة، إلى أن وصلت لقناعة بأنني أنتمي إلى فكرة جميلة لم أكن أعلم بوجودها، وهي الإنجاب وظهور مولود جديد يعتمد عليّ في استمرار حياته، وما أعظمها من فكرة.

الرأي الطبي

حامل وتمارين اليوغا

هنا تدخلت الدكتورة سعدية عبد الرحمن أستاذة النساء والولادة، وبدأت تقييم تجربة "أم أحمد" وأضافت:
مع مرور الوقت، على الحامل أن تخفف من مشاعر الحامل الخائفة من الولادة، حتى لو لم يختفِ الخوف تماماً، وتحاول أن تتخيل نفسها أماً من دون خوف، وعليها أن تبدأ مع زوجها التخطيط للحمل بخطوات واعية.
على الحامل تنفيذ الأدوات التي قرأت عنها وتعلمتها؛ كالتنفس، الحوار مع النفس، ومشاركة مخاوفها مع زوجها أو من يدعمها من عائلتها، وبعد الولادة ورؤية المولود ستزول كل مشاعرها السلبية.
الخوف من الولادة قد يحبس المرأة في دائرة صامتة من الألم النفسي، وبالحوار، العلاج النفسي، الدعم الأسري والاجتماعي، بجانب تقنيات الاسترخاء، والتخطيط المسبق للولادة يمكن أن تتحوّل التجربة الأشبه بالكابوس إلى ولادة للحياة والأمل.

نصائح لتجاوز الخوف من الولادة

زوج يدعم زوجته

وتتابع الدكتورة سعدية:

تحدثي عن خوفك:

لا تخجلي من مشاركته مع شريكك أو طبيبتك، فالاعتراف أول خطوة نحو العلاج.

ابحثي عن الدعم:

وجود أشخاص تثقين بهم - زوج، أم، صديقة أو مجموعة دعم - يُحدث فرقاً كبيراً.

تعلمي دروساً عن الولادة:

بالقراءة أو حضور دروس التحضير، ما يساعد على كسر الصور المخيفة واستبدالها بمعرفة واقعية.

مارسي الاسترخاء:

جرّبي التنفس العميق، اليوغا أو التأمل لتهدئة عقلك وجسدك.

ضعي خطة ولادة:

بالاتفاق مع طبيبتك حول تفاصيل الولادة، ما يمنحك إحساساً بالتحكم.

ثقي بجسدك:

تذكري أن ملايين النساء يعشن هذه التجربة كل يوم، وأن جسدك مهيأ بطبيعته لها.
*ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة او هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص؟