mena-gmtdmp

وفقاً لدراسات: توترك ليس بسيطاً ويؤثر على نمو الجنين دون أن تشعري!

صورة لحامل قلقة
توتر وقلق الحامل يؤثر على الجنين

تتبدل حياة المرأة بالكامل جسدياً ونفسياً وعاطفياً خلال رحلة الحمل التي تستمر تسعة أشهر؛ فهي تستعد لاستقبال حياة جديدة تنمو داخلها، وفي الوقت نفسه تواجه ضغوطاً وتغيرات قد تفوق طاقتها. وبين القلق من الولادة، والخوف من المستقبل، والمشاكل اليومية، قد لا تدرك الحامل أن هذا التوتر يترك أثراً عميقاً على الجنين حتى قبل أن يولد.
الدراسات الحديثة أثبتت أن التوتر المزمن أثناء الحمل لا يؤثر على مزاج الأم وحدها، بل يمتد إلى الجنين عبر هرمونات تنتقل إليه من خلال المشيمة، مما قد يبطئ نموه أو يؤثر على صحته العصبية والعاطفية لاحقاً. فكيف يحدث ذلك؟ ولماذا يُعتبر الهدوء النفسي أهم غذاء للجنين؟ الدكتور محمود البرعي أستاذ طب النساء والولادة يضع لكِ الإجابة العلمية والتفصيلية.

ما هو التوتر أثناء الحمل؟

حامل تشعر بتوتر مزمن


التوتر هو استجابة طبيعية للجسم عندما يواجه ضغطاً أو خوفاً أثناء الحمل، يمر جسد المرأة بتغيرات هرمونية وجسدية ضخمة، تجعلها أكثر حساسية وأقل قدرة على تحمل الضغوط. وقد يكون هذا التوتر بسيطاً طبيعياً مؤقتاً مثل الخوف من الولادة، أو مستمراً مثل المشكلات الزوجية أو المادية، وهذا التوتر المزمن أو المستمر هو الذي يشكل خطراً حقيقياً على صحة الأم والجنين معاً.

التغيرات النفسية أثناء الحمل وطرق التعامل معها تعرفي إلى المزيد

كيف ينتقل التوتر من الأم إلى الجنين؟

التوتر ينتقل للجنين عبر المشيمة


عندما تتعرض الحامل للقلق أو الغضب، يفرز جسدها هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والأدرينالين، هذه الهرمونات تمر بسهولة عبر المشيمة؛ لتصل إلى الجنين الذي يتفاعل معها رغم صغر حجمه.
المشيمة ليست حاجزاً تاماً كما يظن البعض، بل تسمح بمرور مواد معينة، منها هرمونات التوتر.
عندما يتعرض الجنين باستمرار لهذه الهرمونات، يبدأ جسمه الصغير بالاستجابة كما لو كان في بيئة مهددة، مما يؤثر على وظائفه الحيوية وتطوره العصبي.
وقد وجد الباحثون أن الجنين الذي يتعرض لمستويات عالية من الكورتيزول داخل الرحم، قد يُولد أكثر عصبية، أو يعاني من صعوبة في النوم أو التنظيم الانفعالي في سنواته الأولى.

تأثير التوتر على نمو الجنين جسدياً

الغذاء الصحي يُقلل التوتر والقلق

بطء نمو الجنين داخل الرحم

التوتر الشديد يؤدي إلى تضييق الأوعية الدموية للأم، مما يقلل تدفق الدم إلى المشيمة. هذا يعني أن الأكسجين والعناصر الغذائية التي يحتاجها الجنين للنمو تصل بكميات أقل، فينمو ببطء.

جدول لتغذية الحامل طوال أشهر الحمل تعرفي إلى تفاصيله بالتقرير

نقص الوزن عند الولادة

النساء اللواتي يعانين من قلق دائم أثناء الحمل أكثر عُرضة لإنجاب أطفال بوزن منخفض؛ لأن الكورتيزول يؤثر على امتصاص الغذاء ونقله للجنين.

الولادة المبكرة

في بعض الحالات، يؤدي التوتر إلى تحفيز إفراز هرمونات تحفّز انقباضات الرحم، ما قد يسبب ولادة مبكرة، وهو خطر كبير على حياة الجنين.

ضعف الجهاز المناعي للجنين

الكورتيزول العالي يقلل من كفاءة جهاز المناعة لدى الجنين، مما يجعله أكثر عرضة للأمراض بعد الولادة.

تأثير على نمو الدماغ

أظهرت دراسات التصوير بالرنين أن الأجنة التي تتعرض لتوتر مزمن أثناء الحمل، وقد يظهر لديهم اختلاف طفيف في حجم مناطق معينة من الدماغ، خصوصاً المسؤولة عن المشاعر والانتباه.

تأثير التوتر على سلوك الطفل بعد الولادة

الطفل يتأثر بقلق الأم بعد الولادة


الجنين لا ينسى البيئة التي عاش فيها داخل الرحم، بل يحمل آثارها معه بعد الولادة؛ الأبحاث الحديثة أوضحت أن أطفال الأمهات المتوترات قد يواجهون بكاءً مفرطاً وصعوبة في التهدئة خلال الأشهر الأولى، مع زيادة احتمالية الإصابة بفرط النشاط أو ضعف التركيز في الطفولة، بجانب مشاكل في السلوك أو المزاج مثل القلق والخجل المفرط في المدرسة، بمعنى آخر التوتر أثناء الحمل لا يؤثر على شكل الطفل فقط، بل على طريقة تفاعله مع العالم لاحقاً.

عوامل تُزيد من خطر التوتر

حامل تتزاور وصديقتها
  1. قلة الدعم النفسي من الزوج أو الأسرة.
  2. الخوف من الولادة أو من فقدان الجنين.
  3. ضغوط العمل أو الأوضاع المالية.
  4. تجارب الحمل السابقة الصعبة.
  5. الوحدة أو العزلة الاجتماعية.
  6. مشاكل صحية أثناء الحمل مثل السكري أو ارتفاع الضغط.

كل هذه العوامل تجعل الأم أكثر عرضة للقلق المستمر؛ لذا يجب التعامل معها مبكراً بوعي واهتمام.

خطوات للأم الحامل تُقلل التوتر

ممارسة تمارين التنفس العميق
خصصي يومياً 10 دقائق فقط للتنفس بعمق وببطء، فهي تخفف إفراز الكورتيزول فوراً.
المشي الخفيف أو اليوجا للحامل
النشاط البدني المعتدل يساعد على إفراز هرمونات السعادة مثل السير تونين، ويُحسن تدفق الدم للمشيمة.
النوم الكافي
قلة النوم تزيد من القلق، لذا احرصي على 7 إلى 8 ساعات يومياً من الراحة التامة.
الابتعاد عن مصادر القلق
قللي من مشاهدة الأخبار السلبية أو الدخول في نقاشات مرهقة، وابدئي يومك بموسيقى هادئة أو تلاوة مطمئنة.
التحدث مع شخص تثقين به
لا تتركي القلق في داخلك، تحدثي مع زوجك أو صديقة أو حتى مختص نفسي إن لزم الأمر.
العناية بالتغذية
تناول الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم وفيتامين B6 (مثل المكسرات والحبوب الكاملة والموز) يساعد على تهدئة الأعصاب.
تمارين التأمل أو الاسترخاء الذهني
مثل تخيلك لطفلك وهو ينمو بصحة جيدة داخل رحمك، وهي تقنية أثبتت فعاليتها في خفض التوتر النفسي.

دعم الزوج والأسرة في هذه المرحلة

دور الزوج لا يقل أهمية عن الطبيب، فوجوده الداعم والهادئ ينعكس مباشرة على راحة الأم؛ كلمة طيبة، أو لمسة حنان، أو مشاركة في مهام المنزل، كلها رسائل طمأنينة تنتقل من الأم إلى الجنين دون أن يُقال حرف واحد. كذلك يمكن للأسرة أن تدعم الحامل بتوفير جو مريح، وتجنب انتقادها أو إشغالها بمشاكل غير ضرورية.

متى تجب استشارة الطبيب؟

ضرورة استشارة الطبيب


يُنصح باستشارة الطبيب أو الأخصائي النفسي إذا لاحظتِ:

  • فقدان الشهية أو الأرق المستمر.
  • نوبات بكاء متكررة أو مشاعر يأس.
  • خفقان قلب سريع أو صعوبة في التنفس عند التوتر.
  • خوف شديد من الولادة يمنعك من النوم أو الراحة.

الطبيب قد يوصي بجلسات علاج سلوكي أو تقنيات استرخاء آمنة أثناء الحمل.

خطوات صغيرة تصنع فرقاً كبيراً

  • استيقظي يومياً بابتسامة، وكرري لنفسك أن كل شيء سيكون بخير.
  • اجعلي لنفسك روتيناً صباحياً بسيطاً يضم فطوراً صحياً، لحظات شكر وتأمل.
  • استمعي لموسيقى هادئة أو صوت الطبيعة، فهي تساعد على تهدئة الجنين أيضاً.
  • اكتبي مشاعركِ في دفتر صغير، فالتعبير عن القلق يخفف نصفه.

*ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.