غالبية الأمهات يعتقدنّ بأن الرضع حديثي الولادة لا يشعرون بالحزن، ولا ينتابهم القلق، ولا يعانون من الضغوط النفسية، مفسرين ذلك بأنهم ما زالوا صغاراً جداً! وربما ظن البعض الآخر من الأمهات، أن الرضيع لا يعرف سوى البكاء عند الجوع أو الحاجة للنوم فقط.
بينما كان لأساتذة الطب النفسي رأي آخر يحمل مفاجأة كبيرة، وربما تكون صادمة! حيث أكدوا أن القلق وعلامات اضطراب المزاج تظهر على حديثي الولادة، وقبل أن يبدأوا بالمناغاة أو الكلام. ولمعرفة التفاصيل كان اللقاء والدكتورة منال الإتربي أستاذة طب نفس الطفل للحديث عن اكتئاب المولود واضطرابه العاطفي مع استعراض أسبابه وعلاماته ودور الأم في علاجه.
حقيقة اكتئاب حديثي الولادة

قد يبدو الأمر غريباً، لكن الطب النفسي للأطفال يؤكد أن الرضع يمكن أن يظهروا بوادر اكتئاب أو اضطراب عاطفي، نتيجة لعوامل بيئية نفسية، أو حتى فسيولوجية، والأمر في نظرهم لا مبالغة فيه.
غالبية الأمهات يعتقدن بأن المولود لا يشعر إلا بالاحتياجات البيولوجية الأساسية، لكن الأبحاث الحديثة غيّرت هذه الصورة تماماً، معتمدة على أن تعلق الطفل بأمه في الأشهر الأولى يؤثر بشكل مباشر وكبير على نموه النفسي والعاطفي.
كما أن نظر الأطفال الثابت إلى وجه الأم جعلهم يلاحظون تغيرات الانفعالات التي تظهر عليها، ما يصيبهم بالضيق الشديد، عندما لا يحصلون على استجابة عاطفية من الأم، وقد كانوا اعتادوا عليها.
كيفية تحفيز حواس الرضيع خلال أول عام تابعي التفاصيل بالتقرير
تشخيص الاكتئاب

من الضروري أن نعرف أنه لا يوجد في الطب النفسي مصطلح “اكتئاب” لدى الأطفال الأقل من 6 شهور بالمعنى التشخيصي المعروف لدى البالغين، ولكن هناك ما يسمى باضطرابات التفاعل والانفعالات عند الرضع، ويشمل حالات يظهر فيها الطفل علامات اضطراب عاطفي أو خلل في السلوك والتفاعل.
تشمل هذه العلامات:
- غياب الابتسامة التلقائية والاستجابة المعبرة على التفاعل الاجتماعي.
- نوم مفرط أو اضطرابات النوم بشكل غير معتاد.
- بكاء متواصل دون سبب واضح.
- نقص الشهية أو رفض الرضاعة رغم الحاجة لها.
- انعدام الفضول تجاه البيئة المحيطة.
- نظرات "فارغة" أو عدم التركيز على وجوه الآخرين.
أسباب تؤدي إلى هذا الخلل العاطفي
لا يُصاب الرضيع بالاكتئاب لسبب واحد، بل إن تفاعل جسده وعقله مع بيئته بأكملها يبرز الكثير من الأسباب:
اكتئاب الأم بعد الولادة: أكثر الأسباب شيوعاً؛ إذا كانت الأم تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة ولا تتفاعل مع الطفل بشكل دافئ أو متواصل، فقد يُصاب الرضيع بما يسمى بـ"تفاعل ضعيف"، فالطفل ببساطة لا يجد "مرآته العاطفية".
الحرمان العاطفي والإهمال: في حالات الانفصال عن الأم، أو عدم توفر علاقة حنونة (كما في بعض دور الرعاية أو البيئات القاسية)، يتعرض الرضيع لصدمة عاطفية، تترك أثراً سلبياً على نموه النفسي.
مشاكل في الولادة أو في النمو العصبي: بعض الأطفال المولودين قبل الأوان، أو الذين يُعانون من مشاكل عصبية أو حسية، يكونون أكثر عرضة لاضطرابات التفاعل والانفعال.
بيئة منزلية مليئة بالتوتر أو العنف: حتى لو لم يُمارس العنف على الطفل نفسه، فإن الشعور بالخطر أو الفوضى في البيئة يؤثر عليه، خصوصاً وأنه يلتقط التوتر من نبرة صوت الأم وحركاتها.
ضرورة علاج الاضطراب مبكراً
بعض الأمهات يفترضن أن كل شيء "سيمر" عندما يكبر الطفل، لكن الحقيقة أنه إذا استمر غياب التفاعل الصحي، فقد يؤدي ذلك بالطفل إلى:
- تأخر في الكلام.
- ضعف في المهارات الاجتماعية.
- مخاوف وانعزال.
- زيادة احتمالات الإصابة بالاكتئاب أو القلق في عمر المدرسة.
- بنية الدماغ نفسها قد تتأثر؛ إذ تقل الروابط العصبية في مراكز الشعور بالأمان والتعاطف.
دور الأم رئيسي في العلاج

على الأم ان تدرك أن العلاجات لا تكون دائماً على شكل أدوية، بل بالتدخلات العاطفية والسلوكية، والتي توضحها العلاقة بين الأم والرضيع.
يتمثل العلاج التفاعلي بين الأم والطفل في: جلسات تعليمية تساعد الأم على فهم احتياجات الطفل، والتفاعل العطفي معه.
قواعد إعادة التواصل العاطفي، مثل استخدام الأم للصوت الحنون، النظرة، اللمس، الرضاعة الهادئة، والغناء، مع توفير
دعم نفسي للأم.
في حالات اكتئاب الأم، يجب علاجها أولاً، سواء بدعم نفسي أو أدوية آمنة بإشراف طبي، بجانب التعليم الأسري، والذي يتم بتوعية الأسرة بضرورة التفاعل العاطفي، وعدم ترك الطفل أمام الشاشات دون تواصل بشري معه.
علامات سلامة طفلك النفسية

سيدتي الأم: ليست كل نوبة بكاء علامة على اكتئاب الطفل، فهناك مؤشرات واضحة على نمو الطفل نفسياً بشكل صحي مثل:
- يبتسم عندما يراكِ.
- يصدر أصواتاً ويحاول التواصل.
- ينظر بعينيكِ ويحاول تتبع وجهك.
- يتفاعل مع الأصوات والألعاب.
- يعلن عن الجوع أو الألم، لكنه يهدأ عند احتضانه.
*ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.