الملاريا: دراسة تكشف تكيف سكان شرق الجزيرة العربية مع الملاريا

بحث جيني حول الملاريا في منطقة شرق الجزيرة العربية
بحث جيني حول الملاريا في منطقة شرق الجزيرة العربية

هل يملك سكان شرق الجزيرة العربية مقاومة جينية للملاريا؟ هذا ما أجابت عنه دراسة جديدة للحمض النووي، نُشرت في مجلة Cell Genomics العلمية؛ حيث أظهرت نتائج، قد تكون "صادمة". اكتشفي تفاصل الدراسة ونتائجها، في السطور الآتية:

 


سكان شرق الجزيرة العربية القدماء اكتسبوا مقاومة جينية للملاريا، بعد ظهور الزراعة في المنطقة منذ حوالي خمسة آلاف عام؛ حيث كشف تحليل الحمض النووي لرفات أربعة أفراد عاشوا في البحرين خلال حقبة تايلوس (300 ق.م إلى 600 م)، أول جينومات قديمة من شرق الجزيرة العربية، عن وجود الطفرة الجينية G6PD-Mediterranean، الواقية من الملاريا، في ثلاث عينات.
ويشير اكتشاف الطفرة الجينية G6PD-Mediterranean بين صفوف البحرينيين القدماء، إلى إمكانية امتلاك عدد كبير من سكان المنطقة القدماء، المقاومة من الملاريا.
وتبين الدراسة اكتشاف أعلى معدلات وجود هذه الطفرة بين صفوف السكان الحاليين الخاضعين للبحث في دولة الإمارات.


رؤى جديدة حول تطور الأمراض في المنطقة العربية

كما اكتشف الباحثون أن الخلفية الوراثية لسكان البحرين خلال حقبة تايلوس، ترتبط بمجموعات قديمة من مناطق الأناضول وبلاد الشام والقوقاز، وتُظهر تشابه الأفراد البحرينيين الأربعة وراثياً مع السكان الحاليين لبلاد الشام والعراق، أكثر من سكان الجزيرة العربية.
وتعاون خبراء من جامعة ليفربول جون مورز، وجامعة برمنغهام دبي، وجامعة كامبريدج، مع هيئة البحرين للثقافة والآثار ومؤسسات عربية أخرى، منها جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية في دبي، إلى جانب مراكز أبحاث في أوروبا، شملت جامعة لوميير ليون الثانية، وكلية ترينتي في دبلن، وغيرها.
وأشار الباحث الرئيسي روي مارتينيانو، من جامعة ليفربول جون مورز إلى أنه: "وفق تقديراتنا، ارتفعت معدلات وجود الطفرة الجينية G6PD-Mediterranean منذ حوالي خمسة إلى ستة آلاف عام، بالتزامن مع بداية الزراعة في المنطقة، والتي أنتجت على الأرجح، الظروف المُثلى لتفشي الملاريا".
ونظراً لصعوبة حفظ الحمض النووي القديم في المناخات الحارّة والرطبة، لم يتم إجراء تسلسل كامل لحمض نووي قديم من الجزيرة العربية حتى الآن؛ مما حال دون الفحص المباشر للخلفية الوراثية لسكانها السابقين.
بينما أشار مارك هبر من جامعة برمنغهام دبي: "عبْر الحصول على أول جينومات قديمة من شرق الجزيرة العربية، نقدّم رؤى غير مسبوقة حول تاريخ البشرية، وتطور الأمراض في المنطقة. وتتجاوز تلك المعرفة مجرد الفهم التاريخي؛ لتؤسس قدرات استشرافية لاحتمال الإصابة بالأمراض وانتشارها وعلاجها بطرق أفضل".
ربما يهمك قراءة هذا الموضوع طرق الوقاية من الملاريا وإمكانية العلاج

أول بحث جيني تاريخي لسكان المنطقة

الملاريا هي عدوى تنتشر عن طريق لسعة البعوض الإناث المصابة


"قلّما خضع التاريخ السكاني الثري للبحرين، وللجزيرة العربية عموماً، لدراسات وراثية وافية. ونقدّم أول لمحة وراثية لسكان شرق الجزيرة العربية السابقين؛ لنصل إلى رؤى مهمة حول التكيُّف مع الملاريا، المنتشرة تاريخياً في المنطقة"، قالت فاطمة العريفي من هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية.
فيما قال سلمان المحاري، مدير الآثار والمتاحف لدى هيئة البحرين للثقافة والآثار: "تمهد دراستنا لأبحاث مستقبلية؛ لتسليط الضوء على التحركات السكانية في الجزيرة العربية، وغيرها من المناطق ذات المناخات القاسية، والتي يصعُب فيها إيجاد مصادر محفوظة جيداً للحمض النووي".

الكشف عن التركيب الجيني قبل الإسلام

وأتاحت البيانات التي جمعتها الدراسة من تحليل رفات الأفراد الأربعة، للباحثين وصف التركيب الجيني لسكان المنطقة قبل الإسلام، ولا يمكن الحصول على تلك الرؤى من دون الفحص المباشر لتسلسلات الحمض النووي القديم.
وجمع الباحثون رفاتاً بشرية قديمة من المقتنيات الأثرية المخزّنة في متحف البحرين الوطني. ثم استخرجوا الحمض النووي من 25 فرداً، لكن تمَّ إجراء تسلسل لأربعة منهم فقط؛ للحصول على تغطية أعلى بسبب سوء الحفظ.
وأكّد ريتشارد دوربين من جامعة كامبريدج، الذي أشرف على المشروع: "أثارت حماستنا فرصةُ تحليل بيانات وراثية بشرية قديمة من تلال المدافن المذهلة في البحرين. ونعبّر عن امتناننا لزملائنا في هيئة البحرين للثقافة والآثار، على دعمهم ومساهماتهم".
وتتوافق نتائج الدراسة، التي أظهرت التكيُّف مع الملاريا، مع الأدلة الأثرية والنصية التي أشارت إلى الوجود التاريخي للملاريا في شرق الجزيرة العربية، بينما تؤكد الخلفية الوراثية لسكان البحرين في حقبة تايلوس، الأدلة الأثرية على التفاعلات بين البحرين والمناطق المجاورة.
قد يهمك الإطلاع على في يوم التأسيس.. إضاءة على جهود المملكة في القضاء على الأمراض المزمنة


* المصدر: The University of Birmingham