يسعى خبراء التغذية باستمرار إلى اكتشاف المزيد عن التغذية الصحيحة، وفي هذا الصدد تشير اتجاهات إلى أن ترتيب تناول الطعام يؤثر في الصحة والوزن، ولكن هل هذا الحديث له ركيزة علمية؟
يبدو أن الإجابة هي "نعم"، وتعتمد هذه الافتراضية على تأثير الأكل على صعود سكر الدم وانخفاضه؛ لأن هذا هو مؤشر لشيء آخر، وهو الشعور بالشبع والجوع، ولذلك فإن هناك دائرة متصلة تبدأ بترتيب ونوعية وكمية الطعام، وتمرّ بصعود وهبوط سكر الدم، ثم يحدد ذلك الشعور بالجوع والشبع.
كيف يؤثر ترتيب الطعام على الصحة؟
بحسب دراسة، وردت نتائجها في eatingwell، فإنه عندما يبدأ الشخص الوجبة بالكربوهيدرات وحدها؛ تسبب ارتفاعاً سريعاً لسكر الدم، بسبب دخول الجلوكوز إلى الدم بسرعة أكبر، ما ينتج عنه استجابة أكبر من الإنسولين. على العكس من ذلك، إذا بدأت الوجبة بتناول حصة من الخضروات؛ فهذا يبطئ وصول الجلوكوز من الكربوهيدرات إلى الدم، فيصبح الارتفاع تدريجياً.
وتوضح الدراسة السابقة فكرة أهمية "تسلسل الطعام"، التي تشرحها مصادر طبية وتدعمها بيانات بحثية.
الدليل العلمي على أهمية ترتيب الطعام في الوجبة الواحدة
هناك دراسة تجريبية نُشرت في PubMed Central، اختبرت فكرة تسلسل الطعام، شارك فيها 11 شخصاً لديهم سكري من النوع الثاني ويعالجون بالميتفورمين، بمتوسط عمر يقارب منتصف الخمسينيات ومؤشر كتلة جسم مرتفع نسبياً، ومتوسط HbA1c حوالي 6.5%.
الفكرة كانت بسيطة، نفس الأشخاص يتناولون نفس الوجبة مرتين في يومين مختلفين، الفارق بينهما أسبوع، لكن مع تغيير الترتيب. الوجبة كانت متساوية السعرات وبمحتوى محدد من البروتين والكربوهيدرات والدهون.
كيف كان ترتيب الوجبة؟
- في اليوم الأول: الكربوهيدرات أولاً، ثم بعد 15 دقيقة البروتين والخضروات.
- في اليوم الثاني: عكس الترتيب؛ البروتين والخضروات أولاً، ثم الكربوهيدرات لاحقاً.
وقاس الباحثون الجلوكوز والإنسولين قبل الأكل، ثم بعد 30 و60 و120 دقيقة من بدء الوجبة.
ماذا يحدث لجسمك عندما تأكلين الخضروات والبروتين أولاً؟
النتائج جاءت بانخفاض متوسط سكر الدم بعد الوجبة؛ عندما جاء الخضار مع البروتين أولاً، ثم الكربوهيدرات لاحقاً. وأكدت الدراسة هذه النتيجة بالقياسات في التوقيتات السابق ذكرها.
وأشارت الدراسة إلى أن نسبة سكر الدم لم تكن المؤشر الوحيد، بينما انخفض أيضاً الإنسولين بعد الأكل، وهذا يعني عبئاً أقل على الجسم كنتيجة للوجبة، كما أن هذه النتيجة لها علاقة بالعودة إلى الجوع مرة أخرى، فعندما ينخفض الأنسولين؛ يستقر الشعور بالشبع لمدة أطول.
وبحسب توصيات الدراسة، فإن الباحثين ذهبوا إلى أن تأثير ترتيب الطعام على الجلوكوز قد يكون في حجمه قريباً مما تفعله بعض العلاجات الدوائية؛ التي تستهدف سكر ما بعد الوجبة، مع التأكيد أن هذه تجربة صغيرة وتحتاج أبحاثاً أوسع.
هل ترتيب الطعام صحي لمرضى السكري فقط؟
بحسب Ohio State Health، فإن ترتيب الطعام له علاقة بالصحة والوزن، فإذا كان لديك سكري، أو حتى هدف بسيط مثل خفض الوزن، جرّبي أن تكون الكربوهيدرات آخر ما يصل للمعدة؛ لأن ذلك قد يجعل هضمها أبطأ، وبالتالي يكون ارتفاع السكر أكثر تدريجياً، ما يعزز صحتكِ ويحافظ على وزنك؛ لأنك لن تعودي إلى الجوع سريعاً.
وتضيف أن هذا لا ينطبق على كل وجبة حرفياً، فبعض الأطباق مختلطة، مثل أطباق الحبوب التي تمتزج فيها المكونات ولا يمكن فصلها بسهولة، وهنا لا داعي للقلق، ليس مطلوباً الالتزام في كل لقمة لكي يظهر أثر عام.

علاقة ترتيب الطعام بالشبع
بحسب المصادر السابقة، فإن ترتيب الطعام لا يؤثر على الصحة فحسب، بينما على الوزن؛ من خلال علاقته بتعزيز الشبع. وأوضح الخبراء أن البدء بالخضار كمصدر للألياف، ثم البروتين؛ قد يجعلكِ تشعرين بالشبع أسرع، وبالتالي تقل احتمالات الجوع السريع المرتبطة بالنشويات.
اقرئي أيضاً: أضرار الإكثار من تناول الحلويات لا تصدق... طبيبة تطلعك على طرق التقليل من ضررها
القاعدة الصحية لترتيب الطعام
في النهاية، ما يوصي به خبراء الصحة هو اتباع قاعدة من ثلاث خطوات:
- البدء بالخضروات غير النشوية أولاً.
- ثم تناول البروتين والدهون.
- وأخيراً الكربوهيدرات؛ والتي تشمل الأرز والمعكرونة والخبز وما شابه.
أمثلة سهلة للتطبيق:
- الإفطار: أومليت بالخضار، ثم شريحة توست قمح كامل.
- الغداء: سلطة جانبية أو خضار مع صوص، ثم شريحة دجاج أو لحم أو سمك، وأخيراً شريحة من خبز حبوب كاملة.
- العشاء: ابدئي بسلطة أو خضار غير نشوية؛ مثل بروكلي أو فاصوليا خضراء، ثم بروتين خفيف "دجاج أو سمك"، ويمكنك تناول البطاطس أو الأرز البني أو المكرونة آخر حصة.
* ملاحظة من "سيّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليكِ استشارة طبيب مختص.





