كورونا يواصل التحور ودلتا ولامبدا كانتا البداية

منذ أن ظهر فيروس كورونا المستجد في أغلب دول العالم، مسببًا خسائر مادية وبشرية والجميع ينتظر لحظة زوال كابوسه، وانتهاء ما خلفه من معاناة نفسية وصحية إلا أنّ هذا الفيروس ما زال مصرًا على البقاء، بل إنه بات يتحور إلى سلالات أكثر خطورة وشراسة، وقد زودت بعض هذه التحورات الفيروس بوسائل أفضل لنقل العدوى للبشر أو لمراوغة الحماية التي توفرها اللقاحات.

 

وبحسب ما نقلته العربية نت فإنّ العلماء لا يزالون يركزون على دلتا السلالة المهيمنة الآن، والتي انتشرت بصورة مرعبة في مختلف أنحاء العالم، كما أنهم يتابعون سلالات أخرى لمعرفة ما قد يحتل مكانها في يوم من الأيام.

 

يذكر أنّ سلالة دلتا التي رصدها العلماء للمرة الأولى في الهند لا تزال أكثر السلالات مدعاة للقلق، كونها تصيب أعدادًا كبيرة من غير المحصنين باللقاحات في دول عديدة وقد أثبتت قدرتها على نقل العدوى لأعداد من المحصنين أكبر من سابقاتها من السلالات، فيما صنفت منظمة الصحة العالمية دلتا بأنها سلالة موضع قلق أي أنها أثبتت قدرتها على الانتشار على نحو متصاعد والتسبب في عدد أكبر من الحالات المرضية الحادة أو على تقليص فوائد اللقاحات ووسائل العلاج.

 

وكان باحثون صينيون قد وجدوا أنّ عدد الفيروسات في أنوف المصابين بسلالة دلتا يزيد 1260 مرة بالمقارنة مع النسخة الأصلية من فيروس كورونا، ويشير بعض الباحثين الأمريكين إلى أنّ "الحمل الفيروسي" عند الأفراد المحصنين باللقاح الذين أصيبوا بعدوى دلتا يتساوى مع الحمل الفيروسي لدى غير المحصنين غير أنّ الأمر بحاجة لمزيد من البحث.

 

وبالنسبة لظهور أعراض الإصابة فإنّ فيروس كورونا الأصلي يحتاج ما يصل إلى 7 أيام لكي يتسبب في ظهور أعراض على المصاب، بينما سلالة دلتا يمكن أن تظهر الأعراض قبل ذلك بيومين أو ثلاثة بما يتيح لجهاز المناعة فترة أقصر للاستجابة وإقامة الدفاعات.

 

وكما كانت هناك تحورات لفيروس كورونا، فإنّ تقارير أوضحت عن ظهور سلالة جديدة لدلتا وهي "دلتا بلس" التي يمكنها مراوغة الحماية المناعية، ففي يونيو الماضي صنفت الهند سلالة دلتا بلس على أنها سلالة موضع قلق غير أنّ المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها ومنظمة الصحة العالمية لم يفعلا ذلك حتى الآن.

 

وقد صرح موقع "أوتبريك دوت إنفو" وهو قاعدة بيانات مفتوحة لمرض كوفيد-19 بأنه تم رصد دلتا بلس في 32 دولة على الأقل. ويقول الخبراء إنه لم يتضح بعد ما إذا كانت خطورة هذه السلالة أكبر.

 

ولم يكن الحديث لينتهي عن دلتا وتحوراتها حتى اجتذبت سلالة لامبدا الاهتمام كمصدر جديد محتمل للخطر، إلا أنّ هذه النسخة من فيروس كورونا التي اكتشفت لأول مرة في بيرو في ديسمبر الماضي بدأت تنحسر فيما يبدو وفق ما قاله عدد من خبراء الأمراض المعدية لـ"رويترز".

 

بدورها صنفت منظمة الصحة العالمية لامبدا على أنها سلالة موضع اهتمام أي أنها تحمل تحورات تمكّنها فيما يبدو من إحداث تغير في القدرة على الانتشار أو التسبب في حالات مرضية أشد حدة. لكنها لا تزال قيد البحث، وتظهر الدراسات المختبرية أنّ لها تحورات تقاوم الأجسام المضادة التي تحفزها اللقاحات، إلا أنّ النسبة المئوية لإصابات لامبدا الجديدة والتي تم رصدها في قاعدة بيانات (جي.آي.إس.ايه.آي.دي) التي تتابع سلالات الفيروس أكدت تراجعها وذلك في مؤشر على أنّ السلالة تتقهقر.

 

وخلال المؤتمر الذي عقد مؤخرًا مع مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها قال خبراء الأمراض إنّ لامبدا لا يسبب فيما يبدو زيادة في القدرة على الانتشار، وقال الدكتور وليام شافنر، خبير الأمراض المعدية بالمركز الطبي بجامعة فاندربيلت الذي شارك في المؤتمر، إن اللقاحات تستطيع فيما يبدو دحره.

 

سلالة جديدة

 

يبدو أنّ كثرة ظهور السلالات الجديدة للفيروس لم يعطِ فرصة للعلماء لإيجاد تسمية لها، حيث لم يخصص حتى الآن اسم من حروف الهجاء اليونانية للسلالة بي.1.621 التي ظهرت لأول مرة في كولومبيا في يناير حيث تسببت في انتشار المرض على نطاق كبير.

 

وكان المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها قد صنف هذه السلالة على أنها موضع اهتمام في حين تصفها هيئة الصحة العامة في إنجلترا بأنها سلالة قيد التحقيق.

 

تجدر الإشارة إلى أنّ هذه السلالة تحمل عددًا من التحورات الرئيسية منها إي 484 كي، وإن501 واي، ودي 614 جي، والتي تم ربطها بزيادة القدرة على الانتشار وتقليل الحماية المناعية.

 

وحتى الآن ظهرت 37 حالة مؤكدة ومحتملة بهذه السلالة في بريطانيا، وفقًا لتقرير حكومي صدر مؤخرًا، كما تم اكتشاف هذه السلالة في عدد من المرضى بولاية فلوريدا.

 

لقاحات كورونا

bdwn_nwn.png

وفيما يتعلق بمدى فاعلية اللقاحات في مواجهة الفيروس قال "الدكتور غريغوري بولاند" خبير اللقاحات في مستشفى مايو كلينيك، إن إحدى المشاكل الرئيسية هي أن اللقاحات الحالية تمنع ظهور حالات مرضية حادة لكنها لا تمنع العدوى. ويرجع ذلك إلى أنّ الفيروس لا يزال قادرًا على استنساخ نفسه في الأنف حتى بين المحصنين باللقاح الذين يمكنهم حينئذ نقل المرض لآخرين.

 

وأضاف "بولاند" إن التغلب على فيروس سارس-كوف-2 سيحتاج على الأرجح جيلًا جديدًا من اللقاحات التي يمكنها أيضًا منع الانتشار. وحتى ذلك الحين سيظل العالم عرضة لظهور سلالات جديدة من فيروس كورونا وفقا لآراء بولاند وخبراء آخرين.