عواقب ضغوط العمل وساعاته جسدية ونفسية..احذروا الاحتراق الوظيفي!

عواقب ضغوط العمل وساعاته جسدية ونفسية..احذروا الاحتراق الوظيفي!
عواقب ضغوط العمل وساعاته جسدية ونفسية..احذروا الاحتراق الوظيفي!

للتوتّر (أو الضغط النفسي) أنواع كثيرة، منها التوتّر الناجم عن العمل، وهذا الأخير قد يُحفّز على الإنتاجيّة، أو على النقيض من ذلك، قد يؤدي بالمصاب به إلى نتائج غير محمودة العواقب، ويتسبّب بالاحتراق الوظيفي، أي تراكم ضغوط العمل إلى الحدّ الذي لا يستطيع الموظّف تحمّلها. المزيد عن الاحتراق الوظيفي، في معلومات مستمدّة من الاختصاصيّة في علم النفس العيادي والمعالجة النفسيّة، الدكتورة كاترين بجّاني زينون.

 

 

 

           الدكتورة كاترين بجّاني زينون

 


يُعرّف الاحتراق، أو الإنهاك الوظيفي، بأنّه «نوع خاصّ من التوترّ الناتج عن العمل، فهو عبارة عن حالة نفسيّة تصيب الموظّف(ة)، وتؤدي به إلى فقدان الرغبة بالعمل، وانخفاض مستوى الإنتاجيّة، وتبدّد الشخصيّة، فضلاً عن الإرهاق الجسدي والعقلي الناجم عن ضغط العمل».

تنقسم عوارض الاحتراق أو الإنهاك الوظيفي، إلى أربع فئات رئيسية، حسب المعالجة النفسيّة الدكتورة كاترين بجّاني زينون:

  1. العوارض الانفعاليّة: تشتمل العوارض الانفعاليّة على نوع خاصّ من التوتّر والحزن، وفقدان الدافعيّة للعمل، والحساسيّة الفائقة، وسرعة الغضب والانفعال، أو تغييب الانفعالات، وصولاً إلى التفكير بالانتحار في المرحلة المتقدّمة من الحالة.
  2. العوارض المعرفيّة: تتمظهر العوارض المعرفيّة في مشكلات الذاكرة والانتباه والتركيز، وكيفيّة التعلّم والتفكير وتنظيم أمور الذات.
  3. التصرّفات الشخصيّة: قد يظهر المصاب منطوياً على ذاته أو عدائيّاً في تصرّفاته، أو هو لا يبدي أي تعاطف مع زملائه ومحيطه، أو يشكو من تغيّرات على صعيد التغذية (انقطاع الشهيّة إلى الطعام أو الشراهة إليه)، الأمر الذي ينعكس خسارة في الوزن أو زيادة فيه.
  4. العوارض الجسديّة والأمراض: يندرج تحت هذا القسم، كلّ من التشنّجات والأوجاع العضليّة، وصولاً إلى استيقاظ الموظّف متعباً، من دون الإغفال عن صعوبات النوم، والإصابة بالصداع أو الشقيقة والدوخة، والاضطرابات في الجهاز الهضمي وأوجاع البطن والقرحة المعدية، والمشكلات الجلديّة. الجدير بالذكر أن حالة الاحتراق الوظيفي قد تدوم لأيّام وأشهر، وهي قد تتسبّب بإصابات القلب والأوعية الدموية، والارتفاع في مستويات هرمون «الكورتيزول»، وبتراجع الجهاز المناعي، الأمر الذي يرفع مرّات العدوى (نزلات البرد والرشح والتهاب الجيوب الأنفيّة والتهابات الأذن...). العوارض والأمراض المذكورة آنفاً هي نتيجة للإرهاق في العمل.


تابعي المزيد: كيف تقولين "لا" للمواعيد النهائية غير المنطقيّة وللمهام الزائدة؟

 

 

الدكتورة كاترين بجاني زينون: المرأة معرضة للاحتراق الوظيفي أكثر من الرجل لتراكم أعباء المنزل والعائلة والمهنة عليها

 

 

أزمة ذاتية

 

حسب المعالجة النفسيّة، هناك أسباب في العمل مسؤولة عن الإصابة بالاحتراق الوظيفي، منها:

  • ساعات الدوام الطويلة.
  • المسؤوليّات والمهام الكثيرة الملقاة على عاتق الموظف.
  • قلّة التقدير للموظّف.
  • التضارب بين الثقافة الذاتيّة وثقافة العمل.
  • غموض أهداف العمل.
  • انعدام الأمان الوظيفي.

وتشرح المعالجة النفسية أن «البعض ينجح في اتباع استراتيجيّة مساعدة في التصدّي لآثار العمل غير المريح».

من جهة ثانية، قد تكون شخصيّة المرء مسؤولة عن الوصول إلى حالة الاحتراق الوظيفي، وآثارها السلبيّة، كما عندما يشكو الموظّف من مشكلة على صعيد العائلة أو العلاقات، أو من كثرة المسؤوليّات الملقاة على عاتقه، أو هو يعيش فترة من الانطواء على الذات، ويمتلك استعداداً ذاتيّاً أو وراثيّاً للتوتر، أو يجد صعوبة في وضع الحدود في العمل، أو يجعل العمل محور حياته، أو لا يمتلك القدرة على العمل ضمن فريق، أو يقوم بمهمّات زملائه، أو لا يقدّر ذاته، أو يضع تصوّرات كبيرة عن ذاته.

تابعي المزيد: خاصّ بالموظفين ومسؤولي الشركات: طرق مساعدة في التعامل مع الضغوط في العمل


المرأة والاحتراق الوظيفي


وتوضّح المعالجة النفسيّة، أن «النساء معرّضات للاحتراق الوظيفي أكثر من الرجال، فعلى الرغم من الدعوات إلى تقاسم الأعباء بين شريكي الحياة، فإن المرأة لا تزال تقوم بمعظم مهام المنزل وتهتمّ بشؤون الأطفال، إلى جانب الوظيفة». وتضيف أن «حالة المرأة متعدّدة المسؤوليّات تندرج تحت خانة الأسباب الذاتيّة المسؤولة عن الاحتراق الوظيفي».


حالة المصاب النفسية

 


تقول المعالجة إن «المصاب بالاحتراق الوظيفي يشكو من فقدان الرغبة بالعمل وسرعة الاستثارة والغضب والبكاء (خصوصاً، في صفوف النساء) والإحساس بالحرمان وانعدام الأهليّة لأداء العمل والانعزال، بالإضافة إلى انعدام الأمان الوظيفي وقلّة الثقة بالنفس، وصولاً إلى التفكير بالانتحار». وتضيف أن «المرء المأزوم يشكو من تراجع التقدير للذات، والصعوبة في التحكّم الصحيح في أي موضوع يخصّه، ويخال له أنّه فشل في أداء العمل ويقلق على الدوام».

تابعي المزيد: علامات تشير إلى وقوع الموظفين تحت ضغط العمل.. وسبل تخطّيها

 


العلاج


يقضي علاج الاحتراق الوظيفي بمراجعة أكثر من عيادة طبيّة؛ عند الإصابة بمشكلات جسديّة، لا بدّ من مراجعة الطبيب المتخصّص (الاختصاصي في أمراض الجهاز الهضمي عند الشكوى من اضطراب في الهضم، مثلاً...) والطبيب النفسي في حالة التوتر المتقدّمة التي تتطلّب تعاطي عقار، والمعالج النفسي الذي يلجأ إلى العلاج المعرفي السلوكي. يركّز الأخير على أفكار المريض وتصرّفاته، لتعديلها، أي عوارض الحالة ونتائجها (الكآبة والإدمان...)، وذلك على المديين المتوسّط والقصير.

في المرحلة المتقدّمة من الاحتراق الوظيفي، لا بدّ من معالجة تحليليّة (العمل على التخلّص من الأسباب المؤدية إلى الحالة)، على المدى الطويل. أضف إلى ذلك، يهدف العلاج في عيادة المعالج النفسي إلى جعل المصاب يستعيد التوازن في حياته والثقة بذاته، ويخرج من حالة الرغبة المرضيّة في الكمال، وحسن توظيف الطاقة لتلافي «مطحنة» العمل والإنصات إلى الذات والجسم، وصولاً إلى معاودة العمل في حالة الاستقالة أو الإجازة الطويلة. بالطبع، لكلّ حالة علاج خاصّ حسب العوارض والنتائج.

تابعي المزيد: أعراض الضغط النفسي الشديد وطرق العلاج