عبد الله العلمي: الكتابة عن المرأة السعودية محفوفة بالمخاطر

حمل الكاتب الصحافي السعودي عبد الله العلمي قضية المرأة عنواناً عريضاً لتغيير واقعها في بلاده، لقناعتها بأن هذه هي الوسيلة الأسرع لإحداث نقلة نوعية في المجتمع.
«سيدتي نت» التقت عبد الله العلمي وكان هذا الحوار عن المرأة السعودية:

مهتم بالكتابة عن قضايا المرأة لإيمانك ربما بضرورة انغراس الكاتب في رمال وطنه. لكن أليست الكتابة عن المرأة السعودية كالسير في حقل ألغام؟

الكتابة عن المرأة السعودية محفوفة بالمخاطر؛ لأن هناك فئة معينة متشددة في المجتمع تنظر إلى الكتّاب المدافعين عن حقوق المرأة بأنهم «ينتمون لأيديولوجيات تغريبية، ممن تعودوا على زيارة السفارات والتعامل مع الخارج ضد المصلحة الوطنية»! ما أدعو إليه هو إعطاء المرأة حقها بالتنقل بحرية في القيادة أو السفر، وإزاحة الوصاية الذكورية عليها، وأدعو إلى إعطائها حقها في التعليم وتكافؤ الفرص في الحياة الوظيفية، والعمل لتعديل القوانين الوضعية والأعراف الاجتماعية، التي تمس المرأة وحقوقها الشرعية والمدنية، مثل حقوقها في الميراث والمهر، والتصرّف بالموارد المالية، واختيار شريك حياتها، واشتراط عدم التعدد، إضافة لحقوق التقاضي والحضانة والنفقة.

كتبت الكثير من المقالات عن العنف ضد المرأة، مستشهداً بقصص مثل الطفلة «لمى» ومعنفة مكة... إلخ... في الوقت الذي صدر فيه قانون الحماية من الإيذاء. ألا يدل ذلك على تصاعد العنف ضد المرأة السعودية في حين لم تعد القوانين قادرة على حمايتها؟
في نوفمبر 2008، بدأ مجلس الشورى السعودي بدراسة مشروع قانون لتقنين وتحديد عقوبة جريمة التحرُّش الجنسي، ووضع العقوبات المناسبة لها. قبل ذلك ولفترة طويلة تركت هذه العقوبات للاجتهادات الشخصية الفردية، ما أدى إلى تباين كبير في العقوبات التي يقررها القضاة على الجرائم الأخلاقية، على الرغم من التشابه في تلك الجرائم المشينة. في عام 2012 أدرج مجلس الشورى مشروع نظام مكافحة التحرُّش الجنسي ضمن نظام آخر، تحت اسم «نظام الحماية من الإيذاء» الذي تم إقراره في أغسطس 2013. للأسف لم يتضمن النظام عقوبات صارمة فإنه لن يردع التحرش والإيذاء.

تتساءل عن عدم إنشاء المحاكم الأسرية وتأهيل قضاة للحكم في قضايا الأحوال الشخصية. في حين ترتفع نسبة العنف ضد النساء في بلاد عربية أخرى، فماذا ستجني المرأة السعودية من تطبيقها؟
ليس في الدول العربية فقط بل في أوروبا أيضاً. لكن الفرق أن المعنِف في هذه الدول يتم جلبه للعدالة، ويشهر به ثم يعاقب على جريمته. نشرت صحيفة الرياض تقريراً مفصلاً في منتصف عام 2013 أكد فيه عدد من المتخصصين في شؤون المرأة على ارتفاع مؤشر العنف اللفظي والجسدي في المملكة تجاه المرأة بنسبة تصل إلى (87.6%)... هذه نسبة عالية جداً، وتحتاج لموقف صارم وجاد من الدولة.

أشرت في مقالك «حريمنا لسن غنماً ولا كل الرجال تيوس» إلى معضلة عدم السماح للفتيات بالالتحاق ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي دون محرم. هل نحن أمام حالة عدم ثقة بالفتاة السعودية أم وسيلة لحمايتها؟
مشكلة المرأة السعودية الأساسية هي افتقادها «للهوية»، بمعنى آخر فقدانها (عنوة) للصلاحية، وحق قيادتها لحياتها وتقرير مصيرها بنفسها. لذلك ناديت بأن تعامل المرأة كفرد قادر كامل الأهلية، دون حاجة إلى ولاية الرجل في كل أمور حياتها. الشق الثاني هي النظرة الجنسية الدونية للمرأة، واعتبارها مشروع زنا متحرك غير موثوق بها!

تحدثت في مقالك «القاصرات والجلاد» عن «صفقات ربيع الشباب». لماذا لم تنفذ حتى الآن توصية مجلس الشورى بتحديد سن الزواج للحد من زواج القاصرات؟
موضوع اغتصاب القاصرات معقد وشائك، تتداخل فيه عدة اعتبارات دينية وقبلية. المثير للاستغراب والشفقة أنهم يعتبرون المرأة في الثلاثين ناقصة عقل ودين! لكنها في العاشرة «ناضجة» وصالحة للزواج! هناك معارضون من داخل المجلس وخارجه لتحديد سن الزواج لاعتبارات ما أنزل الله بها من سلطان!

تقول إن مشاركة المرأة السعودية في العمل لا تتعدى 6%، وهي الحد الأدنى في العالم. ألا يتناقض ذلك مع الواقع اليومي الذي نراه في التعليم والطبابة مثلاً؟

تشير آخر الإحصائيات إلى أن نسبة عدد النساء العاملات في الدولة بلغ 38% من إجمالي عدد الموظفين والمستخدمين خلال العام الماضي. وأعتقد أن هذه النسبة مبالغ فيها. نسبة النساء في المملكة تبلغ 49% من مجموع السكان، لكن إسهام المرأة السعودية لا يتجاوز 10% فقط من حجم قوة العمل في جميع القطاعات، ما يدل على أن لدينا أدنى نسبة لتوظيف النساء مقارنة مع الدول الأخرى، بما فيها دول مجلس التعاون. للأسف وقعت بعض النساء في فخ الصورة النمطية عن المرأة التي تقصر مهاراتها على مجالات الرعاية –التعليم والصحة- والأسرة. لا شك أن أدوار المرأة الأسرية هامة جداً، لكنها ليست مبرراً لحرمانها من المشاركة بكل أشكالها، ومن حريتها في اختيار الوظيفة المناسبة لمؤهلاتها العلمية.