mena-gmtdmp

كيف تتعامل الأم مع اضطرابات النمو عند الأطفال في مراحلهم الأولى؟

صورة لأم تقرأ لطفلتها
أمّ تقرأ لطفلتها لتدعيم مهاراتها اللغوية

دائماً ما تركز الأبحاث التربوية والإحصاءات الرقمية على أهمية السنوات الأولى من حياة الطفل، وإذا علمنا أن هناك أكثر من مليون اتصال عصبي، يتكوّن في دماغ الطفل في كل ثانية، وهي حقيقة علمية مذهلة، فإننا ندرك أن اضطرابات النمو قد تشكّل تحدياً مخيفاً أمام الأمهات، خاصة حالة غياب الوعي لديها، ولكن مع توفر المعرفة والدعم النفسي يختلف الأمر، وتصبح الأم قادرة على تحويل هذه التحديات إلى فرص لنمو ونجاح طفلها.
وسؤال التقرير عن: ما هي أسباب اضطرابات النمو؟ وما هو دور الأم لتجاوز اضطرابات نمو الطفل؟ اللقاء والدكتور وائل المدني أستاذ طب الأطفال بكلية الطب للشرح والتفسير.

مفهوم اضطرابات النمو وأعراضه وأسبابه

طفل يعاني بعض اضطرابات النمو

هي مجموعة من الحالات الناتجة عن ضعف في المجالات الجسدية، أو التعلمية، أو اللغوية، أو السلوكية، وتبدأ هذه الحالات خلال فترة نمو الطفل، وقد تؤثر على أدائه اليومي، وعادةً ما تستمر طوال حياة الشخص.
اضطرابات النمو العصبي هي مجموعة من الأمراض التي تؤثر على نمو وعمل الدماغ، والجهاز العصبي الطرفي، ومن هذه الاضطرابات: صعوبات التعلم، والتوحد، واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.

مولودك من شهر وحتى عام: وزنه الطبيعي وطوله هل تودين متابعة التفاصيل؟

أعراض تأخر النمو عند الأطفال:

التطور البطيء للمهارات الجسدية، مثل: الجلوس والوقوف والمشي، أو تأخر المهارات الاجتماعية والعقلية، أو مشاهدة علامات تشير إلى تقزم الطفل (حجم ذراعيه أو ساقيه غير متناسب مع حجم جذعه).
يبدو شكل وجه الطفل صغيراً حتى مع تقدمه في العمر، وذلك يحدث إذا كان لدى الطفل مستوى منخفض من هرمون النمو (GH)، ما يؤثر في نمو الوجه.

أسباب اضطرابات النمو في الأطفال:

التهاب أو نزيف في غدة النمو نفسها، أو لأسباب وراثية، أو بسبب السمنة المفرطة، أو لحدوث عيب في مستقبلات الهرمون على الخلايا؛ فيكون إفراز الهرمون طبيعياً، لكن المستقبل على الخلية لا يتعرف إلى الهرمون فتحدث اضطرابات النمو.
أو بسبب تعرض الطفل لأمراض مزمنة مثل: الفشل الكلوي والسكر غير المنتظم، مما يؤدي إلى اضطرابات النمو، كما أن البيئة والتغذية غير الصحية نفسياً وجسدياً للطفل من أسباب اضطرابات النمو.
يمكن أن تظهر اضطرابات النمو منذ الولادة؛ حيث يولد بعض الأطفال صغاراً جداً، أي أقل بكثير من متوسط الطول (50 سنتيمتراً)، وذلك بسبب تأخر النمو داخل الرحم أو في أي مرحلة من العمر، ومفتاح العلاج يكون في التشخيص المبكر.
عدم الحصول على العناصر الغذائيّة اللازمة والإصابة بمتلازمة داون، ويمكن أن تكون بسبب عوامل وراثية، كالإصابة بمتلازمة تيرنر وأمراض القلب، والكلى، والرئة، والجهاز الهضمي أو وجود ورم في الغدة النخامية، أو الإصابة بفقر الدم المنجلي، ويمكن بسبب تناول الحامل الأم بعض الأدوية لفترة طويلة.

كيفية تعامل الأم مع اضطرابات النمو

التدخل المبكر خطوتك الأولى للتعامل والعلاج

أنشطة تعليمية

التدخل المبكر هو الخطوة الأولى في رحلة التعامل مع اضطرابات النمو؛ إذ لا يكفي أن تنتظر الأم ظهور المشكلات بشكل واضح، بل يجب أن تكون لديها معرفة كافية بالمراحل الطبيعية لنمو الطفل.
هذه المراحل هي: القدرة على التقلب، إمكانية الجلوس، الحبو، النطق، والتواصل الاجتماعي، وأن تدرك الأم أن أي تأخير في هذه المهارات يجب أن يكون مؤشراً لطلب استشارة مختص.
يُوصي بإجراء فحوصات نمو دورية في السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل؛ حيث يكون الدماغ في أوج تطوره، واعرفي سيدتي الأم أنك خط الدفاع الأول في ملاحظة التغيرات؛ لأنك الأقرب لطفلك.
التدخل المبكر يشمل العلاج الطبيعي لتحسين المهارات الحركية، جلسات التخاطب لعلاج مشكلات النطق، وأنشطة وبرامج تعليمية تفاعلية لتحفيز الإدراك؛ لتحقيق نتائج أفضل مقارنة بمنْ يتم تأجيل دعمهم.

الرعاية المستجيبة ولغة الحب خير علاج

طفل يستمع للموسيقى

الرعاية المستجيبة تعني أن تكون الأم قادرة على قراءة احتياجات طفلها، والتفاعل معها بحساسية؛ بعض الأطفال الذين يعانون من اضطرابات في النمو، قد يعجزون عن التعبير بطرق معتادة.
وهنا يأتي دور الأم في ملاحظة الإشارات الدقيقة مثل تعبير الوجه، حركات الجسم، وحتى الصمت الطويل يعد علامة، وفي المقابل نجد أن التفاعل المستمر مع الطفل يحفّز الروابط العصبية.
وهذا يساهم في تعويض بعض جوانب التأخر، مثل الأم التي تحتضن طفلها عند بكائه، والتي ترد على محاولاته للتواصل حتى وإن كانت بسيطة، ما يزرع في دماغه شبكات عصبية جديدة تعزز من مهاراته.
الرعاية المستجيبة تتضمن أيضاً خلق روتين يومي آمن؛ حيث يشعر الطفل بالاستقرار، الغناء للطفل، قراءة القصص، واللعب التفاعلي البسيط، كلها أنشطة فعالة لتحفيز نمو الطفل.
الصحة النفسية للأم دعم للطفل وعلاج أساسي

طفل يحبو: دعم الأم ينمي مهارات الطفل الحركية

دعم الأم نفسياً ليس رفاهية، بل ضرورة؛ حيث أثبتت الدراسات الحديثة أن اكتئاب الأمومة يؤثر سلباً على تطور الطفل؛ حيث تنخفض فرص التفاعل الإيجابي معه، وتزداد نسب التأخر في النمو العاطفي والاجتماعي.
الأم التي تعاني من ضغوط نفسية، تجد صعوبة في الالتزام ببرامج التدخل والرعاية اليومية لطفلها؛ لهذا تشدد بعض المنظمات الصحية على دمج خدمات الصحة النفسية للأمهات ضمن برامج الطفولة المبكرة.
دعم الأسرة والمجتمع المحيط أمر حيوي؛ الزوج، الأقارب، وحتى الأصدقاء يمكن أن يكون لهم دور في تخفيف الضغط عن الأم، مما ينعكس إيجابياً على علاقتها بطفلها.
اكتساب المهارات للأمهات قوة وعلاج
الأم الواعية هي الأم الأقوى في مواجهة اضطرابات النمو، وعليها تلقي التدريبات والبرامج؛ للتمكن من اكتساب مهارات التعامل مع أطفالها بفعالية، وتشمل ورش عمل تفاعلية، مواد تعليمية مبسطة، أو جلسات تدريب عبر الإنترنت.
هناك برامج خاصة، تهدف إلى تعليم الأمهات استراتيجيات بسيطة لتحفيز تطور أطفالهن؛ تشمل كيفية تعزيز التواصل البصري، استخدام الألعاب لتنمية المهارات الاجتماعية، وتطوير لغة الطفل من خلال التفاعل اليومي.
الأمهات اللواتي يشاركن في هذه البرامج يكتسبن قوة وثقة أكبر في قدراتهن، ويتعلمن كيفية تخطي مشاعر القلق أو العجز عند مواجهة تأخر نمو الطفل، بدلاً من الانتظار السلبي أو الشعور باليأس.
البيئة المنزلية الحاضن الأول للنمو والعلاج

بيئة منزلية حاضنة لنمو الطفل

البيت هو المدرسة الأولى للطفل، وهو البيئة التي تقضي فيها الأم معظم وقتها مع ابنها، لذلك، تهيئة هذا الفضاء؛ ليكون بيئة مشجعة ومحفزة للنمو أمر في غاية الأهمية، والمقصود ليس تجهيز المنزل بأحدث الأجهزة أو الألعاب باهظة الثمن.
الأم يمكنها استخدام المواد البسيطة المتوفرة في المنزل لتصميم وصنع بطاقات ملونة لتعليم الأشكال، أو استخدام الألعاب التراكمية لتنمية المهارات الحركية الدقيقة، بجانب تخصيص وقت يومي لنشاطات جماعية مع الطفل.
الأطفال الذين يعيشون في بيئات منزلية مستقرة، خالية من الضغوط النفسية العالية، يحققون تطوراً أفضل في المجالات اللغوية والاجتماعية، لذلك، من المهم أن تعمل الأم على تقليل مصادر التوتر في المنزل، وتحافظ على أجواء إيجابية تشجع طفلها على الاكتشاف والتعلم.
*ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.