من أجمل وأمتع اللحظات التي تشعر بها الأم وتنتظرها بلهفة بعد انتهاء الولادة؛ أن تحتضن مولودها و هي تراه يقترب من ثديها باحثاً عن اللبن- وكأنه مبرمج على هذه الخطوة- فتقبل عليه لتقوم بإرضاعه من دون أن تعلم؛ هل يمتلئ ثديها باللبن أم لا؟ وهنا سرعان ما تدور الأسئلة في ذهنها : تُرى هل أحتاج لزجاجة الحليب تساعدني؟ هل سيكون اعتماد مولودي الكامل على صدري كافياً؟ ماذا لو اضطررت للغياب عنه؟ هل الزجاجة خطر على استمرارية الرضاعة الطبيعية؟ أم أنها وسيلة مساعدة ذكية؟
في هذا التقرير تضع الدكتورة عايدة الأتربي أستاذة النساء والولادة وأخصائية الرضاعة الطبيعية، إجابات شافية عن: مدى احتياج الأم التي تُرضع طبيعياً إلى الزجاجة، ومتى تحتاجها؟ و متى يُفضل تجنبها؟ وكيف تحمي الأم علاقتها بمولودها من الارتباك أو الرفض للرضاعة الطبيعية؟
هل الزجاجة ضرورة دائمة؟

في هذا الشأن انقسم الباحثون إلى فريقين: الأول يرى أن الزجاجة هي بداية فطام مبكر، وتدمير لعلاقة الطفل بالرضاعة الطبيعية، والثاني يرى؛ أن زجاجة اللين بجانب الرضاعة الطبيعية، تعتبر وسيلة مرنة تُساعد الأم على استعادة حريتها وتمدها بالراحة.
والأفضل أن تستخدم الأم الزجاجة بوعي وإدراك كأداة، مثلها مثل الحفاضة أو القماط أو السرير الهزاز؛ بمعنى أن تصبح أداة تخدم الأم والطفل معاً، من دون أن تصبح بديلاً كاملاً للرضاعة الطبيعية؛ حتى لا تُضعف الرضاعة الطبيعية، ويفقد الطفل واحداً من أهم مصادر الحنان والمناعة.
أسباب استخدام الزجاجة مع الرضاعة الطبيعية
العودة إلى العمل:
إذا كنتِ عاملة وتخططين للعودة بعد الولادة، فقد تكون الزجاجة وسيلتكِ لضمان استمرار التغذية الطبيعية خلال غيابك.
مشاركة الأب أو الجدة في الإطعام:
بعض الأمهات يرغبن في إشراك الأب أو أحد أفراد العائلة في مسؤولية إطعام الرضيع، خصوصاً في الليل، فنجدها تجهز زجاجة اللبن لتقوم الجدة بإطعام المولود.
حاجة طبية للأم كالتعافي من الجراحة:
إذا مرت الأم بولادة قيصرية صعبة، أو كانت تعاني من مضاعفات ما بعد الولادة، وتحتاج إلى راحة مؤقتة.
ضعف التقام الحلمة أو صعوبات الرضاعة:
في حالات معينة يولد الرضيع بتشوهات فموية، أو معاناة من الارتجاع، أو ضعف مصّ، وهنا قد تُستخدم الزجاجة بإشراف طبي مؤقتاً.
محازير استخدام الزجاجة

في الأسابيع الستة الأولى من عمر الطفل، حيث يكون تأسيس الرضاعة الطبيعية في أشده، وإن كنتِ تحاولين بناء مخزون جيد من الحليب وتحتاجين للرضاعة المباشرة لتحفيز الغدد اللبنية.
إذا كان الطفل يُعاني من ارتباك الحلمة رفض الثدي بعد تناول الزجاجة أكثر من مرة يومياً، و هي حالة حقيقية، إذ أن بعض الرضع حين يُعطون الزجاجة في وقت مبكر، يبدأون في رفض الثدي لاحقاً فيحدث ارتباك بالحلمة.
لأن تدفق الحليب من الزجاجة أسرع وأقل مجهوداً، بينما الثدي يتطلب مصاً قوياً وإيقاعاً معيناً، ولا تنسي أن تدفق اللين قد يؤدي إلى تسرب الهواء لمعدة الرضيع، ما يشعره بالمغص.
لذلك، يُفضل عدم إدخال الزجاجة قبل مرور 4 إلى 6 أسابيع، وبعد أن تستقر الرضاعة ويُصبح الطفل قادراً على المص بشكل فعّال.
أعراض الحمل على الثدي هل تودين التعرف إليها؟
هل سحب الحليب يدوياً أو بالشفاط يعتبر بديلاً آمناً؟

الشفاط الكهربائي أو اليدوي يُعتبر الحل المثالي للأمهات اللاتي يرغبن في تقديم الحليب الطبيعي في زجاجة من دون اللجوء إلى اللبن الصناعي.
مزاياه:
- يُمكنكِ تخزين الحليب في الثلاجة أو المجمد.
- يُتيح للآخرين مساعدة الطفل على الرضاعة.
- يُحافظ على استمرارية إنتاج الحليب.
- يُقلل الاحتقان ويمنع التهابات الثدي.
قواعد وشروط:
- لا بد من تعقيم الزجاجات وأدوات الشفط جيداً.
- يُخزن الحليب الطبيعي في الثلاجة لمدة 4 أيام، وفي الفريزر حتى 6 شهور.
- يُسخن برفق في حمام ماء دافئ، وليس في الميكروويف.
- الرضاعة المختلطة تجمع بين الثدي والزجاجة.
- أن تنتظر الأم حتى يعتاد الطفل على الثدي.
- أن تختار الأم زجاجة مُصممة خصيصاً لتقليل ارتباك الحلمة.
- المحافظة على إرضاع مباشر يومياً من الثدي لتحفيز الحليب.
- مراقبة الأم لسلوك الطفل للتأكد من عدم تفضيله للزجاجة فقط.
كيف أختار زجاجة حليب مناسبة للمولود الرضيع؟
- حلمة بطيئة التدفق؛ لتحاكي تدفق الحليب الطبيعي، وتمنع الرفض.
- تصميم يُشبه الثدي؛ ليُسهّل الانتقال بينهما بدون ارتباك.
- خالية من BPA؛ لضمان أمان الاستخدام.
- صمام مضاد للغازات؛ ما يقلل خطر المغص وانتفاخ البطن.
نصائح مهمة للأمهات المرضعات عن استخدام الزجاجة.

- اختاري وقتاً مناسباً لتجربة الزجاجة، مثل بعد الرضاعة، حين لا يكون الطفل جائعاً جداً أو شبعاناً تماماً.
- اجعلي الأب أو شخصاً آخر يُقدم الزجاجة، لأن الطفل قد يرفض الزجاجة منكِ إن كان يشم رائحة حليبك.
- لا تتركي الزجاجة كلياً، ولكن استخدميها عند الحاجة فقط، وابقي على اتصال دائم بالرضاعة المباشرة.
- لا تقيسي حبك أو قدرتك كأم بعدد الرضعات الطبيعية، الأهم هو الراحة النفسية لكِ ولطفلك، والموازنة بين احتياجاتكما.
الزجاجة خطر أم فرصة؟
قد تكون الزجاجة خطراً إذا أصبحت البديل الكامل عن الثدي، وسهّلت على الأم التوقف عن الرضاعة الطبيعية مبكراً.
وقد تكون فرصة رائعة.
لكنها تصبح مفيدة إذا استخدمت بذكاء ووعي؛ لتُعطي الأم مساحة للراحة، أو تعالج موقفاً طبياً مؤقتاً، أو تتيح مشاركة الأسرة في هذه التجربة العاطفية.
قصتان تحكي التجربة
سارة 30 عاماً، أم لطفلين
رفضت، بل أصررت على عدم إدخال الزجاجة لفم طفلي الأول الذي أنجبته؛ خوفاً عليه من الفطام المبكر من الرضاعة الطبيعية، ومن تعلق الطفل بها؛ حيث تمده بلبن متدفق وبشكل أسرع، بدلاً من عملية المص التي تتطلب مجهوداً.
ولكن مع طفلي الثاني، استخدمت شفاطاً وزجاجة كل يومين، وكنت أستخدمها وقت الحاجة أو لقضاء مشاوير خارج المنزل، ما أشعرني براحة أكبر، و الحمد لله طفلي لم يتأثر واستمرت الرضاعة سنتين .
ناهد 26 عاماً، مُعلمة في مدرسة خاصة
عدت للعمل بعد 3 شهور إجازة الولادة، فكان لزاماً على أن أتوقف عن الرضاعة لفترة من الوقت، فكنت أضخ الحليب في الصباح وأتركه بالمجمد أو داخل الثلاجة، ومن حظي أن ابني تقبل الزجاجة والرضاعة معاً، والآن عمره سنة ونصف وما زال يرضع طبيعياً، بجانب الاستعانة بالزجاجة التي تحوي حليب الثدي أو حليب خارجي مُوصى به من قبل الطبيب.
* ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.