يبدو للعيان ذلك الحضور اللافت والدور المميز للمرأة الإماراتية؛ كطبيبات إماراتيات في القطاع الطبي بكل تخصصاته، وما حققنه من إنجازات في خدمة المرضى؛ وذلك بدعم من قيادة الدولة الرشيدة، ورؤيتها الطموحة لتشجيع الفتيات على الدراسة والتخصص في مختلف مجالات الطب والصحة داخل الدولة وخارجها، ما أسهم في تعزيز نهضة دولة الإمارات التنموية والحضارية، حيث شهدت السنوات الأخيرة اهتماماً متزايداً ومتنامياً من قبل بنات الوطن للدراسات العليا في التخصصات الطبية النادرة والدقيقة، رغم صعوبتها ومشاقها، وهو دليل ملحوظ على تنامي التنوع والحضور اللافت للمرأة في القطاع الطبي، ما يلبي احتياجات وتوقعات المرضى من جهة، وأولويات واحتياجات الدولة من جهة أخرى، ويشكّل عاملاً محفزاً لسائر الفتيات الطموحات والمتطلعات لخوض مسيرة مهنية في المجال الطبي.
احتفالاً بيوم المرأة الإماراتية، وتحت شعار "يداً بيد نحتفي بالخمسين"، التقينا بملهمتيْن في المجال الطبي، بمدينة الشيخ شخبوط الطبية.
زليخة الحوسني: أنتنّ شعلة التقدم وشريكات في صناعة التغيير

زليخة الحوسني الرئيس التنفيذي للتمريض في مدينة الشيخ شخبوط الطبية
زليخة الحوسني، هي الرئيس التنفيذي للتمريض في مدينة الشيخ شخبوط الطبية، في بداية حديثنا تعرف بنفسها، قائلة: "أنا شخصية مثابرة تحب العمل ضمن فريق، كما أحب تطوير نفسي باستمرار، ولديَّ شغف كبير لمساعدة الآخرين وتحسين جودة الرعاية الصحية. أحب التحديات وأؤمن بأن التمريض ليس مجرد وظيفة، بل رسالة إنسانية تحتاج إلى الصبر والتعاطف والالتزام.
بصراحة اختياري لمجال التمريض كان صدفة بحتة، ولكني بعد دخول المجال، ومنذ أول يوم عمل لي في المستشفى، وقعت في حب هذه المهنة، التي تعتبر واحدة من أهم المهن في المجتمع؛ بسبب التأثير الإنساني الكبير والتحديات المهنية. بعد دخولي هذا المجال ازداد إيماني بقدرة القطاع الصحي على تغيير جودة حياة الناس للأفضل، كما رأيت كيف تُحدث الممرضة فرقاً في مجتمعها. حلمي كان رد الجميل لهذا الوطن، وأن أسهم في جهود رفع معايير التمريض؛ لتصبح دولة الإمارات نموذجاً يُحتذى به عالمياً في هذا المجال".
برامج تمكين وتطوير للممرضات الإماراتيات

رجعت زليخة إلى الماضي، وتحديداً أهم الفروقات بين دور ومكانة المرأة في القطاع الطبي اليوم مقارنةً بالماضي، وقالت: "هو تحوّل جذريّ! في الماضي، كان التركيز على دور المرأة الأساسي في الرعاية فقط، بينما الآن أصبحت شريكاً فاعلاً في صنع القرار؛ من خلال المناصب القيادية كمديرات تمريض أو اختصاصيات، أو حتى وزيرات للصحة.
يوم الدعم المؤسسي أصبح منهجاً؛ في مدينة الشيخ شخبوط الطبية لدينا برامج تمكين وتطوير للممرضات الإماراتيات؛ مثل برنامج زمالة التمريض، كما أن الوعي المجتمعي تغير، فالتمريض لم يعد وظيفة مساعدة، بل اختصاصٌ علمي يُعترف بمساهمته الحيوية، وأهميته في المنظومة الصحية".
تذكرن أن نجاحكنّ ليس فردياً، بل هو إرث لأجيال قادمة فاستمروا في التعلم والعطاء بلا تردد. وارفعن علم الدولة عالياً في كل ميادين العمل
ثقة القيادة بقدراتنا
تحدثت الحوسني عن أثر دعم القيادة الرشيدة للمرأة في هذا القطاع الحيوي، فهو لم يكن مجرد شعارات، بل سياسات فعلية أزالت الحواجز وفتحت الأبواب لتميز المرأة، وتابعت قائلة: "الأمثلة على ذلك كثيرة، نذكر مثلاً إستراتيجية التوازن بين الرجل والمرأة، في كل المجالات.
كما أن دولة الإمارات توفر منحاً دراسية وتخصصات طبية متميزة للمرأة، مع التركيز على مجالات لم تتواجد فيها سابقاً؛ كالجراحة والقيادة الصحية. في الإمارات أيضاً وصلت المرأة إلى مناصب قيادية كمديرات مستشفيات أو رئيسات أقسام تمريض، بل وتقلدت مناصب وزارية في الصحة، وهو ما يعكس ثقة القيادة بقدراتها. هذا الدعم لم يرفع مكانة المرأة فحسب، بل عزز جودة القطاع الصحي ككل؛ لأن تنوع الأدوار والكفاءات يثري الخدمة الصحية، ويجعلها أكثر شمولاً.
هذا ليس تمكيناً فحسب، بل إيمانٌ من القيادة بأن المرأة الإماراتية قادرة على قيادة التميز.
التمريض الذكي
أما عن الابتكارات أو الاكتشافات الطبية التي تتوقع زليخة أن نشهدها من مدينة الشيخ شخبوط الطبية خلال السنوات المقبلة؟ فقالت: "التمريض الذكي، وهو استخدام الذكاء الاصطناعي في خدمات التمريض بما يرفع كفاءة الخدمات ومستوى الدقة، إضافة للمشاركة في بحوث إماراتية في مجال التمريض، ففريق التمريض في مدينة الشيخ شخبوط الطبية يشارك في عدد من الأبحاث حول جودة الحياة لمرضى الأمراض المزمنة، هذا غير نموذج التمريض المتكامل، وتطوير برامج رعاية بقيادة ممرضات إماراتيات متخصصات، خاصة في مجال رعاية المسنين والأفراد الذين يعانون من الأمراض الوراثية".
استثمِرنَ في التعلم المستمر

في يوم المرأة الإماراتية، تؤكد الرئيس التنفيذي للتمريض في مدينة الشيخ شخبوط الطبية، وفي رسالتها لكل امرأة إماراتية، قائلة: "أنتنّ شعلة التقدم وشريكات في صناعة التغيير، وتعزيز مسيرة دولة الإمارات التي تؤمن بقدراتكن في تحقيق النجاح لهذه الأمة، وفي ظل دعم قيادتنا الرشيدة التي جعلت منكنّ شريكات في صنع المستقبل. تذكّرنَ أن نجاحكنّ ليس فردياً، بل هو إرث لأجيال قادمة، فاستمروا في التعلم والعطاء بلا تردد، وارفعن علم الدولة عالياً في كل ميادين العمل.
ثم حددت زليخة نصائح، على كل فتاة اتباعها؛ إذا كانت ترغب في دخول مجال الصحة، حيث قالت:
- اختَرنَ التخصص الطبي الذي يلبي شغفكنّ، سواء كان في التمريض، أو الطب، أو الهندسة الطبية، أو الإدارة الصحية.
- استثمِرنَ في التعلم المستمر: تابعن أحدث التطورات عبر المؤتمرات والورش العملية والدراسات العليا.
- كنَّ قدوات: فالمريض يضع حياته بأيديكنّ، فاجعلنَ الرحمة مع الاحترافية شعاركنّ.
- قُدن التغيير للأفضل منذ اليوم الأول: المشاركة في الأبحاث والمبادرات المجتمعية تضعكنّ على طريق التميز.
- تذكّرنَ: وراء كل نجاح طبي عظيم؛ طاقم تمريض متفوق.
د. شيماء لاري: لا حدود لما أستطيع فعله

د. شيماء لاري، هي استشاري الطب المهني في مدينة الشيخ شخبوط الطبية، بدأت حديثها بالتعبير عمّا في داخلها من فخر واعتزاز بهذه المناسبة المميزة، يوم المرأة الإماراتية، حيث قالت: "كامرأة إماراتية، أنا فخورة بنفسي ومخلصة وشغوفة بما أفعله، وسعيدة لأنني أحسنت استخدام الفرص التي أتيحت لي، ومكّنتني من تحقيق ما حققته حتى الآن على المستويين الشخصي والمهني. كوني إماراتية، أؤمن وأعلم أنه لا حدود لما أستطيع فعله. ومثل العديد من الفتيات، لطالما حلمت بأن أكون من ملائكة الرحمة. عندما انضممت إلى قطاع الرعاية الصحية، أدركت الأثر الذي يمكنني إحداثه كطبيبة إماراتية؛ عندما رأيت الدعم الهائل الذي قدمته لي القيادة، والذي لم يتوقف بعد تخرجي من كلية الطب، بل استمر طوال رحلتي في الدراسات الطبية العليا. وقد تعزز هذا التأثير أكثر؛ عندما كنت أول متدربة دولية في برنامج زمالة الطب المهني بجامعة تورنتو. وقد اندهش أساتذتي من انضمام امرأة من منطقتنا إلى هذا التخصص الصحي، الذي لطالما كان الأطباء الذكور هم من يختارونه في الغالب".
ثقة مجتمعنا بنا
وعن أبرز الفروقات بين دور ومكانة المرأة في القطاع الطبي اليوم مقارنةً بالماضي، تقول د. شيماء: "في الماضي، كان التركيز منصبّاً على الذكور في مجال الرعاية الصحية، ولكن اليوم لا توجد حدود أو حواجز أمام الطبيبات الإماراتيات، ويمكنك رؤيتنا في التخصصات الطبية والجراحية، وحتى في المناصب القيادية العليا في مجال الرعاية الصحية. أصبح من العادي أن نرى طبيبات إماراتيات يقُدن أقساماً حيوية، ويقمن على إدارة مشاريع طبية وأبحاث عالمية، ويبتكرن حلولاً تُغيّر حياة المرضى. وبالطبع دعم القيادة الحكيمة وثقة المجتمع منحنا مساحة كبيرة للتطوير والنمو".
الإمارات منارة للمرأة الطموحة

لا حدود لدعم القيادة الرشيدة للمرأة في هذا القطاع الحيوي له، كما تقول د. شيماء لاري، وتتابع: "يُزيل هذا الدعم عملياً أي عقبات أو تحديات، ويوفر فرصاً للنمو والتطور والابتكار. بدءاً من توافر مؤسسات وبرامج تدريبية محلية، وصولاً إلى تسهيل فرص تولي زمام القيادة في مختلف الأدوار داخل القطاع. لقد أصبحت الإمارات بالفعل منارة للمرأة الطموحة في جميع المجالات، حيث تتابع القيادة في مدينة الشيخ شخبوط الطبية عن كثب التطورات التي تحدث في قطاع الرعاية الصحية على مستوى العالم، وهناك رغبة كبيرة في جذب المواهب ودمج البحث والتطوير في الخدمات المقدمة.
كما نسعى لأن نكون رواداً في مجالات الطب الدقيق، وإدخال الذكاء الاصطناعي في الإجراءات الطبية المختلفة.
أنتن بوابات التميز .. تمسكن بالجذور فالدراسة ليست للتطور الشخصي فقط، بل لخدمة أرض هذا الوطن
المرأة الاماراتية ملهمة
في يوم المرأة الإماراتية، وجّهت د. شيماء رسالة للمرأة الإماراتية، وقدمت نصائحها لكل فتاة تطمح للعمل في القطاع الطبي، تستطرد قائلة: "المرأة الإماراتية ليست مجرد أم، أو زوجة، أو أخت، أو ابنة، بل هي شريك أساسي في الوطن، وهي جوهرة التاج في إرث الإمارات. المرأة الإماراتية بتفانيها وشغفها بأرضها وشعبها وإنسانيتها، لا تُقدم قدوة حسنة للدول الأخرى فحسب، بل تُلهم النساء أيضاً لقيادة مسيرة نهضة وطنهن وتميزه. الرعاية الصحية قطاع حيوي في أي دولة، ولن يزدهر ويتقدم إلا بمساهمة نسائها الشغوفات والطموحات. ونصيحتي للمقدمات على دخول مجال الطب بألا يخفن من التخصصات الصعبة، مثل الجراحة أو الأبحاث، فهنّ بوابات التميز. عليهن أيضاً التمسك بالجذور، فالدراسة ليست للتطور الشخصي فقط، بل لخدمة أرضٍ تؤمن بقدراتكن، وتذلل لكُنَّ العقبات لتكنّ الأفضل".
أجمل رسائل تهنئة في يوم المرأة الإماراتية 2025