في يومٍ يحتفي بالمرأة الإماراتية ويبرز إنجازاتها في مختلف المجالات، نفتح اليوم نافذةً على تجربة فريدة تجمع بين الفن والطهي. من بيت اللوّال الإماراتي، المكان الذي يستحضر روح طريق الحرير وتلاقي الحضارات، تطل علينا الفنانة والشيف الإماراتية موزة المطروشي، التي جعلت من الطبيعة مصدر إلهام لمشاريعها، ومن الجبال والصحراء فضاءً للتأمل والإبداع.
موزة، الحاصلة على ماجستير الفنون من كلية سلايد Slade School of Fine Art في لندن ودبلوم فنون الطهي من دبي، أسست مشروعها "بلد" كأستوديو للضيافة والفن المعاصر، وتستعد لإطلاق امتداد جديد له في مليحة. هنا حوار خاص معها في مناسبة يوم المرأة الإماراتية، حيث تتحدث عن شغفها، ورؤيتها، ورسالتها للنساء.
حوار وإنتاج: رنا الطوسي
تصوير: نيكوليتا بارو
مكياج وشعر: لينا قادر
مكان التصوير: بيت اللوّال -الشارقة

الخواتم من & Other Stories
موزة المطروشي

الفستان من Roksanda X & Other Stories
كيف تعرّفين نفسك اليوم: فنانة، شيف، أم مزيج بين الاثنين؟
أنا مزيج بين الاثنين. أتحرك بين الفن والمطبخ كمساحتين متكاملتين. الفن يمنحني الحرية والبحث، فيما يمنحني المطبخ الجذر اليومي المرتبط بالمجتمع والضيافة.
ما الذي ألهمك لربط الطبيعة بالطعام من خلال رحلات المشي الجبلي وتجارب الأكل في الهواء الطلق؟
الإلهام جاء من الجبال والصحراء. هناك يتحول الطعام من مجرد وجبة إلى تجربة مرتبطة بالخطى على المسار، بالشمس والهواء، وبالمكان ككل. الأكل في الخارج يعيدنا إلى أصل الضيافة كفعل طبيعي وإنساني.
لماذا اخترتِ النحل محوراً في بعض مشاريعك، وما الرمزية التي يحملها في عملك؟
النحلة بالنسبة لي رمز أنثوي للقوة والتنظيم والعطاء. هي مَن تبني البيت، ترعى الحضنة، وتنتج العسل. لذلك أراها استعارة لدور المرأة كقلب نابض للحياة، وكقوة جماعية قادرة على إنتاج ما هو أثمن.

حدّثينا عن رؤيتك لمشروع المطبخ أو المقهى الذي تستعدين لافتتاحه في مليحة.
المشروع الأساسي هو بلد، وهو أستوديو للضيافة وفن الطهي والفن المعاصر. ومن هذا المشروع وُلدت فكرة كافيتيريا جبال البلد، التي تمثل الامتداد الحي والعملي له. الكافيتيريا مطبخ إنتاجي وتجريبي، وأيضاً مساحة للفن والضيافة، حيث نترجم نتائج أبحاث وتجارب بلد من وصفات، منتجات وأفكار إلى واقع ملموس. ما يميز الكافيتيريا أنها ليست مجرد مطبخ خلفي، بل مساحة مفتوحة يمكن للزائر التوقف عندها، تذوّق ما نقدمه، ومتابعة إعداد قوائمنا المستوحاة من الطبيعة مباشرة أثناء التحضير للفعاليات. إنها نقطة التقاء بين البحث الفني والممارسة اليومية للضيافة، وبين الإنتاج العملي والتجربة الجمالية، مما يجعلها مكاناً نابضاً بالحياة يعكس جوهر بلد.
ما الذي يميّز مليحة كمكان لإطلاق هذا المشروع، وكيف انعكس على أفكارك؟
مليحة مكان فريد بتضاريسه وتاريخه الجيولوجي. الصحراء هناك تفتح مساحة للتأمل في الزمن العميق. هذا الجو جعل المشروع أكثر التصاقاً بالسياق المحلي، حتى بدا وكأن الكافيتيريا امتداد طبيعي للمنطقة.
النساء في قلب التجربة

الفستان من COS
كيف تسهمين في مساندة النساء في مجتمعك، سواء من خلال الفن أو المطبخ أو التجارب التي تقدّمينها؟
عملي قائم على التعاون مع فنانين وطهاة ومشاريع مختلفة، لكن دائماً هناك مساحة للنساء. أحرص على العمل معهن، استيراد مكوناتهن، وربط طاقاتنا وإبداعاتنا ببعض. أؤمن أن القوة الحقيقية تولد من هذه الشبكات الأفقية، حيث نرفع بعضنا ونعطي لكل صوت حضوره. المطبخ والفن عندي فضاءات شاملة للنساء، مندمجة في المجتمع لا منفصلة عنه.

الفستان من Vivid
كيف توازنين بين هويتك الإماراتية الأصيلة وانفتاحك على الثقافات العالمية؟
أستمد من هويتي الإماراتية المتجذّرة في الضيافة، البحر، والبر. لكن هذه الهوية كانت دائماً منفتحة على العالم من خلال التجارة والأسفار. أترجمها اليوم بمزج الممارسات المحلية مع لمسات عالمية، من دون أن أفقد أصالتي.
ما التحديات التي تواجه المرأة الإماراتية في مجالي الفن والطهي؟
أكبر تحدٍ هو التحرر من التوقعات المسبقة. كثيراً ما يُختصر دور المرأة في أطر تقليدية، بينما الواقع أن المرأة الإماراتية تملك طموحاً وإبداعاً متجدّداً، يحتاج فقط إلى منصات ومساحات آمنة للظهور.
ما الرسالة التي ترغبين في توجيهها في يوم المرأة الإماراتية؟
رسالتي لكل امرأة أن تصغي إلى صوتها الداخلي، حتى لو كان مختلفاً أو غير مألوف. هناك قوة في الاستمرار بصدق مع الذات.
ذاكرة المذاق

إذا طلبنا منكِ أن تختصري حلمك المستقبلي في جملة واحدة، ماذا تقولين؟
حلمي أن يكبر مشروعي بلد ويصبح بيتاً حيّاً للضيافة والفن في قلب الجبال، حيث يلتقي الناس حول المائدة والنار والقصص.
ما الطبق أو الوصفة الأقرب إلى قلبك، والذي يعكس ذاكرتك الشخصية؟
خبز الخمير الطازج، يُخبز على التاوة (صاج معدني تقليدي للخبز) ويلامس الجمر. بالنسبة لي هو ذاكرة الطفولة والبيوت القديمة، ورمز للبساطة التي تصنع لحظة استثنائية.
قضيتِ الكثير من الوقت بين جبال الإمارات، كيف انعكس ذلك على شخصيتكِ ومسيرتكِ المهنية؟
الجبال علّمتني الصبر والإصغاء. هناك الوتيرة أبطأ والزمن أعمق. انعكس ذلك على عملي، فأصبحت أقدّر البساطة والوضوح، وأترك للأفكار أن تنمو بشكل طبيعي، مثل النباتات البرية.
تابعي المزيد: في يوم المرأة الإمارتية..موزة الحمراني: مستقبلنا مشرق وعلينا استثمار الفرص