نعيش في هذا الزمن تسارعاً رهيباً نحو سوق عمل مليء بالتحديات، حيث يواجه الطلبة الكثير من الضغوطات بسبب التنافس الشديد من ذويهم، بجانب متطلبات الشركات لأشخاص ذوي خبرة.
وقد يعتقد الكثير من الطلاب أن كتابة السيرة الذاتية أمر سابق لأوانه، طالما أنهم ما زالوا على مقاعد الدراسة، ولم يدخلوا سوق العمل بعد.
لكن الحقيقة أن السيرة الذاتية ليست فقط ورقة للتقديم على وظيفة، بل هي أداة تعريفية تعكس شخصيتك، شغفك، وحرصك على استثمار كل فرصة تعليمية أو عملية متاحة أمامك، وبالنسبة للطالب، السيرة الذاتية هو بداية رسم الهوية المهنية، وهو بمثابة بوابة أولى تفتح لك فرص تدريب، تطوعاً، أو حتى منحة دراسية.
ويقع هنا الطالب في حيرة عما يمكن كتابته في السيرة الذاتية، للبحث عن عمل جيد ومناسب، والاستفادة من سنوات الدراسة، وتحويلها إلى مساحة ثرية للتجريب المهني.
وفي "سيدتي" سنساعدكِ في الأمور التي يمكنك الاستفادة منها وكتابتها، كي تصنعي لنفسك هوية مهنية وتكتبي ما يجعلكِ تربحين الوظيفة التي ترغبين بها.
إعداد: هاجر حاتم
اختيار الهيكل والتنسيق المناسب: لأفضل شكل لسيرتكِ الذاتية

- يعتبر اختيار الهيكل والتنسيق المناسب هو الخطوة الأولى لنجاح سيرتك الذاتية؛ حيث تبدأ من الشكل الخارجي، فالتنسيق الجيد لا يقل أهمية عن المحتوى.
- واستخدام خط واضح مثل Arial أو Calibri، مع حجم مناسب (11–12 للنصوص، و14–16 للعناوين) مثلاً يجعلها مريحة للقراءة.
- كما ننصحكِ بالاهتمام بالهوامش وتوزيع الأقسام، وتأكدي أن العناوين بارزة لتسهلي على القارئ التنقل داخل المستند.
- وتذكري أن السيرة الذاتية عادة يطّلع عليها مسؤول التوظيف خلال ثوانٍ معدودة، لذا الوضوح والتنظيم أهم من الإطالة، وتجنب الزخارف والألوان الكثيرة، وحافظي على مظهر بسيط وأنيق، لأن الانطباع الأول يبدأ من هنا، بحسب موقع Indeed.
دراسة الوظيفة أو الجهة المستهدفة: تُسهل عليكِ الأمر

دراسة الوظيفة أو الجهة المستهدفة تُسهل عليكِ الأمر
قبل أن تبدئي بالكتابة، اسألي نفسك: لمن أكتب هذه السيرة الذاتية؟ لا يمكنك إعداد CV عام يصلح لكل شيء.
- فإذا كنتِ مثلاً تقدمين على تدريب صيفي في شركة تسويق، فركزي على مهارات التواصل والمشاريع الأكاديمية ذات العلاقة.
- أما إذا كنت تقدمين على منحة دراسية أو برنامج ماجستير، فاجعلي التعليم والبحث العلمي في الصدارة.
- لهذا ننصحكِ بقراءة متطلبات الوظيفة أو البرنامج لأنها ستعطيك تصوراً واضحاً عمّا يبحث عنه صاحب القرار، وبالتالي ستعرفين ما يجب أن تضعيه في المقدمة وما يمكن تأجيله، وهذه الخطوة أيضاً تساعدك على استخدام المصطلحات المفتاحية نفسها المذكورة في الإعلان، مما يزيد من فرص مرور سيرتك الذاتية عبر أنظمة التصفية الإلكترونية المعروفة بـ(ATS) والتي تجعلكِ ضمن الأولوية.
البيان الشخصي: قصتك في 3 جمل

يُعتبر البيان الشخصي أو الـ Personal Statement أهم فقرة في بداية سيرتك الذاتية، وتحديداً إن كنتِ طالبة، وهنا لديك فرصة ذهبية لتقديم نفسك كقيمة مضافة، لا تتجاوز ثلاث أو أربع جمل، لكن اجعليها قوية ومؤثرة.
- على سبيل المثال تحدثي عن تخصصك الدراسي، وأهم ما يميزك من مهارات، وما تطمحين أن تحققيه من خلال الوظيفة أو التدريب.
- يمكنكِ أن تكتبي مثلاً أنك: "طالبة في السنة الثالثة بكلية الإعلام، شغوفة بمجال التسويق الرقمي وصناعة المحتوى، وأطمح للاستفادة من خبرتي في إدارة المشاريع الطلابية والتطوع الإعلامي، للمساهمة في تطوير استراتيجيات تسويقية مبتكرة داخل بيئة عمل محترفة.
- ونريد أن نخبركِ أن هناك الكثير من الشركات رغم بحثها عن الخبرة، إلا أنها تهتم أيضاً بالموظف الشغوف والذي لديه شخصية عملية ومرنة.
- فحتى لو لم يكن لديكِ خبرة عملية، يمكنك أن تركزي على شغفك، وتطوعك، والمقررات التي درستها، فهذه كلها عوامل تظهر التزامك.
قد تهتمين بمتابعة الفرق بين البنات والأولاد من الجيل زد
قسم التعليم: ورقتك الرابحة كطالبة

بما أنك طالبة، فإن التعليم هو أقوى ما لديك لتقدميه، لذا اجعلي قسم التعليم غنياً ومفصلاً.
- اكتبي مثلاً مؤهلاتك بترتيب زمني عكسي (من الأحدث للأقدم)، وبجانب اسم الجامعة والتخصص وسنوات الدراسة، يمكنك إضافة تفاصيل مثل: أهم المواد التي درستها، المشاريع البحثية التي أنجزتها، الجوائز الأكاديمية التي حصلت عليها، أو معدل تراكمي مرتفع إذا كان يعزز فرصك.
- ولا تكتفِي بسرد الأسماء، بل اربطي التعليم بالمهارات العملية، فعلى سبيل المثال: "خلال مقرر إدارة الأعمال، قمت بقيادة مشروع جماعي لتحليل سوق شركة ناشئة، مما عزز مهاراتي في البحث والتحليل والعمل ضمن فريق"، فبهذه الطريقة تجعلين التعليم حياً ومرتبطاً بالمهارات.
قد تتابعين: كيف تديرين مصروفك وأنت طالبة جامعية؟
غياب الوظيفة: لا يعني غياب الخبرة وسعي دائرتكِ
الكثير من الطلاب يظنون أن غياب وظيفة بدوام كامل يعني غياب الخبرة، على العكس، يمكنكِ أن تجعلي قسم الخبرات غنياً بالأنشطة التطوعية، والتدريب العملي، والمشاركات الطلابية، وحتى المشاريع الجامعية.
ومن المهم أن تكتبيها وكأنها خبرة فعلية، بذكر الدور الذي قمت به، وكذلك لا تنسي الفترة الزمنية، والمسؤوليات التي تحملتها، وإذا تطوعت في تنظيم مؤتمر جامعي، يمكنك أن تكتبي "عضو لجنة التنظيم – مؤتمر الشباب 2023: مسؤولة عن إدارة فريق مكون من 10 طلاب وتنسيق التواصل مع 200 مشارك"، فكل هذه التفاصيل تعكس مهارات قيادية وتنظيمية يبحث عنها أي صاحب عمل، فكل تجربة صغيرة هي لبنة تضعينها في بناء صورتك المهنية.
إضافة أقسام مساندة لسيرتكِ الذاتية: تعزز إمكانياتك

لإعطاء سيرتك الذاتية ثراءً أكبر، يمكنك إضافة أقسام إضافية مثل:
- المهارات: اذكري المهارات التقنية (برامج الحاسوب، لغات البرمجة) والمهارات الشخصية (التواصل، إدارة الوقت، العمل الجماعي، والقيادية).
- والأنشطة والهوايات: تحدثي بإيجاز عن اهتماماتك التي تدعم شخصيتك المهنية، على سبيل المثال، ممارسة الرياضة الجماعية تعكس روح الفريق، بينما كتابة المقالات تعكس مهارة التعبير.
- الجوائز والشهادات: مثل شهادات كورسات عبر الإنترنت، أو أي إنجاز دراسي مميز.
- اللغات: أضيفيها مع تحديد مستواك (مبتدئ – متوسط – متقدم).
- المشاريع الشخصية: إن كان لديك مدونة، قناة يوتيوب تعليمية، أو تطبيق صغير برمجته، فهذا دليل على المبادرة والإبداع.
ملاحظة أخيرة
من المهم أن تتذكري دائماً أن كتابة سيرة ذاتية كطالبة ليست مجرد خطوة شكلية، بل هي فرصة لتظهري للعالم أنكِ شخص يعرف قيمة نفسه، ويستثمر في مستقبله، ويركّز على التعليم، وكل ذلك بالدليل من خلال أنشطتك التطوعية ومهاراتك الواضحة، فهي بمثابة قصّة مكتوبة عن طموحك.
قد تهتمين بمتابعة كيف أجد شغفي في الحياة؟ 5 أسرار عليكِ تعلّمها