استقطبت مدينة الرياض أنظار عالم الموضة ومتابعيها من خبراء ونقاد ودور عالمية مراقبة لما يجري على الساحة الإبداعية في المملكة العربية السعودية، فلم تكد تخبو أصداء منصات العروض عن عواصم الموضة الأربع الكبرى، حتى تحولت الأنظار باهتمام كبير نحو الرياض التي تستضيف من 16 إلى 21 أكتوبر، وعلى مدى ستة أيام متواصلة، مواهب محلية وأسماء عالمية، لتضع المملكة على خريطة الموضة العالمية.
هو أكثر من مجرد سلسلة من عروض الأزياء، بل هو إثبات للهوية السعودية التي ترجمها المصممون كمزيج من الإبداع المعاصر والتراث الثقافي؛ برؤية استشرافية لمستقبل التصميم في المملكة. يُعدّ حدث هذا العام، الذي يضم أكثر من 30 عرضاً وحملات تقديم للمجموعات، الحدث الأكثر بروزاً؛ لأنه يمزج بين الفخامة العالمية وتطلعات المستهلك العصري، ويحتفي بالمواهب المحلية وتراث الأجداد؛ عن طريق قطع تصل الماضي بالحاضر.
لقد تصدّرت العروض في أسبوع الأزياء في الرياض 2025 بنسخته الثالثة عناوين الأخبار، حتى قبل أن تطأ أول عارضة أزياء منصة العرض منذ افتتاح دار الأزياء الشهيرة فيفيان ويستوود الحدث وحتى اليوم الثالث، مسجلةً بذلك لمسةً قويةً وطليعيةً على هذا الأسبوع؛ زادها سحراً حضور جورجينا رودريغيز عرضي ريم الكنهل ومنى الشبل مع مدونات عالميات؛ مثل ليوني هان وتمارا كالينيك، إضافة إلى مدونات عربيات، ومنهن: ليدي فوزازا ولما العقيل وفوز الفهد، وغيرهن.

استمر الزخم في اليوم الثالث من أسبوع الأزياء في الرياض مع عروض ساحرة؛ نفذها كل من Femi9 و Aram و Razan Alazzouni و Mona Alshebil و Reem Alkanhal و SV by Saudia، وإضافة إلى هذه العروض المسائية؛ تم إطلاق مجموعة لثلاث علامات سعودية، وهي: أروى البنوي Arwa The brand التي أطلقت مجموعة أسمتها شمس الرياض للمرأة العربية الواثقة من نفسها، واستعانت بالزهري المبودر والأخضر الكاكي والأورغنزا المتموج والجرسيه المطاطي. وبدورها، قدمت علامة درزة Derza البدلات المطرزة عند المعصم بخيوط ذهبية وأقمشة معادة التدوير، ولفتتنا الفساتين ذات الطراز العسكري المستوحى من البدلات العسكرية، وحملت مجموعتها اسم "سرى"، التي ركزت فيها على إدخال زخارف الحناء على الأزياء.

وأطلقت علامة ألينا Aleena تشكيلة عصرية؛ لفتتنا فيها التصاميم التي تداخل فيها اللون البرغندي على شكل خامات مختلفة من الأقمشة؛ لتواكب مختلف تطلعات المرأة العصرية، واستعانت بألوان ترابية إلى جانب البنفسجي، وسيطر المخمل بقصات غير متجانسة، ولفتتنا التنانير الميدي المنفوخة؛ التي عززت من رقيّ الإطلالات.

ماذا تضمنت عروض اليوم الثالث؟
فيمي ناين تتألق بتصاميم جلدية

خطفت دار فيمي ناين Femi9 الأنظار، خلال مشاركتها في أسبوع الأزياء في الرياض؛ بتقديم مجموعتها الجديدة Victorian Whispers From Alley to Palace، من تصميم المديرة الإبداعية ليليان حاتم، التي استوحت من العصر الفيكتوري، حيث تداخلت الفخامة الكلاسيكية مع الحداثة في مزيج أنيق من الأقمشة الفاخرة، والدانتيل الراقي، والجلود المصقولة، والنقشات الجريئة؛ اجتمعت لتروي قصة تجمع بين ترف القصور وبساطة الأزقة، في رحلة بصرية تنقلنا من الماضي العريق إلى الحاضر العصري.
وقد عُرفت ليليان حاتم بشغفها العميق بالفن والتاريخ والثقافة، ونجحت في إحياء الطابع الفكتوري بأسلوب حديث، حيث أعادت تفسير النقوش الحيوانية والفراء بلمسة فنية جريئة؛ لتقدم رؤية جديدة للأناقة الأنثوية، وتعيد صياغة العلاقة بين الفخامة والتاريخ العملي، في تصاميم تحتفي بجمال التفاصيل ودقة الحرفية السعودية.
التراث السعودي بأبهى حلة في عرض ريم الكنهل

تُعرف ريم الكنهل بقدرتها على المزج بين الهوية السعودية الأصيلة والحداثة العالمية، وهو ما جسّدته بوضوح في مجموعتها الجديدة، التي استوحت فيها عناصر من العباية السعودية التقليدية، وأعادت صياغتها في إطار عصري ينبض بالأنوثة والفخامة، خلال عرضها في أسبوع الأزياء في الرياض.
برزت في المجموعة البلوزات والفساتين المصنوعة من التول المنفوش، التي أضفت حضوراً ملكياً على الإطلالات، وتزيّنت بـأكسسوارات ذهبية فاخرة مستوحاة من السلاسل العربية التقليدية التي تشتهر بها المنطقة. كما لفت الأنظار استخدامها الدقيق للأقمشة السوداء اللامعة والمطفية في الوقت ذاته، ما منح القطع عمقاً بصرياً وملمساً راقياً؛ ليبدو كل تصميم كأنه قطعة فنية تستحضر التاريخ بأسلوب معاصر. أما المفاجأة؛ فكانت في الفساتين المصنوعة من التول والأورغانزا الشفافة بنقشة البولكا دوت، التي قدّمتها بطريقة جديدة مستوحاة من الجلاليب التراثية، التي كانت ترتديها نساء البلدات القديمة في المدينة، وجمعت هذه القطع بين الطابع التراثي السعودي والتفاصيل الأوروبية الحديثة في القصّات؛ لتخلق مزيجاً فريداً يبرز هوية المصممة الخاصة.
أروى العماري وجاذبية الخطوط

تأسست علامة Aram كدار أزياء سعودية مرموقة متخصصة في الملابس النسائية الراقية الجاهزة، وهي من إبداع المصممة المبدعة أروى العماري، والتي تُعد شخصية مؤثرة في قطاع الموضة، حيث تشغل مناصب مهمة، منها: مستشارة أزياء، وسفيرة للمجلس العربي للأزياء، ونائب رئيس جمعية الأزياء "أزياءنا". وقد تميزت مجموعة المصممة المؤسسة للدار أروى العماري، في أسبوع الأزياء في الرياض، بتبنيها لوحة ألوان قوية ومنعشة تليق بأجواء الاحتفالات الصيفية والإطلالات النهارية والمسائية، وسيطرت درجات البنفسجي الهادئ والأخضر النعناعي والأزرق المشرق، إلى جانب لمسات من الأحمر القوي، على المنصة، مما خلق تناغماً بصرياً جذاباً.
لم تقتصر الألوان على الدرجات الموحدة، بل تداخلت بأسلوب فني مدروس في نقوش وخطوط متناغمة، عاكسة حيوية التصميم، وكانت الألوان بحد ذاتها بطل العرض، حيث نقلت الجمهور إلى أجواء مليئة بالطاقة والإيجابية. وبالنسبة للمصممة لا يوجد أغنى وأعظم من الثقافة السعودية وتراثها. الذي يتنوّع حسب المناطق؛ من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، وقد شكّل هذا التنوُّع مصدر إلهامٍ كبير لها طوال مسيرتها.
تابعي معنا في لقاء حصري: المصممة أروى العماري تدمج الثقافة السعودية بالتصميم وتستهلم من المها والنمر العربي
منى الشبل تسرق الأضواء بالقميص الأبيض والتنانير الأميرية

تذكرنا هذه المصممة المبدعة بالمصممة كارولينا هيريرا، التي تتخذ من القميص الأبيض محوراً لتصاميمها الساحرة، فلقد افتتحت منى الشبل عرضها في اليوم الثالث من أسبوع الأزياء في الرياض، بمجموعة من القطع العملية الراقية، التي تعكس فهمها العميق لاحتياجات المرأة العصرية، حيث قدّمت بليزرات مصممة بخطوط أنثوية دقيقة وبلوزات ناعمة بديكولتيه أنيق وأكمام عالية؛ تضفي طابعاً من الفخامة والرقي. وتميّزت هذه الفساتين بمستوى عالٍ من الاحتشام والتنوع، حيث جمعت بين الأناقة والراحة، ما يجعلها مثالية للمرأة العصرية التي تبحث عن إطلالة راقية؛ تعبّر عن ثقافتها، وفي الوقت نفسه تناسب الحياة اليومية أو المناسبات الخاصة. ومن أبرز محاور المجموعة؛ كانت التاييرات والمعاطف العملية، التي أعادت منى الشبل تقديمها بروح سعودية واضحة، حيث استخدمت خامات الساتان الناعمة والتطريزات الدقيقة على الأكمام، مع إدخال تفاصيل مستوحاة من الأناقة الغربية في القصّات والأحزمة. كما برز في العرض استخدام الأقمشة الشفافة، كالشيفون والدانتيل، مع تفاصيل دقيقة في القصّات والنقشات، ما منح التصاميم خفة وأناقة في الوقت نفسه، وتنوّعت لوحة الألوان بين الدرجات الحيادية الكلاسيكية؛ مثل البيج والعاجي، والألوان الناعمة كالباستيل الوردي والأزرق السماوي؛ لتقدّم مزيجاً متناغماً من البساطة والترف.
قد يهمك متابعة: جورجينا رودريغيز تسحر الأنظار في عرض منى الشبل ضمن أسبوع الأزياء في الرياض
رزان العزوني ودقة التطريز الشفاف بأبهى صورة

تستمد المصممة رزان العزوني إلهامها من الأنوثة والرقة والجمال الطبيعي للمرأة، وتركز في تصاميمها على إبراز قوام المرأة بأناقة وفخامة، مع الحفاظ على حس من المرح في كل قطعة. يروي التطريز في كل مجموعة فصلاً جديداً وقصة مختلفة، وقد حظيت رزان العزوني بشهرة عالمية، كما تم اختيار العلامة لتكون واجهة "الرؤية السعودية 2030 للجيل الشاب"، إلى جانب ارتداء العديد من النجمات والمشاهير قطعاً جذابة تحمل توقيعها. لم تقتصر المجموعة على الفساتين الراقية، بل قدمت أيضاً إطلالات عصرية جريئة؛ تعكس حس المصممة المتمثل في إضافة لمسة مرحة إلى الأناقة، ومن أبرز هذه الإطلالات؛ تلك المكونة من بنطلون برمودا أسود، وتوب أسود عليه تطريز باللون الأبيض، والتفت حول خصرها قطعة قماش منسدلة باللون الوردي الفاتح؛ لتخلق ذيلاً طويلاً وشكلاً فريداً، يجمع بين عملية البنطلون وفخامة الفستان.
إطلالات تعبر عن الهوية المحلية بطريقة عصرية من SV By Saudia

قدمت العلامة SV By Saudia، بإشراف محمد خوجة، أولى مجموعاتها؛ ضمن عرض مميز في اليوم الثالث من أسبوع الأزياء في الرياض. وهي مجموعة تعبّر عن توازن دقيق بين الأناقة والبساطة والراحة، وتقدم رؤية عصرية للطابع العملي الأنيق.
ووصفتها العلامة بأنها "تشكيلة وُلدت من رؤيا ثاقبة وروح مغامرة تسعى للاكتشاف"؛ تجسيداً لرحلة استكشاف تجمع بين الإبداع العصري والهوية المحلية. لقد استوحت العلامة بعض تصاميمها من إطلالات مضيفات الطيران، التي تعبّر عن الانضباط والرقي، فشاهدنا الفساتين الميدي السوداء ذات الأزرار الأمامية والياقات الملوّنة، التي تجمع بين العملية والأناقة، وتمنح إطلالة متناسقة تعكس الطابع الرسمي ولكن بأسلوب عصري. كما برزت في العرض التاييرات باللون الأخضر المستوحاة من ألوان العلم السعودي، إلى جانب تيشيرتات رجالية من نفس اللون، لتؤكد العلامة حضور الهوية الوطنية في تفاصيل التصاميم.
قد يعجبكِ متابعة: كيف بدت مدونات الموضة خلال اليوم الثاني من أسبوع الأزياء في الرياض؟