mena-gmtdmp

رحلة غير تقليدية بين مذاقات حلوة ومالحة في مطاعم بروكسل

صنع الوافل في بلجيكا
امرأة تصنع الوافل في مخبز بلجيكي

عند زيارة العاصمة البلجيكية بروكسل، يُلاحظ السائح أن هناك مقترحات لجولات طعام في المدينة المعروفة بتخصصات مثل الشوكولاتة وكعكة الوافل وبلح البحر والبطاطس المقلية "مول إي فريت" والأطباق البحرية والبطاطس المقلية "فريتن"، فارتياد المطاعم لا يهدف إلى سد الجوع بل إلى التعرف إلى المطبخ البلجيكي ومذاقاته، فهو جزء من السياحة في بروكسل، لذلك تقترح السطور الآتية على السائحة الناوية قصد بروكسل بعدم إغفال المطاعم الآتية لرحلة غير تقليدية بين مذاقات حلوة ومالحة في مطاعم بروكسل.

لمحة عن مميزات المطبخ البلجيكي

طبق كرنب بروكسل المشوي والمقدم مع الملح والفلفل والسمسم

يشتهر المطبخ البلجيكي بمكوناته الموسمية، التي تشمل البطاطس والكراث والروبيان الرمادي والهليون الأبيض والهندباء البلجيكية المعروفة أيضاً ب"شيكوريا ويتلوف" والملفوف "كرنب بروكسل"... في هذا الإطار، تُجسّد التقاليد والثقافة الطهوية العريقة في بلجيكا، أطباقاً مثل: اليخنات بأنواعها، لا سيما اليخنة الفلمنكية، والبطاطس المقلية، وبراعم بروكسل، وبلح البحر والبطاطس، بدون الإغفال عن الحلويات مثل الوافل البلجيكي وزبدة التفاح، وصلصة التفاح، والإكلير. وللبطاطس المقلية قصة بلجيكية، فبخلاف اسمها الإنجليزي French Fries، يعتقد العديد من المؤرخين أن البطاطس المقلية، أو "فريتن"، تعود أصولها إلى بلجيكا، إذ تشير النظرية الأكثر شيوعاً إلى أن القرويين في وادي الميز، الذين اعتادوا قلي الأسماك الصغيرة، بدأوا بقلي شرائح البطاطس بدلاً من ذلك عندما تجمد النهر في أواخر القرن السابع عشر. ربما يعود أصل اسم "البطاطس المقلية" إلى الجنود الأمريكيين في الحرب العالمية الأولى، الذين صادفوها في بلجيكا الناطقة بالفرنسية، ونسبوا الاسم خطأً إلى اللغة السائدة في المنطقة.  تتميز البطاطس المقلية في بلجيكا بقرمشتها الخارجية وطراوتها الداخلية بسبب قليها مرتين في درجات حرارة مختلفة، وتُقدم في مخروط ورقي مع تشكيلة واسعة من الصلصات مثل المايونيز.

العشاء هو الوجبة الأهم للبلجيكيين حيث تضم اليخاني المعدة من اللحم أو الدجاج أو السمك أو بلح البحر مع البطاطس المقلية، أما للغداء فهناك خبز الباجيت مع حشوات متنوعة، بما في ذلك الجبن المحلي واللحم والدجاج. كما تُعدّ الشوربات والسلطات شائعة. في الفطور الصباحي، تتعدد صنوف المربيات والأجبان والمعجنات، وخاصةً "الكرواسون". كان تطور المطبخ المذكور بمرور الوقت، متأثراً بالإمبراطورية الرومانية، ثم بفرنسا وألمانيا وهولندا، فقد اشتهر البلجيكيون الأوائل بجمع الطعام، وتربية الماشية، وزراعة الخضراوات الجذرية، والصيد، وصيد الأسماك. وفي ظل الإمبراطورية الرومانية، دخلت المطبخ البلجيكي أطعمة مثل الكرنب، والتفاح، والكمثرى، والعنب. يتنوع المطبخ البلجيكي اليوم بين المناطق، انعكاساً لمطابخ الدول المجاورة، فالمطبخ البلجيكي يتنوع بين منطقتي فلاندرز الناطقة بالهولندية (تأثير هولندي/ألماني) ووالونيا الناطقة بالفرنسية (تأثير فرنسي) ويُقال إن الطعام البلجيكي يُقدم بكمية المطبخ الألماني وبجودة الطعام الفرنسي.

بعض المؤرخين يرجحون أن البطاطس المقلية تعود أصولها إلى بلجيكا


قد يهمك الاطلاع أيضاً على: بروكسل وجهة مثالية لعشاق الشوكولاتة

 

الطبق الوطني

شيف يجهز بلح البحر على الطريقة البلجيكية

يتمثل الطبق الوطني في بلجيكا في الـ"مول إي فريت" أو بلح البحر والبطاطس، علماً أن بلح البحر يجمع من الساحل الفلمنكي (زيلاند القريبة في هولندا)، وأن هذا الطعام شائع خلال فصل الشتاء عندما تكون الأطعمة الأخرى نادرة.

الوافل البلجيكي

سائحة تتناول الوافل

يُعرف الوافل البلجيكي، وهو عنصر مميز آخر في المطبخ البلجيكي، بعجينه الأخف وزناً ومربعاته الأكبر وجيوبه الأعمق، مقارنة بالوافل الأمريكي. عُرض الوافل البلجيكي لأول مرة عام 1958 في معرض إكسبو 58 في بروكسل، ثم أُدخل إلى الولايات المتحدة عام 1962، فازدادت شعبيته في الولايات المتحدة خلال معرض نيويورك العالمي عام 1964.

تجارب غير تقليدية في مطاعم بروكسل

طبق "فيليه أمريكان" الشهير في مطعم Au Vieux Saint Martin ببروكسل (الصورة من الموقع الرسمي الخاص بالمطعم)

تتميز أفضل المطاعم التي تقدّم أطباق المطبخ البلجيكي بأجواء دافئة ومريحة وجذابة، تعكس التركيز الثقافي للبلاد على الراحة وكرم الضيافة، مع ملاحظة التصميمات الداخلية بطابع تقليدي وريفي، وأثاث خشبي وديكور عتيق، وغالباً ما تتضمن مدفأة. الإضاءة هادئة، مما يخلق أجواءً مريحة وحميمية. في الآتي، جولة على بعض مطاعم بروكسل التي تقدم تجارب غير تقليدية.

وجبة مقدمة في ظلام دامس

على القارئة تخيل نفسها جالسة في مطعم لا يمتلك أي وحدة إضاءة مباشرة في صالته، فيما هي تغذي حواس التذوق واللمس والشم بطبقها وتتلذذ بكل لقمة منه؛ ففي مطعم DANS LE NOIR؟ الواقع داخل فندق ستانوب بروكسل، المصنف في فئة الخمس نجوم، تقدم تجربة لا تُنسى! ففي الظلام، يأكل المرء بوعي ويعرف حقاً ما يتذوقه. هناك، قوائم الطعام تتغير بتواتر، وهي مُحضّرة من مكونات طازجة موسمية، ومُصمّمة لتُبهر وتُسعد في آنٍ واحد. حسب القيمين على المطعم، فإن عالمنا مليء بالشاشات التي تُسيطر على انتباه الناس، لذلك يُعيد تناول الطعام في الظلام الدامس التركيز على التجربة. إشارة إلى أن فريق العمل في المطعم هو من المُتخصّصين من ذوي الإعاقة البصرية أو المكفوفين.

قد يهمك الاطلاع أيضاً على: 5 فنادق شهيرة في بروكسل للاستمتاع بإقامة مريحة

مطعم أيقوني في بروكسل

لمطعم Au Vieux Saint Martin حكاية عائلية؛ ففي عام 1968، تولى الجد ألبرت نيلز إدارة مقهى Café de la Justice كما اشترى المبنى حيث المكان في حيّ سابلون الذي كان محبوباً من الفنانين، فهؤلاء اتخذوه مسكناً، مثل هيرجيه (فنان، ورسام قصص مصورة بلجيكي اشتهر بسلسلة قصص «مغامرات تان تان») الذي كان يمتلك مرسماً في الساحة. وكان رينيه ماغريت (رسام بلجيكي اشتهر بلوحاته السريالية) وبول ديلفو (رسام بلجيكي من المدرسة السريالية) من زواره الدائمين. قام ألبرت نيلز بأعمال تجديد بالتعاون مع المصمم البلجيكي كريستوف جيفرز. فضّل الديكور، الذي كان ثورياً في ذلك الوقت، والمتمثل في استخدام مواد راقية مثل خشب البلوط الصلب والنحاس الأصفر والجلد والحجر الأزرق. عُلّقت على جدران المطعم أعمالٌ فنيةٌ لفنانين مختلفين. ثم، تتالت فصول القصة، ففي نوفمبر 1968، افتُتح المطعم. ومنذ اللحظة الأولى، أثبت نجاحه، وزادت مبيعاته باستمرار. وفي عام 1988، قام ابنا ألبرت نيلز، ألبرت جان وفيليب، بأعمال تحديث واسعة النطاق. ثمّ، منذ عام 2011، يدير ألبرت جان نيلز وابنه فريديريك هذه المؤسسة الأصيلة في بروكسل. وفي العام 2025، انضم ماكسيم نيلز إلى والده فريدريك وجده ألبرت جان في إدارة ميزون نيلز. إشارة إلى أنه في العام الماضي (2024)، كانت ذكرى مرور قرن على اختراع "فيليه أمريكان" على يد الجد جوزيف نيلز، وهذا الطبق لا يفوت عند زيارة المطعم، الذي حافظ على الوصفة الأصلية، مع تقديم أيضاً تخصصات بلجيكية من مكونات الموسم، بقيادة الشيف تييري ستروفن وفريقه. المطعم مصنف بأنه "أيقوني" على دليل ميشلان.

طبق بلح البحر والبطاطس

لتناول الطبق الوطني البلجيكي "مول إي فريت"، تتعدد العناوين، ومنها:

  • Le Chou de Bruxelles: يقدم هذا المطعم الواقع في إيكسل، أطباقاً بلجيكية محلية، من بينها 30 نوعاً مختلفاً من بلح البحر، مع البطاطس المقلية المقرمشة.
  • Zinneke: يرجع تاريخ هذا المطعم الكائن في سكاربيك إلى عام 1956، مع تقديم لائحة طعام منوعة، تضم أكثر من 60 وصفة من بلح البحر البلجيكي التقليدي، مع البطاطس المقلية والصلصات محلية الصنع. يشجع المطعم على اتباع نهج "الطعام البطيء".
  • Chez Leon: يعود تاريخ هذا المطعم العائلي الكلاسيكي الواقع في قلب بروكسل لأكثر من 125 عاماً خلت، ويقدم بلح البحر المُعد بالطريقة التقليدية، مع بطاطس مقلية ذهبية مثالية، في أجواء مفعمة بالحيوية والود.
  • Aux Armes de Bruxelles: يعدّ هذا المطعم معلماً بارزاً في فن الطهي في بروكسل لأكثر من 100 عام، ويُقدّم تجربة طهي فريدة، حيث يُحضّر بلح البحر المقلي في أجواء راقية.

الوافل البلجيكي في أفضل وصفاته

لقطة لسائحة تمسك كعكة الوافل الشهيرة في بروكسل

ترجع جذور الوافل في بلجيكا إلى العصور الوسطى، حيث بدأ كعكاً غير مخمر مصنوعاً من عجينة بسيطة من دقيق الحبوب والماء، وكان يُطهى بين ألواح حديدية ثقيلة، غالباً ما كانت تُنقش عليها شعارات نبالة. وقد ساهم في انتشار الوافل موقع بروكسل الاستراتيجي كمركز حيوي للتجارة الأوروبية، إذ بدأ الباعة الجوالون ببيعه كوجبة خفيفة بأسعار معقولة. تشتهر بلجيكا بنوعين مميزين من الوافل:

  1. وافل بروكسل: هو أخف وزناً مقارنةً بوافل لييج، مقرمش، ولكنه خفيف لناحية الحلاوة، مع جيوب مستطيلة عميقة، مما يجعله مثالياً لحمل الإضافات. يُصنع من عجينة مخمرة باستخدام الخميرة. يتناسب وافل بروكسل بشكل رائع مع السكر البودرة، والكريمة المخفوقة، أو الفواكه الطازجة، أو صلصة الشوكولاتة.
  2. وافل لييج: هو أقل شهرة، مقارنةً بوافل بروكسل، فالأول يعود أصله إلى مدينة لييج، ولكنه أكثر كثافة وحلاوة. يعتبره الناس عادةً الأكثر فخامة. شكله غير منتظم (عند صنعه على الطريقة التقليدية) من عجينة تشبه البريوش، ويتميز بسكر اللؤلؤ المخلوط، الذي يتكرمل أثناء الطهي ليُكوّن قشرة ذهبية مقرمشة، مع قوام مطاطي وحلاوة طبيعية. ولأنه كان يُقدم تقليدياً كوجبة مستقلة، فقد أصبح من أطعمة الشوارع الشهيرة، وحافظ على سمعته الطيبة كوجبة خفيفة حلوة سريعة التحضير.

تشمل أماكن بروكسل الشهيرة بتقديم الوافل:

  • Maison Dandoy: سعر الوافل هناك أعلى بكثير مقارنةً بمطاعم الوافل الأصغر في بروكسل، مع توقع طابور انتظار طويل عند زيارة المكان خلال ساعات الذروة في الصيف أو في عطلات نهاية الأسبوع. يقع المتجر الرئيسي بالقرب من القصر الكبير في بروكسل، وهو الفرع الأشهر، مع ضمّ صالة شاي في الطابق العلوي، حيث يمكن الجلوس والاستمتاع بفطائر الوافل الطازجة. في المكان، يتوافر خيار جولة مع مرشد للتعرف إلى الشوكولاتة والوافل فخر بلجيكا.
  • Veganwaf: هو الخيار الأشهر والأكثر شعبية إذا كانت القارئة نباتية أو تبحث عن مطعم يقدم فطائر الوافل النباتية والخالية من الغلوتين، مع سعر أعلى من الخيارات التقليدية. يقع المكان داخل معرض فني، لذا قد يصعب العثور عليه.
  • La Gaufrerie: يقع العنوان بالقرب من تمثال مانيكين بيس الشهير، المعلم الأكثر شهرة في المدينة، وهو تمثال برونزي بارز لنافورة بارتفاع 55.5 سم في وسط بروكسل، يُصوّر صبياً صغيراً يقضي حاجته. تقدم La Gaufrerie وافل بروكسل ولييج الطازج، مع قوام مقرمش مثالي، وإضافات لذيذة، علماً أن المحليين يفضلون استخدام إضافات أقل، لتذوق الوافل نفسه. لا أماكن للجلوس في المكان، ولكنه غالباً ما يكون مزدحماً للغاية.