باتت منصّات التواصل الاجتماعي جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية، فهي نافذتنا إلى العالم ومصدر معلومات وإلهام لا ينتهي. غير أنّ هذا التدفق المستمر للصور والإنجازات واللحظات المنتقاة، قد يحوّل التجربة إلى مصدر ضغط نفسي، ويدفعنا إلى مقارنة أنفسنا بالآخرين بطريقة غير عادلة. ومع تكرار هذا السلوك، تتسلل مشاعر النقص والإحباط من دون أن نشعر.
طرق للتعامل مع ضغط السوشيال ميديا

ولحماية صحتنا النفسية والحفاظ على اتزاننا الداخلي، نحتاج إلى اتباع استراتيجيات واعية، تساعدنا على التعامل مع هذا الضغط بذكاء ومرونة. فيما يلي أبرز الطرق الفعّالة التي تخفف أثر المقارنة على السوشيال ميديا وتُعيد إلينا الشعور بالراحة والثقة.
اختيار محتوى يُلهم بدلاً من أن يؤذي
- تابع الحسابات التي تُضيف قيمة إلى حياتك: تعليم، إلهام، تجارب واقعية، أو محتوى يزرع الراحة لا القلق.
- وانسحب فوراً من أي محتوى يعزّز شعور النقص، أو يقودك إلى مقارنة مستمرة مع الآخرين
ما رأيك متابعة 5 طرق لتحسين قدرة الشباب على التركيز
إدراك أنّ السوشيال ميديا لا تعرض الحقيقة كاملة
- ما نراه غالباً ليس سوى «أفضل لحظات» الآخرين. خلف كل صورة مثالية تفاصيل لم تُنشر ومعاناة لم تُصوَّر.
- تذكير نفسك بهذه الحقيقة باستمرار يخفف الكثير من المقارنات غير الواقعية.
الاحتفاء بإنجازاتك الشخصية مهما كانت بسيطة
- خصّص وقتاً لتسجيل إنجازاتك اليومية: خطوة صغيرة، تقدّم بسيط، أو نجاح شخصي لا يعرفه أحد.
- عندما نركّز على تطوّرنا الشخصي، تصبح مقارنة أنفسنا بالآخرين أقل حضوراً وتأثيراً.
تعزيز الحضور في الحياة الواقعية
- المقارنة تزداد حين تكون حياتنا اليومية فارغة أو غير مشبعة.
- استثمر وقتك في علاقات حقيقية، أنشطة تستمتع بها، تعلّم مهارات جديدة، أو ممارسة الرياضة. عندما تمتلئ حياتك بما يهمّك، تقلّ حاجتك إلى قياس نفسك بحياة الآخرين.
كيف نُعيد لسعادتنا توازنها في عصر السوشيال ميديا؟

إيمانويل عوض، أستاذة جامعية وخبيرة في علم النفس، تشرح لـ"سيدتي" كيف نعيد لسعادتنا توازنها في عصر السوشيال ميديا؟.
تُعدّ المقارنة واحداً من أكثر السلوكيات تأثيراً في نفسيتنا، خصوصاً في زمن امتلأت فيه منصّات التواصل الاجتماعي بمحتوى سريع ومتتابع يضعنا، بوعي أو من دون وعي، في مواجهة مستمرة مع حياة الآخرين. ولأنّ أثر هذه المقارنة قد يكون مرهِقاً ومُحبِطاً، فإنّ التعامل معها بوعي أصبح ضرورة للحفاظ على صحتنا النفسية ورضانا عن ذواتنا. وفيما يلي خطوات عملية تساعدنا على تخفيف هذا العبء واستعادة الشعور بالطمأنينة والاتزان:
1. الحد من الاستهلاك العشوائي لمحتوى السوشيال ميديا
تمثّل الخطوة الأولى في تقليل المقارنة تقنين استخدامنا لوسائل التواصل الاجتماعي. فكلما أمضينا وقتاً أطول في التصفّح العفوي، تعرّضنا بشكل أكبر لمحتوى يدفعنا إلى مقارنة أنفسنا بالآخرين: نمط حياتهم، إنجازاتهم، مظهرهم وحتى تفاصيل يومياتهم.
ومن أجل تجنّب هذا التأثير، من المفيد أن نكون واعين للوقت الذي نقضيه على التطبيقات، وأن نحدده مسبقاً. كما يمكننا اختيار نوعية المحتوى الذي نتابعه بعناية، على أن يكون محفزاً وملهماً بدلاً من أن يضغط علينا أو ينتقص من قيمتنا. بهذه الخطوة البسيطة نستعيد جزءاً كبيراً من السيطرة على أفكارنا ومشاعرنا.
2. تنظيف قائمة المتابعة مما يسبّب الضغط أو الشعور بالنقص
من المهم أيضاً أن نُعيد النظر في الحسابات التي نتابعها. فإذا كان هناك محتوى يثير في داخلنا شعوراً بالنقص أو يدفعنا إلى المقارنة المؤذية، فمن الأفضل إلغاء متابعته أو على الأقل كتمه.
لا أحد يلزمنا بمتابعة أشخاص لا ينسجمون مع قيمنا أو ظروف حياتنا الحالية. إنّ اتخاذ قرارات صغيرة كهذه هو شكل من أشكال العناية بالنفس، وله أثر كبير على راحتنا النفسية واستقرارنا الداخلي.
3. إدراك حقيقة المحتوى المنشور على السوشيال ميديا
من الضروري أن نتذكّر دائماً أنّ ما نراه على مواقع التواصل الاجتماعي ليس سوى الجزء المنتقى من حياة الآخرين. إنهم ينشرون أجمل لحظاتهم، وأنجح تجاربهم، وصورهم التي التُقطت بعناية، بينما تبقى الجوانب الصعبة والعادية خارج الكادر.
لذلك، فإنّ مقارنة حياتنا الواقعية الكاملة بهذه «اللقطات المثالية» تُعدّ مقارنة غير عادلة. ومع تكرار تذكير أنفسنا بهذه الحقيقة، نبدأ تدريجياً بالتخفيف من مشاعر النقص والإحباط التي تولدها المقارنة الدائمة.
4. التعامل مع الذات بلطف وتقبّل المسار الشخصي
أخيراً، علينا أن نكون أكثر رحمة بأنفسنا. فكل شخص يسير في رحلته الخاصة، بوتيرته وظروفه ومعطياته الفريدة. ومن غير المنطقي أن نقارن بداياتنا بوسط أو نهايات الآخرين.
عندما نتبنّى هذا الوعي، نصبح أكثر لطفاً وهدوءاً مع أنفسنا، وأكثر قدرة على تقدير جهودنا وتقبّل تطوّرنا الطبيعي. ومع هذا التقبّل، نغدو أيضاً أكثر احتراماً وتفهّماً للآخرين.
قد يهمك الاطلاع على كيف يستخدم الشباب العربي الذكاء الاصطناعي في حياتهم اليومية؟
إنّ التحرر من فخّ المقارنة ليس أمراً يحدث بين ليلة وضحاها، لكنه يبدأ بخطوات صغيرة واعية تمنحنا شيئاً فشيئاً حياةً أكثر توازناً وراحة. ومع الوقت، نصبح قادرين على النظر إلى أنفسنا بعين أكثر محبة، وإلى العالم من حولنا بقلب أكثر اتزاناً.





