الإجهاض أو مشروع الحياة الذي لم يكتمل

إنّ الإجهاض Abortion والإسقاط Miscarriage وموت الجنين في بطن أمّه Stillbirth، كلّها أسماء مختلفة لعوارض صحية تؤدّي في النهاية إلى نتيجة واحدة: فشل مشروع إنجاب الطفل وتوقّف حياة الجنين قبل أن يخرج للعالم ويرى النور. ويصف الأطباء هذه الحالات علمياً بـ "فقد الجنين وموته في فترة الحمل ما بين توقف الدورة الشهرية لدى المرأة وحتى الأسبوع الرابع والعشرين من الحمل". وهي حالات شائعة بين كل النساء، وهنالك حوالي 15 % من حالات الحمل في بريطانيا تنتهي بالإجهاض، إلا أنّ هذه النسبة تقلّ بعد الأسبوع الثاني عشر من الحمل حتى تصل إلى 1%، فيما ترتفع قبل الأسبوع السادس من الحمل حيث تعاني بعض النساء من الإجهاض حتى قبل أن يتأكّدن من الحمل ويعلنّ الخبر للآخرين.

 

وللحديث عن الإجهاض وأسبابه وسبل الحدّ منه، "سيدتي" تسأل "جمعية الإجهاض البريطانية" The Miscarriage Association التي تضيء على حالات الإجهاض، وكيفية تعامل المرأة التي تفقد جنينها مع العوارض الجسمانية والنفسية التي ترافق هذا الفقد...

 

 

 

 

* ما هي الإشارات الأولى للإجهاض؟

 

_ تتمثّل أبرز أعراض الإجهاض، في: ألم في البطن ونزف غزير (أكثر من الدورة الشهرية) أو ظهور بقع دم، علماً أن بعض النسوة يدرك بأنّه قد فقد الجنين بدون الحاجة إلى من يؤكّد له ذلك، خصوصاً بعد أن تختفي أعراض الحمل (الغثيان والكسل ونعومة جلد الثديين).

 

وفي المقابل، لا يشعر البعض الآخر بموت الجنين سوى متأخراً وبعد الخضوع للأشعة أو إجراء الفحوص الروتينية.

 

ويجدر بالحامل أن تتّصل بالطبيب أو تذهب إلى المستشفى فوراً، عندما تعاني من النزف. ويكون مفيداً، في هذا المجال، استعمال منشفة نظيفة أو كمية كبيرة من المناديل الورقية، والتخلّي عن السدادة Tampon.

 

* وهل يؤدي النزيف إلى الإجهاض دائماً؟

 

_ كلا. بعض النسوة يمكن أن يشاهد بقع دم خفيفة أو يعاني من نزف بدون أن يواجه مشكلة الإجهاض، لأن النزف قد ينتج عن عملية زراعة البويضة أو موعد الدورة الشهرية. وهنالك من يعانين من نزيف خفيف في أسابيع الحمل الأولى، ليسير كل شيء بشكل طبيعي بعد ذلك، ولكن هذا لا يعني إهمال النزيف لأن استشارة الطبيب أمر ضروري وحيوي لسلامة الأم والجنين. ولكن، إذا واجهت المرأة الإجهاض وفقدت جنينها، فإن هذا لا يعني أن الحمل التالي سيكون مصيره الإجهاض بالضرورة، وغالبيّة النساء تنجب بعد ذلك ويكون أطفالها أصحّاء ولا يشكون من أي عارض صحي، وإن كانت تشعر بالقلق والخوف ولا تسلّم بهذه الحقيقة وتجد صعوبة في الاسترخاء وعدم التفكير بالإجهاض مرّة أخرى!

 

* وما هي الأسباب المسؤولة عن الإجهاض؟

 

_ تحدث غالبية حالات الإجهاض لأسباب جينية ووراثية أو انحراف وشذوذ للكروموسومات لا يمكن منعه أو إيقافه، ولكن يمكن للمرأة أن تقلّل من احتمال حدوث الإجهاض من خلال الفحص الروتيني المنتظم والخضوع للأشعة Scan  تحت إشراف الطبيب والالتزام بالوصايا الصحية التالية:

 

 

 

  • تنبّهي للتحذيرات الأولية التي قد تشير إلى الإجهاض، واذهبي إلى المستشفى فوراً عندما تلاحظين وجود بقع دم أو نزيف أو مغص في البطن أو آلام شديدة في الظهر.

  • توقّفي عن التدخين عندما تخطّطين لإنجاب طفل، إذ تؤكّد الدراسات العلمية على خطورة التدخين على حياة الجنين أو صحته.

  • حافظي على لياقتك البدنية ومارسي الرياضة الخفيفة والمشي واليوغا والاسترخاء، وابتعدي قدر المستطاع عن الشد العصبي والضغوط النفسية والإجهاد الفكري وحالة الصعود والهبوط بالمزاج المقترنة عادة بالحمل. ابقي هادئة ومسترخية لأن حالتك النفسية تنتقل إلى الجنين وتؤثّر عليه،  وتجنبي المواقف المجهدة والحالات الصعبة، وابقي سعيدة ومتفائلة وهادئة.

  • إذا كنت معتادة على تناول بعض العقاقير والأدوية قبل حدوث الحمل، حاولي أن تستشيري الطبيب قبل الاستمرار بتناولها بعد حدوث الحمل لأنها قد تكون مؤذية للطفل. وربما يطلب منك الطبيب الابتعاد عنها، أو ينصحك بتناول أدوية بديلة أقل ضرراً.

  • ابدئي بتناول حمض الفوليك حالما تفكّرين بإنجاب طفل، لأنه مفيد لك وللجنين، ويقلّل أيضاً من احتمال حدوث الإجهاض.

  • تناولي طعاماً صحياً يحوي المعادن الأساسية والفيتامينات والعناصر الغذائية الضرورية التي تؤمّن لك وللجنين حملاً صحياً آمناً.

  • إذا كنت تعانين من أمراض مزمنة كالسكري، اخبري الطبيب بالأمر كي يساعدك في السيطرة على المرض، وتذكّري أن هذا الأمر أساسي في تقليل مخاطر التعرّض للإجهاض.

  • ·       تناولي 10 غرامات من حمض الاسكوربيك Ascorbic Acid يومياً ولمدّة لا تقلّ عن أسبوع خلال فترة الحمل، لأنه يقلّل من مخاطر الإجهاض. ويمكن أيضاً اعتماد وصفة بيتية، هي عبارة عن ملعقة صغيرة من العسل المخلوط بملعقة صغيرة من مسحوق "اميلا بيري" Amla Berry/Fruit Powder، ولكن يجدر بك استشارة الطبيب أولاً.

 

 

 

* هل يمكن تشخيص الإجهاض منذ الوهلة الأولى؟

 

_ لسوء الحظ، لا يحدث هذا الأمر دائماً، وأحياناً لا يخبرك الطبيب في ما إذا كنت ما تزالين حاملاً أو أنك قد فقدت الجنين، ويعود الأمر لأسباب عدّة، منها: عدم قدرة الأشعة على تشخيص الحمل أو الاستماع لدقّات قلب الجنين لأن الحمل ما يزال في بداياته، وربما ينصحونك بالعودة إلى البيت، ثم الرجوع مرّة أخرى إلى المستشفى بعد يوم أو يومين كي يعيدوا فحص الدم ومراقبة الزيادة في هرمونات الحمل أو إعادة الأشعة. ولكن، قبل أن تغادري المستشفى، يجدر بك أن تعرفي تماماً متى عليك أن تعودي، وتسألي أيضاً إن كان عليك أن تراعي بعض الأمور، كتجنّب حمل الأشياء الثقيلة أو إمكانية ممارسة العلاقة الزوجية أو الذهاب إلى العمل أو ممارسة الرياضة. واسألي أيضاً إن كان عليك أن تعودي بوقت أبكر إذا ما ازداد النزيف، أو اشتدّ الألم. وعموماً، فإن الرجوع إلى البيت بدون معرفة في ما إذا كان حملك سيستمر أو لا، يمكن أن يكون وقتاً صعباً، وستشعرين بالقلق الشديد والإجهاد النفسي وستحتاجين إلى مساعدة من الزوج أو من صديقة أو من أحد أفراد العائلة.

 

* وما الذي يحدث في حال التأكّد من حدوث الإجهاض؟

 

_ إذا ذهبت إلى المستشفى، فإنك سوف تخضعين للفحص الذي تجريه لك ممرضة متخصّصة، وهي التي سوف تقرّر في ما إذا كانت حالتك مستعجلة. وقد تدخلين إلى ردهة الولادة إذا كان عمر الحمل 16 أسبوعاً، بعد أن يأخذوا عيّنة من البول ويفحصوا ضغط الدم ودرجة الحرارة، ولكن الأطباء يعتمدون بشكل كبير على الطبيعة، وينتظرون أن تأخذ دورتها بدون تدخّل، وهذه طريقة ناجحة مع حوالي 50% من النساء، حيث ترجع المرأة إلى البيت وتنتظر سقوط الجنين بعد أن تشرح لها الممرضة ما سوف يحدث. وقد تنصحها بتناول مسكنات الألم. وتفضّل كثيرات هذه الطريقة التي تبعد عنهن الجراحة والتخدير. ولكن، إذا ازداد النزف، وازداد الألم بشكل لا يمكن تحمّله، فإن المستشفى تكون أمام خيارين هما:

 

_ العلاج الدوائي: حبوب أو تحاميل داخلية تساعد عنق الرحم على الانفتاح جزئياً من أجل مرور الجنين، وعادةً ما تكون المرأة بحالة جيدة تسمح لها بعد الإجهاض بالعودة إلى البيت بعد ساعات عدّة، على أن تعود إلى المستشفى مرّة أخرى لو استمرّ النزف أو الألم الشديد الذي يصعب تحمّله حتى مع تناول المسكنات، علماً أن هذا العلاج يكون مفيداً عادةً لحوالي 85% من النساء.

 

_ الجراحة: إذا لم ينجح العلاج الدوائي، أو كان النزف قوياً أو إذا حدثت مضاعفات أو التهابات، فإن الطبيب قد يلجأ إلى العلاج الجراحي الذي يثبت نجاحه لدى حوالي 95% من النساء. ويهدف إلى تنظيف الرحم عبر عملية جراحية صغيرة تدعى

 

(ERPC) Evacuation of retained products of conception

 

تجرى عادةً تحت التخدير، وهي شبيهه ب "عملية الكورتيج". وفي بعض الأحيان، تأخذ المرأة حبوباً أو تحاميل لتسهيل العملية التي تعتمد على فتح عنق الرحم عبر جهاز يعمل على شفط الجنين وسحبه إلى الخارج. وعلى غرار الجراحات الأخرى، فإن لهذه العملية بعض المخاطر كاحتمال تمزّق جدار الرحم وحاجته إلى إصلاح، ولو أنها نادرة، ولكن احتمال حدوثها يبقى قائماً.

 

 

 

 

 

كادر

 

 

 

موت الجنين Stillbirth

 

 تشير الإحصائيات إلى موت حوالي 4 آلاف جنين في بطون أمّهاتها كلّ عام في بريطانيا وحدها، وعادة ما يحدث هذا الأمر في مرحلة متأخّرة من الحمل تتعدّى الأسبوع الرابع والعشرين. وعموماً، إن اكتشاف الأم لموت جنينها يعتمد على نوع الحالة ومدى تنبّهها وحرصها على متابعة الجنين وإجراء الفحوص الروتينية التي قد تكتشف توقّف ضربات القلب أو الخضوع للأشعة التي تؤكد موته. وتشعر كثيرات غالباً بوجود مشكلة ما، وأنّ ثمة أمراً غير طبيعي يحدث لهن ويسارعن بالذهاب إلى المستشفى، فيما تكتشف أخريات هذا الأمر متأخراً وفي صالة الولادة...ومهما كانت الطريقة التي يُكتشف فيها موت الجنين، فإن التجربة تبقى  مؤلمة ومفجعة أحياناً. فقد ترفض المرأة التصديق في بادئ الأمر، وتطلب استشارة طبيب ثانٍ وربما ثالث، ولكنها تستسلم في النهاية وتكون بحاجة شديدة لوجود شخص قربها كأن يكون الزوج أو الأم خاصّة. ويجدر بها أن تقرّر طريقة الولادة، وما إذا كانت تفضّل طريقة التحفيز الطبيعية أو العملية القيصرية، وما إذا كانت تريد رؤية الطفل الميت بعد أن يولد أم لا، وما إذا كانت تريد أن تراه مباشرةً أو بعد أن يلفّ بشرشف...وهذه الأمور المذكورة آنفاً هامّة للغاية، لأنها ستطبع في ذاكرة المرأة، وقد تسبّب لها مشكلات نفسية إذا لم تحسن التعامل مع الأمر بحكمة وتروٍّ.