mena-gmtdmp

عمري 17 سنة ويائسة من المستقبل في بلدي!

مرحباً خالتي حنان.. عمري 17 عاماً، وأنا طالبة في آخر مرحلة دراسية للدراسة الثانوية، هذه المرحلة تحدد مستقبلي وأي كلية سأرتادها، مع العلم أنني طالبة مجتهدة جداً، أدرس كثيراً وأتعب، وأنا الأولى على صفي في كل سنة، وأنا أريد أن أصبح مهندسة، هذا حلمي منذ أن كنت صغيرة، إلا أن رأسي بدأ يمتلئ بالأفكار السلبية والتشاؤم من المستقبل، فأوضاع بلدي تسوء يوماً بعد يوم، والبلد ممتلئ بالخريجين الشباب العاطلين عن العمل، وحتى من أصحاب الشهادات العليا، ونحن نسمع يومياً عن حوادث القتل والاغتيال، أمي تتمنى كثيراً أن ترسلني مع إخوتي للدراسة والعيش في الخارج وتأمين مستقبل أفضل، إلا أن وضعنا المادي صعب، ولا نملك المال، لذلك عندما أجلس ساعات طويلة للمذاكرة والتحضير للواجب أو الامتحان وأضغط على نفسي، أتوقف عن المذاكرة، وأقول في نفسي: «لأجل ماذا أتعب كل هذا التعب؟، وحتى إن صرت مهندسة ماذا بعدها؟ سأجلس في البيت كعاطلة عن العمل أو ربما سأموت». أنا قبل ثلاث سنوات لم أكن أفكر بتلك الطريقة، كنت متفائلة، وأقول إن الأوضاع ستتحسن وسيتغير وضع البلد، وسنكون أفضل حالاً، وسوف أكون مهندسة؛ لكي أعيد بناء بلدي. ولكن بعد مرور السنوات لم أرَ أي بصيص أمل، فاليوم نحن نعيش في حالة خوف وترقب من ازدياد العنف وانتشار الحرب في بلدي، ناهيك عن الأوضاع السيئة التي نعيشها كل يوم، فالأوضاع تزداد سوءاً، وحياتنا مهددة وبسبب فقداني أشخاصاً أعزاء كثيرين، أصبحت أصاب بنوبات ذعر وحزن، عندما أعلم بموت أحدهم حتى وإن لم أكن أعرفه، أشعر أنني ممكن أن أموت أو أخسر شخصاً آخر من عائلتي في أي لحظة. المستقبل في نظري أصبح عبارة عن غيمة سوداء، ونظرتي إليه نظرة سوداوية ومظلمة.
يا خالتي حنان، قرأت كثيراً في «سيدتي» عن قصص الفتيات ومشاكلهن، وكيف ساعدتهن وقمت بإرشادهن، وصدقاً هذا ما دفعني لكي أطلب منك المساعدة والنصح، فاليوم أشعر أنني ضائعة وأنا خائفة، من أن السلبية ستسيطر عليّ وتتسبب في هبوط درجاتي ومعدلي، وسيؤثر هذا الشيء سلباً عليّ وعلى والديّ، فأنا وإخوتي أملهما الوحيد المتبقي.
أنا متأكدة من أن نصيحتكِ ستفيدني، ولكِ مني جزيل الشكر.
(رمروم)

النصائح والحلول من خالة حنان:
1- يا حبيبتي يا رمروم.. والله قرأت رسالتك عدة مرات، وآسفة أنني اضطررت لاختصارها لضيق المساحة، فهي تصف حالتك وأوضاع بلدك بمنتهى الصراحة والصدق، لكن العالم لم يعد يصغي إلا للعنف والدمار للأسف!
2- سأقول لك بصدق وصراحة أيضاً إن كل ما ذكرته صحيح، لكني أضيف بأن حياتنا هي مختبر صعب؛ لا بد أن نعيشه ونتعلم منه، ولا بد أيضاً أن نتحلى بالتفاؤل والأمل؛ لأنه من دون هذه العتاد لا يمكن أن تستمر الحياة.
3- صدقي أنني لا أقول لك كلاماً إنشائياً، بل إنني دائماً ما أختار الحلول العملية، لكن ثقافتك تشجعني أن ألفت نظرك إلى تاريخ العالم الحافل بالعنف والحروب، والذي نقرأ من خلاله قصص بطولات مدهشة لأناس صبروا وكافحوا.. أناس بسطاء مثلك، ليسوا محاربين أو عسكريين، بل أسوياء ومثقفون ساهموا في بناء المجتمع المدني في بلادهم أثناء وبعد كل محطة عنف وصراع وحرب.
4- أنت يا حبيبتي رمروم من هذه الفئة، ولهذا نصيحتي الأهم هي أن تنظري لما يحدث بنظرية النسبية، فهي التي تجعلك تجدين أنه أمام كل بؤر العنف والقتل والاختطاف وغيرها، تمتد مساحة الحياة اليومية والناس المسالمين، الذي ينقلون للعالم الوجه الآخر من الحياة، ويضخون الأمل والتفاؤل؛ لأنهم هم البناة الحقيقيون للتطور وتكريس الأمان في المستقبل.
5- طبعاً لا بد أن تحزني، وطبعاً لا بد من التفكير في حلول معقولة، لكن ثقي في أنه إذا لم تتح لك فرصة مغادرة بلدك، فلابد أن تكون هناك حلول أخرى. وقد تكون الحلول المؤقتة بعمل آخر تقومين به غير اختصاصك، وقد تكون بأعمال إنسانية تخففي من خلالها عن أناس يعيشون حالة أقسى من حالتك. لكن الأهم من كل هذا الآن هو المحطة التي أنت فيها؛ أي دراستك ونجاحك وتخرجك.
6- أرجوك أن تركزي على هذه المحطة، وفي الوقت نفسه أن تقرئي قصص الناس العاديين حول العالم أثناء المحن والقتال أو الكوارث أو غيرها من الملمات، وسوف تكتشفين الكثير من البطولات الصغيرة الجميلة التي تزيدك قوة، وصدقيني أنني أشعر الآن أنني أخاطب بطلة؛ لأن معاناتك كبيرة، لكن إصرارك أكبر، ومن هنا ينطلق طريق البطولة.
7- تذكري أيضاً أن الابتسامة والروح المرحة تفعل الأعاجيب في أسوأ حالات البؤس والخوف والقلق، فافتحي قلبك للإيمان والأمل، وأحبي أهلك وبيتك وغرفتك ومحاضراتك واختصاصك والناس الذين يحبونك. اجعليهم رمزاً للوطن فيكبر حلمك، وبه تتجاوزين كل العقبات بإذن الله. اهمسي لنفسك كل يوم هذه العبارة.. "نعم نستطيع أن نجعل من الغد يوماً أفضل؛ بسعينا وبعون الله تعالى". أتمنى لك كل التوفيق وراحة البال، ولبلدك الأمان والسؤدد.

وللبنات اللاتي يبحثن عن رأي صادق وحلول لمشاكلهن "خالة حنان" عادت لتدعم كل الفتيات وتقدم لهن الحلول، راسلوها عبر إيميلها الخاص [email protected]