تعرّفي إلى الإسعافات النفسية للتعامل مع الطفل

في جلسة صفاء جمعت العديد من الأمهات، تم تجاذب أطراف الحديث عن مشاكل الأبناء وما يمرون به يومياً من أحداث ومواقف يصعب على الأمهات التعامل معها في بعض الأوقات، لتنطلق أمنية من إحدى الأمهات بتنهيدة عميقة قائلة: نحتاج إسعافات نفسية لأطفالنا، خاص للجيل الحالي، كلمة نطقت بها إحدى الأمهات، ولكن إن عرفت إجابتها ستكون الحل اليسير لها لنجدتها في تعاملها مع الأبناء.


في هذا الشأن تجيب أخصائية علم النفس سوسن عطية كاشفة عن أمنية الأم، قائلة: نعم، هناك إسعافات أولية لنفسية الأطفال، فكما هو الجسد بحاجة للإسعافات في حالة إصابته، كذلك نفسية الإنسان.
وحول مفهوم الإسعافات النفسية لأبنائنا تقول: ببساطة كل أم أسألها: ماذا ستكون ردة فعلك عند إصابة طفلك بجرح أثناء لعبه؟ بالتأكيد ستهلعين مسرعة إلى حقيبة الإسعافات الأولية التي لديك في منزلك لتحاولي تطهير الجرح وتضميده خوفاً من تلوثه وما قد ينتج عنه إن أهملت العناية به، وتخفيف الألم عن الطفل، هكذا هي الإسعافات النفسية، فهي العناية الفورية التي تقدمها كل أم إلى طفلها الذي يعاني من أزمة نفسية بمختلف درجاتها، وهي جزء لا يتجزأ من بناء شخصية الطفل، كما تساهم في تقوية العلاقة والثقة بين الأبناء والآباء، لذا من الهام العناية بأزمات الطفل النفسية والتعامل معها وإسعافها من خلال إرشادات بسيطة وعملية لدعم الأطفال نفسياً وإسعاف ما يمرون به ويؤثر على صحتهم النفسية بطرق تناسب أعمارهم من خلال توفير دعم نفسي أساسي من حيث المضمون والتنفيذ.


كيف يتم الإسعاف النفسي للطفل؟
بشأن كيفية توفير الإسعاف الأولي لنفسية الطفل في الفترة التي تعقب أحد الأحداث التي مر بها وأثرت عليه بشكل ملحوظ نفسياً، يجب على الأمهات معرفة هوية الإسعافات النفسية الأولية وكيفية الاستفادة منها لتقديم الدعم الاجتماعي والنفسي على حد سواء وتوفير المساعدة الداعمة والعملية لأبنائهن في الأزمات، وذلك من خلال معرفة التالي:


الإصغاء: لا يتمكن الطفل من إيصال كل ما يشعر به، وعادة ما يميل الأطفال إلى الكتمان والانطواء، هنا يأتي دور الأم لإخراج ما يخفيه الطفل دون الضغط عليه وحثه على البوح، وإعطائه الفرصة للإفصاح عن شعوره بالألم والحزن والغضب دون أن يشعر بالخجل أو الانهزامية لإظهار مشاعره.
الدعم الأسري: توفير الدعم الأسري وإحساس الطفل بالأمان وبأن لديه أشخاصاً يثق بهم ويوفرون له الدعم والحماية ينقل الطفل من مرحلة الخوف والقلق إلى القوة النفسية، فشعور الطفل بأنه بحاجة لمساند يقف بجانبه ويساعده على تخطي ما يمر به خطوة انتقالية هامة للخروج من الأزمة النفسية.
الترفيه عن الطفل: بعد الإنصات وفهم ما يمر به الطفل وإخراج ما بداخله ومساعدة الأسرة له باحتوائه، يأتي دور إخراج الطفل وكسر ما يمر به من أعراض الأزمة من خلال الترفيه عنه واللعب، فكلاهما يساعد الطفل على خفض نسبة التوتر والقلق بجانب التكيف الاجتماعي مع الآخرين، كما أن إشغال الطفل بألعاب محببة له وأنشطة ترفيهية يساعده على اجتياز ما يمر به ويخرجه من أجواء الإحباط.
إشعار الطفل بالمحبة: يحتاج طفلك الآن إلى الإسعاف بالحب وإظهاره له بشكل أعمق، فالطفل كلما شعر بالحب من والديه يختاله إحساس بالسعادة والراحة من شأنه أن يقلل من حدة الأزمات النفسية ويسرع من التخلص منها، لذا عبري له عن حبك بالكلمات والاحتضان والقبل كاشفة عن أهميته لك وما يعنيه في حياتك ليشعر بقيمة نفسه وحياته.
سرد قصص التجارب: قد يتعرض الطفل لأزمة نفسية بسبب انفصال الوالدين أو مشكلة دراسية أو موقف خارجي، وإذا عرفت الأمر الذي يواجهه، فإن أسرع الإسعافات الهامة هي تعميق الجانب الوجداني له وتحفيزه بسرد قصص ومواقف مشابهة وكيفية تمكن أصحابها من تجاوز تلك الأزمات وزرع القوة النفسية والثبات داخل معنويات الطفل.
التقرب من الأصدقاء: كثيراً ما يميل الأطفال للانعزال عند الأزمات، على الأم هنا التواصل مع أصدقاء الطفل وإدخاله بين جماعة رفاق وأصدقاء يرتبط بهم ويمارس معهم أنشطة يومية تخرجه من حالة العزلة التي يضع نفسه بها لعدم تركه للعزلة واستيلاء الهموم عليه.
كسر الملل: الملل يزيد من حدة الأزمات النفسية، لذا اجعلي الطفل يقوم بتنفيذ أعمال بسيطة يشاركك بها، مما يشعره بأنه له رأي وشخصية، فتكليف الطفل بأعمال ومهام صغيرة يقوي ثقته بنفسه وإحساسه بأهميته ويشغله عن ما يمر به.
وفي النهاية، نصيحة للآباء والامهات: ليس عليكم أن تكونوا أطباء وأخصائيين نفسيين لتسعفوا أبناءكم نفسياً، كل ما يتطلبه الأمر عدم الاستهانة بمشاعر الطفل وما يمر به والتجاوب السريع معه في حالة مروره بالأزمات لإسعافها سريعاً قبل أن تتفاقم وتتطلب حينها تدخل علاجي نفسي.