تراث سعودي واستعدادات حجازية للعيد

2 صور

احتضن الصالون الثقافي النسائي بنادي جدة الأدبي عبق الماضي المجيد، حين نثرته سميرة حسن فتيحي ومها أحمد فتيحي، وفاح عبقه في قلوب المحبين لهذا التراث الحجازي الرائع، الذي تكاثر في مدينة جدة، أم الرخاء والشدة، وكان ذلك بحضور «سيدتي» كراعٍ إعلامي للصالون.

وغاصت سميرة فتيحي بالحاضرين في ذاكرة مدينة جدة؛ تستعرض ملامح الماضي المجيد، رغم المسافات في شهر الخير والإحسان.
ولكون شهر الخير له نفحة خاصة، واستعداد مختلف، استعرضت سميرة فتيحي عادات أهل جدة برمضان، وكيفية الاستعداد لقدومه، حيث كانوا «يقشعون البيت كله ويتركونه على الخصيف»؛ أي يُخرجون فراش المنزل وستائره، ولا يتركون إلا الحصيرة، دلالة على إجماع بالتقشف الكامل حتى 25 رمضان، وبعدها يعيدون تلك الأشياء مرة أخرى؛ استعداداً للعيد».

الثلاثي العجيب
تفتح سيدة البيت عينيها، وأول ما تفعله تتأكد من اختمار العجين، ثم تعجن السمبوسك، ويعتبر الثلاثي العجيب: «الشوربة والسمبوسك والفول» قوام المائدة الرئيسية في شهر رمضان المبارك، ولا يزال الفول يمثل الأكلة الشعبية الأولى في وجبة الإفطار، وأجود أصنافه ما كانت حبته صغيرة.

ثبوت الرؤية
في الليلة الأخيرة من رمضان، وبعد ثبوت الرؤية وإطلاق المدفع إيذاناً بدخول عيد الفطر المبارك، يردد الأطفال أغاني مؤثرة في توديع الشهر الكريم، وسؤال الله أن يعيده عليهم، ويبدأ الأولاد يلفون في الأزقة مرددين: «لولا الليلة سعيدة ما جينا... ولا انحطت كوافينا... حلو الكيس وأعطونا»، فيرمون لهم من الشباك فلوساً أو مكسرات، فيشكرون ربة البيت التي أعطتهم مرددين: «قارورة يا قارورة... ست البيت غندورة...»، ومن لا تعطيهم يقولون: «كبريتة يا كبريتة... ست البيت عفريتة...».

كعك العيد
ولم تنسَ السيدة سميرة المعمول (الكعك) بالتمر واللوز والسكر، الذي يعتبر من الأكلات التي يحرص على تناولها أهل جدة ومكة والمدينة في وجبة الإفطار في أول أيام عيد الفطر المبارك.
ولأهمية التراث الحجازي، فإنه حصد مكانة رفيعة عند السيدة مها أحمد فتيحي، بالرغم من أن ما عاصرته قليل جداً بالنسبة لعمتها السيدة سميرة فتيحي؛ أي بعض الأشياء التي شكّلت روحاً جمالية في ذلك الوقت، وعلى منتصف السبعينيات بدأت تختفي الكثير من هذه الجماليات، وهناك أسباب عدة لفقدانها.

تسويق
وبما أن التسويق مهم في المبيعات، ذكرت السيدة مها أهميته عند هؤلاء البائعين في شهر رمضان، وكيف سوّقوا لمنتجاتهم مثل بائع «البرشومي»، وبائع «البليلة»، وبائع «الدندرمة»، وبائع التفاح، وبائع البلح، وكأنهم يسوقون بإعلانات عصرية لكنها أهازيج.

أهمية التواصل
وبيّنت السيدة مها أهمية التواصل؛ لما له من «أهمية قصوى في المجتمعات، مرددة أنه لا يُبنى التعارف والتواصل والتفاهم والمشاركة إلا بمجتمع خيّر كريم، ولا يقوم بها إلا كريم؛ لأن الله تعالى قال: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وشحّ النفس يعني عدم التواصل، ولا يدرك قيمة الوقت إلا مشغول، والناس كانوا مشغولين بعادات رمضان والتجهيز للعيد، والإعداد للطعام، ومن ثم الذهاب للمسجد، وإشاعة البهجة بين الناس، وإدخال السرور على القلوب من النفوس الطيبة».

بين الحقوق والواجبات
وختمت السيدة مها بالإشارة إلى قيم مجتمعية إسلامية كانت رائعة، قائلة: «من كل ما استعرضناه نرى كيف كنّا وكيف صرنا وكيف نكون واعين لكل جميل موجود بمجتمعنا ويجب المحافظة عليه، وكيف طغت علينا ثقافة الحقوق، مع العلم أننا كمسلمين لدينا ثقافة الواجبات، ويجب أن تكون عالية، أكثر من ثقافة الحقوق الموجودة عند الغرب، وما كنا عليه أيام زمان على مبدأ «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»؛ لأن ثقافة الواجبات هي محفوظة للغاية الأخيرة، والغاية الأخيرة هي يوم العرض على الله سبحانه وتعالى، والله يسأل عمّن أعطى وماذا فعل؟ لكن اليوم اختلفت الموازين، وأصبحت ثقافتنا مبنية على الحقوق مع جيلنا الجديد، حتى أهلهم، وهذا ما يؤلم عندما يقف أحدهم ويقول: (هذا حقي، ومن حقي أفعل وأفعل) حتى بدأنا نضيّع الكثير من الأشياء الجميلة في مجتمعنا، وإذا عدنا لثقافة الواجبات فسنعود لمجتمع إسلامي صحيح؛ له ما له وعليه ما عليه».
 

تعرفي على المزيد من الفعاليات في عيد الفطر