«علياء المنشاري» تطير وتقهر الرجال

5 صور

عندما أخبرت «علياء المنشاري» والديها عن قرارها بدراسة الطيران، كانت دهشتهما عارمة، ولن تنسى كيف حملقا فيها باستغراب وذهول؛ فلم يسبق لتونسية أن درست الطيران، لكنها أصرت على المتابعة، ولم تكتفِ بالدراسة، بل تفوقت على كل دفعتها من الرجال.

حالة فريدة
كانت «علياء المنشاري» أول تونسية تدخل مدرسة الطيران في «تونس»، ولم تكن المدرسة تضم وقتها إلا الذكور، ولم يسبق لفتاة أن تقدمت لدراسة هذا الاختصاص، الذي كان حكراً على الرجال. ولأنها حالة فريدة فقد وصل أمرها لمجلس الوزراء، الذي أصدر موافقته بتوصية من وزير التربية بقبولها. وفي العام 1981 تخرجت، وكان ترتيبها الأول على مجموعتها التي كانت كلها من الرجال.

حلم تحقق
تتذكر «علياء المنشاري» يوم نجحت في امتحان الباكلوريا «الثانويّة العامّة» وأعلنت لوالديها قرارها بالتخصص في مجال الطيران، ولن تنسى كيف نظرا إليها. وتبتسم ببهجة وهي تقول: «إنه حلم تحقّق، فمنذ طفولتي كنت أراقب بانبهار الطيور وهي تحلّق في السماء، وأستمتع برؤيتها ترفرف بأجنحتها عالياً في الأفق البعيد. وقد قررت في فترة مراهقتي أن أتعلم قيادة الطائرات».

قائدة الطائرة
عملت «علياء» طيلة تسعة أعوام مساعدة قائد طائرة، ثم قائدة لطائرة بوينغ 727، لتقود بعدها طائرة «إيرباص» من آخر طراز، وتكون المسؤولة الأولى عن طائرة الإيرباص الضخمة وبقية الطاقم من الرجال والنساء، فالكل تحت إشرافها، وهي صاحبة الكلمة الأخيرة، لتصبح بذلك أول امرأة عربية وأفريقية تعمل قائدة طائرة. وقد اعترضتها في بداية عملها صعوبات كثيرة، ولم يتقبل بعض زملائها من الرجال في بداية الأمر أن تقتحم امرأة مجالاً مهنياً كانوا يرون أنه حكر على الذكور. ولكن تغير تفكير المجتمع الآن، وأصبح من المألوف رؤية النساء تقدن الطائرات في «تونس»، حتى أنه قد يكون طاقم الطائرة كله من النساء.

مثل أعلى
أصبحت «علياء المنشاري» موضع تقدير الجميع، ومثلاً يُحتذى، ويتم الاستشهاد بها كمثال على نجاح المرأة التونسية والعربية المسلمة، والتي تجمع بين الأصالة والحداثة. وهي رمز المرأة القوية الشخصية والمتواضعة، والمحبة لعمل الخير، والناشطة في العمل التطوعي. ومازالت مثال الأم الناجحة؛ فقد علّمت أبناءها منذ صغرهم الاعتماد على أنفسهم وتحمل المسؤولية، وهو ما كان له الأثر الإيجابي في دراستهم وحياتهم، رغم أن حياتها الزوجية لم تكن مستقرة، فقد كانت متزوجة من طيار زميل لها ثم تطلقا.

هوايات
أغرمت «علياء المنشاري» بتربية الخيول، وكانت تجد سعادة كبيرة في العناية والاهتمام بها، ولا تنسى عندما سقطت مهرة وكسر حوضها، فلم تستطع «علياء» مفارقتها، وبقيت إلى جوارها ثلاثة أيام تلاطفها وتمسح على عنقها، ورغم أن الطبيب البيطري أخبرها بأن المهرة لن تكون قادرة على الوقوف ثانيّة، ولكن شعورها بالعطف والعناية منحها القوة فوقفت من جديد وتعافت.