في عالمٍ، تنبضُ فيه المدنُ بالحكايات، تقفُ فاطمة المطر مثل صوتٍ، يعيدُ صياغةَ علاقةِ الإنسانِ بالمكان. هي تجدُ بين أزقَّةِ المدنِ القديمة، وسكونِ الصحاري البعيدةِ شغفَها الأصيلَ في اكتشافِ الجمالِ الكامنِ خلفَ كل وجهةٍ، لا بوصفها مسافرةً عابرةً، بل كروحٍ، تبحثُ عن معنى الانتماءِ في كلِّ مدينةٍ تزورها.
في هذا العالمِ الجميلِ، تحملنا على جناحِ أحلامها، وتُحلِّقُ بعيداً إلى أماكنَ، لم يدخلها أحدٌ. لقد استطاعت المطر بحقٍّ، منذ انطلاقتها عبر مدوِّنتها الشهيرةِ Hello965، أن تبني جسراً من الإلهامِ بين القارئ والرحلة، فأصبحت إحدى أبرزِ المستشاراتِ بمجالِ السفرِ والسياحةِ في المنطقة. خبرتُها، لم تُولد من كتيباتِ الإرشاد، ولا من المساراتِ التقليديَّة، بل من تجربةٍ حيَّةٍ، صاغتَها أعوامٌ من الترحالِ، والمغامرةِ، والبحثِ عن التفاصيلِ التي تصنعُ الفارق.
لديها إيمانٌ بأن كلَّ مدينةٍ، تحملُ طاقةً خاصَّةً، وأن اكتشافها، ليس مجرَّد تنقُّلٍ بين الجغرافيا، إنه فنٌّ من فنونِ الحياة، يفتحُ الأبوابَ أمامَ الذات، لتتعرَّفَ على ملامحها في كلِّ مكانٍ جديدٍ.. في هذا اللقاءِ الخاصِّ، نرافقُ فاطمة المطر في فصلٍ جديدٍ من رحلاتها، إذ جمعنا هذا التصويرُ في موقعٍ استثنائي بين الرمالِ والجبالِ بمنتجعِ Desert Rock في وجهةِ البحرِ الأحمر بالمملكةِ العربيَّةِ السعوديَّة، هناك حيث الأرضُ تتوشَّحُ بكلِّ ألوانِ الطبيعة، ويمتزجُ سحرُ المكانِ بصفاءِ الحلمِ، وروحِ الاكتشاف.
حوار| لمى الشثري Lama AlShethry
إخراج إبداعي وإدارة أزياء | جيف عون Jeff Aoun
تصوير | إسراء سام Esraa Sam
منسق أزياء أول | كوان أنطوني Qwan Anthony
منسقة الأزياء | نينورتا مالكي Ninorta Malke
مكياج وشعر | إيفا Iva، لدى Jeel Management
مساعدا كاميرا | كريم ربيعة Karim Rabea، ومحمد رمضان Mohammed Ramadan
إنتاج | كوثر الريماوي Kawther Alrimawi

بداية الرحلة والتأثير
حدِّثينا عن نفسكِ، وكيف جذبكِ عالمُ السفر؟
اسمي فاطمة المطر، وبدأتُ التدوينَ قبل 16 عاماً. في ذلك الوقتِ، كان التدوينُ مجرَّد ظاهرةٍ جديدةٍ، ومن بين جميعِ المقالاتِ التي كتبتها، اكتشفتُ أن السفرَ، كان الأكثر جذباً للقرَّاء. واصلتُ التدوين حتى ذهبتُ لإتمامِ دراسةِ الماجستير بإدارةِ الأعمالِ في مدريد حيث تعرَّفتُ، وما زلتُ، على كثيرٍ من الأشخاصِ من مختلفِ أنحاءِ العالم، ودخلتُ معهم في صداقاتٍ جميلةٍ، وهذا أشعلَ فضولي للاستمرارِ في السفرِ من أجل فهمِ الناس، والاطِّلاعِ على ثقافاتهم.
خلال دراستي الماجستير، حصلتُ أيضاً على فرصةٍ للتفكيرِ الاستراتيجي، ووضعِ خططٍ حول إمكانيَّةِ تحويلِ هذا الاهتمامِ والشغفِ إلى ما أصبح عليه حالياً.
بدأتِ Hello965 بوصفكِ مدوِّنةً شخصيَّةً، واليوم أصبحتِ مصدرَ إلهامٍ، وأداةَ توجيهٍ لآلافٍ من القرَّاءِ والمتابعين، ما أثرُ هذا المشروعِ في حياتكِ، وفي المستفيدين منه؟
بدأتُ بوصفي مدوَّنةٍ شخصيَّةٍ لمشاركةِ الناسِ رحلاتي وتجاربي في السفر، لكنَّ الأمرَ تطوَّرَ تدريجياً، وأصبح اليوم مصدرَ إلهامٍ، وأداةَ توجيهٍ لآلافِ المتابعين والقرَّاء. يمكنني القولُ إن هذا المشروع، أثَّرَ بشكلٍ كبيرٍ في حياتي. لقد منحني الفرصةَ للتعبيرِ عن شغفي، ومشاركةِ الناسِ خبراتي بطريقةٍ، تجعلُ السفرَ تجربةً أكثر وعياً وعمقاً، كما ساعدني في تطويرِ مهاراتي في التواصلِ، وبناءِ مجتمعٍ، يشارك الاهتماماتِ نفسها. أمَّا على صعيدِ المستفيدين منه، فقد أصبحوا يجدون فيه مرجعاً موثوقاً، يُساعدهم في اتِّخاذِ قراراتِ السفرِ بثقةٍ، واكتشافِ وجهاتٍ جديدةٍ، والتعرُّفِ على ثقافاتٍ مختلفةٍ بطريقةٍ ممتعةٍ وواقعيَّةٍ، ما يُوسِّع آفاقَهم، ويُحفِّزهم على خوضِ تجاربَ جديدةٍ بأنفسهم.
تابعي معنا تفاصيل لقاء الفنانة نجلاء السليم
أدهشني منتجع Desert Rock بفخامته المهيبة وجماله الآسر حيث تتناغم روعة الطبيعة مع روعة التصميم في لوحة من الرفاهية والتميّز

أقراط من أند أوذر ستوريز & Other Stories
إلهام الناس مهمّتي
ما مهمَّتُكِ ورؤيتُكِ في منصَّةِ Hello965؟ وكيف اخترتِ الاسم؟
مهمَّتي في منصَّةِ Hello965، هي إلهامُ، وتمكينُ المتابعين لاستكشافِ العالمِ بطريقةٍ فريدةٍ وشخصيَّةٍ، ومشاركةُ تجاربِ السفرِ والثقافاتِ التي تُوسِّع آفاقهم، وتُغني حياتهم. أسعى من خلال هذا المحتوى إلى تقديمِ نصائحَ عمليَّةٍ، ومراجعاتٍ صادقةٍ، وتجاربَ حقيقيَّةٍ، تساعدُ الجميع في اكتشافِ أماكنَ جديدةٍ بثقةٍ وفضولٍ. أمَّا رؤيتي، فهي بناءُ مجتمعٍ من المسافرين والمستكشفين الذين يجدون في المنصَّةِ مصدرَ إلهامٍ، ومرجعاً، يمكنهم الاعتمادُ عليه لتخطيطِ رحلاتهم بطريقةٍ ممتعةٍ وآمنةٍ مع التركيزِ على السفرِ الواعي، والرحلاتِ التي تتركُ أثراً إيجابياً في الفردِ والمجتمع.
وفيما يخصُّ اختيارَ الاسمِ Hello965، هو يعكسُ فكرةَ الترحيبِ بالعالم، والفضولَ والرغبةَ بالاستكشاف. Hello، ترمزُ إلى التحيَّةِ، والانفتاحِ على تجاربَ جديدةٍ، و965، هو رمزُ الكويت، ليكون تذكيراً بأصولي وهويَّتي أثناءَ مشاركةِ هذه الرحلاتِ مع العالم.
ما التحدِّياتُ التي واجهتكِ عندما دخلتِ عالمَ الرحلاتِ بوصفكِ مسافرةً ورائدةَ أعمالٍ؟
عندما دخلتُ عالمَ الرحلات، واجهتُ تحدِّياتٍ عدة سواء بوصفي مسافرةً، أو رائدةَ أعمالٍ. في السفرِ، كان من أصعبِ الأمورِ الحصولُ على تأشيراتِ الدخول، والمرورُ بسلامٍ بالمطاراتِ مع الحفاظِ على الأمانِ والراحةِ الشخصيَّة. أمَّا بوصفي رائدةَ أعمالٍ، فكان التحدِّي الأكبر إدارةُ الوقتِ بين السفرِ والعمل، وبناءُ شبكةِ علاقاتٍ قويَّةٍ في صناعةٍ تنافسيَّةٍ مع الحفاظِ على مصداقيتي وسمعتي.
لقد تعلَّمتُ أن الصبرَ، والمرونةَ، والقدرةَ على التكيُّف مع الظروفِ المختلفة مفتاحُ النجاح، سواء في الرحلاتِ، أو في إدارةِ الأعمال.
التفكير خارج الصندوق
ما نصيحتُكِ للشبابِ المهتمِّين بالعملِ في مجالِ السفر؟
في مجالِ السفرِ، لا يوجدُ صحيحٌ، أو خاطئ بشكلٍ مطلقٍ، فهو واسعٌ، ومتنوِّعٌ، ويضمُّ فروعاً كثيرةً، وفئاتٍ متعدِّدةً. السوقُ كبيرٌ، وهناك فرصٌ لكلِّ أسلوبٍ ونهجٍ. نصيحتي ألَّا يُلزِموا أنفسهم بفكرةٍ واحدةٍ فقط، بل أن يُفكِّروا دائماً خارجَ الصندوق، وأن يبحثوا عن طرقٍ جديدةٍ ومبتكرةٍ بدلاً من إعادةِ تكرارِ ما هو موجودٌ بالفعل.
المفتاحُ في الإبداعِ والمرونة، والقدرةِ على اكتشافِ الفرصِ التي تناسبُ شغفَهم، وطريقتَهم الخاصَّةَ في استكشافِ العالم.
هل تعلَّمتِ لغةً جديدةً من خلال رحلاتكِ؟
الإسبانيَّة. لكنَّني في حاجةٍ إلى ممارستها كثيراً للحفاظِ عليها. أحاولُ جمعَ، وحفظَ كلمةِ "مرحبا" من مختلف لغاتِ العالم، وأعلمُ الآن عديداً منها.

طوكيو أبهرتني
من بين أكثر من 100 مدينةٍ زرتِها أي مدينةٍ كانت مفاجأةً لكِ، وأين وجدتِ انعكاساً لداخلكِ؟
نعم، زرتُ أكثر من 100 مدينةٍ حول العالم. أكثرها إبهاراً بالنسبةِ لي، كانت طوكيو، فالعاصمةُ اليابانيَّة، شكَّلت مفاجأةً حقيقيَّةً لي، ليس فقط لتقاطعها الفريدِ بين الحداثةِ والتقاليد، بل وأيضاً للطاقةِ والحيويَّةِ التي شعرتُ بهما في كلِّ زاويةٍ منها. هذا عزَّزَ الرغبةَ لدي بالخروجِ كلَّ يومٍ مع الكاميرا لالتقاطِ لحظاتٍ وتجاربَ جديدةٍ. أمَّا المدينةُ التي شعرتُ فيها بانعكاسٍ داخلي، فهي مدريد، إذ عشتُ فيها أيَّامَ الماجستير، وأحببتُها كثيراً. لقد شعرتُ بأن العاصمةَ الإسبانيَّة، تعكسُ جوانبَ من شخصيَّتي بين الانفتاحِ على الثقافة، والاستمتاعِ باللحظاتِ البسيطةِ المملوءةِ بالحياةِ والحيويَّة.
هل من موقفٍ خلال رحلةٍ ما، ترك أثراً عميقاً فيكِ، ولا تزالُ ذكراه عالقةً في ذهنكِ؟
من أكثر التجاربِ التي تركت أثراً عميقاً في حياتي تسلُّقي جبلَ إيفرست بيس كامب. هناك قضيتُ ثمانيةَ أيَّامٍ زاخرةً بالمشي بين الطبيعةِ الخلَّابة، والجبالِ الشاهقة، وثماني ليالٍ من التأمُّلِ والتفكرِ العميق. كانت هذه اللحظاتُ فرصَّةً حقيقيَّةً للاستماعِ إلى نفسي، والتفكيرِ بما أريدُ تحقيقه في حياتي، وإعادةِ ترتيبِ أولوياتي. تلك التجربةُ، لم تكن تحدِّياً جسدياً فقط، بل وكانت نقطةَ تحوُّلٍ حقيقيَّةً أيضاً، إذ تركتُ الوظيفةَ التي كانت مصدراً ثابتاً للدخل، واتَّبعتُ شغفي بشكلٍ كاملٍ حتى أسَّستُ شركتي الخاصَّة.
كلُّ خطوةٍ في الطبيعة، ساعدتني في اكتشافِ قوَّتي الداخليَّة، وعزَّزت لدي الصبرَ، والقدرةَ على اتِّخاذِ القراراتِ المصيريَّة.
التوازن مفتاح المدن

أقراط من أند أوذر ستوريز & Other Stories
حذاء من جيانفيتو روسي Gianvito Rossi
كيف يمكن للمدنِ أن تحتضنَ المسافرين دون أن تفقدَ هويَّتها، وما الذي يُميِّز المدينةَ «الحيَّةَ» عن المدينةِ «السياحيَّة»؟
سؤالٌ مميَّزٌ. المفتاحُ هو التوازن باحترامُ التراثِ والعاداتِ، والمعمارِ المحلي مع توفيرِ مساحاتٍ للزوَّارِ للاكتشافِ، والمشاركةِ دون أن تُفرَض عليهم تجربةٌ مصطنعةٌ.
المدينةُ «الحيَّة» هي التي ينبضُ فيها الناسُ بالحياةِ حيث ترى الأسواقَ مكتظَّةً بالسكانِ المحليين، والمقاهي والحدائقَ مملوءةً بالحركةِ اليوميَّةِ الطبيعيَّة، وتشعرُ بالمكانِ وكأنَّه جزءٌ من مجتمعٍ نابضٍ، وليس مجرَّد واجهةٍ للصورِ السياحيَّة. أمَّا المدينةُ «السياحيَّة» فغالباً ما تشعرُ فيها وكأنَّها مخصَّصةٌ للزائرِ فقط مع تجاربَ جاهزةٍ، ومهيكلةٍ بعنايةٍ، لكنَّها تفتقدُ الروحَ اليوميَّةَ والحميميَّة التي تجعلُ السكانَ والزائرين يشعرون بالانتماء. المدينةُ الحيَّة، تمنحك فرصةَ الاندماجِ والعيشِ مع الناس، بينما المدينةُ السياحيَّة، تُقدِّم تجربةً مؤقَّتةً، هي جميلةٌ، لكنَّها سطحيَّةٌ.
ما أبرزُ ما اكتسبتِه من خبرةٍ عبر استكشافِ الثقافات؟
أبرزُ ما اكتسبته في رحلاتي، هو قدرةٌ أعمقُ على فهمِ الناسِ، وطرقِ حياتهم المختلفة، والتقديرُ الحقيقي للتنوُّعِ الإنساني. التعرُّفُ على عاداتٍ وتقاليدَ مختلفةٍ، علَّمني المرونةَ، والانفتاحَ الذهني، كما ساعدني في تطويرِ مهاراتِ التواصل، والقدرةِ على التكيُّفِ مع مواقفَ جديدةٍ. كلُّ تجربةٍ ثقافيَّةٍ، تمنحني منظوراً أوسعَ للعالم، وتُعمِّق إحساسي بالاحترامِ والتقديرِ للآخرين، وتجعلني أعود دائماً برؤى وأفكارٍ جديدةٍ، أغني بها تجربتي الشخصيَّة والسفريَّة.
المدن لها بصمة خاصة


أقراط وحذاء من أند أوذر ستوريز & Other Stories
هل سبق أن غيَّرت مدينةٌ ما نظرتكِ للحياة؟
لكلِّ مدينةٍ زرتُها بصمتُها الخاصَّة، وأثرُها العميقُ في نفسي. أنا أجدُ في تنوُّعِ المدن وفرادتها مصدرَ إلهامٍ لا ينتهي. بعض المدنِ، تحملُ مفاجآتٍ، لم أكن أتوقَّعها، لتكشفَ لي عن جانبٍ جديدٍ من شخصيَّتي، بينما هناك أماكنُ أخرى تُشبهني في هدوئها، أو حيويَّتها، فتصبحُ مرآةً لداخلي. كلُّ تجربةِ سفرٍ، سواء كانت مملوءةً بالمغامراتِ، أو لحظاتِ التأمُّل، تضيفُ لي أبعاداً جديدةً في فهمِ الثقافات، وتُوسُّع نظرتي للعالم، وتجعلني أقدِّرُ قيمةَ كلِّ وجهةٍ، وأحملُ منها ذكرى لا تُنسى، ترسمُ جزءاً من حكايةِ رحلاتي.
ما النصائحُ التي توصين بها المسافرين عند اختيارِ الوجهة؟
عند اختيارِ الوجهة، أنصحُ المسافرين أولاً بأن يُحدِّدوا نوعَ التجربةِ التي يبحثون عنها: هل يرغبون في الاسترخاءِ، أم المغامرةِ، أم الثقافةِ، أم اكتشافِ الطبيعة؟ بعد ذلك من المهمِّ الاطِّلاعُ على التفاصيلِ العمليَّةِ مثل المناخِ، وأمانِ الوجهة، والتسهيلاتِ المتاحة. أنصحُ أيضاً بالبحثِ عن تجاربَ حقيقيَّةٍ من مسافرين آخرين، وقراءةِ تقييماتهم، فذلك يُعطي صورةً أوضحَ عن المكان. وأخيراً، يُفضَّل أن يكون هناك توازنٌ بين الأماكنِ المشهورةِ والمكتشفةِ حديثاً، لتكون الرحلةُ مملوءةً بالمفاجآتِ والتجاربِ الفريدة.
نفترح عليك متابعة هذا الحوار مع د. هناء الشبلي
في يوم المدن العالمي تتجلّى فرادة مدن الخليج بتوازنها بين الأصالة والحداثة حيث يلتقي عمق التاريخ بجمال الحاضر في مشهدٍ يُلهم الأجيال ويُبهر العالم

قميص من سي إيتش كارولينا هيريرا CH Carolina Herrera
حذاء من سووشيكي Suoshiqi
أقراط من لوي آبيل Louis Abel
مدن الخليج فريدة
في يومِ المدنِ العالمي، كيف ترين مستقبلَ مدنِ الخليجِ العربي، وما القيمُ التي تُميِّزها؟
مدنُ الخليجِ العربي، تحملُ في طيَّاتها فرادةً، لا تُشبه سواها، إذ تمتزجُ فيها الأصالةُ العربيَّةُ العريقةُ مع روحِ الحداثةِ والانفتاحِ على العالم. هي مدنٌ، تأسَّست على القيمِ الراسخةِ للثقافةِ الخليجيَّةِ مثل الكرمِ، والضيافةِ، والاحترامِ المتبادل، والاعتزازِ بالهويَّة، وفي الوقتِ نفسه، تبنَّت الابتكارَ، والتطوُّرَ المستدام بوصفهما جزءاً من رؤيتها المستقبليَّة. إن ما يُميِّز مدنَ الخليجِ اليوم قدرتُها على تحقيقِ هذا التوازنِ الدقيقِ بين الماضي والمستقبل، فهي تحافظُ على تراثها الثقافي والاجتماعي، وتعيدُ تفسيره بلغةٍ معاصرةٍ، تلهمُ الأجيالَ الجديدة، وتُبهِر الزائرين من مختلفِ أنحاءِ العالم. لقد أصبحت مدنُ الخليجِ منصَّاتٍ للتجاربِ الإنسانيَّةِ والإبداعيَّة حيث يجدُ الزائرُ فيها عمقَ التاريخ، وجمالَ الحاضرِ في آنٍ واحدٍ.
أمَّا عن المستقبل، فأراه واعداً ومشرقاً، لأن مدنَ الخليجِ تنمو وفق رؤى واضحةٍ، واستراتيجيَّاتٍ مدروسةٍ، تُبنَى على الاستثمارِ في الإنسانِ قبل المكان. هناك تركيزٌ متزايدٌ على جودةِ الحياة، والاستدامةِ البيئيَّة، والابتكارِ في التصميمِ الراقي، إلى جانبِ دعمِ الاقتصادِ الإبداعي، والسياحةِ الثقافيَّة. هذه الركائزُ، إضافةً إلى روحِ الثقةِ والطموحِ التي تُميِّز أبناءَ المنطقة، تجعلُ من مدنِ الخليجِ نماذجَ ملهمةً في بناءِ المدنِ الحديثةِ التي تُقدِّر الإنسان، وتحتضنُ التنوُّع، وتحتفي بالجمال.
إن مستقبلَ مدنِ الخليجِ العربي، هو مستقبلٌ يوازنُ بين التراثِ والابتكار، ويعكسُ صورةَ أمَّةٍ، تعرفُ من أين أتت، وإلى أين تتَّجه. إنها مدنٌ تنبضُ بالحياة، وتُعبِّر عن هويَّةٍ متجدِّدةٍ rooted in authenticity yet open to the world.
نُجري جلسةَ التصويرِ لهذا اللقاءِ المميَّزِ بإحدى الوجهاتِ الاستثنائيَّةِ في المنطقة، وهي البحرُ الأحمر، وتحديداً في المنتجعِ الجبلي Desert Rock، حدِّثينا عن تجربتك؟
خلال زيارتي المنتجعَ الجبلي Desert Rock على ساحلِ البحرِ الأحمر، أدهشني جمالُ المكانِ، وفخامتُه الاستثنائيَّة. الأجواءُ هنا، تمزجُ بين الطبيعةِ الساحرة، والتصميمِ العصري الذي يُضفي لمسةً راقيةً على كلِّ زاويةٍ. هذا المستوى المرموقُ من العناية، وجودةُ الخدمة، منحني شعوراً عميقاً بالراحةِ والفخر، وأضاف إلى الرحلةِ بُعداً خاصاً من الرفاهيَّةِ والتميُّز. بالنسبةِ لي، يُعدُّ هذا المكانُ من أجملِ الوجهاتِ لجلساتِ التصوير، خاصَّةً لتصويرِ جلساتٍ فخمةٍ مثل هذه.
الانسجام العميق سر السعادة

أقراط وحذاء من أند أوذر ستوريز & Other Stories
ما العنصرُ المشتركُ الذي لاحظتِه في المدنِ التي تعيشُ فيها الناسُ بسعادةٍ أكبر؟
من خلال خبرتي في السفرِ، لاحظتُ أن السعادةَ في المدن، لا تعتمدُ فقط على مستوى الرفاهيَّة، أو التطوُّرِ العمراني، بل وأيضاً على الانسجامِ العميقِ بين الإنسانِ والمكانِ الذي يعيشُ فيه. المدنُ الأكثر سعادةً، هي تلك التي تمنحُ سكانَها وزوَّارَها إحساساً بالانتماءِ والراحة، وتُسهِّل لهم الاستمتاعَ بتفاصيلِ الحياةِ اليوميَّة دون تعقيدٍ، أو ضغطٍ. العنصرُ المشتركُ بين هذه المدن، هو التوازنُ بين الإنسانِ والمدينةِ حيث تُعطى الأولويَّةُ لجودةِ الحياةِ، والبيئةِ، والمجتمع. تجدُ في هذه المدنِ مساحاتٍ خضراءَ، وأماكنَ عامَّةً، تُشجِّع على التفاعل، وثقافةً تُقدِّر البساطةَ والجمالَ في التفاصيل. ومن خلال تجربتي الشخصيَّة، لاحظتُ أن المدنَ الساحليَّةَ تحديداً، تمتلكُ طاقةً مختلفةً، فالقربُ من البحرِ، ينعكسُ على مزاجِ الناسِ وهدوئهم وطريقتهم في العيش. نسيمُ البحر، واتِّساعُ الأفق، وصوتُ الأمواج كلّها عناصرُ، تبعثُ على الطمأنينة، وتخلقُ نوعاً من التوازنِ الداخلي، لذا لا غرابةَ في أن تكون المدنُ الواقعةُ على السواحلِ من أكثر المدنِ التي تعيشُ فيها الناسُ بسعادةٍ وراحةٍ نفسيَّةٍ.
قلتِ سابقاً: «أريدُ أن تعرفَ الناسُ أن هناك مكاناً لنا في كلِّ ركنٍ من أركانِ العالم». ماذا يعني «المكانُ» بالنسبةِ لكِ؟
«المكانُ» بالنسبةِ لي، ليس مجرَّد موقعٍ جغرافي، أو عنوانٍ على الخريطة. إنه شعورٌ بالانتماءِ والأمانِ والحريَّةِ للتعبيرِ عن نفسك. هو القدرةُ على أن تكون أنت، وأن تتعلَّم، وأن تستكشف، وأن تترك أثراً مهما كنت في بلدٍ بعيدٍ، أو ثقافةٍ مختلفةٍ.
المكانُ، يعني أيضاً الاحترامَ المتبادلَ والتقدير حيث يمكن لأي شخصٍ أن يشعرَ بأنه موضعُ ترحيبٍ، وأن وجوده مهمٌّ. في رحلاتي وتجاربي عبر منصَّتي Hello965، أدركتُ أن المكانَ الحقيقي، هو حيث تجدُ نفسك، وتسمحُ لك البيئةُ بالتواصلِ مع الآخرين، ومشاركةِ خبراتك، والاستمتاعِ باللحظةِ دون قيودٍ. باختصارٍ «المكانُ» بالنسبةِ لي، هو مساحةٌ حقيقيَّةٌ وداخليَّةٌ في الوقتِ نفسه حيث يمكن للمرءِ أن يشعرَ بالراحةِ والانتماءِ والإبداع، ويعيش التجربةَ بكلِّ صدقٍ وحريَّةٍ.
الاعتماد على النفس

أقراط من أند أوذر ستوريز & Other Stories
حذاء من جيانفيتو روسي Gianvito Rossi
لماذا تُفضِّلين السفرَ المنفرد؟
لا أفضِّل أحدهما على الآخرِ بشكلٍ محدَّدٍ، لكنْ السفرُ المنفرد، يمنحك الفرصةَ لاكتشافِ طبقاتٍ جديدةٍ في شخصيَّتك، وفهمِ نفسك بطريقةٍ، لم تعرفها من قبل. كونك وحيداً، يُمثِّل هذا تحدياً بحدِّ ذاته، لكنْ التحدِّي الأكبر، هو الشعورُ بالراحة، وتعلُّمُ كيفيَّةِ التصرُّفِ والتعاملِ مع كلِّ المواقفِ بمفردك. السفرُ المنفردُ، يُعلِّمك الاعتمادَ على نفسك، واتِّخاذَ القراراتِ بثقةٍ، ويمنحك مساحةً للتأمُّلِ والنموِّ الشخصي بطريقةٍ، لا يمكن لأي تجربةٍ جماعيَّةٍ أن تمنحها.
كيف توازنين بين دوركِ بوصفكِ مُلهمةً ومؤسِّسةً للمنصَّة، وبين حاجتكِ للتجربةِ الشخصيَّة، والسفرِ بحريَّةٍ دون ضغطِ التوثيق؟
الموازنةُ بين هذين الدورَين، تتطلَّبُ وعياً كبيراً، وإدارةً دقيقةً للوقتِ والطاقة. كوني مُلهمةً ومؤسِّسةً للمنصَّة، أجدُ مسؤوليَّةً لمشاركةِ تجاربَ صادقةٍ وملهمةٍ للمتابعين، لكنَّني تعلَّمتُ مع الوقتِ أن هذه المسؤوليَّة، لا تعني أن أعيشَ حياتي من خلال الكاميرا فقط، أو أن أضعَ التوثيقَ فوقَ التجربةِ نفسها. بالنسبةِ للتوثيق، في البدايةِ كنت أشعرُ بأن عليَّ توثيقَ كلِّ لحظةٍ، وكلِّ تجربةٍ، لكنْ مع الوقتِ تعلَّمتُ أن أعيشَ الرحلةَ قبل أن أشاركها. أصبحت أُعطي نفسي المساحةَ لأستمتعَ بكلِّ تفصيلٍ دون التفكيرِ بالكاميرا أولاً، لأنني مؤمنةٌ بأن أجمل ما أقدِّمُه، هو ما أشعرُ به بصدقٍ، لا ما أوثِّقه بسرعةٍ. مع الوقتِ، صارت عيني تعرفُ ما يجبُ توثيقه، وأصبحت الموازنةُ أسهلَ بكثيرٍ. التخطيطُ المسبق، وتنظيمُ الوقت، يُساعدان في تحقيقِ التوازنِ بين الالتزاماتِ المهنيَّة، والحاجةِ للتجربةِ الشخصيَّة. عندما تكون لديك أهدافٌ واضحةٌ، وجداولُ مرنةٌ، يصبح في إمكانك الاستمتاعُ بالرحلةِ بحريَّةٍ مع ضمانِ متابعةِ مسؤوليَّاتك ومشروعاتك باستمرارٍ. إن الاستمراريَّةَ هنا، ليست مجرَّد التزامٍ، بل هي أيضاً طريقةٌ لإدارةِ الطاقةِ بذكاءٍ، وتحويلِ كلِّ تجربةٍ إلى فرصةٍ للنموِّ والإلهام.
تابعي معنا لقاء مع المصممة السعودية ريم الكنهل
أن أرى نفسي اليوم على غلاف «سيدتي» فهذا شعورٌ فريدٌ أشبه بلحظة اكتمال دائرةٍ تمتدّ من الطفولة إلى النضج ومملوءةٍ بالامتنان والتقدير

قبعة من أند أوذر ستوريز & Other Stories
أقراط من لوي آبيل Louis Abel
صناع محتوى السفر والترحال
هل ترين أن لصناع المحتوى في مجالِ السفرِ دوراً في تحديد الوجهات للمتابعين؟
بكلِّ تأكيدٍ، لصناع المحتوى في مجالِ السفرِ دورٌ كبيرٌ في تحديدِ، واختيارِ الوجهاتِ للمتابعين. صانع المحتوى، لا يشارك صوراً جميلةً، أو تجاربَ فاخرةً فحسب، بل وينقلُ أيضاً جداولَ الرحلات، والجديدَ فيها، وإحساسَ المكانِ وثقافتَه، وطريقةَ عيشِ التجربةِ من منظورٍ شخصي وواقعي، ما يجعلُ المتابع، يتخيَّلُ نفسه هناك، ويأخذُ أفكارَ الرحلاتِ المقبلة، ثم إن المتابعين غالباً، يثقون في تجاربِ صنًاع المحتوى أكثر من الإعلاناتِ التقليديَّة، لأن المحتوى، يأتي من تجربةٍ حقيقيَّةٍ وشخصيَّةً، لذا يمكن القولُ إن لصناع المحتوى تأثيراً مباشراً في تشكيلِ قراراتِ السفر، وإلهامِ الناس لاكتشافِ وجهاتٍ جديدةٍ، لم تكن على قائمتهم من قبل.
ما أهمُّ نصيحةٍ عند توضيبِ حقيبةِ السفر؟
البدءُ بتصميمِ جدولِ الرحلةِ قبل أي شيءٍ، لأن معرفةَ تفاصيلها، ونوعِ الأنشطةِ والمناسباتِ، تساعدُ كثيراً في تحديدِ الاحتياجاتِ الأساسيَّةِ قبل توضيبِ الحقيبة. عندما يكون الجدولُ واضحاً، تصبح عمليَّةُ الاختيارِ أسهلَ بكثيرٍ، ونتفادى حملَ أشياءَ غير ضروريَّةٍ. أمَّا في الرحلاتِ الطويلة، فأنصحُ دائماً باتِّباعِ أسلوبِ الدمجِ والتنسيق، أي باختيارِ قطعٍ، يمكن تنسيقها مع بعضها بطرقٍ مختلفةٍ، لتُناسِبَ أكثر من إطلالةٍ. هذه الطريقة، تُوفِّر المساحةَ في الحقيبة، وتمنحُ مظهراً متجدِّداً وأنيقاً طوالَ الرحلة.
فاطمة المطر

قميص من أند أوذر ستوريز & Other Stories
أقراط من كوس COS
حذاء من مالون سولييه Malone Souliers
في رحلتكِ إلى أنتاركتيكا حيث الصمتُ والانعزالُ، ما الذي اكتشفتِه عن نفسكِ حين غابت ضوضاءُ العالم؟
أنتاركتيكا، كانت رحلةً بكلِّ ما تحمله الكلمةُ من معنى. جاءت في بداياتِ الجائحةِ حين أُغلِقَ العالمُ بأسره، وصادفَ أنني كنت على متنِ سفينةٍ في القطبِ الجنوبي. لم تكن الرحلةُ مجرَّد تجربةِ صمتٍ وعزلةٍ، بل كانت أيضاً رحلةً لاكتشافِ الذات. لم يخطر في بالي يوماً أن أكتبَ كتاباً، لكنْ عندما ظننتُ أن العالمَ يوشك على نهايته، وجدتُ نفسي أكتبُ واحداً! بدأتُ الكتابة هناك، ودوَّنت جزءاً كبيراً منه خلال الرحلة. في تلك التجربةِ، أدركتُ أن السفرَ علَّمني الثقةَ بالنفس، وحُسنَ التصرُّف، واتِّخاذَ القرار، والاعتمادَ على الذات، بل ومساعدةَ الآخرين أيضاً.
ماذا تعني لكِ مجلَّةُ سيدتي.. وما شعوركِ اليوم وأنتِ على غلافها؟
مجلَّةُ «سيدتي»، أحملُ لها ذكرياتٍ، تمتدُّ منذ الطفولة. هي كانت جزءاً من أيَّامي، وتُذكِّرني بفترةِ المدرسة، وحياتي في المنزلِ، إذ كانت أمي وأختي من المُعجباتِ بها. أن أرى نفسي اليوم على غلافها فهذا شعورٌ فريدٌ، لا يُوصف. إنه أشبه بلحظةِ اكتمالِ دائرةٍ، اكتمال رحلةٍ طويلةٍ من الصغرِ إلى الكبرِ. إنها لحظةٌ مدموجةٌ مع إحساسٍ عميقٍ بالامتنانِ والتقدير.
يُشعِرُني هذا الإنجازُ بالامتنانِ لكلِّ تجربةٍ عشتها، ولكلِّ مَن دعمني في مسيرتي، ومنحني الحافزَ للاستمرارِ في مشاركةِ قصصي ورحلاتي بطريقةٍ، تُلهِمُ الآخرين كما ألهمتني المجلَّةُ طوال حياتي. إنه شعورٌ بالفرحِ والفخرِ معاً، ومزيجٌ من الحنينِ للماضي والحماسِ للمستقبل.

أقراط من لوي آبيل Louis Abel





