mena-gmtdmp

كيف تُجنّبين أطفالكِ توابع خلافاتكما الأسرية ؟ 5 توجيهات

 صورة لتأثير شجار الوالدين على الأبناء
طفلان خائفان حالة سماع ومشاهدة خلافات الوالدين

المناوشات والخلافات بين الآباء تحتل مساحة ليست قليلة بالمنزل، وآثارها على الأطفال لا ترتبط بالتوقف عن الصياح وتبادل نظرات الغضب بين الوالدين، إنما تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك؛ فهناك كثير من الأمهات يمضين ساعات طويلة لطمأنة أبنائهن الصغار الذين شاهدوا وسمعوا الشجار، وكانت دموع الطفل تتسلل بهدوء على خده الصغير، وعيناه تبحثان عن معنى لما سمعه، وسؤال حائر بين شفتيه: هل ستنفصلان؟ والإجابة بطبيعة الحال أثقل من أن تُقال.
وهذا المشهد يتكرّر في بيوت كثيرة دون أن يدرك الوالدان الآثار النفسية العميقة في نفوس أبنائهما بسبب الخلافات، حتى وإن لم يتطور الأمر إلى الطلاق، فكيف يمكن حماية أطفالنا من تبعات الخلافات الأسرية؟
هنا تؤكد الدكتورة سامية الأتربي أستاذة طب نفس الطفل: أطفالنا اليوم يعيشون عالماً سريع التقلّب، ما يجعلهم يحتاجون إلى ثوابت عاطفية تزرع بقلوبهم وحياتهم طبقة من الأمان والطمأنينة، والجميل أن بعض الأمهات الواعيات لا تنكرن وجود الخلافات وتكرار حدوثها بين الحين والحين، لكنهن تحاولن أن تدرنها بحكمة وتحولنها إلى فرصة لتعزيز النمو النفسي للطفل؛ حيث يمكنها أن تمنح أبناءها الحب والاحتواء والأمان حتى في خضم عاصفة الخلافات.

اعرفي أن تكرار الصراع يجرح قلب الطفل

مشاجرات الوالدين تصيب الطفل بالقلق والخوف

أظهرت دراسات حديثة أن الأطفال الذين يعيشون في أجواء منزلية يغلب عليها التوتر والخلاف يكونون أكثر عرضة بنسبة 30% للإصابة بمشاكل القلق والاكتئاب خلال مرحلة المراهقة.
ليس بالضرورة أن تكون الخلافات صاخبة أو تتضمن عنفاً، فقد تكون نظرات غاضبة، نبرات صوت مرتفعة، أو حتى مجرد صمت مليء بالتوتر ما يشكل سبباً في زعزعة الإحساس بالأمان لدى الطفل.
ما لا يدركه كثير من الآباء هو أن الصراع العائلي المستمر لا يُرى فقط، بل يُحسّ ويُخزّن داخل الطفل؛ والعقل الصغير الذي لم ينضج بعد لا يملك الأدوات الكافية لتحليل الأحداث أو تقييم العلاقات.
لذلك غالباً ما يحمّل الطفل نفسه مسؤولية ما يحدث، معتقداً أنه السبب في هذا التوتر، مما يولّد لديه شعوراً بالذنب قد يرافقه لفترات طويلة، وربما يترقبه مع كل نظرة غاضبة أو نبرة صوت عالية من أحد الأبوين للآخر.

طرق لمساعدة المراهقين على التخلص من الاكتئاب تابعي التفاصيل بالتقرير

اعرفي أن الخلافات الصامتة نمط سام!

طفلة حزينة وقلقة
طفلة صغيرة قلقة وحزينة

يعتقد بعض الأزواج أن تجنّب الصراخ أو الضرب يعني أنهم يحافظون على بيئة آمنة، ولكن الواقع أن بعض أنماط التواصل السلبية تحمل ضرراً خفياً أشد تأثيراً.
على سبيل المثال، الصمت العقابي؛ حيث يتجنب كل زوج الآخر لساعات أو أيام، يخلق مناخاً من القلق والتشويش لدى الطفل، كذلك، التهكم أو الإهانة المتبادلة، أو التقليل من شأن الطرف الآخر أمام الأبناء، كلها تصرفات تضعف صورة الأبوين في ذهن الطفل وتفقده الإحساس بالاستقرار العاطفي.
وتؤكد الدراسات أن هذه الأنماط السامة تؤثر بشكل مختلف حسب نوع الطفل؛ فالفتيات يتأثرن داخلياً بشكل أكبر (قلق، كتم مشاعر، انغلاق)، بينما يظهر ذلك على الأولاد غالباً من خلال سلوكيات خارجية (عنف، تشتت، تمرد).

حفزي طفلك على التعبير عن مشاعره

طفلة تعبر عن مشاعرها
طفلة تحكي قلقها وتخوفاتها لأمها

عندما يشهد الطفل خلافات والديه، فإنه لا يقف موقف المتفرج، ويحاول غالباً التدخل لحل النزاع، أو ينسحب بصمت إلى غرفته، أو يبكي سراً دون أن يعبّر عما يشعر، كل هذه التفاعلات هي محاولات فطرية لحماية الذات أو تخفيف الألم الداخلي.
بعض الأطفال يلجأون للكتمان، ظناً منهم أن التعبير عن مشاعرهم قد يزيد الوضع سوءاً، وآخرون قد يتحولون إلى أشخاص "مُرضين" بشكل مفرط، بمعنى أنهم يحاولون دائماً تهدئة الأجواء على حساب احتياجاتهم الخاصة. في كلتا الحالتين، يتكوّن نمط نفسي هشّ، قد ينعكس لاحقاً على علاقاتهم الاجتماعية والدراسية، بل وحتى على شخصيتهم كبالغين.

كوني مصدر الاستقرار الأول لطفلك

ام تخفف عن ابنتها
طفلة حزينة تجلس وأمها تخفف عنها

رغم أن الخلافات الأسرية جزء طبيعي من الحياة الزوجية، إلا أن كيفية إدارتها تصنع الفرق الحقيقي، وهنا يأتي دور الأم:

  • كوني مصدر استقرار نفسي لطفلك حتى في ظل وجود خلافات؛ الأم غالباً الأقرب عاطفياً للطفل، وصوت الأمان الأول في حياته، لذا بإمكانها فعل الكثير.
  • قومي بطمأنة طفلك أن الحب والاهتمام به لا علاقة له بما يحدث بين الأبوين، واشرحي له بلغة بسيط يفهمها، دون الدخول في تفاصيل، ما يزيل الكثير من القلق من قلبه.
  • خصصي وقتاً نوعياً مع الطفل؛ كجلسة قراءة، أو نزهة قصيرة، ما يساعد على إعادة الإحساس بالأمان والانتماء له، وقومي بالتعبير العاطفي الإيجابي عند شرح ما حدث.
  • قولي: "أعلم أنك قلق لأننا كنا نتشاجر، لكن هذا لا يعني أنك السبب، ونحن نحبك كثيراً"، فأنت بذلك تمنحين طفلك أدوات لفهم مشاعره وتنظيمها بطريقة صحية.

نظمي الخلاف وحوليه إلى درس

طفل مندهش خائف بمشاهدة وسماع عراك الوالدين

خطأ شائع تقوم به بعض الأمهات، وهو إخفاء كل أنواع الخلافات عن أطفالها، ما قد يوهمهم أن الحياة الزوجية دائماً وردية، بينما الأصح هو تنظيم وتهذيب الخلاف؛ بمعنى أن يُدار بأسلوب حضاري، دون صراخ أو إهانة، وأن يُظهر الوالدان لأبنائهم كيف يمكن حل المشكلات بالحديث والنقاش والاحترام.
عندما يرى الطفل أن والديه يختلفان ثم يتحدثان بهدوء ويتوصلان إلى حل، فهو يتعلّم مهارات حل النزاع، والتفاوض، والتسامح، تصبح الخلافات في هذه الحالة دروساً حياتية غير مباشرة تعزز من ذكاء الطفل العاطفي.
وحتى في حال تطوّرت الأمور إلى الانفصال، تبقى الأم قادرة على حماية طفلها من الاضطرابات النفسية عبر الحفاظ على روتين ثابت، وتجنّب الحديث السلبي عن الطرف الآخر، وإتاحة مساحة للطفل ليعبّر عن مشاعره.
* ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.